أزمة تغيّر المناخ في العالم العربي

بقلم كابي طبراني

أصدرت لجنة الأمم المتحدة الإقتصادية والإجتماعية لغربي آسيا (إسكوا) أخيراً تحذيراً جديداً لبلدان الشرق الأوسط يُفيد بأن تغيّر المناخ في طريقه بالفعل إلى المنطقة، ومع إنتقام شديد.
وأشار التقرير إلى أن تأثيره السلبي في الموارد المائية والتنمية الإقتصادية في بلدان المنطقة قد يكون مُذهلاً ما لم يتم القيام بشيء ما عاجلاً لمنع حدوثه، أو الأسوأ من ذلك، إيقاف نموه إلى أسوأ النسب. وتخشى الإسكوا من أن تواجه المنطقة أنماط طقس غير معتادة، بما في ذلك تكرار حدوث فيضانات وسيول وانهيارات، وتغيّرات مناخية حادة، وخصوصاً ظروف مناخية شديدة البرودة التي تتبعها فترات متقطعة حارة وجافة. وقد حذّرت الإسكوا من سيناريو قاتم وكئيب بالنسبة إلى البلدان العربية في المنطقة، ما لم يتم القيام بأمر ذي مغزى وفعالية على وجه السرعة لمكافحة آثار ظروف الطقس السيئة.
وكانت مجلة “ذا إيكونوميست” البريطانية، رصدت في تقرير لها في حزيران (يونيو) الفائت آثار التغيّر البيئي على العالم العربي، وقالت: “أصبحت اللامبالاة تجاه التغيّر المناخي في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا أمراً شائعاً، رغم أن المشكلات المُرتبطة بها تزداد سوءاً، حيث من المتوقع أن تحدث موجات جفاف أطول وأكثر حرارة، إضافة إلى العواصف الترابية وذلك في المنطقة بين الرباط وطهران وفقاً لما ذكره معهد “ماكس بلانك للكيمياء” الألماني، وتزداد أيضاً فترة الجفاف في السنة، ما يؤدي إلى موت المحاصيل الزراعية. ويُعتبر إرتفاع درجات الحرارة من المشاكل المتزايدة، حيث تحقق الدول العربية درجات حرارة مميتة في فصول الصيف، وهو ما إذا حدث لبضع سنوات قليلة يُعتبر مخيفاً، أما إذا استمر لبضع عقود سيبدو الأمر أشبه بنهاية العالم”.
لذلك، تقترح الإسكوا إعتماد برنامج متكامل ل”التكيف مع تغيّر المناخ” مصحوباً بخطة عمل موازية “للحدّ من مخاطر الكوارث”. ولهذا الغرض، تقترح الوكالة الإقليمية للأمم المتحدة، التي تُراقب عن كثب التنمية الإجتماعية والإقتصادية في المنطقة، ثلاثة جداول أعمال رئيسية ومتكاملة: إعتماد خطة تنمية مستدامة حتى العام 2030، وإتباع إطار عمل “سينداي” للحدّ من مخاطر الكوارث لفترة 2015. – 2030 الذي أًطلق في العام 2015 في مؤتمر الأمم المتحدة العالمي الثالث في اليابان، والتنفيذ الأمين لمبادئ إتفاق باريس بشأن تغيّر المناخ.
ومع ذلك، تجد غالبية البلدان العربية نفسها في مأزق وعلى مفترق طرق: فمن ناحية، تحتاج إلى تقوية إقتصاداتها المتدهورة، ومكافحة البطالة، ومواجهة التضخم، ولكنها مُلزَمة في الوقت ذاته بفرض ضرائب لملء خزائنها الخاوية نسبياً. من ناحية أخرى، وفي ظل الظروف الحالية السائدة، لا يُمكن لتلك البلدان، كلبنان والأردن وسوريا والعراق ومصر وتونس واليمن… أن تمنح أهداف تغيّر المناخ الأولوية التي تستحقها.
بالنسبة إلى هذه البلدان، تأتي الأمور الأساسية في المقام الأول، كما هو الحال بالنسبة إلى معظم البلدان النامية في العالم. إضافة إلى ذلك، فإن المشاكل التي تُثير قلق الإسكوا هي في الأساس قضايا إقليمية إن لم تكن عالمية بطبيعتها. لا يُمكن للبلدان العربية أن تفعل الكثير من أجل استباق حدوث تغيّر المناخ وتأثيره في المنطقة من دون مساعدة ودعم المجتمع الدولي. إن تغيّر المناخ هو في الأساس أزمة عالمية، ولا يُمكن لأي جزء من العالم محاربته بمفرده.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى