نامَ العَرَبُ فاشتَعَلَت نيرانُ الفِتَن؟

عرفان نظام الدين*

نامَ العربُ في عَسَلِ أوهام الانتصار وصدِّ المؤامرات الرامية إلى تدميرِ العالم العربي وتقسيمه وإثارةِ الفِتَنِ العِرقية والدينية والطائفية والعنصرية، ودخلوا في سباتٍ عميقٍ بعد الاحتفالات الصاخبة والادعاءات الكاذبة عن فشل مخطط الشرق الاوسط الجديد، ومؤامرة الفوضى التي سُمِّيت زوراً وبهتاناً الخلاقة .
والحقيقةُ المُرّة هي أن المؤامرات لم تتوقّف يوماً في السرِّ والعَلَن، وبأيدي العرب وأفعالهم وعنصريتهم في مرّاتٍ كثيرة، حتى بتنا نعرف التفاصيل الشيطانية ونتحدّث بها، ونتبادل الاتهامات ونحنُ نُدركُ وجودَ جهاتٍ خارجية كثيرة وقوى خفية وعالم سفلي يأتمر بالنفوذ الصهيوني يُخطِّطُ ويُحرِّضُ ويُشرف على التنفيذ. وما شهدناه أخيراًّ في أفغانستان يَفضحُ المستور، ويدلُّ على خارطة طريق لما يُتَوَقَّع حدوثه في منطقتنا .
وقد يستغرب البعض الربط بين احداث أفغانستان ومسرحية الاستسلام لأفغانستان، لكن الردَّ واضحٌ وثابتٌ لو عُدنا إلى أيامِ غزو أفغانستان لضرب تنظيم “القاعدة”، بقيادة أُسامة بن لادن، ردّاً على هجماته في أميركا في ١١ ايلول (سبتمبر) 2001 وحركة “طالبان” لاحتضانها ذلك التتنظيم، أن الولايات المتحدة كانت وراء التنظِيمَين لتوجيه ضربةٍ للاتحاد السوفياتي وتعريضه للانهيار.
كما بات معروفاً أن الولايات المتحدة تخلّت عنهما بعد أن نالت ما تُريد، وضربت عصفورين بحجر واحد، الاول كان انهيار الاتحاد السوفياتي، والثاني كان نشر التطرّف والإرهاب في الدول العربية وتعزيزه بإنشاء تنظيم “داعش” ليحل محل تنظيم “القاعدة” الذي أدّى المطلوب منه.
واليوم يُعيدُ التاريخ نفسه بالانسحاب العجيب للأميركيين، والتخلّي عن أسلحةٍ ومعدّات حديثة وطائرات بمليارات الدولارات لا يملك حلفاء واشنطن مثيلاً لها، ربما للتحضير لدورٍ أوسع لطالبان يمتدُّ من روسيا والصين الى المنطقة العربية.
ولهذا تتردّد الأسئلة عن نظرية المؤامرة وتُعيدُ للذاكرة تصريحات ومذكرات لشخصياتٍ سياسية وعسكرية أميركية تؤكّد الدور الأميركي مع عودة فريق مستشاري الرئيس الأسبق باراك أوباما الذين يسيطرون على البيت الابيض في عهد الرئيس جو بايدن.
وفي كلِّ الأحوال فتّش عن أصابع إسرائيل، وهي المُستفيد الأوحد من تدمير الدول العربية بأيادٍ عربية أو إرهابية تحمل رايةَ الإسلام وهو برّاء منها.
وفي المقابل شهدنا أخيراً هجمةً مشبوهةً للتطبيع مع إسرائيل تحت عنوانٍ مشبوه يَدّعي العمل على إنشاء “الولايات المتحدة الإبراهيمية” بقيادةٍ إسرائيلية بالطبع، كما قرأنا عن مُخطَّطٍ مشبوه لن يَكتمِلَ إلّا بتدمير سبع دولٍ عربية بينها مصر والعراق وسوريا ولبنان.
وبالتوازي هناك مُخَطَّطٌ مُماثلٌ يسعى إلى إقامة ما سُمِّيَ بتحالفِ الأقلّيات الدينية والمذهبية والعِرقية، مع التحريضِ المُستمر على إشعالِ نار الفتنة الشيعية-السنية، عِلماً أن هذه المُخطّطات المشبوهة تدور حول هدفٍ واحدٍ وهو التفرقة بين المُسلمين، ولا سيما أهل السنّة منهم باعتبارهم يُشكّلون الخطر الأكبر على إسرائيل إضافةً إلى الغرب الذي بدأ يتقاسم الثروات العربية فوق ألسنة النيران وركام الدمار وجثث الأبرياء ومُخلّفات الحروب، ولنا عودة لأن هذه المعلومات هي جزءٌ بسيط مما ظهر وما حصل؟

  • عرفان نظام الدين هو كاتب، صحافي ومُحلّل سياسي مُقيم في لندن. كان سابقاً رئيس تحرير صحيفة “الشرق الأوسط” السعودية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى