إسرائيل: “دولة لصوص؟”

بقلم كابي طبراني

من بين ردود الفعل الكثيرة في جميع أنحاء العالم التي ترفض سرقة إسرائيل للأراضي الفلسطينية وضم مرتفعات الجولان السورية، كان ما أدلى به رئيس الوزراء الماليزي مهاتير محمد مُثيراً للإهتمام، حيث وصف الدولة العبرية بأنها تتصرّف مثل “دولة لصوص”.
مسلّطاً الضوء على أن ماليزيا هي صديقة لجميع دول العالم ومشيراً إلى أن بلاده ليست ضد اليهود، أكّد بأن كوالالمبور لا تقبل ولا تؤيّد أعمال “السرقة” غير القانونية.
جاءت هذه التصريحات، (في 22/3/2019)، بعد يوم واحد على إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب إعتزامه الإعتراف بضم إسرائيل لمرتفعات الجولان السورية التي احتلتها في الحرب العربية – الإسرائيلية في العام 1967.
ماليزيا هي واحدة من 57 دولة عضو في منظمة التعاون الإسلامي، التي ألقت بثقلها الكامل خلف مبادرة السلام العربية التي أُعلِنت في قمة بيروت في العام 2002، والتي أعربت عن دعمها لإقامة سلام شامل مع إسرائيل مقابل استعادة جميع الأراضي العربية المحتلة. لم تُبدِ إسرائيل إهتماماً بالمبادرة لسبب رئيسي: فهي لا تنوي إعادة الأرض التي احتلتها بالقوة في العام 1967، على الرغم من الإدعاء الذي كانت تُظهره في أثناء محادثات السلام والتي عملت دائماً على إحباطها.
الآن لدى إسرائيل كل ما تريده بوجود رئيس أميركي في البيت الأبيض يُبدي تجاهلاً تاماً للقوانين الدولية ومبادئ العدالة وأبسط قواعد النزاهة، بهدف استرضاء جماعات الضغط الصهيونية وصهره المؤيد لإسرائيل، جاريد كوشنر، الذي كلّفه بإعداد خطة “سلام” إطّلع عليها الإسرائيليون فقط ووافقوا عليها.
إن أي إتفاق سلام ينبغي أن يكون بين طرفين، لا يفرضه أحدهما على الآخر خشية اعتباره إستسلاماً واتفاقاً مُهيناً. يجب أن تكون صفقة السلام مقبولة لدى الأطراف المعنية، وأن تعمل من أجل تحقيق مبدأ العدالة، وهو ما يجب أن يعني في هذه الحالة استعادة حقوق الشعب الفلسطيني وتمكينه من إقامة دولته المستقلة على أرضه الوطنية غرب نهر الاردن. مثل كل شعوب العالم، يستحق الفلسطينيون، الذين يُقدَّر عددهم الآن بأكثر من 12 مليون نسمة، مكاناً تحت الشمس. لقد عانوا بالفعل ما يكفي بسبب الإحتلال الإسرائيلي والنفاق العالمي، مثل النوع الذي أظهره ويُظهره البيت الأبيض الآن.
في خضم هذا النفاق وتجاهل حقوق الإنسان، تم تكريم منظمة يهودية ألمانية في وقت سابق من هذا الشهر لدفاعها عن الحقوق الفلسطينية. لقد حصلت جمعية “الصوت اليهودي من أجل سلام عادل في الشرق الأوسط” الألمانية على جائزة من مدينة غوتنغن، وفقاً للتقارير الإخبارية. هذه المنظمة ليست أول منظمة يهودية تدافع عن العدالة ولن تكون الأخيرة. حتى في إسرائيل، هناك ناشطون مؤيدون للسلام الذين رفعوا أصواتهم ضد جميع السياسات الإسرائيلية والعالمية الفاسدة والمُشينة. وقد واجه هؤلاء إنتقادات قاسية من قبل مجموعات أخرى مؤيدة لإسرائيل بسبب تأييدهم لما هو صحيح، ووُصِفوا بأنهم “مُعادون للسامية” وبأنهم من “النوع الخاطئ من اليهود”. هذه المجموعة ليست وحدها، حيث يوجد العديد من اليهود المؤيدين للسلام في جميع أنحاء العالم، ولكن أصواتهم مبعثرة، ويفتقرون إلى الموارد، على عكس مجموعات الضغط الصهيونية القوية التي تُسيطر على عمليات صنع القرار في العواصم الغربية الرئيسة.
تعتقد الجماعات المؤيدة للسلام أن إسرائيل تمنح العالم اليهودي إسماً سيئاً من طريق اضطهاد الشعوب الأخرى وسرقة أراضيها. إنها تتفق في هذا المجال مع رئيس الوزراء الماليزي، الذي كان صريحاً في انتقاده لسرقة الأراضي وضمّها: “لا يُمكنك الإستيلاء على أراضي الآخرين وتشكيل دولة. إنها بذلك تكون دولة لصوص”.
إن قوى التعقل في إسرائيل والولايات المتحدة والدول الغربية التي لا تزال لديها الشجاعة للتحدث يجب أن تفعل شيئاً الآن. إن سرقة الأرض والظلم لا يجلبان السلام. على العكس من ذلك، فإنهما يجعلان الناس راديكاليين ومتطرفين ويُطيلان أمد الصراعات.
يتعيَّن على القوى العاقلة أن تُضافر جهودها لضمان أن السلام العادل لا يزال مُمكناً، وأن الإستيلاء على أراضي الآخرين بالقوة غير مسموح به.
لا شك أن العالم العربي ما زال مستعداً للإنخراط في أي محادثات سلام تهدف إلى إقامة العدل، بينما يرفض أيضاً أي حلّ يتم على حسابه وعلى حساب الشعبين الفلسطيني والسوري أو اللبناني. يجب أن يكون الأساس لأي اتفاق سلام هي قرارات الأمم المتحدة والشرعية الدولية التي تدعو إلى استعادة الأراضي المحتلة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى