إنهاءُ حرب اليمن ضرورةٌ إستراتيجية وإنسانية

بقلم جون ألِن وبروس ريدل*

بدأت المملكة العربية السعودية ظاهرياً الحرب في اليمن لمنع إيران من الحصول على موطئ قدم في شبه الجزيرة العربية المُطِلّة على مضيق باب المندب الاستراتيجي. بعد ست سنوات تقريباً، أعطت الحرب في الواقع لإيران ذلك – بالإضافة إلى أنها تسبّبت في أسوأ كارثة إنسانية في العالم. يجب أن تجعل إدارة بايدن-هاريس إنهاء الحرب أولوية مُلِحّة لأسبابٍ استراتيجية وإنسانية.

قادت الرياض تحالفاً من الدول للتدخل في الحرب الأهلية في اليمن في العام 2015 عندما وافق المتمردون الحوثيون على السماح برحلات جوية مباشرة بين صنعاء وطهران، وكذلك وصول إيران إلى ميناء الحديدة. كانت للحوثيين الشيعة الزيديين اتصالات مع إيران وعميلها “حزب الله” اللبناني منذ عقود. في العام 2015، كانت لدى الإيرانيين و”حزب الله” عشرات المستشارين والخبراء في اليمن الذين قاموا بتدريب عددٍ من الحوثيين في إيران ولبنان.

الآن صار وجودهما أكبر بكثير، وهما يوفّران الخبرة والمعدات اللازمة لمساعدة الحوثيين في برنامج الصواريخ والطائرات بدون طيار الذي يقوم باستمرار بإطلاق هجمات على المدن والقواعد العسكرية السعودية. على الرغم من الحصار السعودي وجهود الإعتراض الأميركية، يُقدّم الإيرانيون بشكل مطرد المساعدة للمتمردين. وهذا يُكلّف إيران مبلغاً زهيداً مُقارنةً بعشرات المليارات التي أنفقها السعوديون على الحرب، حيث باتت اليمن مستنقعاً مكلفاً للغاية بالنسبة إلى الرياض. كما شكّلت هذه الحرب تكلفة إضافية على مكانة الولايات المتحدة في ظل إدارة ترامب لاستمرارها في دعم الحرب، حتى عندما لم يكن هناك دعم من الكونغرس لها، وأداننا الكثير في المجتمع الدولي بسببها.

في أواخر الشهر الفائت، أرسلت إيران أول سفير لها إلى اليمن منذ أن طردت الحكومة السابقة السفير السابق في العام 2015. وقدّم السفير حسن إيرلو أوراق اعتماده إلى وزير الخارجية الحوثي. تقول وزارة الخارجية الأميركية إن إيرلو هو ضابطٌ محترف في فيلق الحرس الثوري الإسلامي، وعمل على نطاق واسع مع “حزب الله”. ويعكس اختيار ضابط في الحرس الثوري ثقة طهران بدورها في اليمن وتفاؤلها بشأن الوضع العسكري للحوثيين. إن إيران هي الدولة الوحيدة التي اعترفت بحكومة الحوثيين، لذا لا يوجد أي منافسة لها في ممارسة نفوذها في صنعاء.

مهندس الحرب السعودية هو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، الذي لا يتمتّع بتدريب أو خبرة في المجال العسكري. لقد أخطأ في المهمة منذ البداية، ما أدى إلى تنفير حلفاء مُحتَملين رئيسيين مثل سلطنة عُمان وباكستان، حيث فشل في تطوير استراتيجية شاملة أو نهاية للحرب قابلة للتحقيق، وانخرط في انتهاكات متعددة لحقوق الإنسان.

الآن يضغط ولي العهد على إدارة ترامب لتصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية. إن وزارة الخارجية هي المسؤولة عن تصنيف المنظمات الإرهابية الأجنبية، لذلك يدفع الأمير وزير الخارجية مايك بومبيو، الذي سيزور الرياض في وقت لاحق من هذا الشهر، لإعلان التصنيف. الحوثيون منظمة عنيفة وخطيرة ولها دعاية متطرفة للغاية، لكنها لم تُهاجم أميركيين أو إسرائيليين على الرغم من خطابها المُتشدد.

إن تصنيف المنظمات الإرهابية الأجنبية هو عمل سياسي. كان بإمكان إدارة ترامب اتخاذ القرار التقني بتصنيف الحوثيين في أي وقت في السنوات الأربع الماضية. من المحتمل أن تكون أي منظمة تستهدف المنشآت المدنية منظمة إرهابية أجنبية (والتي قد تشمل القوات الجوية السعودية). خيار القيام بذلك الآن يتعلّق بكبح جماح الإدارة المقبلة، خصوصاً وأن إزالة التصنيف هي عملية سياسية وبيروقراطية صعبة للغاية. إن وصف الحوثيين بأنهم إرهابيون سيكون محاولة لمنع إدارة بايدن والعالم من التحدّث معهم. الحقيقة أن الحوثيين يسيطرون على معظم شمال اليمن، فمن الأفضل التعامل معهم بشكل مباشر بدلاً من العيش في حالة إنكار. إن وجود المزيد من الاتصالات الخارجية مع المتمردين سيساعد أصواتاً بديلة على التأثير عليهم.

الواقع أن السعوديين قلقون من الإدارة الجديدة التي قد تمنع تسليم الأسلحة لهم وتحميل ولي العهد المسؤولية عن الحرب، فضلاً عن مقتل الصحافي جمال خاشقجي. حتى إذا لم تُحاسب الإدارة الجديدة محمد بن سلمان، فمن المحتمل أن يكون هناك دعمٌ من الحزبين في الكونغرس للقيام بذلك.

إذا تم تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية أجنبية، فسيؤدي ذلك أيضاً إلى إعاقة جهود منظمات الإغاثة الإنسانية لإيصال الغذاء والدواء إلى المدنيين اليمنيين الذين يعيشون في الأراضي التي يسيطر عليها المتمردون. تُقدّر الأمم المتحدة أن 80٪ من اليمنيين معرضون لخطر سوء التغذية وأن اليمن في “عدٍّ تنازلي للكارثة”. لقد أدى الوباء إلى تفاقم الوضع بشكل كبير. البنية التحتية للرعاية الصحية البدائية في اليمن، والتي هي هدف متكرر للضربات الجوية السعودية، مُكتَظّة وفوق طاقتها. إن العمل مع الحوثيين صعب جداً، وفقاً للمسؤوبين عن المنظمات الإنسانية، لكن تصنيفهم كمنظمة إرهابية أجنبية سيجعل الوضع الصعب بالفعل أسوأ. بالنظر إلى أن الحوثيين معزولون أصلاً، فإن تصنيفهم كمنظمة إرهابية أجنبية لن يجني سوى القليل من الفوائد العملية.

لقد دعمت الولايات المتحدة حرب السعودية في اليمن منذ بدايتها، بتسليم الأسلحة والدعم الديبلوماسي. لقد مضى وقت طويل على تغيير جذري. الحرب تفيد إيران و”حزب الله”. إنها تمنح إيران معقلًا على مفترق طرق عالمي مهم استراتيجياً. ويُلقى اللوم على نطاق واسع على السعوديين وحلفائهم بالنسبة إلى مأساة الأطفال الجوعى. على الإدارة المقبلة، التي تدّعي الدفاع عن حقوق الإنسان، أن تجعل إنهاء هذه الحرب أولويّة.

  • جون ألِن هو رئيس معهد بروكينغز. وبروس ريدل هو زميل كبير ومدير مشروع بروكينغز الإستخباراتي، وهو جزء من مركز بروكينغز للأمن والإستخبارات في القرن الحادي والعشرين.
  • كُتِبَ هذا المقال بالإنكليزية وعرّبه قسم الدراسات والأبحاث في “أسواق العرب”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى