ميخائيل نعَيمه في آخر مخطوطاته

الرسالة بخط نعيمه.

صادف يوم 15 كانون الثاني/يناير الذكرى السابعة لغياب مي نجيب نعَيمه، الملاك الحارس لعمِّها الأَديب الكبير ميخائيل نعَيمه الذي كان يسمِّيها “شمسه وقمره”، لأَنها نذرَت حياتها كلَّها لخدمته ورعايته ومُدارته طوال نصف قرن حتى ساعته الأَخيرة.

“أَسواق العرب” تنشر هذه المقطوعة التي كتبها نعَيمه إِلى مي ابنة أَخيه سنة 1985 (في ذكرى ميلاده: 17 تشرين الأَول/أُكتوبر) ولعلَّها آخر ما خطَّه بيده المرتجفة، قبل ثلاث سنوات من غيابه (28 شباط/فبراير) 1988) عن 99 سنة.

المخطوطة كانت بين أَوراقه في بيته الشتويّ (الزلقا، المتن الشمالي، حيث عاش مع مي وابنتِها سُهى آخر عشرين سنة من حياته)، وهي الآن في بيت سُهى التي نقلَت سنة 2018 إِلى المطَيْلب (المتن الشمالي) جميع موجودات بيت الزلقا بكامل محتوياته.

وهنا نص الرسالة:

“يا ميّ،

يا شمسي، وَيا قمري،

منذ قُدِّر لي أَن أَعيش وإِياكِ وابنتكِ الحبيبة سهى، وأَنا أُحسُّ أَعمق الإِحساس أَنّ حياتي تقوم على ركيزتين. وهاتان الركيزتان هما المسيح في السماء وأَنتِ على الأَرض.

لقد حباكِ الله إِلى جمال الصورة جمالَ الفطرة. فأَنتِ مفطورةٌ على حبّ الصدق والأَمانة والنظافة والترتيب في كلّ شيء، حتى في أَتْفه الأُمور. طعامُكِ أَبداً شهيّ، وكأْس الماء من يدكِ كأْس من الراح، وبيتُكِ ما شكا الفوضى في أَيِّ ساعة من ساعات النهار والليل.

ضيفُكِ أَبدًا معزَّز ومُكرَّم حتى ليشعر كأَنّه صاحب البيت، فيصحّ فيه قول الشاعر:

يا ضيفَنا لو زرتَنا لوجدتَنا    نحن الضيوف وأَنت ربُّ المنزلِ.

إِنّ محبّتكِ يا بُنَيَّتي لتجعلني أَشعر، وقد جاوزتُ التسعين، كما لو كنتُ لا أَزال في شرخ الشباب. فأَيّ نعمة وأَيّ برَكة أَنتِ في حياتي!

صانكِ الله وصان ابنتَك الحبيبة من كلّ مكروه. ولو كان لي أَن أَلُفَّكما بشغاف قلبي لما تأَخرتُ لمحة واحدة. ولكنّني أُصلّي من أَجلكما.

وأَرجو أَن تكون صلاتي مسموعة، وأَن يجعل الله طريقكما مفروشًا بالخير والبركة والسلام.

حَبّوبِك أَنكولتك،

١٧تشرين أَوّل ١٩٨٥

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى