هل سيُحفّز “كوفيد-19” عمليات الدمج والإستحواذ في القطاع المصرفي الخليجي؟

تتجه البنوك في دول مجلس التعاون الخليجي إلى التوحيد والتكنولوجيا المالية للمساعدة على مواجهة التداعيات الإقتصادية التي خلّفها “كوفيد-19” والانخفاض في أسعار النفط العالمية.

 

إنفسيتكورب شريك في خليج البحرين للتكنولوجيا المالية

 

أبو ظبي – عمّار الحلاق

مع استمرار اعتماد الاقتصادات في منطقة الخليج العربي بشكل كبير على عائدات النفط، إضطر القطاع المصرفي الخليجي إلى إدارة التحديات الاقتصادية المزدوجة الناتجة عن إنتشار جائحة “كوفيد-19” وانهيار أسعار النفط.

ويتوقع الخبراء أن تنخفض الأرباح المصرفية في المنطقة بشكل كبير هذا العام، مما يثير تساؤلات حول استراتيجيات الإستثمار ونماذج التشغيل لبعض المؤسسات.

الموجة الثانية من الدمج

يُمكن أن تكون إحدى النتائج الثانوية المُحتملة للأزمتين موجة ثانية من عمليات الدمج والإستحواذ في المنطقة. ذلك أنه بعد انهيار أسعار النفط في العام 2014، لجأ عدد من البنوك الخليجية إلى عمليات الإندماج والشراء لتعزيز المرونة.

وكانت أبرز هذه العمليات في الإمارات العربية المتحدة، التي شهدت أكبر عملية اندماج في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في العام الماضي، بين بنك أبوظبي التجاري – ثاني أكبر مقرض في الإمارة من حيث الأصول – وبنك الاتحاد الوطني في دبي ومؤسسة التمويل الإسلامي في أبوظبي مصرف الهلال.

وأسفرت الصفقة، التي تم إضفاء الطابع الرسمي عليها في أيار (مايو) 2019، عن تحوّل الكيان المندمج إلى ثالث أكبر بنك في دولة الإمارات العربية المتحدة، مع أصول تُقدّر بنحو 420 مليار درهم (114.4 مليار دولار).

في مكان آخر في العام 2019، شهدت المملكة العربية السعودية أول عملية اندماج مصرفي لها منذ عقدين، بين البنك السعودي البريطاني والبنك الأول، لإنشاء ثالث أكبر مؤسسة مالية في البلاد، في حين شهدت قطر أول عملية إندماج على الإطلاق بين بنك بروة وبنك قطر الدولي.

في حين أنه قد يكون من الصعب الحفاظ على هذا المعدل من عمليات الاندماج والشراء، يُشير المُحلّلون إلى أن الإنكماش الاقتصادي المستمر سيُحفّز المزيد من نشاط الدمج والاستحواذ في بعض الأسواق.

على الرغم من عمليات الاندماج الأخيرة في دولة الإمارات، حيث يعمل 48 مصرفاً في الدولة – تتكون من 27 مؤسسة أجنبية و21 مؤسسة محلية – لا تزال البلاد تُعاني من فرط في أعداد البنوك، ومن المرجح أن تشهد المزيد من عمليات الإندماج.

وفي الوقت نفسه، فإن البلدان الأصغر، مثل سلطنة عُمان والبحرين، تشهد أيضاً عمليات ما بعد “كوفيد-19”.

في منتصف نيسان (إبريل) وافق البنك المركزي العُماني على الاندماج بين بنك عُمان العربي وبنك العز الإسلامي. ويأتي هذا التطور بعد أن اتفقت المؤسستان على صفقة تبادل الأسهم التي ستشهد حصول بنك عُمان العربي على حصة 81٪ في الكيان.

كما يتوقع المحللون المزيد من الاندماج في البحرين مع تنفيذ البلاد لبرنامج الإصلاح المالي.

وتحقيقاً لهذه الغاية، قبل بنك البحرين الإسلامي في كانون الثاني (يناير) الفائت عرضاً للإندماج من بنك البحرين الوطني والذي يشهد زيادة مساهمة الأخير في المؤسسة المتوافقة مع الشريعة الإسلامية من 29٪ إلى 78.8٪ للاستفادة من الطلب المتزايد على خدمات التمويل الإسلامي.

عمليات الاندماج والشراء عبر الحدود

في حين كانت هناك موجة من نشاط الاندماج والاستحواذ في السنوات الأخيرة، فقد كان معظمها بين المؤسسات المحلية. وقد استفادت البنوك التي تتطلع إلى الاندماج على المستوى الوطني من وجود القوانين والمتطلبات عينها، وغالباً المساهمين ذاتهم، كشركاء محتملين، في حين تم اعتبار الصفقات الدولية محفوفة بالمخاطر ومُعقّدة.

هناك استثناء واحد لهذه القاعدة كان الاستحواذ المقترح للمصرف الإسلامي البحريني “البنك الأهلي المتحد” من قبل “بيت التمويل الكويتي”.

بعد أن أعطى البنكان المركزيان في البلدين الضوء الأخضر للصفقة في العام الماضي، وافق مساهمو بيت التمويل الكويتي على دفع 8.8 مليارات دولار ثمن الصفقة في كانون الثاني (يناير) 2020، الأمر الذي سيشهد قيام البنك بشراء حصص البنك الأهلي المتحد في البحرين ومصر وليبيا والعراق والكويت وعُمان، وكذلك مكتب الشركة في مركز دبي المالي العالمي.

ومع ذلك، أصدر بيت التمويل الكويتي في أيار (مايو) بياناً قال فيه إنه في ضوء الوضع الاقتصادي الذي تسبب فيه “كوفيد-19″، اتخذ مجلس إدارته قراراً بإعادة تقييم الصفقة وتأجيل الاستحواذ حتى كانون الأول (ديسمبر) المقبل.

في حين أن معظم المحللين لا يتوقعون الكثير من النشاط عبر الحدود في المدى القريب، يمكن لبعض المؤسسات أن ينظر في مثل هذه الإندماجات كوسيلة لتجميع الموارد وتحسين الكفاءة.

التكنولوجيا المالية: الحدود التالية

بصرف النظر عن عمليات الإندماج والإستحواذ، فإن زيادة استيعاب التكنولوجيا المالية تقف كإرث مُحتمَل آخر لوباء الفيروس التاجي.

مع إدخال جميع دول الخليج شكلاً ما من إجراءات الإغلاق والتباعد الإجتماعي، أثبت الوباء أنه العامل المُحفّز لارتفاع النشاط المصرفي الرقمي.

في البحرين، شهد تطبيق “دفع الإستحقاقات” (BenefitPay)، المحفظة الإلكترونية الوطنية، زيادة بنسبة 1257٪ على أساس سنوي في قيمة التحويلات المُرسَلة من خلال خدمة “فوري+” (Fawri+) خلال شهر آذار (مارس)، والتي بلغ مجموعها 103 ملايين دينار بحريني (274 مليون دولار).

وهذا يُبنى على محاولات البحرين لتطوير خدماتها المالية الرقمية. وقد شهد شباط (فبراير) 2018 افتتاح خليج البحرين للتكنولوجيا المالية (Bahrain FinTech Bay)، وهو مركز مخصص لتطوير القطاع الرقمي من خلال الخدمات الاستشارية ومساحات العمل وصندوق حماية تنظيمي.

في غضون ذلك، أفادت شركة التجزئة السعودية بن داود القابضة في أواخر آذار (مارس) في المملكة العربية السعودية أن متوسط مبيعاتها على مدى 10 أيام قد ارتفع بنسبة 200٪، مع ارتفاع كبير تقريباً يُعزى إلى إجراءات التباعد الاجتماعي.

ولتشجيع استخدام المدفوعات غير النقدية خلال اتشار الوباء، رفعت مؤسسة النقد العربي السعودي حدّ التحويل الشهري للمحافظ الإلكترونية من 10,000 ريال سعودي (2670 دولاراً أميركياً) إلى 20,000 ريال سعودي (5330 دولاراً أميركياً)، بينما أصدر البنك المركزي في الأشهر الأخيرة تراخيص لمحفظتين رقميتين جديدتين “هللة” (HalalaH) و”بيان باي” (BayanPay).

مع ارتفاع الطلب على خدمات التكنولوجيا المالية والمدفوعات الرقمية، من المتوقع أن يتنوّع عدد المنتجات والخدمات أيضاً في جميع أنحاء المنطقة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى