وَردَةٌ شامِيّة وشراكةُ دمٍ لبيروت الجَريحة

بقلم عرفان نظام الدين*

رُغمَ تضحيات السوريين ومعاناتهم التي لا تُعد ولا تُحصى، فإن التعتيمَ مُستَمرٌّ والتجاهلَ مُتواصلٌ، تُقابلهما مواقف عنصرية بغيضة لا مُبرّر لها، لأنه لا يمكن إنكار الثمن الذي دفعه السوريون في كل مراحل الحرب والسلم في لبنان وسوريا وتجسّد في شراكة الدم الذي روى تراب لبنان خلال الإنفجار الإجرامي في مرفأ بيروتً وامتداداته المدمرة. فقد تبيّن أن أكثر من نصف الشهداء والجرحى هم من العمال والمدنيين السوريين، ورُغم ذلك فانهم كانوا أول من سارع الى تلبية نداءات إصلاح ما تدمّر، وإزالة الركام والزجاج. وأكثر ما أثار الإستغراب كان التجاهل التام لما قدمته سوريا من معونات ومساعدات عينية وطيبة وفتح الحدود لإسعاف الجرحى. وقد ساهم الإعلام والجهات الرسمية في حذف اسم سوريا من الدول المُعِينة للبنان.

وبغض النظر عن السياسة ومتاعبها، فقد حصل لبنان على دعم كبير من الدول العربية والأجنبية لم يحصل الشعب السوري خلال محنته الأليمة على شيءٍ منه، ومع هذا فان الغالبية بادرت لإغاثة لبنان بدعمٍ مُرفَقٍ بوردةٍ شاميّة عملاقة تعبيراً عمّا تكن له ولشعبه من المحبة والتقدير.

مع التذكير بحجم الإستثمارات السورية الضخمة في لبنان، إضافةً الى صلات القربى والنسب والعلاقات التاريخية رُغم تعرّضها لهزات متتالية.

وكم كان الحزن كبيراً عندما وقع الإنفجار المُزلزل، والكارثة التي حلّت بلبنان من جرّاء الإهمال والفساد السائد، وتقاعس السياسيبن الذين لم يُقدّموا لمواطنيهم سوى الشعارات والخطابات التحريضية والطائفية التي لعبت بعقول الشباب لرمي المسؤولية على الآخرين، وترداد مقولات “هنّي ما خلّوني” ولم أكُن أعلم.

ورُغم أن لبنان وجد مَن مدَّ له يد العون والمساعدة من جميع الدول، إلّا أن سوريا عانت الأمرّين من دون أن تجد مَن يُسارع لنجدة الشعب المنكوب منذ عشر سنين، والذي قدّم آلاف الشهداء والجرحى، ودُمِّرَت مدنه، وخلّفت الحرب ملايين المُشرَّدين واللاجئين.

واليوم ونحن ننتظر مُحاسبة من كان وراء التفجير المزلزل، تسود مخاوف من اغلاق التحقيق وحصر المسؤولية بموظفين صغار ليست لهم علاقة بجرائم الكبار.

وهنا أطرحُ سؤالاً حيوياً، وهو لماذا لم يُسارع الرئيس الاميركي دونالد ترامب والامم المتحدة الى فرض عقوبات على كلِّ مَن له علاقة بقضية الكارثة التي وقعت على بيروت من استيراد مواد متفجرة، وتخزينها لمدة زمنية طويلة، حتى وقعت الكارثة والتي بات من شبه المؤكد انها بفعل فاعل.

الرحمةُ لشهداء وضحايا الكارثة من اللبنانيين والسوريين والعرب والاجانب.

  • عرفان نظام الدين هو كاتب، صحافي ومُحلّل سياسي عربي. كان رئيساً لتحرير صحيفة الشرق الأوسط السعودية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى