فيروس “كورونا” يُعزّز الرقمنة في قطر

يبدو أن فيروس كورونا يحوّل العالم إلى عالم افتراضي حيث يتعامل الزبائن والعملاء بواسطة الإنترنت للتبادل التجاري وحتى البنكي والتواصل الإنساني، وقطر هي مثالٌ على ذلك.

 

بنك قطر المركزي: أطلق نظام الدفع عبر الهاتف المحمول

الدوحة – سمير خيرالله

من قطاع الصحة إلى التمويل والتعليم والبيع بالتجزئة، عزّز فيروس “كوفيد-19” في قطر الإعتماد بشكلٍ واسع على الإنترنت، حيث أدّى التهديد بالعدوى، جنباً إلى جنب مع تدابير التباعد الاجتماعي، إلى تحويل طلب المستهلك وتفاعلات الأعمال مع العملاء بطرقٍ مُحتَمَلة دائمة.

في قطاع الخدمات المالية، على سبيل المثال، سعت البنوك القطرية إلى تحسين منصّات الخدمات المصرفية الرقمية من أجل تلبية الطلب المتزايد على المدفوعات عبر الإنترنت. وقد أطلق مصرف قطر المركزي في أواخر آذار (مارس) نظام قطر للدفع عبر الهاتف المحمول، والذي يستخدم تقنية رمز الاستجابة السريعة (QR-code) للسماح للمستهلكين بالدفع الرقمي من خلال هواتفهم الذكية.

وهذا يُبنى من خلال الجهود الحالية لتطوير التكنولوجيا المالية في مركز قطر للتكنولوجيا المالية، الذي يدير سلسلة من برامج التسريع والحضانة.

في حين أن هذه الحلول تتعلق في الغالب بالدفع عبر الإنترنت، فقد حوّل الوباء أيضاً العلاقات بين العملاء والعمل بين الشركات في القطاع المصرفي.

بدلاً من النظر إلى التحوّل الرقمي على أنه إزعاج ضروري، فقد قال جوزيف أبراهام، الرئيس التنفيذي لمجموعة البنك التجاري القطري، أن الاستخدام المتزايد للتكنولوجيا الرقمية والفيديو للتواصل مع العملاء والشركاء كان له تأثير إيجابي في العلاقات التجارية: “لقد ساهم هذا الوضع في تسريع التبنّي الرقمي. بمجرد أن يحاول العملاء استخدام الخدمات المصرفية الرقمية، يُمكنهم أن يروا أنها أسهل وأكثر ملاءمة. أصبح استخدام الخدمات الرقمية الآن أمراً اعتيادياً بالنسبة إلى بعض الأشخاص الذين كانوا سيستخدمون الفروع في المعاملات المصرفية اليومية. بالنسبة إلى البنوك، فإن هذا يؤدي إلى فرصة للنمو المُستدام إلى جانب الحاجة المُتزايدة للإبتكار الرقمي”.

إحدى الأدوات الرقمية التي قامت المصارف بتوسيعها خلال الوباء هي نظام التعيين وأخذ المواعيد عبر الإنترنت الذي يسمح للعملاء بحجز موعد في البنك، مثلما يفعلون مع الطبيب أو مصفف الشعر.

بالإضافة إلى ذلك، كانت قيود التباعد الاجتماعي تعني أن العديد من الاجتماعات قد تحوّلت من المناقشات الشخصية إلى منصّات الفيديو عبر الإنترنت.

الطب عن بُعد ثَوَّر الصحة

يُعد قطاع الصحة مجالاً آخر تستفيد فيه العلاقة بين الشركات والعملاء من الإستخدام المتزايد للتقنيات الرقمية.

أدى اندلاع “كوفيد-19” في العديد من الحالات إلى تحسين عروض الصحة الإلكترونية من قبل المُمارسين الطبيين. لم يساعد ذلك فقط على تقليل مخاطر الإصابة بالفيروس، ولكنه سمح أيضاً بإجراء فحوصات أكثر انتظاماً، نظراً إلى سهولة وكفاءة مكالمات الفيديو.

ساعدت وزارة الصحة العامة المستشفيات والمؤسسات الطبية بأشكال مختلفة للإستخدام في الاستشارة عبر الفيديو، في حين أطلق “مركز كيمس قطرالطبي” الخاص خدمات الصحة عن بُعد في نيسان (إبريل).

بالإضافة إلى ذلك، قدمت “ميدي.كوم” (Meddy) – منصة محلية لحجز موعد لدى الأطباء – خدمات التطبيب عن بُعد كجزء من عرضها، مما يسمح للمرضى إجراء الاستشارات من خلال مكالمات صوتية أو مكالمات فيديو.

بحلول منتصف حزيران (يونيو)، كان لدى “ميدي” أكثر من 60 طبيباً من 15 مجالاً مُختلفاً من التخصصات المُسجلة على منصتها.

فقدان التواصل البشري؟

في حين كان هناك بعض الاستجابات الإيجابية لهذا التحوّل نحو التفاعلات الرقمية بين الأعمال التجارية والعملاء، لا يزال هناك العديد من المتشككين بشأن خدمة العملاء عبر الإنترنت.

في الواقع، أظهر استطلاع للرأي نشرته شركة “برايس ووترهاوس كوبرز” في العام 2018 أن 75٪ من المُستجيبين من 12 دولة، بما في ذلك الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وأوستراليا والصين والمكسيك وسنغافورة وكولومبيا، قالوا إنهم يريدون المزيد من التفاعل البشري عندما يتعلق الأمر بخدمة العملاء، مع اعتقاد 59٪ أن الشركات فقدت الاتصال والتواصل بالعنصر البشري في تجربة العملاء.

على الرغم من أن الإستخدام المتزايد للتكنولوجيا الرقمية لخدمات مثل الاستشارات الطبية يحوّل خدمة العملاء بعيداً من الإتصال الشخصي، فإن كفاءة استخدام هذه المنصات يُمكن أن تؤدي في الواقع إلى توسيع الاتصال – وإن كان افتراضياً -.

قال أبراهام: “في رأيي، ستُعزز تفاعلات الفيديو علاقات العملاء، حيث أن التفاعلات المادية هي طريقة باهظة الثمن لممارسة الأعمال التجارية لبعض شرائح من العملاء. إن مكالمات الفيديو تزيد من فرصة مقابلة مجموعة أكبر من العملاء لأنها سريعة والقيام بها سهل. ستظل التفاعلات المادية مهمة بالنسبة إلى العملاء الأكثر قيمة وبعض اجتماعات العمل المحددة، ولكن مكالمات الفيديو توسع نموذج وجهاً لوجه وتُسهّل تجربة العميل المُحسَّنة بشكل كبير”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى