حتى المُرَشَّح المُرجَّح ليكون الرئيس المقبل للبنان يواجه عقبات

مايكل يونغ*

يبدو أن طموحات جبران باسيل الرئاسية قد تم وضعها في “الثلّاجة”، وسط مؤشّراتٍ إلى أن حليفه الرئيسي، “حزب الله”، لن يدعم ترشيحه هذه المرة. في حين أن الحزب يُفضّل باسيل، فإن محاولة فرض مثل هذه الشخصية السامة على البلاد راهنًا من شأنه أن يُسبّبَ الكثير من المعارضة، لا سيما من الحليف الرئيس ل”حزب الله”، رئيس البرلمان نبيه بري. ويمكن لترشيحه أيضًا أن يؤدي إلى حشد معارضي باسيل الكثيرين لمقاطعة الانتخابات، ومنع النصاب القانوني.

في نيسان (إبريل)، خلال شهر رمضان، دعا الأمين العام ل”حزب الله”، السيد حسن نصر الله، باسيل وسليمان فرنجية، أحد حلفائه المسيحيين الموارنة، إلى مأدبة إفطار. سعى نصر الله إلى مصالحة الخصمين في الفترة التي سبقت الانتخابات الرئاسية.

ما خَرَجَ من الاجتماع كان تفسيرًا أن نصر الله أوضح بطريقةٍ ما لباسيل أن “حزب الله” سيدعم فرنجية للرئاسة هذا العام، وسيضغط من أجل انتخاب باسيل في المستقبل. بينما لم يكن هناك دليلٌ على ذلك، فقد تغيّر موقف باسيل في الأسابيع التي تلت الاجتماع. في تموز (يوليو)، في مقابلةٍ أجرتها معه قناة “المنار” التلفزيونية التابعة ل”حزب الله”، أعلن أنه يمكن أن يكون “إما رئيسًا أو صانع رؤساء”، معترفًا ضمنيًا بأنه قد لا يسعى الآن إلى المنصب.

جاءت المقابلة بعد لقاءٍ بين النائب فريد هيكل الخازن، حليف فرنجية، وباسيل، والذي قرأه العديد من المراقبين على أنه مرتبطٌ بمفاوضات حول دعم باسيل الانتخابي لفرنجية. لكي يدعم باسيل ترشيح فرنجية، من المُحتمل أن يسعى إلى فرض مطالب عليه تشمل تعيين حاكم جديد للبنك المركزي، وقائد جديد للجيش، وربما العديد من الوزراء الرئيسيين، وامتيازات أخرى.

من جهته لا ينوي فرنجية أن يكون تحت رحمة باسيل، لكن لا يمكنه الاستغناء عنه، لأنه يحتاج إلى موافقة كتلة مسيحية كبيرة في البرلمان. المنافس الرئيس لباسيل، سمير جعجع، قائد حزب “القوات اللبنانية”، الذي يرأس كتلة نيابية كبيرة، من غير المُرَجَّح أن يذهب مع فرنجية، المقرَّب من النظام السوري الذي يعارضه جعجع.

وبالفعل، أثار باسيل الرهان على فرنجية، مشيرًا إلى أنه لا يرى سببًا مُعَيَّنًا لتأييد رئاسة فرنجية. قد تكون هذه سياسة حافة الهاوية فيما يتفاوض الرجلان، لكنها تشير أيضًا إلى أن باسيل ليس سعيدًا بالوضع.

من المُتَصَوَّر تمامًا أن “حزب الله” لم يُخبِر باسيل بأيِّ شيء مُحَدَّد عن نواياه تجاه الرئاسة، لكنه أبقى الأمور غامضة لدرجة أن باسيل أدرك أن الحزب لن يُرَوِّجَ لترشيحه. إذا كان الأمر كذلك، فإلى أي مدى يمكن أن يذهب للضغط على ما يريده من فرنجية، إذا كان يعلم أن “حزب الله” يرغب في نهاية المطاف في انتخاب زعيم “المردة” رئيساً؟

بعبارةٍ أُخرى، إذا أراد باسيل تأكيدًا على أن “حزب الله” سيدعم رئاسته في المستقبل، فقد لا يكون قادرًا على إنكار ومنع فوز فرنجية. للحفاظ على علاقاته مع “حزب الله”، قد يضطر باسيل إلى مطالبة كتلته بالتصويت لصالح فرنجية، سواء تمّت تلبية جميع مطالبه أم لا. يستفيد “حزب الله” من التنافس بين حلفائه المسيحيين، لأن هذا يسمح له بالعمل كوسيط القوّة النهائي.

كانت هناك أيضًا تكهّنات بأن البرلمان قد يسعى إلى مُرشّحِ تسوية، واحدٌ يستفيد من الثقة الدولية ويُمكنه أن يكون مُوَحِّدًا محلّيًا. وقد ورد اسم وزير المالية السابق جهاد أزعور، المسؤول عن شؤون الشرق الأوسط في صندوق النقد الدولي. ومع ذلك، في الوقت الذي تقترب فيه العديد من الدول العربية من إسرائيل، يبقى أن نرى ما إذا كان “حزب الله” سيكون على استعداد للموافقة على مُرَشَّح وسطي بدلًا من شخصٍ يثق به.

فرنجية يُناسب المشروع على تلك الجبهة، ويبدو أن “حزب الله” يمتلك الأصوات اللازمة لإيصاله إلى المنصب. ولكن مع وجود دول مثل فرنسا والمملكة العربية السعودية لها نفوذ في لبنان، فقد تختار إيران التعاون معهما. من السابق لأوانه التنبؤ بالنتائج، لكن الحقائق الإقليمية تشير إلى أن “حزب الله” لن يرغب في السماح بفراغٍ طويل في البلاد، لأنه يحتاج إلى رئيسٍ في القصر الجمهوري إذا كان هناك صراعٌ مع إسرائيل أو مع إيران. لذا، فإن لبنان، بلد الفراغات الدائمة والمُدمّرة، قد يكون لديه رئيس دولة جديد بحلول نهاية العام.

  • مايكل يونغ هو رئيس تحرير “ديوان”، مُدوّنة برنامج كارنيغي الشرق الأوسط، بيروت، وكاتب رأي في صحيفة “ذا ناشيونال” الإماراتية. يُمكن متابعته عبر تويتر على:  @BeirutCalling
  • كُتِبَ هذا المقال بالإنكليزية وعرّبه قسم الدراسات والأبحاث في “أسواق العرب”.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى