طهران تستخدم قوّتها الناعمة للهيمنة على إسلام إفريقيا وتشكيل سياسة القارة السمراء

إن تركيز إيران القوي على سوريا لم يمنعها من زيادة سعيها إلى توسيع إنتشارها وتأثيرها في القارة الإفريقية للهيمنة على إسلام القارة السمراء، الذين باتوا يشكلون 45 في المئة من سكانها البالغ 1.2 مليار نسمة، حيث تقوم بإنفاق المليارات في شكل خدمات إجتماعية مجانية عبر شبكة واسعة من المستشفيات ودور رعاية الأيتام، زيادة على إدارة أكثر من 100 مدرسة دينية وندوات ومؤتمرات، إلى جانب الرشى والعطايا التي تُقدَّم تحت مسمى “مساعدات مالية” للحكومات.

الإفريقيون يُعربون عن دعمهم لطهران برفع الأعلام الإيرانية.

بقلم حسن داي*

منذ تأسيسها في العام 1979، بذلت الجمهورية الإسلامية الإيرانية جهوداً هائلة لتصدير ثورتها حول العالم. لقد إنتشر ديبلوماسيوها والحرس الثوري الإسلامي والأجهزة التابعة له، حول العالم حيث عملوا على نشر المذهب الشيعي، وشاركوا في التخريب المباشر، والجريمة المنظمة مثل تهريب المخدرات، والنشاطات المشبوهة التي إرتقت إلى مستوى الإرهاب.
وفي حين أن الجهود الإيرانية في الشرق الأوسط، وآسيا الوسطى، وحتى في أميركا اللاتينية قد حظيت بتغطية دولية واسعة النطاق، فإن الجهود الإيرانية في أفريقيا لم تحظَ بإهتمام كبير على الرغم من أن النظام الإسلامي قد إستثمر موارد كبيرة لتوسيع قوته الناعمة ونفوذه عبر القارة السمراء. لدرجة أنه يمكن القول إن طهران تعمل على إعادة تشكيل الإسلام الأفريقي وسياسة القارة.

الفوز بالقلوب والعقول

فيما كان هدف إيران الرئيس لتصدير ثورتها هو الشرق الأوسط، فقد كانت تنظر إلى إفريقيا على أنها منطقة إستراتيجية مهمة لأسباب عدة. حوالي 45 في المئة من سكان القارة البالغ عددهم 1.2 مليار نسمة مسلمون، وتعترف طهران بأن عدم وجود نفوذ هناك يُشكّل عقبة خطيرة في سعيها إلى السيطرة على العالم الإسلامي. وكسب الدعم الشعبي داخل المجتمعات المُسلمة أيضاً يُمكن أن يؤثّر في سياسات الحكومات الأفريقية تجاه إيران. علاوة على ذلك، كانت المجتمعات الشيعية في أفريقيا مصدراً للدعم المالي لوكيلها في لبنان “حزب الله”. وفي الوقت نفسه، يوفر وجودٌ قوي لإيران في القارة شبكة وطرقاً للدعم اللوجستي للجماعات المتطرفة التابعة لها في الشرق الأوسط.
من أجل كسب قلوب وعقول المسلمين الأفارقة، يقوم النظام الإيراني ومؤسساته بتنظيم المؤتمرات، وإحياء الأحداث الدينية والسياسية، والعمل مع شركاء محليين، وإدارة أكثر من مئة مركز إسلامي، ومدارس، ومعاهد دينية، ومساجد في أكثر من ثلاثين دولة أفريقية التي لديها الآلاف من الطلاب ورجال الدين والمبشّرين الإيرانيين. بالإضافة إلى ذلك، قدّمت طهران حوافز مالية واقتصادية للحكومات الأفريقية واستخدمت إثنتين من مؤسساتها الخيرية كواجهة لنشاطاتها المشبوهة: الهلال الأحمر الإيراني ولجنة الإمام الخميني للإغاثة، لتوفير مجموعة واسعة من الخدمات الإجتماعية والصحية المجانية في العديد من البلدان الأفريقية.
أما المنظمتان الرئيسيتان اللتان تقودان مسعى القوة الناعمة الإيرانية فهما منظمة الثقافة والعلاقات الإسلامية، التي تعمل من خلال المُلحَقين الثقافيين في السفارات الإيرانية، وجامعة المصطفى الدولية، التي تُدرّب رجال الدين الأجانب والمُبشّرين في جميع أنحاء العالم.
في الحقيقة تعمل هاتان المنظمتان وغيرهما على نشر الإيديولوجية الأصولية الشيعية لطهران، وتولّدان دعماً شعبياً لسياستها الخارجية، وموقفها في العالم الإسلامي، وسعيها إلى السيطرة على الشرق الأوسط. كما أنهما تزوّدان النظام بحلقة تجنيد مهمة لصالح فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني وغيره من المؤسسات الإيرانية المسؤولة عن الأنشطة العسكرية في الخارج.
في الواقع، على مدى السنوات العديدة الماضية، إعتقلت حكومات أفريقية مختلفة مشتبهين إرهابيين إيرانيين، وفككت شبكات عدة موالية لطهران، واستولت على شحنات أسلحة إيرانية متوجهة إلى جماعات متطرفة في الشرق الأوسط. في شباط (فبراير) 2018، على سبيل المثال، تمّ اعتقال مواطِنَين لبنانيَين في جنوب إفريقيا واتُّهِما بشراء مكوّنات رقمية غير مشروعة تستخدم في الطائرات من دون طيار وإرسالها إلى “حزب الله”. وبالمثل، في أواخر العام 2017، نشرت وسائل الإعلام الأميركية تفاصيل “مشروع كاساندرا” الذي أطلقته إدارة مكافحة المخدرات الأميركية لمكافحة مشروع “حزب الله” الذي تبلغ عائداته حوالي مليار دولار الذي يقوم على تهريب المخدرات وغسل الأموال في جميع أنحاء العالم. وفقاً للتقرير، إكتشف عملاء وكالة مكافحة المخدرات الأميركية كيف إستخدم عملاء “حزب الله” شبكتهم في دول غرب إفريقيا لغسل أموال المخدرات. في الواقع، في العام 2013، أقرت وزارة الخزانة الأميركية عقوبات على شبكة تمويل “حزب الله” في غرب إفريقيا.
كما تورّطت طهران في محاولة شنّ هجمات على أهداف إسرائيلية وأخرى في القارة. في العام 2016، على سبيل المثال، وُجِّهت إتهامات إلى إثنين من الإيرانيين في محكمة كينية بجمع معلومات لتسهيل هجوم إرهابي بعد أن ضُبِطا وهما يأخذان ويجمعان لقطات فيديو للسفارة الإسرائيلية. في العامين 2012 و2015، تم إعتقال إرهابي مشتبه به مرتبط بإيران في كينيا بينما كان يُخطط لمهاجمة أهداف إسرائيلية وغربية. في حزيران (يونيو) 2013، تم الكشف عن مستودع أسلحة تابع لـ”حزب الله” في مدينة كانو بشمال نيجيريا. وفي العام 2010، صادرت السلطات النيجيرية شحنة أسلحة إيرانية ضخمة تحتوي على صناديق لقاذفات الصواريخ ومدافع هاون ثقيلة يُزعم أنها كانت موجهة إلى “حماس”.
كما تسعى إيران إلى تحقيق أهداف سياسية في إفريقيا مثل تشجيع الحكومات على التصويت معها في مجلس الأمن الدولي وغيره من الهيئات الدولية. كما حاولت إيران استخدام حكومات أفريقية صديقة للتحايل على العقوبات الإقتصادية، والحصول على التكنولوجيا العسكرية والنووية، والوصول إلى موارد اليورانيوم.

منظمة الثقافة والعلاقات الإسلامية

إحدى المنظمات الرائدة الإيرانية في أفريقيا هي منظمة الثقافة والعلاقات الإسلامية، التي تُنسّق أنشطة مختلف المنظمات الإيرانية المسؤولة عن الأنشطة الدينية والثقافية في الخارج. وتُنفذ هذه الأنشطة إما تحت اسم منظمة الثقافة والعلاقات الإسلامية أو المنظمات التابعة لها التي تُدير عدداً كبيراً من المساجد والمراكز الإسلامية في جميع أنحاء أفريقيا وتتعاون مع المراكز الإسلامية المحلية. في كلتا الحالتين، يلعب الملحقون الثقافيون في السفارات الإيرانية دوراً مهماً في تسهيل و/ أو تنظيم هذه الأنشطة في كل بلد والتنسيق مع الشركاء المحليين.
تشمل المجموعات الرئيسية التي تعمل تحت مظلة منظمة الثفافة والعلاقات الإسلامية:
* المجمع العالمي لأهل البيت، الذي يروّج للشيعة ويشرف على العلاقات مع الشيعة في جميع أنحاء العالم؛
* المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية، المسؤول عن العلاقات مع غير المسلمين الشيعة في جميع أنحاء العالم؛
* المنظمة الإسلامية للتنمية التي تنشر مواد دينية ودعائية وترسل المُبشّرين الدينيين إلى دول أجنبية؛
* مكتب قم الديني للدعاية الإسلامية، الذي يشارك بالمثل في إرسال المُبشّرين ورجال الدين إلى الخارج.
* قسم الشؤون الخارجية في وزارة الثقافة والإرشاد الإسلامي التي تدير الملحقين الثقافيين في السفارات الإيرانية في الخارج. وتوفر هذه المكاتب مكاناً أساسياً لمنظمة الثقافة والعلاقات الإسلامية من أجل متابعة أنشطتها الثقافية والدينية في البلدان الأفريقية. ويوجد حالياً ستة عشر ملحقاً ثقافياً في السفارات الإيرانية في أفريقيا؛
* مركز الحوار بين الأديان والحضارات، الذي يشارك في الحوار الفلسفي والقانوني والاجتماعي والسياسي والثقافي مع شخصيات دينية إقليمية ودولية وكذلك مع الأقليات الدينية داخل وخارج إيران؛
وتشمل أنشطة منظمة الثقافة والعلاقات الإسلامية في أفريقيا إيفاد المُبشّرين الدينيين لتعزيز “الإسلام النقي” للنظام الإيراني وأهدافه السياسية؛ والتعاون مع الجامعات المحلية والمؤسسات الأخرى؛ وتنظيم أحداث إيرانية فريدة أو إعطاء أحداث إسلامية طابع إيراني، أبرزها:
* ذكرى الثورة الإسلامية: يتم تنظيم الأحداث في شباط (فبراير) من كل عام من قبل الملحقين الثقافيين الإيرانيين.
* ذكرى وفاة آية الله الخميني: يتم تنظيم الأحداث في حزيران (يونيو) من قبل الملحقين الثقافيين الإيرانيين والمنظمات الأخرى التابعة لمنظمة الثقافة والعلاقات الإسلامية.
* أحداث دينية إسلامية: تُحيي منظمة الثقافة والعلاقات الإسلامية بانتظام إحتفالات دينية في جميع أنحاء أفريقيا. الحدث الأكثر شيوعاً هو عيد ميلاد النبي محمد، الذي يُعطي طهران فرصة الوصول إلى المسلمين الأفارقة غير الشيعة. وفي إستهدافها السكان الشيعة، فإن منظمة الثقافة والعلاقات الإسلامية وغيرها من المنظمات الإيرانية المرتبطة بها تقيم مواكب الحداد في مناسبة عاشوراء، إحياءً لذكرى إستشهاد الإمام الحسين، حفيد النبي محمد والإمام الشيعي الثالث. وهناك أيضاً مسيرة الأربعين للإحتفال بنهاية فترة الحداد التي تدوم 40 يوماً لمقتل الحسين.
* أحداث الوحدة الإسلامية: بما أن الغالبية العظمى من المسلمين الأفارقة هم من السنة، فإن منظمة الثقافة والعلاقات الإسلامية وغيرها من المنظمات التابعة لإيران تُنظم مؤتمرات ومناظرات مختلفة حول “الأديان” و”الوحدة الإسلامية” في جميع أنحاء أفريقيا. وهذه مصممة لخلق علاقة ودية مع المجتمعات السنية وتقديم إيران كمدافع عن الأمة الإسلامية.

تصدير جامعة المصطفى لأفريقيا

تأسست جامعة المصطفى الدولية في العام 2007، وهي المؤسسة الدينية الأبرز في إيران. ومع تولي المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي السلطة العليا، فإن الجامعة باتت مسؤولة عن تصدير الإيديولوجية الثورية لطهران بواسطة مئة فرع لها في العالم الإسلامي، وتدريب رجال الدين الأجانب والعلماء ومبشّري الفكر الشيعي.
لدى المصطفى أكثر من 40,000 طالب، نصفهم يدرسون في الجامعات في إيران وبينهم ما يقرب من 10,000 طالبة. منذ العام 2007، تخرج أكثر من 45,000 من رجال الدين وعلماء الإسلام من المصطفى، وتم توظيف جزء كبير منهم من قبل الجامعة كمدرسين أو مبشرين وأُرسِلوا إلى دول مختلفة حول العالم.
وتضم المصطفى سبعة عشر فرعاً رئيسياً في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، وتُدير نحو مئة مدرسة ومسجد ومعهد ديني في ثلاثين دولة أفريقية. وفي مقابلة أجريت في تموز (يوليو) 2015، أكد رئيس الجامعة على أهمية القارة باعتبارها “عمقاً استراتيجياً” لـ”الإسلام النقي”، أي صيغة الإسلام التي يروّج لها النظام الإيراني. وكتب على حسابه:
“هناك 5000 طالب أفريقي يدرسون في الجامعة، وكان هناك أيضاً 5000 أفريقي تخرّجوا من المصطفى. لدينا عشرات المدارس والمعاهد الدينية في إفريقيا، ونحن موجودون بشكل ما في ثلاثين دولة مختلفة في القارة”.
من بين هؤلاء ال5000 طالب أفريقي، يدرس ما يقرب من 2000 في إيران، حوالي 1200 منهم يتعلمون في حرم مشهد الجامعي. وفقاً للصحافة الإيرانية، يتم إرسال الطلاب الأفارقة الذين يدرسون في إيران كمُبشّرين إلى بلادهم الأصلية مرات عدة كل عام.
كما أن المصطفى تشكل أداة رائعة لتجنيد المرشحين للأنشطة الإرهابية والعسكرية للنظام في الخارج، بما في ذلك المشاركة المباشرة في حروب إيران الإمبريالية. منذ بداية الحرب الأهلية في سوريا والتدخل العسكري لطهران لإنقاذ نظام بشار الأسد، كان هناك العديد من التقارير في وسائل الإعلام الإيرانية عن الجنازات لطلبة المصطفى الذين قُتلوا في سوريا. في آذار (مارس) 2016، أعلن أحد مديري الجامعة أن “بعض المقاتلين الأجانب الذين تم نشرهم من قبل إيران وإرسالهم إلى سوريا كانوا طلاباً ورجال دين من المصطفى”. علي رضا تافاسولي، قائد القوات الأفغانية في سوريا (فاطميون)، قُتل في العام 2014، وكان رجل دين في المصطفى. وفقاً للمشرق، وهو موقع على الإنترنت تابع للحرس الثوري الإسلامي، فإن الأعضاء المؤسسين لـ”زينبيون” (الوحدة الباكستانية التابعة للحرس الثوري في سوريا) كانوا طلاباً باكستانيين في معاهد قم.
الهدف الواضح لشبكة المصطفى هو نشر فكر النظام الإيراني المُناهض للأميركيين والترويج لولايته المزعومة “لتحرير فلسطين” و”القضاء على إسرائيل”. في هذا السياق، تعمل المصطفى ومنظمة الثقافة والعلاقات الإسلامية معاً لتنظيم تجمعات وتظاهرات القدس في البلدان الأفريقية مثل بوركينا فاسو وغانا ونيجيريا وجنوب أفريقيا ومدغشقر وزيمبابوي وكينيا وأوغندا.
تقع أهم المراكز الأفريقية للمصطفى في نيجيريا، وهي بلد يضم ملايين عدة من الشيعة، حيث تُشغّل وتدير الجامعة خمس مدارس ومعاهد دينية التي تضم ما يقرب من ألف طالب من نيجيريا والدول المجاورة.
في كانون الأول (ديسمبر) 2015، خلال حملة حكومية دامية، هاجم الجيش النيجيري مراكز الحركة الإسلامية في نيجيريا – وهي منظمة شيعية مؤيدة لطهران تضم آلاف الأعضاء – وقتل العشرات من الناشطين، واعتقل زعيمها الشيخ إبراهيم زكزاكي. ومنذ حملة القمع هذه، صارت عمليات المصطفى في نيجيريا تحت رقابة الحكومة.
للتعويض عن موقفها الضعيف في نيجيريا، تقوم الحكومة الإيرانية بتكريس المزيد من الموارد لتعزيز وجود المصطفى في بلدان أخرى في غرب أفريقيا، لا سيما في غانا، حيث تدير هناك الكلية الجامعية الإسلامية التي تضم ما يقرب من ألف طالب. وللمصطفى أيضًا معهد ديني شيعي في أكرا يضم 120 من رجال الدين من غانا والدول المجاورة. في العام 2015، أطلقت المصطفى مدارس فاطمة الدينية للفتيات في أكرا حيث يقيم مسجد أهل البيت بعض فعالياته العامة (بالإضافة إلى تلك التي تنظمها منظمة الثقافة والعلاقات الإسلامية).
التواصل الديبلوماسي الإيراني مع غانا يتزايد أيضاً. في شباط (فبراير) 2016، تم الترحيب بحرارة برئيس غانا في إيران والتقى بخامنئي، ووقع مذكرتي تفاهم إقتصاديتين مع الحكومة الإيرانية التي وعدت بتقديم المزيد من الدعم الإقتصادي لغانا، والتقى بنائب رئيس المصطفى لمناقشة أنشطة الجامعة.
والفرع الرئيسي للمصطفى يقع في مدينة واغادوغو عاصمة بوركينا فاسو. وقد زاره وزير الخارجية الإيراني علي أكبر صالحي في العام 2012. بالإضافة إلى ذلك، تُدير المصطفى مركز الغدير مع ما يقرب من مئة طالب، معظمهم من النساء. وللمصطفى أيضاً شراكة عمل مع معهد الإمام علي الديني ومركز أهل البيت، وكلاهما تأسس على أيدي خريجي المصطفى.
في حين أن وجود المصطفى في دول شرق إفريقيا ضعيف بشكل عام، إلا أن الجامعة لها وجود ملحوظ في تنزانيا التي تعمل كمركز للدول المجاورة. ويشمل ذلك فرعاً صغيراً في العاصمة دار السلام مع ثلاثين طالباً ومدرسة إسلامية تدعى مدرسة الإمام الصادق تضم 150 طالباً.
تعتبر إيران شبكة المصطفى أداة رائعة لتصدير ثورتها. في كلمته أمام الطلاب والموظفين، شرح آية الله علي خامنئي ولاية طهران لنشر “الأفكار الإسلامية النقية” وتحرير الأمة الإسلامية من “يد الإستبداد والقهر والقمع”، وشدّد على دور المصطفى في تنفيذ هذه المهمة. وبالمثل، أعلن عميد قسم اللغة والثقافة في المصطفى أن “هدفنا هو تصدير الثورة”. في حين إعترف مسؤول كبير آخر في المصطفى بحقيقة أن “حسن نصر الله في لبنان، والشيخ نمر النمر في المملكة العربية السعودية، والشيخ زكزاكي في نيجيريا هم من ثمار تعاليم المصطفى”.
وهناك مواقع أخرى للمصطفى تشمل:
* الكاميرون: فرع صغير في الكاميرون ومعهدان دينيان، واحد للرجال والآخر للنساء؛
* الكونغو: فرع رئيسي في كينشاسا يبلغ عدد طلابه 120 طالباً؛
* غينيا: مدرسة أهل البيت مع ما يقرب من مئة طالب؛
* ساحل العاج: المعهد الديني الشيعي لأهل البيت مع 120 طالباً ومعهد زينب الديني للنساء اللواتي بلغن الأربعين؛
* مدغشقر: فرع من الجامعة في العاصمة أنتاناناريفو. وتشمل المراكز التابعة الأخرى مسجد الإمام سدجد، ومسجد الرسول الأكرم والمركز الإسلامي لدار القرآن في مدينة ماهاجانغا؛
* ملاوي: فرع في مدينة ليلونغوي؛
* مالي: فرع واحد صغير؛
* النيجر: فرع في العاصمة نيامي؛
* السنغال: حرم جامعي في داكار.
* سييراليون: المعهد الدولي للدراسات الإسلامية في العاصمة فريتاون ومعهد الإمام الحسين الديني في ماكيني؛
* جنوب أفريقيا: فرع في جوهانسبورغ، والذي يتعاون بشكل وثيق مع المركز الإسلامي لأهل البيت، التابع لمنظمة الثقافة والعلاقات الإسلامية، في مدينة كيب تاون؛
* أوغندا: كلية المصطفى الإسلامية مع ما يقرب من مئة طالب.

الخدمات الصحية والإجتماعية تُنمّي الدعم

يوفر الهلال الأحمر الإيراني خدمات صحية وطبية في أكثر من إثني عشر بلداً أفريقياً، بما في ذلك السودان، كينيا، تنزانيا، الكونغو، غانا، زيمبابوي، جزر كومورو، النيجر، مالي، سيراليون، ساحل العاج، جزر القمر، أوغندا، والصومال. وفي كينيا، بدأت عيادة إيران الطبية أنشطتها في العام 1998 ولديها حاليا ثلاثة مرافق مُجَهَّزة تجهيزاً كاملاً في نيروبي ومومباسا تقدم خدمات مجانية وتكلفة مُنخفضة لأكثر من 30,000 شخص كل عام. بالإضافة إلى ذلك، يقوم الهلال الأحمر الإيراني بتشغيل وإدارة مَلجَأين للأيتام في البلاد وتوفير الأدوية المجانية للعيادات الكينية الأخرى.
في أوغندا، إفتُتِح المستشفى الإيراني – الأوغندي الذي بُني حديثاً في العاصمة كمبالا في تشرين الأول (أكتوبر) 2017 من قبل وزير الخارجية الإيراني. في زيمبابوي، يمتلك الهلال الأحمر الإيراني منشأة واحدة في هراري ويوفر خدمات إضافية في جميع أنحاء البلاد مثل المساعدة الغوثية ودعم دور الأيتام.
في غانا، يُدير الهلال الأحمر الإيراني عيادة في أكرا حيث قام السفير الإيراني والرئيس الغاني بافتتاح المبنى الجديد للعيادة في أيلول (سبتمبر) 2014. وقام وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف بزيارة المرفق المجهز بالكامل في تموز (يوليو) 2016. في جزر القمر، يوجد لإيران عيادة واحدة مجهزة بالكامل في العاصمة نيامي ومركزان صغيران في مدينتي زيندر وباليارا اللذان يُقال إنهما يقدمان الخدمات الطبية لأكثر من 70,000 مريض كل عام. في تنزانيا، لدى الهلال الأحمر الإيراني عيادة واحدة في دار السلام بدأت عملها في العام 2012. كما ان لجنة الإمام الخميني للإغاثة، وهي منظمة خيرية تابعة للنظام الإيراني، لها أيضاً حضور مُكثَّف في العديد من البلدان الإفريقية والشرق الأوسط. وقد فرضت وزارة الخزانة الأميركية عقوبات على فرع لجنة الإمام الخميني للإغاثة في لبنان بسبب دعمه ل”حزب الله”. في أفريقيا، تقدم لجنة الإمام الخميني للإغاثة خدمات إجتماعية وإغاثة مجانية مثل المعاشات التقاعدية والقروض والإسكان والطعام للفقراء.
خلال السنوات العديدة الماضية، كانت لجنة ألإمام الخميني للإغاثة نشطة للغاية في الصومال حيث أدت المجاعة والجفاف إلى أزمة واسعة الانتشار. وقدمت المجموعة الإيرانية مساعدات إغاثة للمناطق المتضررة وبخاصة لأولئك الذين يعيشون في المخيمات.
وفقاً للصحافة الحكومية الإيرانية، تُدير لجنة الإمام الخميني للإغاثة ثلاثة مراكز إغاثة رئيسية في جزر القمر لتوفير الدعم المالي والمعيشي للأسر الفقيرة عبر 320 قرية. ووفقاً لتقرير اللجنة الخاص، يوجد لديها 22 مركزاً للتعلم في الجزر توفر التدريب المهني في ستة عشر مجالاً لأكثر من ألف طالب. وهي تدعم الأيتام والفقراء وتُقدم لهم مجموعة واسعة من المساعدات بما في ذلك القروض التجارية والسكن.
في سيراليون، لدى لجنة الإمام الخميني للإغاثة وحدات إغاثة عدة ومراكز التعلّم المهني التي توفر الخدمات والتدريب لآلاف الأشخاص كل عام.
في الحصيلة، في حين أن الشبكات الإجتماعية في طهران قد توفّر الدعم الطبي والمالي الذي تحتاجه المجتمعات الإفريقية الفقيرة التي هي بأمس الحاجة إليه، فإن تأثير هذه “الديبلوماسية الناعمة” واضح في التأييد الشعبي لإيران، وعلى نحو ملحوظ، في الدعم السياسي لطهران في الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى. ومن المفارقات، أن القادة الإيرانيين بالكاد يخفون استراتيجيتهم المستمرة في السعي إلى الحصول على الدعم الأفريقي، وآخرها لإحباط تشديد العقوبات الأميركية.

إستنتاج

إن تصدير طهران المستمر لعلامتها الإسلامية الشيعية إلى إفريقيا يُشكّل تهديداً حقيقياً للسلام في القارة السمراء، ليس أقلها أن هذه الإيديولوجية تُعزز السرد القائل بأن الإسلام لا يزال في حالة حرب مع الغرب باعتباره إستمراراً لنضالهم الألفي من أجل السيطرة على العالم. في هذا السياق، يتم تصوير إسرائيل على أنها غرسة غربية سرطانية في قلب العالم الإسلامي يجب القضاء عليها. الآلاف من رجال الدين الأفارقة الذين تدرّبوا في المدارس الدينية المملوكة لإيران يروّجون لهذه العداوة المُعادية للغرب والمُعادية لإسرائيل.
لقد أقامت إيران وجوداً قوياً في إفريقيا بالدرجة الأولى من خلال الدعم المالي والتجاري للحكومات الأفريقية الضعيفة إقتصادياً أو من خلال الرشاوى للقادة الفاسدين والديكتاتوريين، الذين يتجاهلون جميعاً أو يقللون من شأن التهديد طويل الأجل الذي يمثّله الإسلام المُتشدّد المدعوم من إيران.
إن الترياق للأنشطة الإيرانية الشائنة هو في الديموقراطية والإزدهار الإقتصادي. لا يستطيع الغرب، ولا سيما الولايات المتحدة، أن يتجاهل الفقر والأزمات الاقتصادية في أفريقيا التي تخلق بيئة مثالية للتحريض الديني وتزويد طهران بفرصة لنشر نسختها الخاصة من الإسلام الراديكالي.

• حسن داي هو صحافي تحقيقات ومُحرر في المنتدى الأميركي – الإيراني.
• كُتِب هذا التحقيق بالإنكليزية وعرّبه قسم الأبحاث والدراسات في “أسواق العرب”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى