ويلٌ لأُمَّةٍ نعيش مخازيها!

بقلم عرفان نظام الدين*

مهما تلقينا من دروسٍ وعِبَرٍ فإننا لم نعتبر، ومهما وقعت أمّتنا في حُفَرٍ وكوارث ونكبات، فإنها تمضي في طريق الضلال كأنّ شيئاً لم يكن. ومهما وقع من أحداثٍ جسام تمكّن فيها الأعداء من انتهاك حقوقنا، واحتلال أرضنا ومقدسّاتنا، فإن أحداً لم يتحرّك لمواجهة الأخطار. وما دمنا لا نعتبر من الحاضر القريب، فلنعُد إلى مآثر أجدادنا وأقوال حكمائنا ودروس نبينا الحبيب ودعوة الله عزّ وجلّ لنا بانه لا يُغيِّر ما بقومٍ حتى يُغيّروا ما بأنفسهم، فالرسول صلى عليه وسلم وصف واقعنا المزري كأنه يعيش بيننا، واخترت من أحاديثه الشريفة هذه الماثر:
عن أبي عبد السلام، عن ثوبان، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يوشك الأمم أن تداعى عليكم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها، فقال قائل: ومِن قلة نحن يومئذ؟ قال: بل أنتم يومئذٍ كثير، ولكنكم غثاء كغثاء السيل، ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم، وليقذفن في قلوبكم الوهن، فقال قائل: يا رسول الله وما الوهن؟ قال: حب الدنيا، وكراهية الموت. سيَأتي علَى النَّاسِ سنواتٌ خدَّاعاتُ يُصَدَّقُ فيها الكاذِبُ ويُكَذَّبُ فيها الصَّادِقُ ويُؤتَمنُ فيها الخائنُ ويُخوَّنُ فيها الأمينُ وينطِقُ فيها الرُّوَيْبضةُ. قيلَ وما الرُّوَيْبضةُ؟ قالَ: الرَّجلُ التَّافِهُ في أمرِ العامَّةِ.
وقال سيدنا علي بن ابي طالب: لا خير في أمة يكون السيف في أيدي جبنائها، والمال في أيدي لصوصها، والقلم في أيدي منافقيها.
ويقول الإمام محمد الغزالي: لولا القضاة السوء والعلماء السوء لقلّ فساد الملوك. ويقول أيضاً: الويل لأمة يقودها التافهون ويُخزى فيها القادرون.
وياتي الوصف الدقيق من جبران خليل جبران لأحوالنا و مخازينا في مقولته الشهيرة: ويلٌ لأمة تكثر فيها المذاهب والطوائف وتخلو من الدين، ويلٌ لأمّة تلبس مما لا تنسج، وتأكل مما لا تزرع، وتشرب مما لا تعصر. ويلٌ لأمّة تحسب المستبدّ بطلاً وترى الفاتح المذل رحيماً. ويلٌ لأمة لا ترفع صوتها إلّا إذا مشت في جنازة، ولا تفخر إلّا بالخراب، ولا تثور إلّا وعنقها بين السيف والنطع. ويلٌ لأمة سائسها وفيلسوفها مشعوذ، وفنها من الترقيع والتقليد. ويلٌ لأمة تستقبل حاكمها بالتطبيل وتودّعه بالصفير لتستقبل آخر بالتطبيل والتزمير. ويلٌ لأمّة حكماؤها خرس من وقر السنين، ورجالها لا يزالون في أقمطة السرير. ويلٌ لأمة مُقسَّمة الى أجزاء، وكلّ جزء يحسب نفسه فيها أمة.
وأكتفي بهذا القدر من دون تعليق.ودروس وعبر لمَن يعتبر.

• عرفان نظام الدين كاتب، إعلامي وصحافي عربي، كان رئيساً لتحرير صحيفة “الشرق الأوسط” السعودية والمستشار العام والمشرف على البرامج والأخبار في محطة “أم بي سي” التلفزيونية. يمكن التواصل معه على البريد الإلكتروني التالي: arfane@hotmail.co.uk أو متابعته على: www.facebook.com/arfan.nezameddin

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى