٢٠٢٠: تركةٌ ثقيلة شلَّت العالم

بقلم عرفان نظام الدين*

نُوَدِّعُ العام اللعين ٢٠٢٠ وأيدينا على قلوبنا حتى اللحظة الأخيرة خوفاً من مصيبة وداعية تُكمل ما بدأته من ويلات ومصائب في السياسة والإقتصاد والصحة والروابط العائلية والإجتماعية.

فقد كان العام المنصرم مليئاً بالأحداث الشريرة وأُطلِقَ عليه بكل وضوح اسم عام الأوبئة مع انتشار وباء كورونا الخبيث وما قد خلّفه من دمار في الإقتصاد وخسارة في الارواح البريئة بحيث يحتاج العالم الى سنين طويلة للتعويض عما حلّ به. فالتركة ثقيلة ولم تقتصر على الرعب من الفيروس الخبيث بل شملت كل مناحي الحياة وكرّست التباعد الاجتماعي بعد ان وُعِدنا بالتواصل الإجتماعي والعائلي، وكشفت حقيقة الفشل العالمي والعجز عن مواجهة الأخطار. وتميّز العرب بجائحة الشلل وعدم الاستعداد لمعالجة أي خطر، وهذا درسٌ مهم لا بدّ أن نتعلّم منه طالما أن أولياء الأمور رفعوا راية الاستسلام وبات ضرورياً الدعوة للإستنفار وليس لمعالجة أضرار الجائحة فحسب، بل لوضع الخطط الاستراتيجية طويلة المدى تكون جاهزة في كل الأحوال.

أما في السياسة فقد انكشف المستور وضاع العرب في متاهة التلطّي وراء أضرار الكورونا ليخفوا عجزهم وتراكم آفات التقصير والإهمال والفساد وغياب التخطيط.

اما الوباء المُدمِّر في السياسة فقد تمثّل عام ٢٠٢٠ بجائحة التطبيع مع إسرائيل بتحريضٍ من عصا الولايات المتحدة وجنون رئيسها دونالد ترامب، الذي لم يعترف حتى الآن بهزيمته في انتخابات الرئاسة في وجه منافسه جون بايدن، ولم يبقَ سوى أيام قليلة لإتمام عملية الإستلام والتسليم وسط مخاوف من عمل جنوني يرتكبه ترامب خلالها لتعطيل الإنتقال ورفض مغادرة البيت الابيض يتمثّل إما في إثارة فتنة واضطرابات ليعلن حالة الطوارئ، أو في شنّ حربٍ على إيران ليكمل معالم التركة الثقيلة للعام المنصرم، ويضع بايدن أمام أمرٍ واقعٍ مُدَمّر. ولا بدّ من الإشارة إلى أن التطبيع العربي المفضوح مع إسرائيل قد خلق أضراراً للقضية الفلسطينية وأصاب كلّ عربي بجروح لا تندمل إلّا بمعجزة، والمستفيد الأول مما جرى كان العاهرات الاسرائيليات حيث اجتحن الدول المُطبّعة ولا سيما الإمارات بكل أسلحة الإغراء، ما أدّى إلى الإضرار بالعاهرات العربيات وقطع أرزاقهن.

وأختم مع مثلٍ شعبي قديم يُعبّر بكلماتٍ عن مُعاناتنا مع ٢٠٢٠ غير المأسوف عليه وهو: “شو بدّي إتذكّر منك يا سفرجلة يلّلي كلّ عضّة بغصّة.

اتمنى لكم عاماً سعيداً ننسى فيه أيام العام الأسود الراحل ولياليه المظلمة… ورُغم كل ذلك:

كل عام وأنتم بخير.

  • عرفان نظام الدين هو كاتب وصحافي عربي، كان رئيساً لتحرير صحيفة “الشرق الأوسط” السعودية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى