اللامبالاة في العالم تُشجّع إسرائيل على العدوان

بقلم كابي طبراني

في الأيام القليلة الفائتة، صعّدت إسرائيل عدوانها من خلال سلسلة من الهجمات على العراق وسوريا ولبنان. تحت ذريعة الدفاع عن النفس، ضربت القوات الإسرائيلية قلب المشرق العربي، منتهكةً بذلك سيادة ثلاث دول، ومُعتديةً على عاصمتين عربيتين في يوم واحد بغارات جوية بطائرات مُسَيّرة من دون طيار. إن قدرتها على القيام بذلك والإفلات شبه التام من العقاب، يقول الكثير عن ضعف الحكومات الموجودة في البلدان التي تعرّضت للهجوم، وفشل المجتمع الدولي في محاسبة إسرائيل.

يوم الأحد الفائت، تحطّمت طائرتان إسرائيليتان في الضاحية الجنوبية لبيروت، حيث يتمركز “حزب الله”. كما استهدفت غارات جوية إسرائيلية مجموعة فلسطينية (الجبهة الشعبية – القيادة العامة) في وادي البقاع في اليوم التالي. وقبل ساعات من هجمات بيروت، قتلت الغارات الإسرائيلية عضوين من “حزب الله” في دمشق، حيث تُقاتل الجماعة الشيعية إلى جانب النظام السوري. كما تمّ ضرب العراق بلا هوادة في الأسابيع القليلة الماضية، حيث استهدفت هجمات عدة  قوات “الحشد الشعبي”، وهي مجموعة تضم في غالبيتها الميليشيات المتحالفة مع إيران.

من خلال القيام بذلك، فإن إسرائيل تستهدف أضعف الدول في المنطقة: لبنان منذ فترة طويلة عرضة للإنقسامات الطائفية؛ وسوريا غارقة في خضم حرب أهلية لأكثر من ثماني سنوات؛ والعراق ما زال يُكافح من أجل التعافي من ماضيه الذي مزّقه الصراع. إن هذه البلدان الثلاثة تفتقر إلى حكومة مستقرة وقوية، الأمر الذي يجعلها عرضة لقوات الميليشيات المدعومة من طهران التي تزدهر من فراغ السلطة هذا. وهذه الجماعات المسلحة تتنافس مع سلطات الدولة على النفوذ والسلطة، مما يتيح لإسرائيل الفرصة المثالية للتدخّل على أساس أنها تدافع عن نفسها ضد وكلاء طهران – وهي ذريعة مناسبة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لاستعراض عضلاته قبل الإنتخابات الإسرائيلية في الشهر المقبل.

هذه الإنتهاكات للسيادات السورية واللبنانية والعراقية لم تأتِ بمعزل عن غيرها. كانت إسرائيل تختبر “المياه” بضربات مُتقطّعة وردود فعلٍ قليلة منذ فترة. فقد تدخلت في حرب سوريا منذ العام 2013 لضرب القواعد العسكرية الإيرانية والميليشيات المؤيدة لها، مكثّفةً هجماتها في العامين الماضيين بشكل متزايد. في هذه الأثناء، لا تزال، في الواقع، في حالة حرب مع لبنان وتنتهك مجاله الجوي بشكل روتيني. وقد تبادل “حزب الله” المدعوم من إيران وإسرائيل الصواريخ، رغم أنه لم تقع إصابات منذ حرب 2006.

ومع ذلك، فإن المجتمع الدولي إمّا تغاضى عن هذه التوغّلات والإنتهاكات أو، بشكل أسوأ، دَعَمها. في تغريدة على حسابه على “تويتر” رداً على أحدث الغارات الإسرائيلية على سوريا، عبّر وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو عن “دعمه لحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها” من التهديدات الإيرانية. هذا الإفتقار للمساءلة شجّع نتنياهو وجرّأه، حيث عرف كيف يستغل التوترات الأميركية – الإيرانية المُتصاعدة لمتابعة وتنفيذ أجندته الخاصة على الأراضي العربية.

يجب أن تكون إسرائيل مسؤولة عن أفعالها، وبالتالي تُحاسَب عنها، إذا أُريد تجنّب التصعيد. كما ينبغي على المجتمع الدولي أيضاً من جهة، إرسال رسالة قوية إلى الدولة العبرية مفادها أن مثل هذه الإنتهاكات للقانون الدولي لن يتم التسامح معها، ومن جهة أخرى، تمكين الحكومتين اللبنانية والعراقية من رعاية مواطنيهما وحمايتهم من الجماعات التي تدعمها طهران. إن الدولة القوية والعادلة هي أفضل رادع للتوغّلات الإسرائيلية والميليشيات التي تدعمها إيران.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى