خطُّ أنابيبِ نفطٍ أفريقي يَفضَحُ نفاقَ الغربِ بشأنِ تَغَيُّرِ المَناخ

ما يحدثُ مع مشروع خط أنابيب النفط الخام لشرق أفريقيا الذي تُشرِفُ عليه “توتال إينرجي” الفرنسية لن يؤثّر فقط في البيئة في أوغندا، سوف يُسهم في الاحتباس الحراري الذي سيؤثّر في كلِّ دولة.

إيمانويل ماكرون: دعم كامل لبناء هذا المشروع الذي تُشرِفُ عليه توتال إينرجي.

صوفي نيمان*

في آذار (مارس) الفائت، أطلقت أربع مجموعات تُدافعُ عن البيئة – “غرينبيس فرنسا” (Greenpeace France)، و”أصدقاء الأرض في فرنسا” (Friends of the Earth France)، و”عَمَلُنا للجميع” (Notre Affaire a Tous)، و”عميل الأرض” (Client Earth)- قضية قانونية غير مسبوقة، اتهمت فيها شركة النفط الفرنسية العملاقة “توتال إينرجي” بما يرقى إلى “التبييض الأخضر الإجرامي”. وزعمت استدعاءاتها، المُكَوَّنة من 76 صفحة، أن الشركة قد ضلّلت المُستهلِكين من خلال بثِّ طموحاتها المُفترَضة للوصول إلى انبعاثات كربون صفرية صافية بحلول العام 2050، حتى مع تكثيفِ أنشطة النفط والغاز في الخارج.

قبل شهرٍ واحدٍ فقط من رفع الدعوى في باريس، توصلت شركة “توتال إينرجي” إلى قرارٍ استثماري نهائي بقيمة 10 مليارات دولار لدعم مشروعٍ نفطي سيّئ السمعة: مشروع خط أنابيب النفط الخام لشرق أفريقيا والذي من المقرر أن يكون أطول خط أنابيب نفط ساخن في العالم. عند اكتماله، سيمتد خط الأنابيب على مسافة 900 ميل، ويربط منطقة بحيرة ألبرت في غرب أوغندا بميناء تانغا في شرق تنزانيا، ما يؤدي إلى تمزيق أراضٍ زراعية وتشريد آلاف العائلات على طول الطريق. يتضمّن المشروع أيضًا تطوير حقل نفط “تيلانغا” (Tilenga) في بحيرة ألبرت بمئات الآبار الجديدة التي ستنتشر من المناطق السكنية إلى موائل الحيوانات المحمية في متنزه “مورتشيسون فولز” (Murchison Falls) الوطني الشهير في أوغندا.

أكسبت الصفقة شركة “توتال إينرجي” حصة 62 في المئة في مشروع خط أنابيب النفط الخام لشرق أفريقيا، مع ذهاب الأسهم المتبقية إلى المؤسسة الوطنية الصينية للنفط البحري التي تسيطر عليها الدولة، التي تمتلك حصة 8 في المئة في خط الأنابيب، والحكومتين الأوغندية والتنزانية، اللتين حصلتا معًا على 30 في المئة المتبقية. من المقرر أن يبدأ البناء هذا العام وينتهي بحلول العام 2025، وعند هذه النقطة ستصبح أوغندا منتجًا للطاقة في حدّ ذاتها، حيث تتدفق مئات الآلاف من براميل النفط عبر خط الأنابيب كل يوم للتصدير.

تعهّدت أكثر من 70 دولة حول العالم –بما فيها البلدان المُلَوِّثة الرئيسة مثل الولايات المتحدة والصين وأعضاء الاتحاد الأوروبي– بالوصول إلى انبعاثات كربونية صافية صفرية بحلول العام 2050. أحد الجوانب الرئيسة لهذه الاتفاقات هو وقف جميع مشاريع تطوير الوقود الأحفورية الجديدة بعد العام 2030. في ضوء هذه التعهّدات، فإن مشروع خط أنابيب النفط الخام لشرق أفريقيا   ومشاريع الحفر المرتبطة به ترمز إلى كيفية قيام الشركات والحكومات الغربية بتعزيز الممارسات الخضراء داخل حدودها مع الاستمرار في دعم المشاريع الاستخراجية الخطرة في الخارج.

قال لاندري ننتيراتس، المدير الإداري لفرع إفريقيا 350، وهي مجموعة دولية للدفاع عن المناخ: “إنه أمرٌ لا يُمكنُ تصوّره ومن غير المعقول أن يقوم مشروع كهذا. إن مشروع خط أنابيب النفط الخام لشرق أفريقيا على وشك أن يكون قنبلة مناخية”.

المخاطر عالية

تتذكّر هيلدا ناكابوي، التي أسّست الفرع الأوغندي لمنظمة من أجل المناخ “الجمعة للمستقبل” (Friday for Future)، مشاهدتها لآثار تغير المناخ عندما كانت طفلة في ريف أوغندا: “لقد جفّت مجارينا بسبب ارتفاع درجات الحرارة. كنّا مزارعين. كنا بحاجة إلى محاصيلنا من أجل البقاء”.

قد تكون تكاليف الاحتباس الحراري قاتلة بشكل خاص في الدولة الواقعة في شرق إفريقيا، حيث من المتوقّع أن يرتفعَ متوسّط ​​درجات الحرارة بمقدار 1.5 إلى 3.5 درجات مئوية فوق مستويات ما قبل الصناعة بحلول العام 2080، وفقًا لبحثٍ أجرته وكالة التنمية الألمانية. ومن المقرر أن ترتفع الوفيات المُرتبطة بالحرارة بمقدار أربعة أضعاف. وبالفعل، أصبحت الكوارث الطبيعية أكثر تواترًا، حيث تشهد المواسم التي كان يمكن التحكّم بها في البلاد سابقًا أمطارًا غزيرة وموجات جفاف أشدّ. تسبّبت الأمطار الغزيرة هذا الربيع في حدوث فيضانات في شرق البلاد وغربها، ما أدّى إلى انهيارات طينية خطيرة أجبرت آلاف الأشخاص على الفرار من منازلهم. في آب (أغسطس)، لقي ما لا يقل عن 24 شخصًا مصرعهم في شرق أوغندا في فيضانات كارثية.

وقال ديكنز كاموجيشا من المعهد الأفريقي لحَوكمة الطاقة ومقرّه كمبالا في مقابلة: “إن آثار تغيّر المناخ موجودة أصلًا”. وأضاف أن الواقع الملموس لأزمة الكوكب يجعل من الصعب فهم سبب استمرار البيروقراطيين الأوغنديين وداعميهم الدوليين في متابعة مشاريع نفطية جديدة في البلاد: “إذا كنتَ تَعلم أنك ستتأثر أكثر من غيرك، وأن شعبكَ يُعاني بالفعل، فأنتَ هو مَن يجب أن يَحشُدَ بقية العالم”.

قامت أوغندا ببعض الإشارات تجاه مواجهة تغيّر المناخ. على الرغم من أن الدولة تساهم بنسبة 0.14 في المئة فقط في انبعاثات غازات الاحتباس الحراري العالمية، إلّا أن حكومتها، بقيادة الرئيس يويري موسيفيني، التزمت مع ذلك بخفض إنتاج الكربون الحالي بنحو 24 في المئة على مدى السنوات الثماني المقبلة.

سوف يتعارض مشروع خط أنابيب النفط الخام لشرق أفريقيا بشكلٍ مُباشِر مع هذا الهدف. سيرفع النفطُ المُحترق من خط الأنابيب انبعاثات الكربون في البلاد ستة أضعاف، ويُطلقُ 34 مليون طن متري من الكربون في الغلاف الجوي سنويًا، وفقًا لنشطاء البيئة. وقال ناكابوي: “ما نشهده في ما يتعلق بالتغيّر المناخي سيزداد، ما يعني خسارة المزيد من الأرواح، وسيتم تدمير المزيد من الممتلكات”.

كشفَ تقريرٌ جديد صادرٌ عن المعهد الأفريقي المحلي لحوكمة الطاقة والمُنَظَّمتَين غير الحكوميتين الدوليتين “إنكلوزيف ديفيلومبانت أنتناشونال” (Inclusive Development International) و”باكتراك” (Backtrack) أن داعمي مشروع خط أنابيب النفط الخام لشرق أفريقيا قد ينتهكون حتى معايير مؤسسة التمويل الدولية للبنك الدولي ومبادئ خط الاستواء، وهي سلسلة من الإرشادات الطوعية التي وضعتها المؤسسات المالية الدولية لتنظيم الآثار البيئية والاجتماعية لمشاريع تطوير الطاقة.

ومع ذلك، يقول النشطاء إنهم كافحوا لجلب انتباه الشركات والحكومات التي تستثمر فيه إلى المخاطر المحتملة لاستغلال النفط في أوغندا، كما أفاد كاينغا ييستو من شبكة مؤسسة التحوّل المجتمعي أو (COTFONE)، التي تعمل مع القرى في منطقة ماساكا الريفية، والتي سيمر عبرها خط الأنابيب الجديد.

يقول النشطاء إن آثارَ المشاريع على الحياة البرية مدعاةٌ للقلق أيضًا. يتضمّن مشروع حقل تيلانغا النفطي حفر 100 بئر داخل منتزه “مورتشيسون فولز” الوطني، والذي يؤوي بعضًا من أكبر تجمّعات الأسود والفهود والفيلة والزرافات في العالم.

يؤكّدُ تقرير المنظمات غير الحكومية الجديد على وجه التحديد أنه سيكون من المستحيل تخفيف الضرر الذي يلحق بالنُظُم البيئية المحمية في المنتزه. علاوة على ذلك، يزعم التقرير أيضًا أن مشروع حقل تيليجينا النفطي فشل في استخدام أفضل الممارسات المتاحة للتخفيف من الضرر الناجم عن النفايات الخطرة من الآبار المحفورة. بدلًا من ذلك، اختار المطوِّرون استخدام تقنيةِ حفرٍ مُنخَفِضة التكلفة تشكّل تهديدًا للناس والحيوانات والطبيعة على حدٍّ سواء.

وقالت ديانا نابيروما، كبيرة مسؤولي الاتصالات في معهد أفريقيا لحوكمة الطاقة، في بيان صحافي: “من الواضح أن الالتزامات الجميلة بالالتزام بالمعايير الدولية تُرِكَت إلى حدٍّ كبير حبرًا على الورق”.

النفاقُ الغربي

في غضون ذلك، حاولَ السياسيون الفرنسيون بشكلٍ مُتزايد جَعلَ العدالة البيئية نقطة محورية في السياسة المحلية. في نيسان (أبريل)، أثناء حملته الانتخابية ضد مارين لوبان في الانتخابات الرئاسية الفرنسية، كشف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عن خطة جديدة للتصدّي لتغيّر المناخ تضمّنت وعودًا بإعطاء الأولوية لحماية البيئة.

قال ماكرون في تجمّعٍ حاشد في ذلك الوقت: “أرى الشباب والمراهقين الذين يخشون على مستقبل كوكبنا. الأمر متروكٌ لنا للرد، وعلينا اتخاذ الإجراءات”.

في شباط (فبراير)، تعهّد ماكرون أيضًا ببناء ستة إلى 14 محطة جديدة للطاقة النووية في فرنسا بحلول العام 2050، على أمل مساعدة البلاد على الوصول إلى صافي انبعاثات صفرية بحلول ذلك العام. وفي الشهر الماضي فقط، أعلنت فرنسا عن خطة جريئة لإعادة تأميم شركة الكهرباء الرئيسية “أو دي أف” (EDF)، وهي خطوة مرتبطة صراحةً “بسياق حالة الطوارئ المناخية”. يأتي التغيير بعد اكتشاف تآكلٍ غير مُتوَقَّعٍ في المفاعلات النووية للشركة، ووسط أزمة الطاقة الأوروبية المستمرة التي بدأت بعد الغزو الروسي لأوكرانيا.

وقالت رئيسة الوزراء الفرنسية إليزابيث بورن لأعضاء البرلمان خلال خطابٍ في تموز (يوليو): “تتطلّب حالة الطوارئ المناخية قرارات قوية وجذرية. نحن بحاجة إلى السيطرة الكاملة على الإنتاج ومستقبل الطاقة لدينا. يجب أن نضمن سيادتنا عندما نواجه عواقب الحرب والتحديات الهائلة المقبلة”.

ومع ذلك، دفعت الأزمة الحالية فرنسا أيضًا إلى الاهتمام المُتجدّد بتقليل الاعتماد الأوروبي على الغاز الروسي، من خلال مشاريع مثل مشروع خط أنابيب النفط الخام لشرق أفريقيا. في نيسان (أبريل)، دعا ماكرون على وجه التحديد إلى تسريع المشروع، وذكر أن موسيفيني يمكن أن “يعتمد علي” لدعم خط الأنابيب.

يمتد التركيز نفسه على سياسة المناخ إلى الشركات الخاصة. في العام الماضي، في ظل موجة من المخاوف البيئية الوطنية والدولية، صوّت مساهمو شركة النفط الفرنسية العملاقة “توتال” لإعادة تسمية الشركة باسم “توتال إينيرجي” (TotalEnergies)، مع خططٍ لتقليل اعتمادها على الدخل من النفط من خلال الاستثمار في طاقة الرياح والطاقة الشمسية والكهرباء.

“أعتقد أن هذه النتيجة هي أفضلُ ردٍّ على المُعلّقين الذين توقّعوا، وفي بعض الحالات كانوا يأملون، تمرّدَ المستثمرين ضد الشركة، ويستجيب لأولئك الذين يعملون كناشطين أكثر من كونهم مساهمين”، قال الرئيس التنفيذي باتريك بويّان ل”رويترز” في ذلك الوقت.

أعقبَ تغيير الاسم وتغيير الاستراتيجية هجومٌ إعلاني مُكثَّف، أكّدت خلاله شركة “توتال إينرجي” على طموحاتها المزعومة لدعم هدف الأمم المتحدة المُتمثّل في الوصول إلى صافي انبعاثاتٍ صفرية بحلول العام 2050. حملت إعلانات الشركة الجديدة صورًا مثالية لتوربينات الرياح والألواح الشمسية. وأعلن أحد مقاطع الفيديو الترويجي بفخر أن “توتال إينرجي” جعلت “الكهرباء والطاقة المتجددة جُزءًا لا يتجزأ من استراتيجيتها”.

المجموعات البيئية الأربع التي رفعت الدعوى القانونية ضد الشركة، والتي تتمحور حول هذه العلامة التجارية، تقول إن الحملات الإعلانية لشركة “توتال إينرجي” ترقى إلى مستوى جريمة “تبييض الأخضر”، مُشيرةً إلى مشاريع ضخمة مثل مشروع خط أنابيب النفط الخام لشرق أفريقيا كمثالٍ على مدى استحالة مساهمة الشركة في أهدافٍ مناخية مثل الوصول إلى صافي انبعاثات صفرية بحلول العام 2050. وتزعم أن الشركة تُضلّلُ المستهلكين والمساهمين بشأن استمرار اعتمادها على الوقود الأحفوري وتُجادلُ بأن إعلاناتها الجديدة غير قانونية بموجب القانون الفرنسي.

قالت كلارا غونزاليس، التي تقود القضية نيابة عن منظمة السلام الأخضر الفرنسية في مقابلة: “إنهم يأخذون مفاهيم [بيئية] ويتلاعبون بها فقط لجعل صورتهم أكثر خضرة للمستهلكين”.

وقالت جولييت رينو، ناشطة بارزة مع “أصدقاء الأرض في فرنسا: “عندما تنظر إلى أنشطة توتال، فإنها لا تزال كما هي. لا يزال الوقود الأحفوري يمثل 91 في المئة من إنتاجها اليوم، و73 في المئة من استثماراتها”.

وأضافت رينو: “نحن نعلم أن أزمة المناخ تتزايد وتسوء، وليس لدينا سوى بضع سنوات لوقفها لمنع الاحترار العالمي من الوصول إلى نقطة لا يمكننا فيها العودة إلى الوراء”.

عندما يثق صانعو القرار والمستهلكون في الادعاءات الخضراء لشركات مثل “توتال إينرجي”، يضيع الوقت الحيوي، كما أن عدم التوافق بين وعود الغرب المحلية بالعمل البيئي والدعم المستمر لتطوير الوقود الأحفوري في الخارج قد ترك بعض النشطاء يتساءلون عما إذا كان القادة مثل ماكرون هم حقًا ملتزمين بالتخفيف من آثار تغيّر المناخ.

وقال نينتيرتس، من فرع أفريقيا لجمعية 350، أن “الاستثمار المستمر في الوقود الأحفوري يُقوِّض إمكانات الطاقة المتجددة في إفريقيا”. وأضاف: “كما أنه يُديم الممارسات الاستعمارية الجديدة التي تركت الملايين في فقر مدقع. لا تأتِ إلى إفريقيا وكأنها محطة وقود تذهب إليها لتزوّد نفسك بالوقود، ولا تُفكّر في تأثير هذا المشروع، هذا الاستثمار، في الناس”.

دولةُ إرهاب

مع بدء النظر في القضية أمام المحكمة في فرنسا، فإن المزارعين في العديد من القرى البالغ عددها 178 قرية، التي يمر عبرها مشروع خط أنابيب النفط الخام لشرق أفريقيا، يكافحون لتغطية نفقاتهم. فقد كشف تقريرٌ صدر في العام 2020 عن منظمة أوكسفام غير الحكومية البريطانية أن غالبية القرويين الذين كان من المقرر أن يُشرّدهم مشروع خط أنابيب النفط الخام لشرق أفريقيا قد تُرِكوا في طي النسيان، حيث حُرِموا من الوصول إلى أراضيهم الزراعية فيما ينتظرون التعويض عن ممتلكاتهم التي ستُفقّد بسبب خط الأنابيب.

قال نشطاء في أوغندا أن هذه المشكلة لا تزال قائمة.و قال كاموجيشا، رئيس معهد أفريقيا لحوكمة الطاقة: “لا تزال آلاف العائلات عالقة ولم يتم تعويضها”.

لم يعد الصيادون أيضًا قادرين على العمل في بحيرة ألبرت كما فعلوا من قبل، بسبب القيود الحكومية الجديدة التي تهدف إلى إفساح المجال لمشروع النفط. ماكسويل أتوهورا، ناشطٌ بيئي وباحث في معهد تاشا للأبحاث، يتذكّر كيف كانت عائلته تكسب قوت يومها من صيد الأسماك في تلك البحيرة. الآن، لم يعد مصدر هذا الدخل موجودًا.

“كان مصدر رزقنا منذ طفولتنا، والآن لم يعد موجودًا. كما أننا حُرِمنا من الزراعة. كل شيء يتم تدميره. يتم تغيير كل نظام. القول بأنك مستقل في مجتمعنا يعني أن لديك أرضًا، حيث يمكنك زراعة المحاصيل من أجل الغذاء والدخل”، قال أتوهورا في مقابلة. وأضاف أن “هذا الاستقلال قد سُرِقَ منا من أجل تنفيذ المشروع”.

يمكن أن يكون رفعُ مستوى الوعي حول هذه القضايا أمرًا خطيرًا، خصوصًا وأن الحكومة الأوغندية حريصة على رؤية تقدم في تطوير النفط. لقد استخدم موسيفيني، الذي تشبّث بالرئاسة لأكثر من ثلاثة عقود، آفاق تطوير النفط لتقوية العلاقات مع الحلفاء الغربيين. في مقال رأي في أيار (مايو) نشرته صحيفة ديلي تلغراف في المملكة المتحدة، على سبيل المثال، وصف رواسب النفط في أوغندا بأنها “سببٌ للاحتفال”.

“لأكثر من عقد من الزمان، كانت أوروبا وبريطانيا والولايات المتحدة تحاول التحوّل إلى الطاقة المتجددة. بالطبع، طموحاتها الخضراء جديرة بالثناء، ولكن الطريقة التي تعمل بها لتحقيقها –فرض حظر على الاستثمار في الوقود الأحفوري في الداخل والخارج– مُضلِّلة”، كتب موسيفيني. مُضيفًا: “من خلال الاستثمار في احتياطات النفط والغاز في الدول الصديقة مثل أوغندا، يمكن لأوروبا أن تُقلّل من اعتمادها على الدول المُعادية”.

في العام الماضي، تم إلقاء القبض على نشطاءٍ أوغنديين يرفعون الوعي حول التكاليف البشرية والبيئية لتطوير النفط ونُهِبَت مكاتبهم. أخبر البعض “أسواق العرب” أنهم يخشون على حياتهم نتيجة لنشاطهم.

وقال كاموجيشا في مقابلة “إنها حالة من الرعب نواجهها ونعلم أنهم يريدون منا التوقف عن التحدث نيابة عن أولئك الذين لا يستطيعون التحدث عن أنفسهم”، في إشارة إلى مسؤولين في حكومة موسيفيني.

الاعتماد على الوقود الأحفوري

في جلسة استماع أولية بشأن قضية “تبييض الأخضر” في باريس في حزيران (يونيو)، نفت شركة “توتال إينرجي” المزاعم وأشارت إلى أنها تخطط للدفاع عن نفسها في المحكمة.

قال رينو: “لقد بدأت القضية للتو”. ومن المتوقع صدور حكم في وقت لاحق من العام المقبل.

يقدّم مشروع خط أنابيب النفط الخام لشرق أفريقيا مثالًا واحدًا فقط على مشاريع الوقود الأحفوري المستمرة لشركة “توتال إينرجي”. وللشركة مبادرات أخرى لتطوير الغاز مُعلَّقة في موزامبيق والقطب الشمالي الروسي. وتواصل إنتاج حوالي 3 ملايين برميل من النفط يوميًا، وفقًا لموقع “توتال إينرجي” الإلكتروني. إن الشركة الفرنسية الكبرى ليست وحدها في هذا المجال، فقد بدأت شركات دولية أخرى خمسة مشاريع للتنقيب عن النفط في إفريقيا في العام 2021. وأخيرًا، في تموز (يوليو)، أعلنت جمهورية الكونغو الديموقراطية عن مزادٍ لـ 30 قطعة نفط وغاز جديدة، بما فيها حديقة فيرونغا الوطنية ومنطقة أراضي الخثّ الحساسة في “كوفات سنتراال” (Cuvette Centrale).

من جانبهم، يؤكد النشطاء الأوغنديون أن مشاريع مثل مشروع خط أنابيب النفط الخام لشرق أفريقيا لا تُشكّل تهديدًا على حياتهم وسُبُلِ عيشهم فحسب، بل تُهدّد سلامة المناخ في جميع أنحاء العالم. “ما يحدث مع مشروع خط أنابيب النفط الخام لشرق أفريقيا لن يؤثر فقط في البيئة في أوغندا، سوف يُسهم في الاحتباس الحراري الذي سيؤثر في كل دولة”، قال ييستو من شبكة مؤسسة التحوّل المجتمعي.

  • صوفي نيمان هي مراسلة مستقلة ومصورة صحافية تغطي السياسة والصراع وحقوق الإنسان في شرق ووسط إفريقيا. وهي حاصلة على منحة من مركز بوليتزر وتحمل درجة الماجستير في الدراسات الأفريقية من جامعة كامبريدج. يمكن متابعتها عبر تويتر على: @sophie_neiman
  • كُتِبَ هذا المقال بالإنكليزية وعرّبه قسم الدراسات والأبحاث في “أسواق العرب”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى