عُمان تسعى إلى الريادة الإقليمية في حقل الخدمات الرقمية من طريق توسيع تكنولوجيا المعلومات والإتصالات

تعمل سلطنة عُمان جاهدة على تنويع إقتصادها بعيداً من الهيدروكربونات، لذا فهي تعمل على توسيع وتطوير قطاع تكنولوجيا المعلومات والإتصالات حيث تسعى أن تكون رائدة في حقل الخدمات الرقمية في المنطقة.

أكاديمية الأمن السيبراني المُتقدِّم: هيئة تدريب وطنية مُصَممة لتحسين المهارات والمعارف في حقل الكمبيوتر

 

مسقط – سمير الحسيني

تتطلع سلطنة عُمان إلى تعزيز مكانتها كرائدة في مجال الخدمات الرقمية في المنطقة، من خلال سلسلة من التطورات الجديدة المُصمَّمة لدعم قطاع تكنولوجيا المعلومات والإتصالات.

في واحد من المراسيم الملكية العشرة الجديدة الصادرة عن السلطان قابوس بن سعيد آل سعيد في 14 تشرين الأول (أكتوبر)، ستتولى وزارة التكنولوجيا والإتصالات الجديدة بموجبه السيطرة على سياسات وتشريعات الإتصالات، مما يُضفي مزيداً من الوضوح على اتجاه القطاع.

بالإضافة إلى هذا المرسوم الجديد، هناك سلسلة من التطورات الأخرى تهزّ القطاع.

في منتصف تموز (يوليو) الفائت، أعلنت شركة الاتصالات العُمانية (عُمانتل) أنها دخلت في مشروع مشترك مع الشركة الأميركية المتعددة الجنسية “إيكينيكس”  (Equinix) لفتح مركز بيانات في مدينة بركاء.

سيؤسس الموقع أول مركز مُحايد لشركة الإتصالات في سلطنة عُمان، مما يسمح لشركات الإتصالات وموفّري المحتوى وموفّري الخدمات السحابية بالمشاركة في تحديد موقع البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات المهمة.

مُستفيداً من موقع عُمان بين آسيا وأفريقيا وأوروبا، فإن مركز البيانات يهدف إلى إنشاء مركز ربط إقليمي للأعمال التجارية العالمية. كجزء من “منصة إيكينيكس” (Platform Equinix)، ينضم المركز إلى شبكة تضم 200 مركز بيانات أخرى مع إمكانية الوصول إلى نظام إيكولوجي يضم 2900 من مُقدّمي الخدمات السحابية و1700 من مُزوّدي الشبكات و800 من مُزوّدي المحتوى والوسائط الرقمية.

وقد أعقبت هذا التطور في 21 تموز (يوليو) أخبارٌ تفيد بأن “عُمان داتا بارك”، وهو مركز بيانات يقع خارج مسقط، تعاون مع شركتي التكنولوجيا الأميركيتين “مايكروسوفت” و”سيسكو” لنشر حلول “مايكروسوفت آزور ستاك” (Microsoft Azure Stack) في منشآته.

وقد حدثت تطورات حديثة بالمثل على واجهة الإتصالات المُتنقلة أو المحمولة، حيث من المقرر أن تدخل شركة “فودافون” (Vodafone) السوق كمشغّل ثالث للهاتف المحمول في العام 2020.

وقد تمّ الترحيب بالتطوّر على نطاق واسع من قبل شخصيات الصناعة. وقال سعيد المنذري، الرئيس التنفيذي للشركة العُمانية للنطاق العريض: “إن دخول شبكة ثالثة للهاتف المحمول سيجعل قطاع الإتصالات أكثر مرونة”.

من جهته كان منذر المعمري، الرئيس التنفيذي لشركة “داتا2كلاود” (data2cloud)، مُتقبّلاً بالمثل لفكرة منافس جديد للهاتف المتنقل. إن دخول شركة “فودافون” كمشغّل ثالث سيجلب شيئاً جديداً ومُنعشاً إلى السوق. وقال: “إنها شركة عالمية تعرف اللعبة، حيث دخلت وحرّكت أسواقاً أخرى في الماضي”.

تعزيز الأمن السيبراني

بالإضافة إلى تعزيز خدمات البيانات والإتصالات السحابية والمُوجّهة للأعمال، سعت عُمان إلى تعزيز قدراتها في مجال الأمن السيبراني.

لقد حدّد المسؤولون خططاً لإنشاء شركة جديدة للأمن السيبراني مع التركيز على ثلاثة مجالات رئيسة: إدارة خدمات الأمن وتحليل جرائم الإنترنت وخدمات الأمن السيبراني مثل إدارة الحوادث الأمنية والإستشارات الأمنية.

ومن المأمول أن يؤدي هذا القرار إلى تطوير صناعة الأمن السيبراني المحلية – التي يُنظَر إليها بشكل متزايد كأولوية في المنطقة في أعقاب خروقات البيانات البارزة في المؤسسات العامة الكبيرة، بما في ذلك شركة أرامكو السعودية العملاقة للطاقة في 2012-2013.

وفقاً لتقرير حديث من “آي بي أم” الشرق الأوسط وإفريقيا، فإن متوسط تكلفة كل حادث من حالات خرق البيانات في الشرق الأوسط كان 3.1 ملايين دولار، قريباً من المتوسط العالمي البالغ 3.5 ملايين دولار، والذي ارتفع بنسبة 15٪ في العام الماضي وحده.

في 22 أيلول (سبتمبر) الفائت، وقعت الهيئة العامة للخصخصة والشراكة صفقة مع شركة “تاليس” الفرنسية لمواصلة تطوير الحلول الإلكترونية والتدريب في أكاديمية الأمن السيبراني المُتقدِّم.

والأكاديمية هي هيئة تدريب وطنية مُصَممة لتحسين المهارات والمعارف حول مختلف الموضوعات المتعلقة بالكمبيوتر.

كان للإستثمار الأخير في الأمن السيبراني تأثيرٌ كبير على مستوى الحماية في البلاد، حيث احتلت عُمان المرتبة 16 في العالم – والثانية في المنطقة – في أحدث مؤشر للأمن السيبراني العالمي، الصادر عن الإتحاد الدولي للإتصالات السلكية واللاسلكية التابع للأمم المتحدة.

من خلال تسليط الضوء على فعاليتها في مكافحة التهديدات السيبرانية، خلصت هيئة تقنية المعلومات الحكومية، في تقريرها السنوي لعام 2018، إلى أن سلطنة عمان أحبطت نحو 2.6 ملياري هجوم ومحاولات ضارة لتدمير الخدمات والأنظمة الحكومية في العام الماضي.

“على مدى السنوات الأربع الفائتة، كانت عُمان نشطة للغاية في خلق وعي عام بأهمية تعزيز الأمن السيبراني. بالإضافة إلى ذلك، كانت هناك جهود كبيرة للدفع باتجاه إنشاء كيان مستقل لإدارة الأمن السيبراني، ولا يزال هذا يمثل إحدى الأولويات العليا في هذا القطاع”، قال سالم الرزيقي، الرئيس التنفيذي لهيئة تقنية المعلومات.

تكنولوجيا المعلومات والإتصالات مفتاح خطط التنويع

تتماشى التحسينات المستمرة في الخدمات الرقمية مع خطط الحكومة الأوسع لتنويع الإقتصاد بعيداً من الهيدروكربونات. بالنظر إلى أن تكنولوجيا المعلومات والإتصالات لا تُمثّل سوى 2.1٪ من الناتج المحلي الإجمالي، وفقاً لإحصاءات الحكومة، فقد سلّط المسؤولون الضوء على القطاع باعتباره واحداً يتمتع بإمكانات نمو كبيرة.

في وقت سابق من هذا العام، تم تشكيل المجموعة العُمانية للإتصالات وتقنية المعلومات، والتي جمعت بين مختلف الجهات الفاعلة في القطاع تحت رعاية صندوق الإحتياطي العام للدولة، وهو أكبر صناديق الثروة السيادية في سلطنة عُمان. وقد تم تكليف المجموعة بتطوير استراتيجية وطنية متكاملة لتكنولوجيا المعلومات والإتصالات، وستبدأ قريباً مشاورات مع أصحاب المصلحة.

وقال المنذري: “ستعزز المجموعة العُمانية للإتصالات وتقنية المعلومات التي تم تأسيسها حديثاً شبكات الألياف والأبراج العُمانية المتطورة جيداً، والتي توفّر بالفعل إتصالاً قوياً وقدرة على دعم التقديم السريع للجيل الخامس G5″.

في منتصف آب (أغسطس)، حددت الحكومة خطة بقيمة 100 مليون ريال عُماني (260 مليون دولار) للمساعدة في بدء النمو في هذا القطاع. تتضمن الخطة 11 مبادرة على أساس ثلاثة مجالات رئيسة: الأجهزة والبرامج ؛ خدمات؛ والعوامل التمكينية.

تم تصميم هذا الإستثمار لتوفير ما يصل إلى 2280 فرصة عمل مباشرة وأكثر من 9000 فرصة تدريب في أثناء العمل للعُمانيين قبل العام 2024.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى