لبنان وخريطة الشرق الأوسط الجديدة
بقلم عرفان نظام الدين*
المعلومات المُعلَنة عن زلزالِ تَفجُّرِ مرفأ بيروت لم توَضَّح حتى الآن وجود أيّ رابط بين ما جرى ومُجمَل أحداث الشرق الاوسط لا سيما خلال العقد الحالي وسط تجاهل شبه كامل لمعطيات ومؤشرات تثير الشبهات.
فهذا الحدث المُروّع تقاطع مع أحداثٍ كبرى في المنطقة، ولبنان بالذات، تمثّلت في صراعٍ مكشوف بين مختلف القوى الدولية والإقليمية كان آخرها تطورات ليبيا ودخول تركيا طرف فيها لفرض نيل حصتها من التركة الليبية.
رافضةً تجاهل مصالحها في البحر المتوسط التي تزعم أنها تمتد من حدودها، التي أضافت إليها أجزاء من سوريا والعراق، إلى حدودٍ بحرية في المياه الإقليمية الليبية.
وهكذا ازدحم البحر الأبيض المتوسط بالبارجات وحاملات الطائرات الأميركية والاوروبية، وأخيراً التركية والإيرانية، فيما يشتد التوتر في القاطع الآخر من البحر الاحمر إلى الخليج العربي.
وهكذا تكتمل ملامح خريطة الشرق الأوسط الجديدة التى رسمتها إسرائيل وشاركت فيها دول عدة، وكانت المسألة الشرقية قد عادت الى الواجهة.
وكرّت سبحة المُخطَّط منذ غزو العراق وتقاسم ثرواته، بعد شلّ قدراته وإضعاف قوّته بالإشتراك مع أقطاب الفساد ونهب الثروات. وتبع ذلك إثارة الحروب والفوضى في سوريا واليمن وفلسطين المحتلة مع تدمير البنى التحتية.
ويبدو أن الوقت قد حان لإضافة لبنان لؤلؤة الشرق، إلى المخطط. ولهذا يُنظَرُ بريبة الى حجم زلزال تفجير المرفأ وتداعياته رُغم كل ما يقال عن الإهمال والفساد وتضارب صلاحيات.
ولا شكّ في أن النتيجة الأولى تمثّلت في التدخل الأجنبي السافر، والصمت اللبناني وسط انتشارٍ متزايد للأساطيل الحربية، ما يُثير الشكوك حول محاولات السيطرة على لبنان ضمن الصراع الممتد في المنطقة مع الأخذ بعين الإعتبار وضعه واختلاف خصوصياته ونظامه القائم على تعايش الطوائف والأحزاب وتطبيق شكل مشوه من الديموقراطية.
ومن هنا تضاعفت المخاوف من استغلال تدمير لبنان لفرض مواقف مطلوبة بسبب حاجته الماسة إلى الأموال، وضرورات إعادة تأهيل البنى التحتية المُتهالكة وسط مطامع واضحة في ثرواته النفطية في المياه الإقليمية.
ويُضافُ إلى ذلك تجدّد الصراع في المنطقة، وتضاعف الضغوط لإقامة علاقات مع إسرائيل، كما فعلت دولة الإمارات، والإلتحاق بقطار التطبيع وسط عمليات تدمير مُمنهجة لكل مقومات الدول العربية وعوامل صمودها.
حمى الله لبنان مما يُحاكُ له من مؤامرات .
- عرفان نظام الدين هو كاتب، صحافي ومُحلّل سياسي عربي. كان رئيساً لتحرير صحيفة الشرق الأوسط السعودية.
