هل يُمكِن لـ”ضريبة الخطيئة” الجديدة في عُمان أن تُساعد على موازنة الموازنة؟

فرضت سلطنة عُمان ضريبة جديدة على المشروبات الكحولية والغازية ومنتجات لحوم الخنزير والتبغ بداية من 15 حزيران (يونيو)، فيما تسعى إلى تعزيز إيراداتها التي تضررت جراء انخفاض أسعار الخام.

الضريبة الإنتقائية: سترتفع على المشروبات والتبغ

 

مسقط – سمير الحسيني

فرضت عُمان ضريبة جديدة على المشروبات الكحولية والمشروبات السكرية ومنتجات التبغ، حيث تسعى البلاد إلى تعزيز إيرادات الدولة وسط إصلاحات مالية مستمرة.

بدأ سريان الضريبة الإنتقائية أو ما يسمى “ضريبة الخطيئة” في 15 جزيران (يونيو) الفائت، مع فرض ضريبة 100٪ على الكحول ومشروبات الطاقة والتبغ ومنتجات لحوم الخنزير، وضريبة 50٪ على المشروبات الغازية. وتم تخفيض ضريبة الكحول في وقت لاحق إلى 50٪ لفترة انتقالية لمدة ستة أشهر.

تتبع عُمان خطى المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والبحرين وقطر لتصبح خامس دولة خليجية تُطبّق مثل هذه الضريبة في السنوات الأخيرة.

وأشاد خبراء الصحة بالقرار باعتباره تطوراً إيجابياً في تحسين الصحة العامة ومكافحة الأمراض غير المُعدية، في حين قال سياسيون وخبراء اقتصاديون إن الضريبة ستعزز الحد الأدنى في سلطنة عُمان.

من المتوقع أن تولّد الضريبة 100 مليون ريال عُماني (260 مليون دولار) سنوياً. بالإضافة إلى ذلك، فإن الإنخفاض المُتوَقَّع في الإستهلاك وبالتالي الواردات من السلع الخاضعة للضريبة يميل إلى تحسين الميزان التجاري العُماني.

وفقاً لبيان سليمان بن العادي المدير العام للحصر والإتفاقيات الضريبية بالأمانة العامة للضرائب، إن “الضريبة الانتقائية هي ضريبة استهلاك وتعتبر من الضرائب غير المباشرة، وبالتالي فإن عبئها النهائي يقع على المستهلكين ولكن يتم تحصيلها مُسبقاً في إحدى مراحل سلسلة التوريد أي من خلال قطاعات الأعمال”.

ضريبة للمساعدة على الإصلاحات المالية

إدخال الضريبة هو جزء من سلسلة من الإصلاحات التي تهدف إلى إغلاق عجز الموازنة وتقليص الديون، والتي زاد كلاهما في السنوات الأخيرة على خلفية انهيار أسعار النفط العالمية.

وسارت عُمان ببطء نحو تنفيذ إصلاحات مالية تهدف إلى الحد من اتساع عجز الموازنة بينما اعتمدت بشكل أكبر على التمويل الخارجي – من خلال السندات والقروض – لإعادة ملء خزائنها.

وقد شهد النفط إنخفاض الأسعار من أكثر من 100 دولار للبرميل في منتصف العام 2014 إلى مستوى منخفض بلغ حوالي 35 دولاراً للبرميل في كانون الثاني (يناير) 2016.

وتشير الإحصاءات الرسمية إلى أن عجز الموازنة العامة قد ارتفع بعد ذلك من 0.3٪ من الناتج المحلي الإجمالي في العام 2013 إلى 20.6٪ في العام 2016، في حين ارتفع الدين العام من 4.9٪ من الناتج المحلي الإجمالي في العام 2013 إلى 48٪ بحلول نهاية العام 2018، وفقاً لوكالة التصنيف الإئتماني الدولية “فيتش”.

واستجابة لذلك، سعت الحكومة إلى كبح جماح الإنفاق العام، ونظرت أيضاً إلى جذب مصادر بديلة من الإيرادات من خلال تطوير صناعات جديدة، ودعم نشاط أكبر للقطاع الخاص وفرض ضرائب جديدة.

وقال فيجاي كومار غوبالان، الرئيس التنفيذي لشركة الخليج لخدمات الاستثمار: “الضرائب هي آلية كافية للتعامل مع العجز المالي”، مشيراً إلى أن الحكومة بحاجة إلى “السير على حبل رفيع” في محاولاتها لتحسين الحسابات المالية مع الإستمرار في دعم بيئة الأعمال.

دعوات لإدخال ضريبة القيمة المضافة

إلى جانب الزيادة في أسعار النفط العالمية، ساعدت هذه التدابير على تقليل عجز الموازنة من 20.6٪ من الناتج المحلي الإجمالي في العام 2016 إلى 9٪ في العام الماضي. ومع ذلك، فقد دعت المؤسسات الدولية إلى اتخاذ المزيد من الإجراءات لتحسين الوضع المالي.

وفقاً للمادة الرابعة مع سلطنة عُمان حدّد صندوق النقد الدولي، في أوائل تموز (يوليو) الفائت، الحاجة إلى مزيد من التوحيد المالي، داعياً بشكل خاص إلى تطبيق ضريبة القيمة المضافة في المدى القريب.

على الرغم من الموافقة المبدئية على إدخال ضريبة القيمة المضافة بنسبة 5٪ في بداية العام الماضي لمكافحة انخفاض أسعار النفط، فقد أخرت البلاد القرار في مواجهة النمو الاقتصادي البطيء وارتفاع معدل البطالة. ولا يُتوقع الآن تطبيق الضريبة حتى العام 2020 على الأقل، وربما حتى العام 2021.

وفي نيسان (إبريل) الفائت، قالت وكالة “ستاندرد آند بورز” للتصنيفات الائتمانية إن “تأجيل التطبيق أكثر إلى جانب توقعات انخفاض أسعار النفط هما مبعث خطر على افتراضنا بعجز مالي أقل مقارنة مع 2015-2017”. مضيفة إنها تتوقع مكاسب مالية في 2019 بفضل تطبيق الضريبة الإنتقائية على التبغ ومشروبات الطاقة.

وتأتي الدعوة إلى إصلاحات أعمق وسط تخفيض حديث في التصنيف الائتماني العُماني. في شهر آذار (مارس)، قامت وكالة “موديز” بتخفيض التصنيف الإئتماني للسلطنة من “Ba1” إلى “Baa3″، وهو أدنى تصنيف للوكالة، على غرار ما فعلت وكالتا التصنيف “فيتش” و”ستاندرد أن بورز”.

أهداف التنمية المُستدامة

على الرغم من التحدّيات الإقتصادية المستمرة، تواصل الحكومة طرح خططها للتنويع.

في إطار “رؤية 2040″، خطة التنمية طويلة الأجل للسلطنة، تُبذل الجهود لدعم الإقتصاد غير النفطي وتقليل الإعتماد على الهيدروكربونات.

وقد تم وضع خطة التنمية طويلة الأجل في عُمان تحت الأضواء عندما قدمت البلاد أهدافها للتنمية المستدامة في المنتدى السياسي الرفيع المستوى المعني بالتنمية المستدامة التابع للأمم المتحدة، والذي عقد في الفترة من 8 إلى 18 تموز (يوليو) في مدينة نيويورك.

وقال علي بن مسعود السنيدي، وزير التجارة والصناعة، في الحدث: “تُركز سلطنة عُمان على الإبتكار والتكنولوجيا وحماية البيئة كركائز لاستكمال الرؤية وقيادة السلطنة نحو مستقبل يتماشى مع أهداف الأمم المتحدة”.

ويُعدّ المُنتدى جزءاً من مراجعة وطنية طوعية لتقييم أهداف الحكومة بما يتماشى مع أهداف الأمم المتحدة للتنمية المُستدامة لعام 2030.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى