حروب الآخرين يدفع ثمنها العرب

بقلم عرفان نظام الدين*

كما جرى في مختلف الأحداث والحروب والأزمات، يقف العرب غير مُبالين او مُتجاهلين للواقع الأليم ودور المفعول به الذي أدمنوا اداءه عبر التاريخ، مع علمهم الأكيد بأنهم في النهاية سيدفعون الثمن كاملاً، ويكونوا كالكرام على مائدة اللئام.
لا حاجة لسرد امثلة على هذه الحقيقة الدامغة، لأن ما نمرّ به في هذه الأيام واضحٌ وجليّ، لا يحتاج إلى تذكير أو تقديم المستندات والوقائع، بل تكفي الاشارة في هذه العجالة الى مسيرة حرب الناقلات والتهديدات المُتبادَلة والتحركات العسكرية وحشود البوارج الحربية والجيوش في منطقة الخليج العربي.
حربٌ تكاد تصل الى حافة الإنفجار فيما تتردّد المعلومات عن مفاوضات تجري تحت الطاولة للوصول الى حلّ يبدأ بالتفاهم بين الولايات المتحدة وإيران، فيما تقف بريطانيا عاجزة عن التصرف بعد احتجاز ناقلتها رداً على الناقلة الإيرانية في جبل طارق بعد ان ورطتها الولايات المتحدة وانسلت لتتحدث عن الرغبة بالتفاوض، لأن طهران اختارت الطرف الأضعف للردّ على الاميركيين بسبب الفراغ الحاصل من جمود العمل الحكومي في المملكة المتحدة بانتظار عملية انتقال السلطة من تيريزا ماي الى رئيس الوزراء الجديد، صديق الرئيس دونالد ترامب، بوريس جونسون.
وما يهمنا في كل هذه الجلبة هو ما دفعه وسيدفعه العرب، ولا سيما دول الخليج في حالتي الحرب ان وقعت أو الإتفاق الحاصل آجلاً أم عاجلاً.
والعناوين الرئيسة لهذا الثمن يتلخّص في مزيد من خسارة السيادة والإستقلال، والسماح بمرابطة قوات أجنبية أو أميركية بالذات مدفوعة الثمن سلفاً، مع صفقات تسلّح متتالية، وخسائر حتمية في الإقتصاد والنفط، والدور الذي يكاد يتضاءل حتى يختفي. أما إيران فهي الخاسر الاكبر رغم ما يقال عن قدرتها على الرد الحاسم، وتهديد دول الخليج والقوات الأميركية، وتحريك أذرعتها المنتشرة في الدول العربية. ففي النهاية لا بدّ من طرح سؤال صريح الى القادة الايرانيين وهو: ماذا لو لجأتم منذ انطلاق الثورة الإسلامية حتى يومنا هذا الى كسب صداقة العرب، وإقامة نوع من التعاون في مختلف المجالات؟ وماذا لو التفتت البلاد للبناء والإعمار وإقامة اقتصاد قوي يستفيد منه الشعب الإيراني بدلاً من كسب عداء العالم أسوة بما حققته المانيا والصين وكوريا الجنوبية وغيرها؟
الأكيد أن إيران كانت أصبحت اليوم دولة عظمى من أقوى دول المنطقة والعالم، والأكيد ايضاً انه لو تمكّنت إيران من ردّ الصاع صاعين لأميركا وغيرها فإنها حتماً ستدفع الثمن غالياً، وتعيش حالة دمار وفقر، فهل سينتصر العقل وتسود الحكمة؟ ويُنزَع فتيل الازمة لعلّنا سنحصد الامان وننجو من الكارثه؟

• عرفان نظام الدين هو كاتب، إعلامي وصحافي عربي، كان رئيساً لتحرير صحيفة “الشرق الأوسط” السعودية والمستشار العام والمشرف على البرامج والأخبار في محطة “أم بي سي” التلفزيونية. يمكن التواصل معه على البريد الإلكتروني التالي: arfane@hotmail.co.uk أو متابعته على: www.facebook.com/arfan.nezameddin

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى