خطة تونس لتحسين الإدماج والشمول المالي وتعزيز الوصول إلى الإئتمان

فيما تستعد تونس للذهاب إلى الإنتخابات الرئاسية في 15 أيلول (سبتمبر) الجاري، إستطاعت حكومتها من إتمام قرض جديد لمساعدة البلاد على تحديث قطاعها المالي وزيادة التمويل للإقتصاد وتوسيع نطاق الإدماج والشمول المالي.

مروان العباسي: إسم تونس يُزال من القائمة السوداء الأوروبية في الشهر المقبل

 

تونس – محمد سليم

في منتصف حزيران (يونيو) الفائت، وقّعت الحكومة التونسية وبنك التنمية الإفريقي على صفقة بقيمة 120 مليون يورو للمساعدة في تنفيذ المرحلة الثانية من برنامج دعم تحديث القطاع المالي في البلاد.

بناءً على المرحلة الأولى البالغة 213 مليون يورو، والتي تم تنفيذها من 2016 إلى 2017، تشمل أهداف البرنامج تحسين الإدماج والشمول المالي عبر التباينات الإجتماعية واالمحلية والإقليمية والجنسانية؛ وتعزيز الإئتمان الأصغر؛ وتحسين فرص الحصول على التمويل للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة الحجم.

وتسعى الخطة أيضاً إلى دعم النمو الإقتصادي من خلال تعزيز مرونة القطاع المالي وأسواق رأس المال من خلال تحسين إدارة الدين العام. وهي توفر مجموعة متنوعة من المنتجات المالية وتستخدم المعايير الدولية لمكافحة التمويل غير المشروع.

جهودٌ لتعزيز الإدماج والشمول المالي

ستُعالج هذه الإصلاحات التحديات الطويلة الأمد المرتبطة بالشمول المالي والسيولة.

فقد سجل القطاع المصرفي في تونس أخيراً أرقامَ نموٍّ إيجابية. وفقاً للتقرير السنوي لعام 2018 الصادر من البنك المركزي التونسي، إرتفع صافي دخل القطاع في العام الماضي بنسبة 16.8٪ ليصل إلى 4.8 مليارات دينار (1.7 مليار دولار)، بناءً على نمو بنسبة 18.4٪ في العام 2017.

على الرغم من هذا الإرتفاع في الدخل المصرفي، لا تزال تونس تعاني من مستويات منخفضة من المشاركة المالية، وفقاً لاستطلاع وطني حول الإدماج والشمول المالي أجرته وزارة المالية، وأُعلِنّت نتائجه في كانون الأول (ديسمبر) من العام الماضي.

لقد وجد الإستطلاع أنه بينما يمتلك 61٪ من البالغين حساباً في مؤسسة مالية رسمية، فإن 9 في المئة منهم فقط كانوا من العملاء النشيطين، أي أنهم يقومون على الأقل بإجراء ثلاث معاملات شهرياً. ويؤكد هذا الرقم على أهمية توسيع الوصول المالي بين المجموعات السكانية الممثلة تمثيلاً ناقصاً.

التمويل الأصغر والحصول على الإئتمان

يجب أن تُعزِّز الإصلاحات أيضاً إمكانية الوصول إلى الإئتمان، وهو تحدٍّ آخر مهم للشركات المحلية.

في”بارومتر الأعمال”: إستطلاع المديرين التنفيذيين في إفريقيا التي أجرته مجموعة أوكسفورد للأعمال في نيسان (إبريل) من العام الماضي، أجاب 38٪ فقط من المديرين التنفيذيين التونسيين بأن الوصول إلى الإئتمان كان سهلاً أو سهلاً للغاية.

هذا الرقم لا يزال أقل في أحدث إستطلاع للأعمال، أجرته المجموعة البريطانية نفسها تحت عنوان “مسح للرؤساء التنفيذيين التونسيين”، عند نسبة 19٪.

إن توفير التمويل الأصغر، بموجب المرحلة الثانية من برنامج دعم تحديث القطاع المالي، من شأنه أن يُحسّن هذا الوضع، لا سيما بالنسبة إلى المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في البلاد، والتي منها 15٪ فقط لديها سهولة الوصول إلى قروض مصرفية، وفقاً للبنك الأوروبي للإعمار والتنمية.

إعتباراً من آذار (مارس) من هذا العام، كان قطاع التمويل الأصغر في تونس يتألف من 599,000 عميل، مع قروض بلغ مجموعها 1.1 مليار دينار تونسي (382.1 مليون دولار)، طبقاً لهيئة الإشراف على التمويل الأصغر، الجهة المنظمة للصناعة.

في حين يُمثّل هذا نمواً سنوياً قوياً بنسبة 25.9%، إلا أن أرقام الصناعة تقول إن وجود ضوابط أكبر قد يؤدي إلى مزيد من التوسع.

بالنظر إلى أن الشركات الصغيرة والمتوسطة تُمثّل حوالي 90٪ من جميع الشركات في تونس، وتوفر 56٪ من جميع وظائف القطاع الخاص، فإن التوسع الناجح للإئتمان يُمكن أن يُترجَم إلى دفعة إنعاش إقتصادية كبيرة للإقتصاد الأوسع.

هناك عامل آخر يُسهّل التوسع في التمويل الأصغر وهو التطور التكنولوجي. يقوم عدد من المؤسسات المالية بتوسيع منتجات التكنولوجيا المالية الخاصة بها لجلب المزيد من الأشخاص إلى النظام المالي الرسمي.

وقال بريوك كاردون، الرئيس التنفيذي لشركة “أدفانس تونس” للتمويل الأصغر: “إن تطوير تكنولوجيا المعلومات والإتصالات يساعد على زيادة إنتشار منتجات التمويل الأصغر في المناطق الريفية. ومع ذلك، لا ينبغي التقليل من أهمية مدى مرافقة العملاء وتثقيفهم في الإدارة المالية. وبالتالي فإن الوجود المادي لمنظمات التمويل الأصغر مهم أيضاً”.

الإزالة من القائمة السوداء للإتحاد الأوروبي

إلى جانب هذه الإصلاحات، من المتوقع أن تساعد الجهود المستمرة لاعتماد المعايير المصرفية الدولية ومكافحة الممارسات المالية غير القانونية في إخراج البلد من القائمة السوداء لغسل الأموال في الإتحاد الأوروبي.

وكانت تونس أُضيفَت إلى القائمة السوداء في شباط (فبراير) من العام الماضي وسط مخاوف بشأن أطرها وهياكلها لمنع غسل الأموال وتمويل الإرهاب.

في حزيران (يونيو) الفائت، أعلن مروان العباسي، محافظ البنك المركزي التونسي، أنه بعد الإمتثال لجميع التوصيات الـ 29 الصادرة عن فرقة العمل المالية المعنية بغسل الأموال، فإنه يتوقع أن يتم حذف البلد من القائمة في تشرين الأول (أكتوبر) المقبل.

منذ إدراجها على القائمة السوداء، جمّدت تونس حسابات 22 فرداً وجمعية متورطة في معاملات مالية مشبوهة قيمتها 350 مليون دينار (121.6 مليون دولار).

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى