لماذا روسيا تريد لبنان بأي ثمن؟!

فيما السياسيون في الولايات المتحدة غارقون في انقساماتهم وخلافاتهم على جنس الملائكة يعمل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين جاهداً لسحب لبنان من دائرة النفوذ الأميركي إلى مجال النفوذ الروسي مُستخدماً كل الأساليب لتحقيق ذلك.

و.. بوتين يستقبل الرئيس سعد الحريري: لم يقبل الأخير بالصفقة الروسية بسبب الضغوط الأميركية.

 

بقلـم غريغوري ميلاميدوف *

ناقش خبراء أميركيون كثر لسنوات محاولات روسيا إدخال لبنان إلى دائرة نفوذها وبوضعه تحت مظلتها الدفاعية الجوية وبيع أسلحتها إلى بيروت. ويُجادل بعض المُحللين بأنه يجب على واشنطن ألّا تحاول التنافس مع الكرملين هناك بينما يرى آخرون أن أي تنازل هو أمرٌ غير مقبول. من المُحتمل ألا تؤثر مبيعات الأسلحة الروسية إلى لبنان على ميزان القوى في المنطقة، لكن توسيع موسكو لمظلتها الدفاعية الجوية السورية يُمكن أن يقلب ميزان القوى في النزاعات العربية – الإسرائيلية والإيرانية – الإسرائيلية ويخلق تحدياً خطيراً للولايات المتحدة في المستقبل القريب.

موسكو على البحر المتوسط

خلال النصف الأول من العام 2018، أعربت روسيا بشكل متزايد عن استيائها من الضربات الجوية الإسرائيلية ضد أهداف إيران و”حزب الله” في سوريا. وفي 17 أيلول (سبتمبر) 2018، أسقطت الدفاعات الجوية السورية طائرة حربية روسية من طراز “إليوشن IL-20″، من المفترض أنها كانت من طريق الخطأ، خلال عملية إسرائيلية. ألقت موسكو باللوم على إسرائيل في الحادث ونشرت على الفور أنظمة الدفاع الجوي “أس-300” (S-300) في سوريا، مما حدّ بشكل كبير من حرية حركة سلاح الجو الإسرائيلي. وأصرّ الخبراء العسكريون والمدنيون الروس علانية على أن الوقت قد حان للإظهار لإسرائيل أن الكرملين هو مَن يُملي القواعد في سوريا. وقد صرّح فيودور لوكيانوف، رئيس هيئة رئاسة مجلس السياسة الخارجية والدفاعية: “إذا كانت إسرائيل تتحدّى الدور المُهَيمِن لروسيا، سترد روسيا وتتخذ موقفاً. هذا من غير المرجح أن يحدث لأن إسرائيل تعرف أن روسيا تُحدد القواعد في سوريا”.

كان الهدف الإسرائيلي الرئيس في سوريا هو منع عمليات نقل الأسلحة من إيران إلى “حزب الله” في لبنان، واستخدمت الدولة العبرية المجال الجوي اللبناني لإحباط عمليات النقل هذه. في تشرين الثاني (نوفمبر) 2018، طلب الرئيس اللبناني ميشال عون من موسكو حماية المجال الجوي اللبناني. وذكرت وسائل الإعلام الروسية أن وزارة الدفاع كانت تُفكر بشكل إيجابي في الفكرة التي أزعجت الإسرائيليين.

في وقت سابق، في شباط (فبراير) 2018، حصلت شركة “نوفاتيك” (Novatek) الروسية للغاز الطبيعي على تصريح من الحكومة اللبنانية لتطوير حقول الغاز الطبيعي في المياه الإقليمية في البحر الأبيض المتوسط ​​المُتنازَع عليها بين لبنان وإسرائيل. هذا الإجراء يُشير إلى أن موسكو انحازت بشكل لا لبس فيه إلى لبنان وتُطالب بالحق في حماية استثماراتها في الغاز الطبيعي خلال أزمة عسكرية.

بقي الروس على الحياد خلال عملية الدرع الشمالي (كانون الأول (ديسمبر) 2018 – كانون الثاني (يناير) 2019) عندما دمّر الجيش الإسرائيلي أنفاق “حزب الله” التي عبرت الحدود اللبنانية – الإسرائيلية إلى شمال إسرائيل. ومع ذلك، فإن طموح موسكو لإدخال لبنان إلى دائرة نفوذها يسبق تدخلها في سوريا ويستمر حتى يومنا هذا. التوترات يُمكن أن تتصاعد مرة أخرى في أي وقت.

روسيا ولبنان

لبنان هو الدولة الشرق أوسطية الوحيدة التي يُمكن لموسكو الإعتماد عليها لوجود مجتمع مسيحي كبير فيه. حليفتها الطبيعية هي الكنيسة الأرثوذكسية التابعة لبطريركية إنطاكية. تضم الطائفة الأرثوذكسية حالياً حوالي 8٪ من سكان لبنان. في الحكومة اللبنانية التي تم تشكيلها في كانون الثاني (يناير) 2019 (التي استقالت أخيراً)، مثّل أربعة وزراء المجتمع الأرثوذكسي سياسياً، بمَن فيهم نائب رئيس الوزراء ووزير الصحة غسان حاصباني ووزير الدفاع الياس أبو صعب. كما أن وزير الدفاع السابق، يعقوب الصرّاف، الذي ذكرت وسائل الإعلام الروسية أنه يُفضّل شراء الأسلحة الروسية للبنان، ينتمي أيضاً إلى الطائفة الأرثوذكسية.

منذ عهد ستالين، كانت مهمة الديبلوماسيين السوفيات في لبنان وسوريا تقوم على إبقاء بطريرك إنطاكية في دائرة نفوذ الكنيسة الأرثوذكسية الروسية. في عهد بوتين، ازدادت الإتصالات مع المسيحيين الأرثوذكس بشكل كبير، وقد وسّعت موسكو أيضاً مهمتها إلى التحالف مع الموارنة – أكبر طائفة مسيحية في لبنان. تاريخياً، كانت فرنسا الشريك الدولي الرئيس للموارنة، ولكن هذه العلاقة تراجعت إلى حد كبير عندما رفض بطريرك إنطاكية الماروني، مار بشارة بطرس الراعي، دعم “الربيع العربي” والترحيب بالقوات الروسية في سوريا. ولأن الراعي تَابِعٌ للفاتيكان، فهو يحاول الحفاظ على التوازن بين روسيا والغرب، لكن موقفه يبدو أقرب إلى بوتين من الغرب. وكما قال في إذاعة الفاتيكان: “لذا، إذا كنت تريد ديموقراطية، فطبّقها واستمع إلى ما يقوله الناس. تريد أن تعرف ما هو مصير الأسد؟ دع الشعب السوري يُقرر! ليست لديك مكانة لتقرير مَن سيكون رئيساً لسوريا أو للعراق أو للبنان”.

كما أحيا بوتين شبكة من المنظمات الدينية والعلمانية تشكّلت للضغط من أجل مصالح موسكو في لبنان، والتي كانت نائمة بعد انهيار الإتحاد السوفياتي. وتجدر الإشارة هنا إلى الجمعية الإمبراطورية الأرثوذكسية الفلسطينية، التي أنشأت ما يقرب من مئة مدرسة أرثوذكسية في المنطقة منذ تأسيسها في العام 1872، حيث يحتل سيرغي ستيباشن، الرئيس السابق لغرفة التدقيق في الإتحاد الروسي، منصب رئيس الجمعية، كما أن نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف هو عضو فيها. خلال العملية الروسية في سوريا، حاول بوغدانوف، كممثل رئاسي خاص للشرق الأوسط، إقامة حوار بين الأسد والمعارضة المعتدلة. وهناك عضو آخر بارز في هذه الجمعية هو أوليغ أوزيروف، نائب مدير إدارة إفريقيا في وزارة الخارجية، والسفير السابق في المملكة العربية السعودية والممثل الدائم السابق لدى منظمة التعاون الإسلامي.

من ناحية أخرى هناك جمعية العائلات الأرثوذكسية في بيروت التي ضغطت أيضاً لصالح المصالح الروسية في لبنان وحافظت على روابط وثيقة مع الجمعية الإمبراطورية الأرثوذكسية الفلسطينية. كما أن عائلة سرسق اللبنانية هي واحدة من العئلات الأكثر نفوذاً التي تعاونت مع القنصلية الروسية العامة في بيروت في وقت مبكر من القرن التاسع عشر. وروبرت سرسق، أحد ممثلي الأسرة الحاليين، شغل منصب رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لشركة “غازبروم بنك إنفست للشرق الأوسط وشمال إفريقيا” (Gazprombank Invest Mena) الروسية من 2009 إلى 2015.

لبنان هو البلد العربي الوحيد غير سوريا حيث بقي الزعماء المؤيدون للسوفيات في السلطة منذ سبعينات القرن الفائت وحتى الوقت الحاضر. بقيت جميع النخب اللبنانية القوية تقريباً، المؤيدة والمعارضة لروسيا، في مكانها بعد “ربيع بيروت” في العام 2005. عائلات الحريري وعون وجنبلاط بالكاد تُعتبَر أصولاً روسية، لكنها لا تزال تلعب أدواراً رئيسة، والكرملين يستخدم هذا لصالحه.

لقد أرسل كبار السياسيين اللبنانيين إلى موسكو منذ فترة طويلة جماعات ضغط تربطها علاقات قوية مع الشركات الروسية الكبرى التي أنشأتها على مدار ربع القرن الماضي. ومن أبرز هؤلاء جورج شعبان، الذي مثّل عائلة الحريري وشركة “سعودي أوجيه المحدودة” في روسيا لفترة طويلة وساعد شركات النفط الروسية على اقتحام السوق السعودية، وأمل أبو زيد، ممثل الرئيس عون لدى أعلى درجات النخبة السياسية والاقتصادية الروسية، بما في ذلك الرئيس بوتين. وقد دخلت شركة أبو زيد، “أديكو للإستثمار” (ADICO Investment Corporation)، السوق الروسية في العام 2000، متخصصة في شركات النفط الروسية في جنوب شرق آسيا، وفي العام 2014، أصبح أبو زيد مستشاراً للشؤون اللبنانية – الروسية في وزارة الخارجية اللبنانية. لديه اتصالات نشطة مع الكنيسة الأرثوذكسية الروسية كعضو مؤثر في المجتمع الماروني اللبناني.

أخيراً، منذ الحقبة السوفياتية، إعتمدت موسكو على الطلاب اللبنانيين الذين تلقوا تعليمهم في روسيا، وهناك حوالي عشرة إلى عشرين ألف منهم الآن. وقد تأسست رابطة خريجي الجامعات السوفياتية في لبنان في العام 1970 ومنذ ذلك الحين كثّفت أنشطتها، وهي تضم حوالي أربعة آلاف عضو وفقاً لمصادر روسية رسمية. ويزعم خبراء روسيا أيضاً أن هناك ما يصل إلى ثمانية آلاف عائلة مُخَتلَطة في لبنان تتشكل من زواج نساء روسيات إلى رجال لبنانيين. كثيراً ما تذكر وسائل الإعلام الروسية أن الطلاب السابقين يشغلون الآن مناصب عليا في الاقتصاد اللبناني والنظام السياسي وأن الأسر المُختَلطة تُعزز علاقات روسيا مع لبنان.

وفقاً للصحافية، في “دويتشه فيله” (Deutsche Welle )، بيناس جيرديوناس، فإن روسيا تؤثر أيضاً في الجالية المسيحية عبر “جبهة التضامن الأوروبية من أجل سوريا”، والتي ترتبط ارتباطاً وثيقاً بأحزاب اليمين المتطرف الأوروبية، وكذلك مع “حزب المشرق اللبناني” المتطرف في لبنان الذي يدّعي أنه يدافع عن المسيحية الشرقية في العالم العربي.

التراجع داخل لبنان

ومع ذلك، فإن نفوذ موسكو المتزايد يُقلق بعض السياسيين اللبنانيين. أصبح ذلك واضحاً في كانون الأول (يناير) 2019 عندما منحت وزارة الطاقة والمياه اللبنانية شركة “روسنفت” النفطية الروسية الحكومية المملوكة للدولة تصريحاً لإدارة مصفاة ومحطة تخزين المنتجات النفطية في مدينة طرابلس لمدة عشرين عاماً. وفقاً لصحيفة “لوريان لو جور”، فإن زعيم الدروز ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط غرّد على “تويتر” أن الصفقة كانت تذكيراً لصراع القوى الاستعمارية على النفط في المنطقة منذ قرن مضى. وكتب: “مع روسنفت في طرابلس، وغداً في بانياس والبصرة، سيكون ظريف – لافروف [وزيرا الخارجية الإيراني والروسي] العنوان الرئيس للشرق الأوسط الجديد بين الروس والفرس”. على الرغم من هذه التصريحات فإن جنبلاط وابنه تيمور ما زالا يزوران موسكو بشكل مُتكرر ويحافظان على اتصالات وثيقة مع المسؤولين الروس بما في ذلك نائب وزير الخارجية بوغدانوف.

عارض بطريرك إنطاكية اغناطيوس الرابع (هزيم) استخدام الكنيسة الأرثوذكسية لأغراض سياسية قبل وفاته في العام 2012. ويتخذ خليفته، البطريرك يوحنا العاشر (يازجي)، موقفاً مؤيّداً لروسيا بشأن العديد من القضايا الرئيسة، مما يجعل تغلغل موسكو الناعم في لبنان أسهل مما كان يمكن أن يكون.

في الوقت نفسه، يتبع بعض المسيحيين الأرثوذكس في لبنان بطريرك القسطنطينية المسكوني – الذي قطعت موسكو العلاقات معه – بدلاً من بطريرك إنطاكية. في تشرين الأول (أكتوبر) 2015، وقّع ستة وأربعون من القادة البارزين عريضة تُندّد بتوصيف الكنيسة الأرثوذكسية الروسية لتدخل موسكو العسكري في سوريا على أنه “حربٌ مُقدّسة”. وقالوا إن ادعاء روسيا بأنها “تحمي المسيحيين”، هو ذريعة لأهدافها القومية والسياسية. إنهم يعتقدون أن موسكو تستخدم الحيلة عينها للاستيلاء على دور أكثر نشاطاً في لبنان. وقال مطران بيروت الياس عوده للسفير الروسي ألكسندر زاسيبكين إن طائفته “لم تطلب أبداً الحماية”.

عوده والمجموعة الصغيرة من مؤيديه هما القوة السياسية المنظمة الوحيدة في لبنان التي تُحاول منع التدخل الروسي في البلاد. اللوبي الموالي لروسيا أفضل تنظيماً وأكثر نشاطاً.

الأهداف والوسائل الروسية

لدى روسيا هدفان رئيسيان في الشرق الأوسط: جذب أكبر عدد ممكن من الدول من مجال النفوذ الأميركي إلى مجال نفوذها وتحقيق موقع متميز، إن لم يكن احتكاراً، في سوق الأسلحة الإقليمي. كلٌّ من هذين الهدفين يشمل لبنان.

وفقاً لألكسندر شوميلين، من مركز تحليل النزاعات في الشرق الأوسط في معهد الدراسات الأميركية والكندية التابع للأكاديمية الروسية، فإن بوتين يتّبع مقاربةً ذات شقين. كما فعل الكرملين خلال الحقبة السوفياتية، يسعى الرئيس الروسي إلى ربط الدول العميلة بموسكو من خلال تقديم المساعدة العسكرية والدعم الإقتصادي. الشيء الجيد بالنسبة إلى الروس هو أن الحليف الصغير يُصبح معتمداً على موسكو. العيب هو أنه مُكلف. يسعى بوتين أيضاً إلى تعزيز مصالح الشركات الروسية الكبرى وزيادة أرباحها عبر حلفاء الكرملين الأجانب. لذا، يجب أن يكون كل حليف صغير سليماً من الناحية المالية. كلا النهجين يساعدان موسكو على ملء المساحات المُهمَلة من قبل واشنطن.

العلاقة المتبادلة بين هذه الأساليب تتطور. استخدم بوتين كتاب اللعب السوفياتي في سوريا وأنقذ نظام الأسد. ومع ذلك، بالقرب من نهاية العملية، وقّع كبار رجال أعمال مرتبطون بمساعدي بوتين المُقرّبين عقوداً لأعمال إعادة الإعمار بعد الحرب مقابل النفط والغاز الطبيعي والفوسفات وحقوق الموارد الطبيعية الأخرى.

بعد ذلك، تغيّر توسع روسيا في لبنان بشكل كبير. على الرغم من استنادها المبدئي إلى مبدأ “الإقتصاد أولاً، ثم السياسة”، سارعت موسكو لاحقاً إلى ربط لبنان بروسيا من خلال التركيز على علاقتها مع” حزب الله” ومحاولتها بيع الأسلحة للحكومة. هذه الخطة تعني التضحية ببعض الفوائد الإقتصادية التي ربما جنتها لو تحرّكت ببطء أكثر.

المساعدة العسكرية وخارجها

تمّت إعادة هيكلة القوات المسلحة اللبنانية في 2005-2006، بعد اغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري وانسحاب القوات السورية اللاحق. جاءت غالبية أسلحتها من الولايات المتحدة، على الرغم من أن فرنسا وألمانيا والإمارات العربية المتحدة وسوريا وروسيا قد زوّدتها بالأسلحة حتى العام 2008. وتألفت مساهمة موسكو من الجسور المتنقلة الثقيلة والشاحنات والرافعات والجرافات والمركبات الأخرى التي تبلغ قيمتها حوالي 30 مليون دولار.

ساهمت دولة الإمارات العربية المتحدة في دعم القوات الجوية اللبنانية الصغيرة بتسع طائرات هليكوبتر من طراز “غازيل”  “SA 342L Gazelle” مسلحة برشاشات، وقد وفّرت فرنسا للطائرات الهليكوبتر خمسين صاروخاً طويل المدى من نوع “HOT” مضاد للدبابات. وقد وعدت واشنطن بست وستين دبابة من طراز “M60A3” تم نقلها من الأردن (بعد تعديل أنظمة تثبيت الدبابات للسماح لها بإطلاق النار أثناء الحركة) و34 مدفع “هاوتزر” ذات الدفع الرباعي والذاتي من عيار “M109 155” ملم للتسليم بعد العام 2009، على الرغم من أنه تم تسليم 10 دبابات و 12 مدفع هاوتزر بالفعل فقط.

ومع ذلك، كانت هناك مشكلتان رئيسيتان في المساعدة العسكرية الأميركية للبنان في ذلك الوقت: إحجام واشنطن عن توفير أسلحة ثقيلة، والإجراءات البيروقراطية الداخلية التي أبطأت تنفيذ الإتفاقات. قامت واشنطن أيضاً بفرض ثلاثة قيود من أجل إدارة ميزان القوى:

  • ستوفر للجيش اللبناني قوة نيران كافية لمواجهة “حزب الله” والمنظمات الإرهابية السنية.
  • على المؤسسة العسكرية اللبنانية ألّا تنقل الأسلحة إلى مكان يُمكن فيه أن يستولي عليها “حزب الله”.
  • لن يُثير الجيش اللبناني أي تصعيد على الحدود اللبنانية – الإسرائيلية.

تم تبرير هذه القيود بشكل واضح من المنظورَين الأميركي والإسرائيلي، لكن العديد من الصحافيين والسياسيين اللبنانيين كانوا مستائين. في كانون الأول (ديسمبر) 2008، قامت روسيا بأول محاولة لاستغلال هذا الإستياء من خلال عرض بيع دبابات  “T-54 / T-55” مقابل حوالي 500 مليون دولار خلال زيارة وزير الدفاع آنذاك الياس المر إلى موسكو. نظراً إلى أن الصفقة لم تصل إلى أي مكان، عرض الكرملين عشر مقاتلات من طراز “ميغ-29” “Mi-29” مجاناً، فقط لتخبره الحكومة اللبنانية أن جيشها يحتاج إلى طائرات هليكوبتر بدلاً من طائرات القتال هذه. إدّعى العديد من الخبراء في روسيا والدول العربية أن الديبلوماسيين الأميركيين والإسرائيليين قتلوا الصفقة، لكن كان على موسكو أن تعلم أن لبنان لن يكون قادراً على تحمل دفع 500 مليون دولار مقابل الصفقة.

في كلتا الحالتين، أرسل العرض رسالة مهمة إلى لبنان: إذا كنت تستطيع شراءها، فسوف نبيع لك أسلحة ثقيلة من دون شروط. بالإضافة إلى ذلك، أظهر بوتين بالفعل أنه لا يحتاج إلى موافقة من الجمعية الفيديرالية الروسية لتوقيع الإتفاقات الدولية. يُمكن للبنان شراء الأسلحة متى أراد.

قامت موسكو بمحاولة أخرى في أوائل العام 2010 وقدمت ست طائرات هليكوبتر من طراز “ميغ-24” (Mi-24)، وثلاثين دبابة مقاتلة ثقيلة من طراز “T-72″، وثلاثين نظاماً مدفعياً من عيار 130 ملم، وكمية كبيرة من الذخيرة. في 25 شباط (فبراير) 2010، دخلت موسكو وبيروت في اتفاقية رسمية حول التعاون العسكري – التقني، لكن لم يتحقق منها أي شيء.

ثم، في العام 2013، حاول الجهاديون في سوريا التسلل إلى لبنان. رداً على ذلك، تعهدت المملكة العربية السعودية بتقديم مساعدات بقيمة 4 مليارات دولار، وذلك أساساً لشراء معدات عسكرية فرنسية. وقد علّقت الرياض هذا التعهّد في العام 2016 بعد أن فشلت الحكومة اللبنانية في إدانة الهجمات على البعثات الديبلوماسية السعودية في إيران.

حاولت روسيا مرة أخرى ملء الفراغ، وفي صيف 2016، كشف سفير لبنان في موسكو، شوقي بو نصار، أن الدولتين كانتا تتفاوضان على شراء مجموعة واسعة من الأسلحة، بما في ذلك البنادق، وصواريخ موجهة ضد الدبابات من نوع (9M133 Kornet )، ودبابات “T-72”. توقع بوتين أن تنجح المفاوضات وكان رد فعله قاسياً عندما فشلت بيروت في توقيع الصفقة، وحظّر بشكل مؤقت المسؤولين اللبنانيين من زيارة روسيا وأعلن رفض الكرملين إشراك بيروت في هذه الأنواع من المبادرات مرة أخرى.  ومع ذلك، استؤنفت المفاوضات بعد زيارة رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري لموسكو في أيلول (سبتمبر) 2017 واستمرت طوال العام 2018.

خلال هذه الفترة، أثّرت عوامل جديدة في سياسة موسكو في الشرق الأوسط. أولاً، إكتسب القادة العسكريون الروس مزيداً من القوة السياسية خلال الحرب السورية، وكرّرت وسائل الإعلام نقاط الحديث بالرد على الرأي القائل بأن القوات الروسية يجب ألا ترد على الضربات الإسرائيلية ضد “حزب الله” أو المواقع الإيرانية في سوريا.

تقليدياً، كان الجيش الروسي بعيداً من السياسة وامتنع عن الإعلان عن تسليم أسلحة إلى بلدان أخرى. ومع ذلك، بعد إسقاط سوريا المزعوم من طريق الخطأ لطائرة “IL-20” الروسية، ألقت وزارة الدفاع باللوم على إسرائيل قبل أن تُعلّق وزارة الخارجية أو تتفوّه بأي بيان. ثم أعلنت وزارة الدفاع عن قرارها بإرسال أنظمة الدفاع الجوي “S-300” إلى سوريا، “وفقاً لتعليمات الرئيس لتعزيز سلامة الجيش الروسي في سوريا”. إن المناقشة حول طرق إضافية “لمعاقبة إسرائيل” ظهرت أساساً في وسائل الإعلام المرتبطة بالأوساط العسكرية الروسية.

كما أن الغارات العسكرية الأميركية في سوريا أثارت غضب موسكو. نظرت روسيا إلى لبنان على أنه امتداد لمنطقة الحرب السورية، وأعلن سفيرها في بيروت ألكسندر زاسيبكين، على شاشة “المنار” الفضائية اللبنانية التابعة ل”حزب الله”، أن موسكو تحتفظ بحقها في إسقاط الصواريخ الأميركية.

هناك عامل آخر يؤثر في سياسة موسكو في الشرق الأوسط وهو نظرتها المُتغيّرة للعمل العسكري المُحتَمل في لبنان بعد طلب الرئيس عون في تشرين الثاني (نوفمبر) 2018 بأن تمد روسيا مظلة الدفاع الجوي “S-300” لتشمل لبنان. ثالثاً، إقترحت وسائل الإعلام الروسية أن موطئ قدم في لبنان يمكن أن يعزز جهود موسكو للتعافي وإعادة الإعمار في سوريا.

بينما كان كل هذا يحدث، إنخفضت المساعدات الأميركية للبنان. أوصت إدارة دونالد ترامب بخفض المساعدات العسكرية والأمنية بنسبة 80 في المئة من السنة المالية 2016 إلى 2018. وردّت موسكو بتقديم بيروت قرضاً بقيمة مليار دولار لشراء أسلحة وعرضت بعض المساعدة مجاناً. إمتدّ مشروع الإتفاق إلى ما هو أبعد من النطاق العادي لاتفاقات الأسلحة، بما في ذلك ما يلي:

  • حماية الأراضي اللبنانية بواسطة أنظمة الدفاع الجوي الروسية المنتشرة في سوريا.
  • الوصول إلى الموانئ اللبنانية واستخدامها، وخصوصاً ميناء بيروت، لدخول وإصلاح السفن الحربية الروسية.
  • الوصول إلى المجال الجوي اللبناني واستخدامه لمرور الطائرات الروسية.
  • الوصول إلى ثلاث قواعد عسكرية، واحدة منها كانت تستخدم من قبل تحالف مكافحة الإرهاب بقيادة الولايات المتحدة حتى العام 2017.

يظل المصير النهائي لهذا الاقتراح غير واضح. رفض الحريري ذلك في كانون الأول (ديسمبر) 2018، لكنه قال إنه سيقبل التبرعات الروسية لقوات الأمن الداخلي في لبنان.

في آذار (مارس) 2019، إلتقى عون مع بوتين في موسكو عندما ناقشا، حسب وسائل الإعلام الروسية، شراء ونقل الأسلحة بالإضافة إلى الوضع في سوريا. ومع ذلك، لم يُشر البيان الرسمي المشترك إلى صفقة أسلحة. إتهم خبراء روس وأنصار لبنانيون للتحالف مع موسكو واشنطن بالضغط على القيادة اللبنانية لتخريب الاتفاقية.

لم يكن بوتين يتوقع قبول عرضه بالكامل؛ واحد أو اثنان من البنود قد يكون كافياً لإرضائه. وفي كلتا الحالتين، تعود روسيا إلى المبدأ السوفياتي المتمثل في إعطاء الأولوية للمصالح العسكرية والاستراتيجية على المخاوف التجارية.

روسيا و”حزب الله”

من وجهة نظر موسكو، إن حقيقة أن “حزب الله “لديه ما يُسمّى الجناح السياسي يعني أن الكيان ككل يجب ألا يُصنَّف على أنه منظمة إرهابية. قال وزير الخارجية سيرغي لافروف في أوائل العام 2006: “مسألة قوننة “حزب الله” ليست ذات صلة. إنها منظمة سياسية لبنانية قانونية. فهي تتمثّل في البرلمان والحكومة. “حزب الله” جزء من الطائفة الشيعية اللبنانية. إنه ليس مُنتَجاً مُستورَداً”.

زار أعضاءُ من “حزب الله” في البرلمان اللبناني موسكو لأول مرة في العام 2011. إفترضت وسائل الإعلام الروسية أنهم كانوا يُحققون في، ويتحقّقون من، عمق دعم بوتين للأسد. تعاون الكرملين و”حزب الله” بشكل كبير في سوريا خلال التدخل الروسي هناك.

منذ ذلك الحين، أصرّت موسكو مراراً وتكراراً على مقاتلي “حزب الله” الإنسحاب إلى لبنان لأسباب عدة. أولاً، إختلفت روسيا وإيران حول مستقبل جيش الأسد. تريد طهران الحفاظ على كتلة عسكرية شيعية في سوريا بقيادة “حزب الله” ستكون تابعة للحرس الثوري الإسلامي. تفضل موسكو بدلاً استعادة الجيش السوري النظامي وعدم ترك أي مكان ل”حزب الله”. ثانياً، رفض بعض الميليشيات السنية عقد اتفاقات مع نظام الأسد، على الرغم من الجهود الروسية، لأن المدنيين المحلّيين يخشون “حزب الله”. ثالثاً، طالبت تركيا وإسرائيل بانسحاب “حزب الله”. لا يمكن لموسكو تجاهل هذه المطالب، خصوصاً أنها تتماشى مع تفضيلاتها الخاصة. وفقاً لبعض التقارير، حاول الجيش الروسي حتى إيقاف مصدر دخل حاسم ل”حزب الله”: تهريب المخدرات على طول الحدود اللبنانية – السورية.

موقف “حزب الله” الحالي تجاه روسيا يبدو غامضاً. من ناحية، يشعر بالغضب بسبب الإخلاء المُتوخّى من سوريا. قال الأمين العام ل”حزب الله”، السيد حسن نصر الله، في حزيران (يونيو) 2018: “العالم يتجه إلى إنجاز جديد وهو أن روسيا ستتعاون معه لإخراج إيران و”حزب الله” من سوريا”. من ناحية أخرى، تكبّد “حزب الله” خسائر فادحة لدرجة أنه لم يكن لديه خيار سوى تقليص وجوده. على الرغم من إنتصار الحزب، فإنه فَقَدَ شعبيته داخل لبنان وبين العرب الآخرين. بحسب العميد اللبناني المتقاعد الدكتور هشام جابر، قُتل ما بين 1500 و2000 من مقاتلي “حزب الله” في سوريا، وتُرِك مئات من المعاقين والمعوقين.

وطوال العام 2018، ألقى العديد من الخبراء الروس اللوم على الضغط الأميركي والمشاكل الداخلية للحكومة اللبنانية بالنسبة إلى  تردّد بيروت لاتخاذ قرار بشأن صفقة السلاح على الضغط الأميركي والمشاكل الداخلية للحكومة اللبنانية. ربما كان بوتين يتوقع من الحكومة الجديدة التي تشكّلت في كانون الأول (يناير) 2019، بعدما فازت كتلة يقودها “حزب الله” بغالبية كبيرة، بأن تتبع سياسة أكثر تأييداً لروسيا. لكن النجاح السياسي ل”حزب الله” أزعج الفصائل الأخرى حيث ينتقد الزعماء اللبنانيون بعضهم البعض بشكل روتيني لارتباطهم ب”حزب الله” وطهران. في شباط (فبراير) 2019، دعا المنسق السابق للأمانة العامة في فريق “14 آذار”، والعضو السابق في البرلمان فارس سعَيد إلى تشكيل “جبهة معارضة” ضد رئيس الوزراء الحريري ووزير الخارجية جبران باسيل و”حزب الله”. كما انتقد وليد جنبلاط بدوره الحريري. وصرح باسيل أيضاً بأنه “يجب أن يعترف “حزب الله” بأنه لولا “التيار الوطني الحر”، لما استطاع المثابرة والصمود في وجه إسرائيل أو الإرهاب أو محاولات عزله”.

هناك كثيرون غاضبون من موسكو أيضاً. حتى جنبلاط، حليف الكرملين خلال الحرب الأهلية اللبنانية، قال إن سيرغي لافروف ونظيره الإيراني محمد جواد ظريف كانا يحاولان تقسيم الشرق الأوسط كما فعل مارك سايكس وفرنسوا جورج بيكو خلال الحرب العالمية الأولى. علاوة على ذلك، في شباط (فبراير) 2019، بدأ نصر الله الضغط من أجل شراء نظام دفاع جوي من إيران بدلاً من روسيا. في هذا السياق السياسي، ستواجه روسيا صعوبة في الحفاظ على لوبي فعال ما لم تستخدم حوافز وتضحيات إقتصادية في مجال مصالحها التجارية لتحقيق مكاسب سياسية.

خيارات بوتين

المصدر الرئيس لرأس المال السياسي في الشرق الأوسط لروسيا هو الإجراءات التي اتخذتها الإدارات الأميركية والتي يُفسّرها السياسيون الإقليميون على أنها ضعيفة. من أجل الإستفادة من ذلك، يجب أن تكون صورة بوتين كقائد قوي وحازم ثابتة. لا يُمكنه أن يتخلّى عن هدفه المُتمثّل في جذب لبنان إلى دائرة نفوذه بعد بذل الكثير من الجهد. جميع الدول الحليفة والعميلة الحالية لموسكو هي ديكتاتوريات، وقد فشلت الجهود الروسية في لبنان على وجه التحديد لأنه سياسياً تنافسياً.

ولكن، سوف سيستمر بوتين في ضغطه أكثر ولديه في هذا المجال خيارات عدة:

  • إعادة ربط لبنان بسوريا من خلال رعاية تحالف قوي مُوالٍ لدمشق في بيروت. حيث أن تشكيل حكومة جديدة، من المرجح أن يدفع لبنان إلى تنظيم كتله السياسية، وقد تحاول موسكو الاستفادة من هذا التعديل.
  • ترسيخ دور موسكو كوسيط رئيس للعلاقات اللبنانية – السورية مع ضمان السيادة اللبنانية. من خلال الترويج بنشاط لإعادة اللاجئين السوريين من لبنان إلى وطنهم، تعمل روسيا على تحسين علاقاتها مع الجيش اللبناني، مما قد يؤدي إلى فرصة لمراقبة الحدود اللبنانية – السورية. إذا استطاعت تحقيق هذا الهدف الأخير، فقد تكون موسكو قادرة على توسيع مهمتها إذا اندلع العنف في المنطقة الحدودية.

 

  • إذا تمكّنت شركات النفط والغاز الطبيعي الروسية من الحصول على حقوق استخراج إضافية في لبنان، فقد تتمكّن موسكو من تبرير استخدام المقاولين العسكريين الخاصين لحمايتها. بدأت هذه الممارسة في أوكرانيا في العام 2014، حيث من هناك امتدت إلى أجزاء أخرى من العالم. على سبيل المثال، في أوائل العام 2018، على سبيل المثال، قُتل أكثر من مئة ناشط من الجماعة العسكرية الخاصة الروسية المدعوة “فرقة واغنر” في عمليات قتالية بالقرب من بلدة دير الزور السورية. ذُكر أن المجموعة كانت نشطة في ليبيا والسودان وعدد من دول وسط إفريقيا، حيث يقوم أفرادها بمهام أمنية لشركة “غازبروم”، وشركات النفط الروسية الكبرى، والشركات الأخرى العاملة في استكشاف الذهب والماس. لا يُنظم القانون الروسي عمل هؤلاء المتعاقدين العسكريين – بمعنى أن الكرملين لا يتحمل مسؤوليتهم – وقد يتدخلون في نزاعات جديدة.

 

  • أفضل رهان في موسكو هو تقديم قائمة انتقائية للحماية تحت مظلة الدفاع الجوي الروسية من دون ربطها بالمساعدات العسكرية. ستستند الاستراتيجية إلى التطورات في الصراع الإيراني – الإسرائيلي. إذا كثفت إسرائيل هجماتها على الأهداف الإيرانية و”حزب الله” بالقرب من حدودها الشمالية، فإن اللوبي العسكري الروسي سيصبح مُعادياً لإسرائيل بشكل متزايد. حتى ولو كان بوتين لا يريد أن يؤدي الأمر إلى تفاقم العلاقات مع إسرائيل، فإن رغبته أو حاجته الظاهرة في الظهور قوياً ستضغط عليه للمضي قُدماً على أي حال.

تعتقد غالبية الخبراء الروس أن “حزب الله” وإسرائيل قد وصلا إلى طريق مسدود وورطة، ولن يُهاجِم أيٌّ من الطرفين الطرف الآخر بشكل جدي وخطير. لكن هؤلاء مُخطِئون. إن تنظيماً شبه عسكري مُدَجَّجاً بالسلاح، والذي يتمتع بمهارات قتالية جديدة، وخبرة حديثة، وأسلحة متطورة، لن يكون خاملاً أو من دون حراك إذا كان يائساً مالياً. أمام “حزب الله” خياران فقط إذا إعترضت سبيله روسيا ومنعته من تحقيق أهدافه في سوريا: تشويه سمعته بالتحريض على حرب أهلية في لبنان أو حشد دعم عربي إلى جانبه لمهاجمة إسرائيل بدعم جوي روسي.

الإستنتاج

بينما يتبع بوتين المثل القديم المُتمثّل في عدم وجود أعداء دائمين ولا أصدقاء دائمين، إلّا أنه لا يبدي مثل هذه المرونة تجاه الولايات المتحدة. لقد رعى أجواء من الهستيريا المُعادية لأميركا في روسيا منذ ما قبل توليه منصبه وسَجَن نفسه في وضعية المعارض الدائم للولايات المتحدة بالطبع للحفاظ على شرعيته. إذا اتخذت واشنطن إجراءً ضد إيران، فسوف يدعم بوتين طهران في مواجهة الولايات المتحدة وفي معارك إيران – حزب الله – إسرائيل التي من المُحتَمَل أن تندلع في مثل هذه الظروف. وهذا سيجعل لبنان ساحة معركة كبيرة. لذلك من الأهمية بمكان بالنسبة إلى واشنطن أن تضمن أن أي اتفاق أميركي – روسي بشأن سوريا سيُحظّر توسيع نظام الدفاع الروسي ليشمل لبنان. سواء أكانت واشنطن وموسكو تتفقان أم لا، فمن الأفضل وضع سياسة أميركية شاملة تجاه لبنان وسوريا. يجب أن تُركز الإدارة الأميركية أيضاً على المجتمعات المسيحية في لبنان لمنعها من الوقوع بشكل لا رجعة فيه تحت سيطرة موسكو و”حزب الله” والراعي الإيراني.

  • غريغوري ميلاميدوف حائز دكتوراه من معهد الدراسات الشرقية التابع للأكاديمية الروسية للعلوم، وهو باحث مستقل في موسكو.
  • كُتِب هذا التقرير بالإنكليزية وعرّبه قسم الدراسات والأبحاث في “أسواق العرب”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى