دور صناعة الأدوية في إصلاح الرعاية الصحية في المملكة العربية السعودية

من المتوقع أن تتوسع صناعة الأدوية في المملكة العربية السعودية بشكل كبير وسط الجهود الحكومية لإدخال إصلاحات واسعة النطاق على نظام الرعاية الصحية.

“رياض فرما”: إحدى الشركات السعودية التي نجحت في مجالات البحث وصناعة الأدوية

 

الرياض – راغب الشيباني

من المتوقع أن تنمو سوق الأدوية في المملكة العربية السعودية بمعدل نمو سنوي مُركّب يبلغ 5.5٪ حتى العام 2023 ليصل إلى 10.7 مليارات دولار، وفقاً لتقرير جديد صادر عن شركة الإستشارات الصحية الأميركية “آي كيو في آي إي” (IQVIA). وهذا تقدير أكثر تحفظاً إلى حد ما من معدل النمو السنوي المركب البالغ 9٪ بين العامين 2016 و 2026 حسب توقعات الشركة الإستشارية البريطانية “فيوتشور ماركت إنسايتس” (Future Market Insights) التي نشرتها في وقت سابق من هذا العام.

يأتي التقرير الجديد في الوقت الذي تعمل الدولة على إصلاحات خدمات الرعاية الصحية من طريق تشكيل وسن التشريعات وتوفير الخدمات. علماً أن إصلاح قطاع الرعاية الصحية يحتلّ قلب خطة التنمية الوطنية طويلة الأجل في البلاد، “رؤية 2030″، و”برنامج التحوّل الوطني 2020”.

في وقت سابق من هذا العام، زادت السلطات السعودية من تخصيص الإنفاق العام على الخدمات الصحية بنسبة 17٪، كجزء من الجهود الحكومية للمساعدة على معالجة الأمراض غير المُعدية وغيرها من المشاكل الصحية.

إرتفاع الطلب على الأدوية

تُعدّ المملكة العربية السعودية بالفعل أكبر سوق للأدوية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، حيث بلغت قيمتها حوالي 8.2 مليارات دولار في العام 2018.

إن ارتفاع حالات الإصابة بالأمراض غير السارية – والتي تشمل أمراض القلب والأوعية الدموية والسرطان وأمراض الجهاز التنفسي ومرض السكري والسُمنة – يدفع الطلب الإضافي على الأدوية.

وفقاً لبيانات منظمة الصحة العالمية، فإن 20 في المئة من السعوديين فوق سن العشرين مصابون بداء السكري من النوع الثاني، وأكثر من 6.5 في المئة من البالغين يُعانون من ارتفاع ضغط الدم. في العام 2015، بلغ معدل إنتشار السُمنة واحداً من بين كل ثلاثة أشخاص بالغين وواحداً من بين كل أربعة أطفال وأولاد، أو حوالي 5 ملايين شخص. ومن المتوقع أن يرتفع هذا الرقم إلى 8 ملايين شخص بحلول العام 2030.

إن النمو السكاني، وارتفاع مستويات المعيشة، وتطوير البنية التحتية الطبية، وزيادة تغطية التأمين الطبي هي من الأشياء المهمة الأخرى المساهمة أيضاً في هذا المجال.

تقليل الإعتماد على الواردات

تتوافق إصلاحات الرعاية الصحية مع الجهود الأوسع لإبطاء معدل توسّع الواردات من خلال زيادة الإنتاج المحلي للمعدّات واللوازم الطبية.

تُعتبر المملكة مستورداً مهماً للمعدات الطبية، فهي تستورد حوالي 98٪ من جميع الأجهزة الطبية، والتي تُكلّف حوالي  1.8 مليار دولار سنوياً.

من بين قطاعات الرعاية الصحية الأخرى، تم تحديد المستحضرات الصيدلانية في “برنامج التحول الوطني 2020” كمجال يُمكن فيه تقليل الإعتماد على الواردات، وذلك بشكل أساس من خلال زيادة التصنيع المحلي إلى هدف يبلغ 40٪ من الإنتاج المحلي بحلول العام 2020.

وللمساعدة على تحقيق ذلك، قدّمت الحكومة حوافز للمُصنّعين المحليين، بما فيها إعفاءات جمركية على الإستيراد، والحصول على إئتمان من دون فائدة، وخدمات مدعومة.

وقال فهد الشبل، الرئيس التنفيذي للشركة الوطنية الموحدة للمشتريات: “يُمكن دعم فرص زيادة التصنيع المحلي للمنتجات الصيدلانية من خلال إتفاقات التعاون بين القطاعين العام والخاص”.

الترويج للأدوية المُنتَجة محلياً

إن الجهود الحكومية لخفض واردات الأدوية، بالإضافة إلى زيادة تغلغل التأمين الصحي، يدفعان إلى تركيز أكبر على الأدوية الجنيسة والأدوية التي لا تحتاج إلى وصفة طبية، والتي يتم تصنيعها محلياً في الغالب.

إرتفعت قيمة الأدوية الجنيسة في المملكة في السنوات الأخيرة بشكل ملحوظ، على الرغم من أنها لا تزال تُمثّل أقل من نصف مبيعات الأدوية.

وقد أعاقت محدودية الأبحاث وإمكانات التطوير الضعيفة نمو الصناعة المحلية، كما أدى عدم اليقين بشأن الأسعار المستقبلية إلى عرقلة وإعاقة الإستثمار.

جزئياً نتيجة لذلك – بالإضافة إلى قرار الحكومة السماح بالإستثمار الأجنبي المباشر بنسبة 100٪ في هذا القطاع – هناك عدد من الشركات المحلية لديها اتفاقات ترخيص مع شركات عالمية مثل “فايزر” (Pfizer) و”غلاكسو سميث كلاين” (GlaxoSmithKline) و”نورفاتيس” (Novartis) تنشط الآن في السوق المحلية.

في ضوء التوسع المتوقع في قطاع الأدوية والمستحضرات الصيدلانية، يُمكن القول أن المستقبل يحمل إهتماماً أكبر من الشركات المحلية والدولية على السواء في السوق السعودية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى