جبران خليل جبران: أَعمى بين لعازر وحبيبته

زميلنا الشاعر هنري زغيب صدَر له قبل أَيام في بيروت كتابٌ جديدٌ فيه مسرحيَّتان غيرُ معروفتَين لجبران خليل جبران، صاغَهُما بالعربية وأَصدرَتْـهُما لجنة جبران الوطنية في كتاب واحد مع النسخة الإِنكليزية الأَصلية. “أَسواق العرب” تنشر مقدمة هنري زغيب حول المسرحيَّتَين وظروف كتابتهما وتعريبهما.

غلاف الكتاب الجديد بالعربية والإِنكليزية

هنري زغيب

كان ذلك قبل ربع قرن.

وكنتُ على منبر الصالة الكبرى الـملحَقَة بكنيسة “سيِّدة أَرز لبنان” في بوسطن، أُلقي ضُـمّةً من قصائدي في أُمسيةٍ شِعريةٍ دعَـتْني إِليها الجاليةُ اللبنانية في أَيَّار (مايو) 1994.

كان يغبطني، في تلك الأُمسية، أَمران:

أَنني على مسافةِ مَبْنَيَيْن من ذاك الذي كان يسكنه جبران وشقيقته مريانا[1]ويرتاح فيه إِلى استقبال أَصدقائه القلائل حين يأْتي من نيويورك بضعةَ أَيامٍ صيفًا لدى شقيقته،

وأَنني في حَـرَم الكنيسة التي لم يكن يدخلها جبران، لكنه سُجِّيَ فيها نهارَ وَداعه الأَخير.

خلال إِلقائي قصائدي، كان في مقدِّمة الحضور رجل في نحو السبعين يُصغي إِليَّ في ما بدا لي أَن يفصلني عنه طيفُ غمامةٍ بعيدةٍ لا في السَماع بل في التلقِّي. فكَّرتُ بعد حينٍ أَنْ قد يكون أَميركيًّا من أَصل لبناني لم يَعُد يفهم العربيةَ بعد نأْيِه عنها لسانًا وحياةً يومية.

ما إِن غادرتُ الـمنبر في نهاية قراءَاتي حتى تقدَّم مني الرجُل، تسبِقه بسمةٌ من رضا وسرور، وخاطبَني بِـــإِنكليزيَّــتِـه الأُمّ:

  • لم أَفهم شعرَك لكنني كنت أَطرب لسماعِكَ تُلقيه باللغة التي كنتُ أُصغي إِلى ابن عمي جبران يقرأُ بها لزوَّاره.

ابن عمِّه جبران؟ استفسرتُ فجاءَ جوابُه برقًا سَطَع:

  • نعم. جبران خليل جبران. هو ابنُ عمِّ أَبي نقولا. وهو الذي كان عَـرَّابي في الـمعمودية وفي هذه الكنيسة بالذات، وهو الذي سمَّاني “خليل” على اسمه الذي كان به يُعرَف في أَميركا، وبه أَصدر كتُبَه الإِنكليزية.

أَنا إِذًا أَمام النحَّات البوسطني خليل جبران الذي وضَعَ، مع زوجته جِين، أَهمَّ بيوغرافيا مفصَّلة وموثَّقة عن جبران.

لم يطُل حديثي إِليه عن اهتمامي بجبران وكتاباتي الكثيرة عنه، حتى سارعتُ إِلى قبول دعوته إِيايَ لزيارته.

في منزله/الـمحترف، استقبلَتْني زوجتُه جِين بترحابٍ زادَه تعريفُه إِياي لها، وإِذا بي معهما في جولةٍ على جواهرِ مقتنياتٍ ومخطوطاتٍ وأَوراقٍ من جبران، تركَتْها “عمتي مريانا”، كما اعتاد أَن يسمِّيها، هو الذي كانت تحنو عليه منذ طفولته. كان فتى في العاشرة عند وفاة شقيقها الشاعر، حتى إِذا شَبَّ وهَرِمَت فصمَّمَت على الانزواء إِلى مأْوى للعجَزة[2] – وكانت تجهل القراءَة بالعربية وطبعًا بالإِنكليزية -، أَعطتْه كلَّ ما كان شقيقُها جبران ترك لديها في البيت، وكلَّ ما آلَ إِليها من محترفه في نيويورك بعد وفاته[3].

من تلك الأَوراق الكثيرة التي تجمَّعت لديه، صاغَ وزوجته الطبعةَ الأُولى من سيرة جبران في كتابه البيوغرافي “خليل جبران – حياتُه وعالَـمه”[4]، وتتالت بعدها طبعاتٌ ثلاثٌ لرواجه الواسع وصدْق وثائقه.

اكتنزَ لديه أَوراقًا ومخطوطاتٍ من جبران راح يبوِّبُها تباعًا، ويُصدر ما كان مكتملًا منها، بينها مسرحية “لِعازَر وحبيبَتُه”[5]، ومسرحية “الأَعمى”[6]  وكلتاهما حواريةٌ من فصل واحد.

بعد تلك الجولة الـممتعة على ما لدى خليل من كنوزٍ جبرانية، لم أَخرج من محترفه إِلَّا بكتابٍ وقَّعَهُ لي وزوجته، يحمل الـمسرحيَّتَين معًا[7].

ومنذ ربع قرن، والكتاب ماثل أَمامي في مكتبتي، حتى إِذا أَنـجزْتُ إِعدادي “هذا الرجل من لبنان” عن كتاب باربره يونغ بالعنوان ذاته وسائر ما كتَبَتْه عن جبران في مطبوعاتٍ أُخرى، وبعض ما وجدْتُهُ عن جبران غيرَ منتشرٍ لدى قراء اليوم، أَحسستُ أَنْ جاء وقتُ هذا الكتاب/الهدية من ناشرَيْه، فانصرفْتُ إِليه.

***

هذا الشكل الحواري في النصوص، اعتمدَه جبران في بعض كتاباته العربية، نُصوصًا حواريةً قصيرةً ذاتَ مشاهدَ وأَشخاصٍ، منها “الصلبان”[8]، و”إِرَم ذات العماد”[9]، و”ملِك البلاد وراعي الغنم”[10]. ولم تَـخْلُ كتاباتٌ له أُخرى، بالعربية والإِنكليزية، من حوارات عادية اقتضاها السَرد وظهرَت في “النبي” و”حديقة النبي” و”الأَجنحة الـمتكسرة” وقصص “الأَرواح الـمتمردة” وسواها.

على أَن النص الأَطوَل مسرحيًّا هو الذي حرَّكه جبران في اثنين: “لِعازر” والأَعمى”.

غلاف الكتاب الإِنكليزي الأَصلي

لعازر وحبيبته

في نصوص ماري هاسكل وباربرة يونغ أَن جبران، قبل أَن يتمكن جيِّدًا من كتابته الإِنكليزية، كان يكتب (ويفكِّر) بالعربية ثم ينقل بعضًا منها إِلى الإِنكليزية.

في يوميَّة ماري هاسكل نهار الأَحد 26 نيسان (أبريل) 1914 جاء: “قال لي جبران إِنه يُهيَّئُ كتابًا بــأَربعة نصوص من النثر الشاعريّ: “الشيطان”، “الست بلقيس”، “الشاعر”، و”لعازر وحُبه الوحيد”. العنوان الأَخير جديد علَيّ. لا أَعرف متى كتَـبَه خليل. وهو عن لعازر الذي جاء في الإِنجيل أَنه مات ثلاثة أَيام وذهب إِلى عالَـم روحه، وفيه التقى بحبيبته ليعيش معها. لكنَّ إِله العالـم الأَرضي استدعاه إِلى الحياة على هذه الأَرض من جديد”.

سوى أَنَّ جبران، سنة 1926، عدلَ عن أُسلوب النثر الشاعري العربي الذي اشتُهر به، وعاد فكتَب صيغة “لعازر” الإِنكليزية بالشكل الـمسرحي.

تروي ماري في يومية الخميس 13 أَيار (مايو) 1926 أَنها، بعد زواجها من فلورِنْس مايْـنِس نهار الجمعة 7 أَيار (مايو)، زارت معه نيويورك نهار الإِثنين 10 أَيار (مايو) استعدادًا لرحلة طويلة إِلى أُوروﭘـا. وفيما انصرف زوجُها في الـمدينة إِلى إِنجاز معاملات جواز السفر وإِلى َغدائه مع زملاء له في حيّ “وول ستريت”، زارت هي جبران في محترفه فأَخبرَها عن مجموعة “رمل وزبد” التي “تَرجَم معظم نصوصها عن العربية”. ثم عادت فزارته ثانيةً نهار الخميس 13 أَيار (مايو) فقرأَ لها “لِعازر”، مسرحيةً من فصل واحد. قرأَها بتأَثُّر شديد لأَن ثلاثةَ أَيام لِعازر ميتًا كانت “تعكس أَحلام جبران عن تلك الحياة الأُخرى الـمتحررة من قيود هذه الحياة البشرية”. وفي جلسة 13 أَيار (مايو) تلك، ذكَر لها نصًا في باله ينوي كتابته عن رجل أَعمى.

غير أَنَّ تفصيلًا آخرَ عن مسرحية “لِعازر” يأْتينا من الكاتبة أَلـما رِيد[11] في كتابها “أُوروزكو”. رَوَت أَنها دعَت إِلى محترف صديقها الرسام الـمكسيكي خوسيه أُوروزكو شلَّةً من الأَصدقاء احتفاءً بذكرى ميلاد جبران السادسة والأَربعين مساءَ الأَحد 6 كانون الثاني (يناير) 1929. في تلك الأُمسية قرأَت السيِّدة بِلّْ بيكر مقاطعَ مطبوعةً من “النبي” ومن “يسوع ابن الإِنسان”، ومشاهدَ من مسرحية كانت بعدُ مخطوطةً: “لِعازر وحبيبته”. ثم جاء دور جبران في القراءة، فبدأَ يقرأُ مقطوعة “الثعلب” من كتابه “الـمجنون”، وإِذا به فجأَةً يتأَثَّر بشكل فاضح ويتوقَّف عن القراءَة وينهض داخلًا إِلى قاعة أُخرى. لحقَت به السيِّدة رِيد فوجدَتْه يبكي في الغرفة الأُخرى. ولدى سؤَالها إِياه أَجابها: “أَعرف الحقيقة وأُواجِهُها: لم أَعُد أَستطيع أَن آتي بِـجُودة ما جاءَ في كتاباتي السابقة”. أَخذَت السيِّدة رِيد تؤَاسيه مُؤَكِّدةً له أَن مخطوطة “لِعازر” لا تقلُّ إِبداعًا عن مقطوعات “الـمجنون”. ولَـحِق به الرسام أُوروزكو يثْني على كتاباته الجديدة وأَن يعطيها وقتًا كي تُثْبِتَ تأَلُّقَها كما في كتُبه الـمطبوعة السابقة. وفي ذاك الفصل من كتابها الذي صدر سنة 1959، تُكمل رِيد ما حصل تلك الليلة، موضحةً علْمَها لاحقًا أَنَّ “بُكاء جبران ليلَتَئِذٍ لم يكن لِـخَيبَتِه من نصوصه الجديدة التي يراها أَقلَّ أَهميةً من تلك القديمة، بل لأَنه كان علِمَ من الأَطباء أَنه مصابٌ بداءٍ قاتلٍ وأَنَّ أَيامه باتت معدودة”.

من هنا، من الـمقارنة بين “مجنون” مجموعته الإِنكليزية الأُولى “الـمجنون” وبين “مجنون” مسرحية “لِعازر” أَنَّ هذا الأَخير ليس ضالعًا مباشرةً في حركة النص (كما كان “يوحنا الـمجنون” في مجموعة “عرائس الـمروج”، نيويورك 1906) بل هو (بلسان جبران) مُعلِّقٌ قاسٍ، بلا شفقة أَحيانًا في أَحكامه، حتى على والدة لِعازر وشقيقَـتَيه.

لِعازر في الـمسرحية ليس مجرَّدَ رجُلٍ عاد من الـموت إِلى الحياة، بل هو رمزُ البحث عن الأَبعد من هذه الحياة الأَرضية، البحث عن الـمُصالحة مع روح الحبيبة، وعن الاتحاد لا بالله بل بالـمدى الأَوسع.

من هذا الإِيمان بعَودة الروح، أَو التناسُخ أَو التقمُّص، يتجلَّى وعيُ جبران كينونتَه على هذه الأَرض، وتوقَه الدائم إِلى الـ”هناك” حيث الحياة متحررةٌ من قيود الحياة البشرية. ولذا ختَم مسرحيته على لسان لِعازر مغادرًا بيته الأَرضيَّ للِّحاق بيسوع: “سأَذهب الآن سعيًا إِلى روحه فأَتحرَّر… سوف أَتْبَع ريح الشرق أَنَّـى تـحمِلُني… ومِن بين جميع الرجال سأَكون وحديَ الذي عانى الحياةَ مرتَين والـموتَ مرتَين، ومرتَين عرَف الأَبدية”.

وبهذا الإِيمان ذاته كان قبلذاكَ ختَمَ “النبي” على لسان الـمصطفى مخاطبًا شعبَ أُورفليس: “تذكَّروا أَنني عائدٌ إِليكم. قليلًا بعدُ ويَجمع توقي غبارًا وزبدًا لِـجسَدٍ آخَر، وقليلًا بعدُ، لحظةَ راحةٍ فوق الريح، وتلِدُني امرأَةٌ أُخرى”.

الأَعمى

في جلسة 13 أَيَّار (مايو)، كما تقدَّم، ذكَر جبران لـماري هاسكل فكرةَ كتابة “الأَعمى” من دون تفصيل. ولم يَرِدْ تفصيلٌ في أَيِّ مكانٍ آخَر عن هذه الـمسرحية من فصل واحد. ولكنَّ سلامة الأَوراق التي كانت في “صناديق” مريانا، تدلُّ على أَنها ليست تالفةً عتيقًة، كالكثير من أَوراقٍ ومخطوطاتٍ أُخرى، ما يدلُّ على أَن جبران كتَبَها في السنوات الأَخيرة من حياته.

“الأَعمى”، كما “لِعازر”، هما النصَّان الـمكتملان بالشكل الـمسرحي، بينما ثلاثةٌ سواهما لم يكتملا توسيعًا وحواراتٍ، بل بقيَت ناقصةً غيرَ مكتملة، وهي: “الساحرة”، “الـمَشحة الأَخيرة”، والأَحدب أَو الرجل الخفي”[12]. ولأَنَّ هذه النصوص، على الأَرجح، وضعَها جبران في السنوات الأَخيرة من حياته، تبدو فيها مسحة الـموت التي كان يعيشها من دون أَن يُشرِك بها أَحدًا في سِرِّه وكتابته.

وإِذا كان في “لِعازر” أَثرٌ من روح الشرق، مكانِ حصول الحدَث، ففي “الأَعمى”، مكانًا وحركةً وأَسماءَ شخصيات، تصميمٌ واضحٌ على ابتعاده عن أَيِّ أَثَر شرقي أَو مشرقي. فليس فيها أَيُّ ملمَح من شخصيات شرقية (“أَلـميترا” أَو “يوحنا الـمجنون”)، ولا أَيُّ ذكْرٍ لِـحنينه إِلى جبال لبنان (في “لِعازر” ذكْرٌ لها) ولا إِلى همومه عن شعبه في لبنان. ولعلَّ نصه هذا، شكلًا ومضمونًا، هو الأَكثر ابتعادًا عن أَجواء نصوصه السابقة، والأَعمق توغُّلًا في بيئته الغربية.

في شخصية الأَعمى ملامحُ من إِيمان جبران بالرَبِّ الكوني غيرِ الـمقيَّد بحدودٍ أَرضية. والحكمة التي تتجلَّى في شخصية الأَعمى، كانت تَـجلَّت سابقًا في كتاب “الـمجنون” مع شخصية “الفلَكي الأَعمى” الذي “يرى الشموس والأَقمار والنجوم، وهو أَكثرُ الناس حكمةً”،  وكما رسمها جبران في قصيدته “الشاعر الأَعمى”: “في الظلمة أَتقدَّم فيما أَنتم واقفون خائفين من النور. أَتقدَّم وأُغنِّي ولا أَضلُّ طريقي”[13].

هذه الفكرة عن النور في العينين الـمطفأَتَين، وردَت كذلك في “يسوع ابن الإنسان” على لسان “الفيلسوف”: “نحن مَن تخدَّرت حواسُّنا، ننظُر إِلى النور الكامل لكننا لا نرى شيئًا”. وهو إِيمانُ جبران بأَنَّ عمى البصر تغلُبه الرؤْيا في الفكر فتُنير البصيرة. وقد يكون العمى فكرةً سوداءَ تمحوها فكرةٌ بيضاء. من هنا قولُه في “يسوع ابن الإنسان”: “يا سيِّد، يا سيِّدَ النور الذي عينُه ترى في أَصابع الأَعمى”.

هذه الحاسة السادسة التي كان جبران دومًا يتحدَّث عنها، يكتُب عنها، “يعيشها”، هي التي، في الـمسرحية، جعلَت آنَّا تتعامى عن رؤْية والدتها هِلِنْ تغادر البيت مع عشيقها، كي لا تصدم الصبيَّةُ أَباها ديـﭭـيد، وكي تعيشَ معه في عالـمه الأَوسع الذي لا حدود لعماه في عينيه الرائيتين.

وهذا ما يتَّضح تمامًا في المسرحية من عبارة الـمجنون متوجِّهًا إِلى هِلِنْ عند لومِها ابنتَها آنَّا على تَعَلُّمها لغة العميان: “… لكي تتعلَّم لغةَ العتمة، يا سيِّدتي الجميلة. ففي تلك اللغة:كلُّ كلمةٍ نَـجمَة، وما سوى الربِّ يَصوغ عباراتِها”.

في مسرحية “الأَعمى” يتجلَّى واضحًا نضجُ جبران في نِظرته إِلى العالَـم، إِلى هذا العالَـم الأَرضيّ، وتوقِه إِلى “الليل الأَبدي اللامتناهي”، وهو إِيمانُه بانتقال الروح الفردية إِلى التجاوُز الكوني الشامل الذي كان، في حواراته مع ماري هاسكل،  يسمِّيه “ضمير الكون الأَوسع”.

***

أَعود إِلى ذاك النهار من أَيار (مايو) قبل ربع قرن.

حين حملتُ الكتابَ وعليه إِهداءٌ إِليَّ من خليل جبران، وصافحتُه مودِّعًا إِياه وزوجتَه جِين، لـم يَدُر في بالي أَن سيَجِيْءُ يومٌ أَنقله فيه إِلى العربية.

حين راسلْتُ جِين طالبًا إِذْنها بترجمة الـمسرحيَّتَين[14]، أَجابتْني موافِقَةً (رسالتها في 16 آب/أغسطس 2019) مع طلَبٍ وحيدٍ أَن أَذْكُر الأَرصدة الأَصلية في الطبعة العربية.

وإِنني طبعًا ذاكِـرُها، ولاءً لها على السَماح بالترجمة، ووفاءً لزوجها خليل الذي غاب[15]، لكنه ما زال ماثلًا في ذاكرتي: أَنا أُلقي قصائدي في بوسطن، وأَمامي في مقدمة الحضور ملمَحُ ذاك الرجل السبعيني ، يُصغي إِليَّ في ما بدا لي أَن يفصلني عنه طيفُ غمامةٍ بعيدةٍ لا في السَماع بل في التلَقِّي. وما زلت أَذكر صوته الباسم يقول لي: “لم أَفهم شعرَك لكنني كنتُ أَطرَب لسماعكَ تُلقيه باللغة التي كنتُ أُصغي إِلى ابن عمِّي جبران يقرأُ بها لزوَّاره”.

الحواشي

[1]  الكنيسة على شارع تايْــلُر في الـمبنى رقم 78، وجبران كان يسكن ومريانا في الـمبنى رقم 76.

[2] انتقلت إِليه سنة 1968 في بداية فقدانها الذاكرة، وتُوُفِّيَت فيه مساءَ الثلثاء 28 آذار (مارس) 1972 عن 88 عامًا.

[3] الساعة 10:55 ليلَ الجمعة 10 نيسان (أبريل) 1931.

[4] Kahlil Gibran, His life and world, New York Graphic Society, 1974.

[5] Lazarus and His Beloved, first printing, New York Graphic Society, 1973.

[6] The Blind, 1982.

[7] Dramas of LifeLazarus and his beloved, and The Blind – The Westminster Press, Philadelphia, 1982.

[8] في مجموعة “العواصف” (القاهرة 1920).

[9] في مجموعة “البدائع والطرائف” (القاهرة 1923)، وكانت قبلَذاك صدرت في “مجموعة الرابطة القلمية” (نيويورك 1921).

[10] نشَرها ميخائيل نعيمه في كتابه عن جبران، وذكرَ أَنها “آخر ما كتب جبران بالعربية”، وأَنه كان أَعَدَّها للنشر في عدد ممتاز من “السائح” مع مطلع 1931، لكن الـمجلة احتجبَت قبلَذاك.

[11]  صحافية أَميركية (1889-1966) عمِلَت في صحُف كبرى، بينها “نيويورك تايمز”، وفتحَت بيتها في نيويورك صالونًا أَدبيًّا كانت تستقبل فيه دوريًّا أَعلام تلك الفترة، وبينهم جبران.

[12]  هذه النصوص غير الـمكتملة، وجميع الوثائق والـمخطوطات والـمقتَنيات، هي اليوم لدى متحف سُـميّا في الـمكسيك، آلت إِليه من خليل وجِين جبران، وهي مجَمل ما كان لديهما من مريانا جبران.  

[13] كان جبران أَملى هذا القصيدة في محترفه على باربرة يونغ، وأَصدرها لاحقًا في مجلة “الشرق الجديد” (صيف 1925). ونشرتْها باربرة يونغ في الفصل التاسع (“لا عُمْر للكلمات”) من كتابها “هذا الرجُل من لبنان” (نيويورك 1945).  

[14]  صدرت لهما ترجماتٌ إِلى العربية، لا يـبدو أَن جِين على علْم بها.

[15] توفي  ليلة الجمعة 13 نيسان (أبريل) 2008 عن 86 عامًا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى