العُملاتُ المُشَفَّرة: الجانِبُ المُظلم من الطفرة

معتصم الحارث الضوّي*

عقدت مؤسسة أبيريو للاستشارات المؤسسية (www.aperio-intelligence.com) ندوة إسفيرية بعنوان “العملات المشفرة: الجانب المظلم من الطفرة” يوم الأربعاء في 23 آذار (مارس) 2020.

تطرقت الندوة إلى الجرائم المالية ذات الصلة بالنمو المتضاخم للعملات المشفرة (cryptocurrencies) واستخداماتها، حيث اجتذبت إمكانيات التمويل اللامركزية وتطبيقاتها المُستحدثة من أمثال القسائم غير القابلة للتداول (NFT) اهتمام المستثمرين ورجال الأعمال خلال السنوات الماضية. كما تعاظمت بطبيعة الحال استخدامات الوسائل الرقمية للاحتيال وغسيل الأموال، وقد أشارت دراسة أجرتها مؤسسة “Chain Analysis” إلى أن المجرمين الرقميين قد تمكنوا من غسيل مبالغ تصل إلى 6, 8 مليارات دولار في العام 2021 بزيادة 30% عن العام الذي سبقه.

لقد تفاقمت ظاهرة الجرائم المالية الإلكترونية إلى درجة أصبحت فيها المؤسسات والشركات تعيش حالة خوف دائم من تعرّضها لهجوم الفدية، ومما يَسَّرَ مهمة المجرمين التفوّق التقني النسبي الذي يحوزونه في مقابل الأجهزة الشرطية والعدلية.

قال بول دوران، مدير التحقيقات لدى مؤسسة أبيريو، إن أحدث الإحصائيات تشير إلى أن الحجم الإجمالي لاستخدام العملات المشفرة قد ارتفع في العام 2021 إلى 15.8 تريليون دولار بزيادة 567% عن العام الذي سبقه.

تحدّث روبرت ددمن، مدير إدارة الإنفاذ لدى بنك إنكلترا سابقًا، عن الأُطُر القانونية والتنظيمية ذات الصلة، قائلًا إنها لا تتسم بالتكامل في ما بينها، ولذلك فإن هيئة السلوك المالي تُعاني في تأطير التعريف والمُحدّدات للأدوات المالية المُستَحدَثة، وبالتالي في كيفية التعامل القانوني والتنظيمي معها قبل انطلاقها، وما يُفاقِمُ الأمر أن تلك الأدوات لامركزية مما يجعل من العسير على سلطات الرقابة التنظيمية متابعة أدائها والتزامها بالقانون على النحو المرجو.

أما نِك هاريس، المحقق في جرائم العملات المُشفَّرة، فتطرق إلى ضحايا الاحتيال الإلكتروني، مُبَيِّنًا أن الخطوة الأولى إثبات حدوث الجُرم من الناحية القانونية، ثم إجراء التحقيق المؤسسي للوصول إلى الجناة، ومن ثم رفع الملفات متكاملة إلى الجهات المختصة بإنفاذ العدالة لاتخاذ ما يلزم. كما أشار إلى أن بعض المؤسسات تضيف العملات الرقمية إلى قائمة ممتلكاتها من الأصول، وذلك رُغمَ تذبذب أسعارها في الأسواق وصعوبة التنبؤ بقيمها المستقبلية، وعَقَّبَ بأن ذلك يُمثّل صداعًا محاسبيًّا وقانونيًّا ينبغي العمل على حلّه في المستقبل المنظور.

بدوره قال مايك هيرست، محقق جرائم الاحتيال الإلكتروني لدى شرطة العاصمة سابقًا ومحاضر العلوم الشرطية لدى جامعة غرب لندن، إن إحدى الصعوبات التي تواجهها الجهات الشرطية هو تعريف ماهية جرائم العملات المشفرة لأنها غير محسوسة ماديًّا، بل هي سلاسل من الأرقام والرموز، مما يجعل إجراء التحقيقات عسيرًا للغاية ويستغرق زمنًا طويلًا ومعرفة تقنية متقدمة، وهذا يُضعف من كفاءة الأجهزة الشرطية في مكافحة الجرائم الإلكترونية، ويُجعل أقصى دور مأمول منها في المرحلة الحالية تطوير إمكانياتها التقنية لكي تتمكّن من تقديم ملفات متكاملة إلى القضاء. كما تطرق هيرست إلى الإجراءات المختلفة التي تتّخذها المؤسسات لتأمين مواقعها ضد الاختراق والسرقة الإلكترونية.

تجدر الإشارة إلى أن مؤسسة أبيريو للاستشارات المؤسسية تزود الشركات بالمعلومات المالية والسياسية والإجرائية والقانونية اللازمة لاتخاذ قرارات إدارية ومالية صائبة بناء على معطيات دقيقة، وبخاصة عند ولوج الأسواق الجديدة.

يمكن الاستماع للتسجيل الصوتي للفعالية على موقع مؤسسة أبيريو:

https://www.aperio-intelligence.com/2022/03/31/cryptocurrencies-the-dark-side-of-the-boom/

  • معتصم الحارث الضوي هو مستشار إعلامي وسياسي مقيم في لندن.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى