قيصر روسيا في وجه قيصر أميركا؟

بقلم عرفان نظام الدين*

من سوء حظ الرئيس الأميركي دونالد ترامب أن تعمّ الفوضى وتنتشر المظاهرات والإضطرابات على امتداد مدن الولايات المتحدة في اليوم نفسه الذي بدأ تنفيذ ما سُمّي “قانون قيصر” ضد سوريا لاتهام النظام بارتكاب انتهاكات لحقوق الانسان خلال الحرب بعد ان أقره الكونغرس ووقع عليه .

هذه الأحداث الخطيرة أضعفت ترامب وأحرجته لأنها جاءت كردِّ فعلٍ على جريمة عنصرية بشعة ارتكبها ضابط بوليس مُتوَحّش عندما قتل أميركياً اسود بدمٍ بارد على مرأى من الناس والكاميرات بعد ان ضغط بقدمه على رقبته وصدره رافضاً أن يستجيب لتوسّلاته ونداءات المارة إلى أن تُوفّي خنقاً.

إنها العنجهية الأميركية التي مثّلها فيلمٌ أميركي قديم عنوانه “الأميركي القبيح” وجدّد صوره الرئيس ترامب بتشجيع العنصريين والمُتطرفين البيض الذين ارتكبوا جرائم مُماثلة.

هذه الممارسات تفضح مزاعم حقوق الإنسان والحرّية والمساواة والوحدة الوطنية التي نجح الزعيم الأسود مارتن لوثر كينغ صاحب مقولة: “عندي حلم” بتحقيقها، وهو ما تلاشى مع الأيام. وجاء عهد ترامب ليُحيي العنصرية ليس في الولايات المتحدة فحسب بل في العالم كله.

وشملت المعاملة الفوقية السيئة العرب، وخصوصاً الدول النفطية والشعب الفلسطيني، عندما منح إسرائيل بقرار غاشم ولا شرعي القدس الشريف والضفة الغربية وتبعها بالجولان السوري المحتل.

وبدا الإضطراب على شخصية ترامب في الآونة الاخيرة بعدما زادت جائحة “كورونا” من متاعبه، وكادت ان توصله للجنون بسبب تلاشي أحلامه، وبينها بناء اقتصاد قوي وتأمين مئات الالاف من فرص العمل مع اقتراب انتخابات التجديد لولاية رئاسية جديدة في تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل. ورغم هذا يتوقع البعض انه سيفوز فيها بسبب ضعف منافسه ودعم المتطرفين له وبينهم منظمات دينية مسيحية متطرفة تُروّج لمزاعمه بأنه “مبعوث من الله”.ويتصرّف كالقيصر .

إلّا أن الرياح لم تجرِ بما تشتهي سفن ترامب لأن المواجهات قد تؤدي الى الإنهيار مع ظهور مطالب بالإنفصال إضافة الى الأضرار الجسيمة التي تسببت بها جائحة “كوفيد-19”.

وبات واضحاً أن الصين التي يتحرّش بها الرئيس الأميركي تستعد للمواجهة، كما أن قيصر روسيا فلاديمير بوتين يستعد بشكل مختلف، إذ ثبّت أقدامه في المنطقة العربية، وتمكّن من توقيع عقود تمنحه حق ادارة المرافئ السورية وحقول النفط والغاز لمدة ٤٠ سنة.

وهذا يعني أن قيصر روسيا سيواجه قيصر أميركا في سوريا التي يشملها “قانون قيصر” الذي يفرض عقوبات على كل مَن يتعاون معها من دول وشركات وأفراد.

فلننتظر فصلاً جديداً من المواجهات التي تقع في ديار العرب من دون أن يكون لهم دورٌ فاعل فيها. ومن الآن حتى موعد الإنتخابات الأميركية سيُعرَف مَن سيُكرَّم ومَن سيُهان.

والله يحجب دم العرب الذين أُهينوا من جديد عندما رفع المتظاهرون الأميركيون السود لافتات تقول: “نحن لسنا عرباً لتقتلونا ونظل صامتين”we are not Arabs to kill us and keep silent”.

و… أسفي على خير أمة أخرجت للناس.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى