درسٌ مؤلم من اليونان إلى لبنان

بقلم كابي طبراني

من دون ضجة أو إحتفال أو ما شابه، كان يوم الإثنين الفائت (20/08/2018) في اليونان يوماً عادياً آخر. لكن بالنسبة إلى أولئك الذين يَعدّون قروشهم ويحسبونها، أو يشترون السندات، أو يتاجرون في الأوراق المالية، أو يتطلعون إلى ضمان دفع مستحقاتهم، فإن ذلك الإثنين كان بالغ الأهمية.
للمرة الأولى منذ ثماني سنوات عجاف طويلة، أصبحت خزينة اليونان مستقلة مرة أخرى، وخالية وبعيدة من الرقابة الخارجية، وصارت حرة في رعاية مواردها المالية الخاصة. لقد نجحت أثينا في إجتياز سلسلة من ثلاث عمليات إنقاذ متتالية قدمتها “الترويكا” الدولية المؤلفة من صندوق النقد الدولي والبنك المركزي الأوروبي والإتحاد الأوروبي.
على مدى السنوات الثماني الفائتة، قدّمت الترويكا ثلاثة “خطوط حياة” مالية إلى اليونان، حيث كان لكلّ يورو يُتَداوَل في إقتصاده هناك 1.83 يورو في المقابل للمقرضين الأجانب. هذا المستوى المرتفع من الديون عجّل في وقوع الأزمة المالية والإقتصادية حيث لم تعد البلاد قادرة على دفع الفائدة على سنداتها. لقد نجحت خطط الإنقاذ الثلاث التي بلغت قيمتها الإجمالية 289 مليار يورو في إنقاذ اليونان، والإحتفاظ به كعضو، من بين 19 دولة، في منطقة اليورو، كما ضمنت مستقبل بقائه في الإتحاد الأوروبي.
وقد خفّضت عمليات الإنقاذ البرامج الإجتماعية ومعاشات التقاعد، ورفعت الضرائب، وبيعت الأصول اليونانية للدولة إلى القطاع الخاص، وأطلقت الحكومة موجة من التقشف – ضرورية، كما تقول الترويكا – لضمان أن يعيش اليونانيون في حدود إمكاناتهم. وتجدر الإشارة إلى نسبة البطالة في البلاد تبلغ 22 في المئة – لكنها تجاوزت 40 في المئة للذين واللواتي تقل أعمارهم عن 25 سنة.
الواقع أن التجربة اليونانية يجب أن تكون بمثابة تحذير للبنان على وجه الخصوص، وهو البلد المديون أصلاً والمفتوح على الكثير من مكامن الهدر والفساد حيث يواجه إقتصاده أزمة خطيرة تستدعي إجراءات سريعة وقاسية والا سنكون امام بلد مفلس في مطلع العام 2021، كما يرى أكثر من خبير إقتصادي.
لذا فإن تأليف الحكومة – والتي يُستحسن أن تكون حكومة تكنوقراط – بات ضرورة ملحة وينبغي أن يحصل بسرعة وإلّا فالإنهيار هو النتيجة في نهاية المطاف، علماً أن اليونان كان معه الإتحاد الأوروبي لإنقاذه فمَن سيَكون إلى جانب لبنان لإنقاذه، إذا حصلت الكارثة، مع هكذا مسؤولين لا يُفكّرون إلّا بمصالحهم؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى