تلـﭭـزيون لبنان تعويضًا من إِقفال المدارس

بقلم هنري زغيب*

أَفهم أَنْ يهاجم وباء كورونا لبنان ويجتاحه برًّا وجوًّا فيُرغِمَ معظم أَبوابه المهنية على الإِقفال.

وأَفهم أَنْ يتدارك المواطنون الوضع، وغالبًا قبل توجيهات المسؤُولين المتأَخّرة.

وأَفهم الإرتباك الذي وقع فيه المسؤُولون حيال هذا الخطر الداهم فتردَّدوا في التدارك أَو تلكَّأُوا في القرار أَو أُصيبوا بتأَخُّر الإِجراءات طبّيًّا وصحّيًّا وتربويًّا وسياحيًّا واجتماعيًّا في انتظار التئامهم وتشاوُرهم وتشكيل لجان تراقب وتتدارس وتستقصي وترفع تقارير وتوصيات إِلى “حكومة الخبراء الإختصاصيين المستقلِّين”.

وأَفهم أَنْ تعلن وزارة التربية إِقفالَ المدارس وإِيعازَها بالتواصل مع التلامذة “بما يتناسب” والتعويضِ عليهم إِبان العطلة القسرية. وإِذا جامعاتنا مزوَّدة بالوسائط الإِلكترونية بين المدَرِّسين والطلاب، ومعظم المدارس الخاصة تدبَّرت الأَمر بالتواصل إِنترنِتيًّا مع تلامذتها المزوَّدين بأَلواح ذكية تُعينهم على متابعة الدروس بشكل جزئي أَو شبه متواصل، فماذا عن تلامذة المدارس الرسمية وأَكثرُها، خصوصًا في مناطق الأَطراف، تفتقر إِلى أَبسط الوسائط التربوية العصرية؟

وأَفهم أَنْ تعجز دولتنا المُفلِسة عن مدّ وزارة التربية بوسائل ووسائط تُعمِّمُها على تلامذة لبنان (وزارة التربية الإِماراتية وزّعَت مجانًا 50 أَلف جهاز كمـﭙـيوتر صغير على تلامذة الصفوف الابتدائية في 151 مدرسة حكومية تسهيلًا تعليمَهم عن بُعد”.

وأَفهم أَنَّ معظم التداوُل الدراسي يتم عبر الإِنترنت (والتطبيقات الإِلكترونية للتعليم عن بُعد) على اللوائح الذكية أَو على شاشات الكومـﭙـيوتر أَو شاشات الهواتف الخَلَوية، ولكن… ماذا عن التلامذة الذين ليس في بيوتهم إِنترنت وليس لديهم كومـﭙـيوتر وليس في حوزتهم أَلواح ذكية ولا في أَيديهم أَجهزة هواتف خَلَوية؟ وهل قسْم من التلامذة محظوظ بتلقِّي الدروس التعويضية، وقسْم آخر يبقى محرومًا منها؟

وزارة التربية أَصدرت هذا الأُسبوع تعميمًا (رقم 26) حدَّد “استلام الدروس والتمارين والفروض من المدرِّسين والأَساتذة وإِيصالها بأَية طريقة متاحة إِلى جميع التلامذة بدون استثناء واعتبارها فروضًا منزليةً واجبةَ التسليم إِلى إِدارة المدرسة لاحقًا”. ولكن الوزارة لم تُحدِّد شو يعني “بأَية طريقة مُتاحة” و”بدون استثناء”.

وهذا المركز التربوي للبحوث والإِنماء، ماذا يفعل وكيف يستدرك الراهن الخطِر الفاجع على المستوى التربوي؟ ولماذا لا يَستخدم تلـﭭـزيونَه التربوي لتدارُك الفوضى والتقصير وإِيصال المادة التعليمية إِلى جميع التلامذة في كل لبنان؟

لماذا لا تَعمَد وزارة الإِعلام إِلى وقْف برامج تلـﭭـزيون لبنان، وتحويلِه مدرسةً يومية واقتصاره على بث برامج يهيِّئُها التلـﭭـزيون التربوي لجميع المراحل المدرسية، طالما في كل بيت شاشةُ تلـﭭـزيون لبنان ويُمكن التقاطُها في كل لبنان بدون صحون واشتراكات؟

التلـﭭـزيون التربوي فلْيُهيِّئ البرامج مع مُدرِّسي المراحل الابتدائية والمتوسطة والثانوية، ولْتَبُثَّها شاشة تلـﭭـزيون لبنان طيلة النهار فتصبح جميع البيوت صفوفًا لأَبنائها كما في قاعات الصف، ولا ضرورة عندها لأَلواح ذكية وتطبيقات وهواتف خَلَوية.

عندها، وعندها فقط، نثق أَن تصل الدروس إِلى “جميع التلامذة” بـأَفضل “طريقة متاحة”، و… “بدون استثناء”.

 

  • هنري زغيب شاعر، أديب، وكاتب صحافي لبناني مخضرم. يُمكن التواصل معه عبر بريده الإلكتروني: email@henrizoghaib.com أو متابعته على موقعه: henrizoghaib.com
  • يَصدُر هذا الـمقال في “أَسواق العرَب” تَوَازيًا مع صُدُورِه في صحيفة “النهار” – بيروت.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى