هل هناك جولة جديدة من التصعيد الأميركي-الإيراني؟

بقلم كابي طبراني

مرَّ عامٌ تقريباً منذ أن أطلقت كلٌّ من الولايات المتحدة وإيران دورة من الإنتقام المُتبادَل عبر الشرق الأوسط. كانت المواجهة التي وقعت الأسبوع الفائت بين القوات البحرية الأميركية والإيرانية في مياه الخليج العربي تذكيراً صارخاً بالتقلب المستمر للوضع. بدأت هذه الحلقة الأخيرة من التوترات في أيار (مايو) 2019 عندما تعرّضت أربع سفن تجارية لهجوم في خليج عُمان. وقد نفت إيران آنذاك مسؤوليتها عن الهجوم، لكنها كانت الجاني الأكثر احتمالاً. بعد كل شيء، كان لديها الدافع.

بدأت الهجمات بعد عام من فرض إدارة دونالد ترامب أشدّ وأقسى نظام عقوبات واجهته أي دولة على الإطلاق. كانت رسالة طهران للعالم واضحة كما هي الآن: لا تنوي إيران الإستسلام لواشنطن وحلفائها الإقليميين من دون قتال. كجزء من هذا الإتجاه التصعيدي، من بين أحداث أخرى، أسقط الإيرانيون طائرة أميركية متطورة بدون طيار من نوع “RQ-4A Global Hawk” في حزيران (يونيو) 2019، واغتالت الولايات المتحدة أعلى شخصية عسكرية إيرانية – الجنرال قاسم سليماني قائد “فيلق القدس” – في كانون الثاني (يناير) من هذا العام. في كلٍّ من هاتين الحادثتين، كانت طهران وواشنطن على حافة صراع عسكري أوسع، لكنهما تراجعتا في اللحظة الحاسمة.

تنتشر تكهّنات في طهران بأن جولةً جديدة من الإنتقام الخطير باتت على الأبواب. يعتقد الإيرانيون، وخصوصاً قادة الحرس الثوري الذين يعتبرون أنفسهم الطليعة المُناهِضة لأميركا في الشرق الأوسط، أن واشنطن تنظر إلى الجمهورية الإسلامية على أنها صارت قريبة من الإستسلام بسبب قائمة طويلة من التحديات الداخلية والخارجية. لهذا السبب يتوقع الحرس الثوري ما يسمونه “إستفزازات” أميركية في الأسابيع والأشهر المقبلة. لكن يبدو أنهم يتوقعون أن تتحوّل الجولة المقبلة من التوترات مع الأميركيين من العراق إلى مياه الخليج العربي.

في الواقع، لا تريد إيران ولا الولايات المتحدة المُخاطرة بمنافستهما الإقليمية التي تؤدي إلى إضعاف الدولة العراقية أكثر، والتي تُعاني أصلاً من ضعف شديد. يبدو أن هذه هي قراءة طهران للوضع كما يؤكد خبراء المنطقة. إن الإدعاءات الأخيرة للحرس الثوري حول نشره لصواريخ جديدة مُضادة للسفن ذات مدى أطول هي جزء من عرض القوة هذا. وقد تعهدت إدارة ترامب بدورها بوَزن ودرس خياراتها لأنها تُريد إيجاد طريقة لإجبار الحرس الثوري على التراجع. إذا كان الأمر كذلك، فقد لا تكون هذه الدورة الجديدة، “ضربة مقابل ضربة”، قابلة للتحكّم مثل الجولة الأخيرة، حتى لو كانت في الوقت الحالي مُجرّد إبرازٍ ومنافسةٍ للعضلات حيث لا يريد أي طرف حقاً حرباً مباشرة الآن، لا سيما مع أزمة انتشار جائحة “كوفيد-19”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى