الجزائر تُنشىء أول مصنع لأدوية الأورام السرطانية

تسعى الجزائر لكي تكون بلداً مكتفياً من حيث التصنيع المحلي للأدوية، وخصوصاً تلك التي تُعالج الأمراض غير المُعدية، وعلى هذا الأساس وضعت المخطط الوطني لمكافحة السرطان لفترة 2015 -2019 والذي يتضمن إنشاء مصانع أدوية لمعالجة الأورام السرطانية حيث يبدأ بناء أول مصنع منها قريباً.

الإصابات بالسرطان في الجزائر: مرتفعة جداً

الجزائر – سلامة عبد الرحمن

كجزء من الجهود الحكومية لمعالجة الإنتشار المتزايد للسرطان في البلاد وتقليل الإعتماد على الواردات، من المقرر أن تبدأ الجزائر بناء أول منشأة لتصنيع أدوية الأورام السرطانية قبل نهاية العام 2018.
وقد أعلنت الشركة الفرنسية المُصنّعة للأدوية “إيبسن” (Ipsen) وشريكتها الجزائرية “إيزلي هولدينغ” (Isly Holding) عن تأسيس شركة “إيبسن فارما الجزائر” (Ipsen Pharma Algérie) في أيلول (سبتمبر) 2018. ويتم تنظيم المشروع المشترك وفقاً لنظام البلد 51 للشركة المحلية و49 للشركة الأجنبية، وهو الحد الأقصى المسموح به للمساهمين الأجانب في المشاركة في شركات جزائرية.
باستثمار أولي قدره 20 مليون يورو، تخطط الشركة لبناء منشأة مساحتها 3,000 متر مربع في سيدي عبد الله، إحدى ضواحي العاصمة.
ومن المقرر أن يبدأ الإنتاج الصيدلاني في العام 2021، مما يُمكّن البلاد من خفض الإنفاق الوطني على الواردات من أدوية السرطان المُنقذة للحياة. ووفقاً لعدلان سوداني، الرئيس التنفيذي للشركة الجديدة، فإن المصنع سيوفّر على البلاد 20 مليون يورو سنوياً في الواردات بمجرد أن يصبح جاهزاً للعمل بشكل كامل.
ويعكس إنشاء المنشأة إتجاهاً أوسع نطاقاً لزيادة الإستثمار في صناعة الأدوية المحلية. في الواقع، أصبحت البلاد موطناً لأكبر منشأة لإنتاج وتوزيع الأدوية في القارة في تشرين الأول (أكتوبر) 2018، مع إفتتاح مجمع “سانوفي الجزائر” (Sanofi Algérie).
ويقع هذا المجمع أيضاً في سيدي عبد الله، ويمتد المصنع الذي تبلغ تكلفته 6,10 مليارات دينار جزائري (78،8 مليون يورو) على 6.6 هكتارات، ومن المقرر أن ينتج أكثر من 100 مليون وحدة سنوياً تغطي مجموعة من 100 منتج تتعلق بأمراض القلب والأعصاب والسكري وإدارة الألم والصداع.
تقوم وزارة الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات حالياً بالتحقق من صحة جميع الأدوية المُصنَّعة في المرفق. وبعد الإنتهاء من عملية الفرز هذه، من المتوقع أن يبدأ البيع التجاري لمنتجات المرفق في العام 2019.
بعد أن أصبح المجمع الجديد، وهو الأكبر في أفريقيا لشركة سانوفي، في حالة التشغيل الكامل، من المتوقع أن يرفع حصة الشركة من الأدوية المُصنَّعة محلياً إلى 80٪، من مستواه الحالي البالغ 65٪.

إرتفاع معدلات السرطان

تماشياً مع غيرها من البلدان النامية بسرعة، شهدت الجزائر إنتشاراً متزايدا للأمراض غير المُعدية. فقد إرتبط التوسّع الحضري وتغيير أنماط الحياة الإستهلاكية بارتفاع معدل الإصابة بالسرطان، وكذلك أمراض القلب والسكري، في حين أن النمو السكاني السريع قد أدّى إلى إرتفاع عدد التشخيصات الشاملة.
ويتم تسجيل ما بين 42,000 و 45,000 تشخيص سرطان جديد كل عام في البلاد، ومن المتوقع أن يرتفع هذا العدد إلى أكثر من 61,000 بحلول العام 2025، وفقاً للشبكة الوطنية لسجلات السرطانات.
ونتيجة لهذه الإتجاهات، يواجه نظام الرعاية الصحية الشاملة في البلد تحدياً متزايداً من ناحية الموازنة. فكل حالة من حالات الإصابة بالسرطان تُكلّف الدولة متوسط معدل يساوي 5 ملايين دينار جزائري (36,900 يورو)، وفقا لوزارة الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات، مع تمثيل تكلفة أدوية السرطان 60٪ من مجموع النفقات في الصيدليات العامة.

إستراتيجية الحكومة لمكافحة الإصابة بالسرطان

تتوافق مرافق التصنيع الجديدة مع المُخطّط الوطني لمكافحة السرطان للفترة 2015-2019، والذي يهدف إلى توسيع البنية التحتية للأورام السرطانية وتعزيز التدريب على علاج السرطان، مع الحد من المخاطر من خلال الحملات الوقائية.
وكجزء من هذه الجهود، من المتوقع إفتتاح أربعة مرافق جديدة لمعالجة السرطان مملوكة للقطاع العام بحلول نهاية العام 2018، بالإضافة إلى ال13 منشأة الموجودة حالياً. وسيتم تجهيز المراكز بـ 12 مُسَرِّعاً جديداً للعلاج الإشعاعي، ليصل العدد الإجمالي إلى 48 مُسرّعاّ، 10 منها في القطاع الخاص.
هذه الزيادة في معدات الأورام هي في الواقع كبيرة، بالنظر إلى أن البلاد كانت لديها سبعة مُسَرّعات إشعاعية فقط في العام 2013.
“تلتزم الجزائر بعمق بتحسين خدمات الرعاية الصحية لجميع مواطنيها. إن الخطط الوطنية لعلاج الأورام وعلاج السرطان، بالإضافة إلى التركيز على الأمراض غير المُعدية الأخرى مثل مرض السكري أو إرتفاع ضغط الدم، تدل على هذا الإلتزام بتحسين صحة الجزائريين”، قال هيثم شريتح، المدير العام لسانوفي الجزائر.

إرتفاع الإستثمار في سوق المستحضرات الصيدلانية

يُشكل مصنع الأدوية الجديد الخاص بالأورام السرطانية جزءاً من تحرك أكبر من جانب المستثمرين الدوليين لإحداث تقدم في سوق الأدوية الجزائرية المزدهرة.
مدفوعةً بارتفاع عدد السكان، وزيادة حدوث الأمراض غير المعدية ومبادرة الحكومة لتعزيز التصنيع المحلي، تقوم شركات محلية وأجنبية بفتح ما بين ثلاثة وأربعة مصانع جديدة لإنتاج الأدوية كل عام.
نتيجة لهذه العملية، فقد إرتفع الإنتاج المحلي للأدوية بشكل كبير خلال العقد الفائت، مع إرتفاع حصة الأدوية المُصنَّعة محلياً من 25٪ في العام 2008 إلى 65٪ في 2018.
ومع إرتفاع معدل الإنتاج هذا الذي سيتلقّى دفعة كبيرة جراء إفتتاح مجمع سانوفي الجزائر في العام 2019 ومرفق “إيبسِن فارما الجزائر” في العام 2021، يبدو البلد على المسار الصحيح ليس فقط لخفض واردات المستحضرات الصيدلانية، بل لكي يصبح أيضاً مُصدّراً مهماً للعقاقير والأدوية داخل المنطقة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى