إلى متى العنصرية ضد السوريين؟

بقلم عرفان نظام الدين*

إزدادت اخيراً حدّة الحملات ضد السوريين في لبنان، وفي بعض الأحيان في الأردن وتركيا. ويُردّد البعض كالببغاوات أرقاماً ومعلومات مُضلّلة وخاطئة للترويج للروح العنصرية السائدة لدرجة الإيحاء بأن كل أزمات ومشاكل البلاد والعباد سببها الوجود السوري.
ورأيت قبل اسابيع بحزن وألم الهجوم الوحشي لعصابات تركية على محلات ومتاجر ومنازل السوريين ادّت إلى تخريبها وإصابة العديد من اللاجئين الذين يبحثون عن لقمة عيش شريفة فيما وقفت قوى الأمن تتفرّج على الإساءات من دون أن تُحرّك ساكناً.
أما في لبنان فقد أصبحت قضية اللاجئين السوريين، الذين يُقدِّر البعض عددهم بمليون ونصف المليون لاجئ،.مادة لشنّ حملات سياسية وعنصرية تُحمِّل اللاجئين كل المصائب، وتُلصق بهم التهم جزافاً بارتكاب الجرائم، والتسبّب بانهيار الإقتصاد، وأزمة البطالة، والمشاكل الإجتماعية.
ونسي اصحاب المصالح الأسباب الجوهرية لأزمة لبنان، وهي كثيرة يعرفها القاصي والداني، وتتعلّق بأسس النظام والعلّة الطائفية والمذهبية، وإدخال لبنان في أتون حروب الاخرين والصراعات العربية والأجنبية والإقليمية.
ولهذا لا بدّ من وضع النقاط على الحروف، وإيضاح الحقائق وتقديم المستندات والأرقام عن المكاسب التي جناها لبنان على حساب محنة اللاجئين.
وأشرت مرات عدة الى هذه النقطة، واوردت بالارقام مقدار الإستثمارات والودائع المقدرة باكثر من ١٠مليارات دولار أنقذت المصارف اللبنانية، إضافة الى مئات ملايين الدولارات في الإستثمارات وشراء العقارات والإنفاق اليومي وتحريك عجلة الإقتصاد.
وتكفي الاشارة هنا الى تقرير رسمي لمنظمة برنامج الغذاء الدولي الذي قدمه المدير التنفيذي وجاء فيه ما ملخصه بأنه لولا المساعدات الدولية للاجئين لكان الإقتصاد اللبناني انهار. وذكر ان اللاجئين ينفقون يومياً ٤٠٠مليون دولار على بدلات ايجار المساكن والمتاجر، ومثلها على شراء المنتجات الزراعية والصناعية والغذائية اللبنانية إضافة الى تامين ١٨ الف فرصة عمل للبنانين وهو يفوق ما أمَّنته الحكومة لمواطنيها.
وهذا غيض من فيض، ولنا عودة أخرى مُدَعَّمة بالأرقام والوثائق لإسكات أصوات النشاز، ووقف الحملات القائمة عن العودة الآمنة والعودة بالإكراه.
والمطلوب اليوم إيجاد حلٍّ عاجل لإعادة اللاجئين الى وطنهم وبيوتهم بمشاركة الجميع مع تقديم كافة التسهيلات والضمانات لعودة كريمة. وبانتظار ذلك نتساءل جميعاً: إلى متى ستستمر هذه الحملات العنصرية ضد مواطنين فرضت عليهم الظروف القاسية تحمّل ذل اللجوء وسط غياب الروح الإنسانية والمشاعر العربية؟

• عرفان نظام الدين كاتب، إعلامي وصحافي عربي مخضرم، كان رئيساً لتحرير صحيفة “الشرق الأوسط” السعودية والمستشار العام والمشرف على البرامج والأخبار في محطة “أم بي سي” التلفزيونية. يمكن التواصل معه على البريد الإلكتروني التالي: arfane@hotmail.co.uk أو متابعته على: www.facebook.com/arfan.nezameddin

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى