كيف يُمكن للزراعة البيولوجية أن تساعد على توسيع قطاع الزراعة في المغرب

يُعتبَر المغرب من البلدان السباقة في إفريقيا والعالم العربي في حقل الزراعة البيولوجية، وقد شرع مزارعوه في تطبيق برامج هذا النوع من الزراعة منذ تسعينات القرن الفائت، ومنذ ذلك الحين عرف هذا الحقل تطوراً ملحوظاً على الصعد التقنية والتجارية والإجتماعية لكنه لم يصل إلى المستوى المطلوب بعد، لذا فقد جعله مخطط المغرب الأخضر من ضمن أهدافه الأساسية.

أنور العسري: هناك اهتمام من المستهلكين المحليين بالزراعة البيولوجية

الرباط – باسم رحال

يعمل المغرب على رفع جاذبية صناعة الزراعة البيولوجية (العضوية) في الداخل والخارج على حد سواء بسبب الطلب المتزايد، حيث يستهدف المسؤولون القطاع كوسيلة لزيادة الأرباح الزراعية ذات القيمة المضافة.
في كانون الأول (ديسمبر) الفائت، إجتمعت شخصيات رئيسية في الصناعة لمناقشة التحديات والفرص التي تواجه الزراعة البيولوجية في مؤتمر بالرباط إستضافه نادي مقاولي “البيو” ((Club des Entrepreneurs Bio، وهو فرع من الإتحاد العام لمقاولات المغرب.
شهد المؤتمر، الذي غطى مواضيع مثل تنظيم وقوننة هذا القطاع، إطلاق حملة وطنية أوسع لزيادة الوعي بالزراعة البيولوجية.
في كلمته في هذا الحدث، أكد سليم القباج، الرئيس التنفيذي لنادي مقاولي “البيو”، على أهمية تشجيع الشركات الجديدة على دخول السوق، وإنشاء صناديق الإستثمار وتثقيف المستهلكين حول فوائد شراء المنتجات البيولوجية (العضوية).
وكجزء من هذه الحملة، سيقيم نادي مقاولي “البيو” أول معرض للمنتجات العضوية في البلاد في الدار البيضاء في حزيران (يونيو) المقبل. سيغطي هذا المعرض مجموعة من المنتجات، بما في ذلك المواد الغذائية والمكملات الغذائية، ومستحضرات التجميل والمشتقات العطرية والزهورية، والمنتجات البيئية والمنسوجات.

السوق تتوسع مع زيادة الطلب المحلي

على الرغم من وجود طلب كبير على المنتجات العضوية من خارج المغرب مع وجود سوق تصدير قوية وراسخة في أوروبا، إلّا أن القطاع بدأ يكتسب قوة جذب بين المستهلكين المحليين. لتلبية هذا الطلب المتزايد، تم إطلاق أول امتياز لإنتاج الأغذية العضوية في البلاد في أيلول (سبتمبر) من العام الماضي.
افتتحت شركة “غرين فيليدج” (القرية الخضراء) في البداية ثلاثة متاجر في الدار البيضاء والرباط، وافتتحت رابعاً في مراكش في منتصف كانون الثاني (يناير). وعلى الرغم من أن 35٪ فقط من 4000 منتوج تم تخزينها من مصادر محلية، فإن الشركة تهدف إلى زيادة هذا الرقم إلى 50٪ بحلول العام 2023. وهي تعمل حالياً مع أكثر من 45 مُنتِجاً عضوياً محلياً لمصادر الشاي والقهوة والتوابل والدقيق والمكملات الغذائية ومستحضرات التجميل، ومن المتوقع إضافة المزيد من المنتجات والمنتجين في المستقبل.
لا شك أن الطلب المحلي المتزايد سوف يساعد على دعم نمو سوق المنتجات العضوية وتشجيع المزيد من الاستثمار في هذا القطاع، بحسب أنور العسري، المدير العام لشركة الأسمدة العضوية السويسرية في المغرب “الفيل الأخضر” (Eléphant Vert).
وقال العسري: “هناك اهتمام متزايد من المستهلكين للمنتجات العضوية في المغرب، في أعقاب الاتجاه الإيجابي في أوروبا. بالإضافة إلى ذلك، يختار تجار التجزئة الآن استخدام المنتجين المحليين بدلاً من الإعتماد فقط على الواردات”.

المنتجون يتطلعون للحفاظ على الحيوية الاقتصادية

يُمكن أن يساعد الإهتمام المتزايد من قبل المنتجين البيولوجيين المحليين على التغلب على أحد التحديات الرئيسية التي يواجهها القطاع: زيادة الإنتاج واستخدام التقنيات الجديدة للحفاظ على الحيوية الاقتصادية.
في حين أن العائدات على المنتجات العضوية يمكن أن تكون أعلى بكثير من المنتجات المزروعة تقليدياً، فإن تكاليف الإنتاج والخسائر المحتملة الناتجة من عدم استخدام المكافحة الكيميائية للآفات يُمكن أن تأكل من الأرباح.
ونتيجة لذلك، فإن الهدف الأعلى لشركات مثل “الفيل الأخضر”، التي تنتج الأسمدة والمبيدات الحيوية في إثنتين من المنشآت في المغرب، هو تخفيض تكاليف الإنتاج لجعل الزراعة العضوية أكثر استدامة وأقرب من حيث السعر إلى الزراعة السائدة.

الزراعة العضوية المركزية لمخطط المغرب الأخضر

كما يعد رفع جاذبية الزراعة العضوية هدفاً مهماً لمخطط المغرب الأخضر، وهي استراتيجية الحكومة للتنمية الزراعية التي تستمر 12 عاماً والتي تم إطلاقها في العام 2008.
تهدف الإستراتيجية إلى تنويع القطاع لتقليل اعتماده على إنتاج الحبوب، والذي يمثل حالياً حوالي 75٪ من إجمالي الأراضي المزروعة بينما يولّد فقط 15٪ من الإيرادات. ومن أجل تحقيق هذا الهدف، إستهدفت الخطة عدداً من القطاعات داخل القطاع الزراعي؛ ومع ذلك، فقد تم تحديد المنتجات العضوية كمحور تركيز خاص بسبب الزيادة المتوقعة في الإنتاج والإيرادات.
في العام 2010، بلغ إجمالي المساحة المزروعة للمنتجات العضوية 380 هكتاراً، لكن هذه المساحة إرتفعت إلى 8,000 هكتار في العام 2019. في حين أن هذا الأمر يدل على تقدم كبير، فلا يزال هناك الكثير الذي يتعيّن القيام به للوصول إلى هدف مخطط المغرب الأخضر البالغ 40,000 هكتار من المزارع البيولوجية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى