لماذا زادت السعودية إستثماراتها في الخارج؟

مع إطلاق برامج “رؤية السعودية 2030” الهادفة إلى تنويع وزيادة مصادر الدخل، عرفت الإستثمارات السعودية في الخارج إرتفاعاً غير مسبوق. فوفقاً لبيانات مؤسسة النقد العربي السعودي “ساما” و”تقرير الإستثمار العالمي 2019″، فقد ارتفعت هذه الإستثمارات في الخارج إلى أعلى مستوياتها بنهاية 2018، إذ بلغت 21.2 مليار دولار.

“سوفت بنك” الياباني: إستثمر السعوديون فيه 45 مليار دولار

الرياض – راغب الشيباني

زادت المملكة العربية السعودية حجم أعمالها واستثماراتها في الخارج بشكل سريع، حيث تضاعف في العام الفائت ثلاثة أضعاف تدفقاتها من الإستثمار الأجنبي المباشر.

فقد بلغ إجمالي استثمارات المملكة في الخارج 21.2 مليار دولار في العام 2018، إرتفاعاً من 7.3 مليارات دولار في العام 2017، وفقاً لـ”تقرير الإستثمار العالمي 2019″ ، الذي صدر في منتصف حزيران (يونيو) الفائت عن مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية.

وقد تركّزت هذه الإستثمارات في أنشطة مرتبطة بمجالات التكنولوجيا والتمويل والبنى التحتية. وشملت هذه النفقات مليار دولار من صندوق الثروة السيادية في البلاد المُسمّى “صندوق الإستثمارات العامة”، في الشركة الناشئة “لوسيد موتورز” للسيارات الكهربائية في الولايات المتحدة، و400 مليون دولار في “ماجيك ليب”، وهي شركة أميركية أخرى متخصصة في الواقع الإفتراضي.

الكيانات العامة تقود هذه المهمة

إن الإستثمار السعودي في الخارج، كما يبدو، يسير في اتجاه تصاعدي حيث ارتفع إجمالي الزيادة الذي كان 5.4 مليارات دولار في العام 2015 بشكل كبير.

تشرف على إدارة النشاط الإستثماري وتوجيهه مؤسسات الدولة، وعلى رأسها صندوق الإستثمارات العامة الذي تبلغ قيمة موجوداته 320 مليار دولار، والتي تضاعفت منذ العام 2015، ويهدف بحلول العام 2030 إلى أن يصبح أكبر صندوق للثروة السيادية في العالم.

في الوقت الحاضر، يمتلك الصندوق حوالي 15٪ من أصوله في البلدان الأجنبية، وهو رقم يهدف إلى زيادته إلى 25٪ في العام المقبل و50٪ بحلول العام 2030.

تم توجيه الكثير من النشاط الخارجي الأخير لصندوق الإستثمارات العامة نحو توسيع محفظة أسهمه في الولايات المتحدة، بما في ذلك استثمار 3.5 مليارات دولار في شركة “أوبير” (Uber) في العام 2016، والشراء التراكمي لحصة 5 ٪ في شركة صناعة السيارات الكهربائية “تيسلا” (Tesla).

بالإضافة إلى ذلك، قام الصندوق بسلسلة من الإستثمارات من خلال هيئات أخرى، والتي، رغم أنها ليست مؤهلة كما صندوق الإستثمارات العامة، تشير كذلك إلى طموحات الصندوق الاستثمارية العالمية.

وتشمل هذه الإستثمارات مساهمات في صندوق “سوفت بنك فيجِين” (SoftBank Vision Fund) في اليابان في العام 2018؛ واعتباراً من تشرين الأول (أكتوبر) من ذلك العام، ساهم صندوق الإستثمارات العامة السعودي بنحو 45 مليار دولار من إجمالي موجودات الصندوق الياباني البالغ 93 مليار دولار.

كما تعهد الصندوق السعودي السيادي باستثمار مبلغ 20 مليار دولار في صندوق استثمار للبنية التحتية تبلغ موجوداته 100 مليار دولار مع شركة “بلاكستون” الأميركية، والذي من المتوقع أن يُنفذ سلسلة من المشاريع في جميع أنحاء الولايات المتحدة.

وفي الوقت نفسه، قامت شركة النفط الوطنية السعودية “أرامكو”، التي لديها شبكة واسعة من عمليات التكرير في 20 دولة، بتوسيع مصالحها في الخارج.

في أواخر حزيران (يونيو) الفائت، أعلنت الشركة أنها وقعت 12 اتفاقية مع شركات كورية جنوبية. وجاء ذلك بعد شراء الصندوق حصة 17٪ في “هايونداي أويل بنك” (Hyundai Oilbank) مقابل 1.25 مليار دولار في نيسان (إبريل) 2019.

القطاع الخاص ينظر إلى الخارج

من ناحية أخرى، قام عدد من اللاعبين السعوديين من القطاع الخاص باستثمارات أجنبية كبيرة أيضاً.

في العام الفائت، أعلنت شركة “أترابا المتطورة القابضة” الإستثمارية عن خطط لبناء مدينة طبية على مساحة 500,000 كيلومتر مربع في مصر، باستثمارات أولية تبلغ نحو مليار دولار.

وهذه الإستثمارات توسعت مع التزامات خارجية مهمة من قبل شركات مثل “المملكة القابضة”، التي تضم محفظتها أسهماً في شركات “تويتر”، و”سناب شات” (Snapchat)، و”ديزير” (Deezer) الفرنسية، والشركة الأميركية للتطبيقات الإلكترونية “ليفت” (Lyft) وغيرها.

مساعدة التنويع

تتماشى الزيادة في الاستثمار الخارجي مع هدف المملكة المتمثل في أن تصبح “قوة استثمار عالمية”، على النحو المُبَيَّن في “رؤية 2030″، وهي خطة التنمية الاقتصادية طويلة الأجل للبلاد.

في حين أن جذب الإستثمار الأجنبي المباشر إلى الداخل هو سمة بارزة في سياسة الحكومة، فإن الإستثمار في الأعمال التجارية والصناعات في جميع أنحاء العالم يُمكن أن يساعد أيضاً على تنويع الإقتصاد.

بالمثل، من المتوقع أن تؤدي الإتصالات القوية مع الشركات الأجنبية إلى زيادة حجم التجارة وكفاءة التقدم.

قيود التوسع

ومع ذلك، هناك مخاوف من أن تسارع وتيرة الإنفاق في الآونة الأخيرة – إلى جانب تنفيذ مشروع خط أنابيب محلي واسع النطاق – يُمكن أن يشهد كبح الاستثمار الأجنبي مرة أخرى في المدى القصير.

يقوم صندوق الاستثمارات العامة عادة بالإشراف على تنفيذ المشروعات الكبرى محلياً، مثل المنطقة الإقتصادية “نيوم” ذات التكنولوجيا الفائقة التي تبلغ تكلفتها 500 مليار دولار، ومتنزه القدية الترفيهي الذي تبلغ تكلفته 8 مليارات دولار، ومشروع البحر الأحمر الذي تبلغ مساحته 34,000 كلم مربع.

بالنظر إلى حجم هذه التطورات، أشار مقال نشرته وكالة “رويترز” في 28 تموز (يونيو) الفائت إلى أن الصندوق السيادي السعودي قد يميل إلى إبطاء وتيرة أنشطته الخارجية حتى يتم العثور على مستثمرين من القطاع الخاص لهذه المشاريع. في الواقع، تظهر بيانات من شركة الأبحاث “ريفينيتيف” (Refinitiv) أن صندوق الإستثمارات العامة لم يقم بأي استثمار أجنبي في النصف الأول من هذا العام.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى