التلاعب بالعملة خطرٌ على الإقتصاد العالمي

بقلم كابي طبراني

قبل ثلاث سنوات فقط، حذّرت الولايات المتحدة، آنذاك تحت قيادة الرئيس باراك أوباما، مجموعة العشرين من مخاطر التلاعب بالعملة. ويوم الجمعة الفائت (20 تموز (يوليو))، إنتقد الرئيس الأميركي دونالد ترامب مجلس الإحتياطي الفيديرالي (البنك المركزي الأميركي) لرفع أسعار الفائدة، لأن ذلك، حسب رأيه، سيُزيل “ميزة تنافسية كبيرة” للولايات المتحدة. وبعبارة أخرى، فإن ترامب يقوم بحملة لإضعاف الدولار.
لم يُخطئ ترامب في تقييمه بأن قيمة العملات تتجه إلى الإنخفاض. مع دخول الحرب التجارية حيّز التنفيذ، فإن البُلدان تبحث عن طُرُقٍ لمكافحة الرسوم الجمركية على صادراتها. إن تخفيض أسعار الفائدة وإضعاف قيمة العملات سوف يكون لهما أثرٌ في التخفيف من الرسوم الجمركية من طريق جعل الصادرات أرخص، ولكن في المدى الطويل لن يؤدي ذلك إلّا إلى تأجيج التضخم وإلحاق الضرر بالشركات. وبالنسبة إلى أولئك الذين يستخدمون الدولار الأميركي، ستكون الآثار واسعة النطاق، من أسواق الأسهم إلى أسعار النفط إلى التحويلات. لكن العواقب لن توقف الحكومات التي تواجه تعريفة بنسبة 25٪ من إتخاذ قراراتها الخاصة. فالصين مثلاً تدفع إلى تخفيض اليوان إلى مستويات لم يشهدها منذ بداية العام 2017، ويتوقّع العديد من المُحلّلين أن تسمح بكين لعملتها بالهبوط إلى 7.2 يوان مقابل كل دولار. كما أن اليورو ضعيف، وكان كذلك منذ أن وضع البنك المركزي الأوروبي أسعار فائدة سلبية في العام 2014.
من غير المُحتمَل أن تحذو أميركا حذو الصين، حيث أن مجلس الإحتياطي الفيديرالي الأميركي محمي بشكل نسبي من التأثيرات اليومية للسياسة الأميركية، لكن ترامب يضغط بفعالية على هذا المجلس للتأخير في رفع معدلات الفائدة، ويظهر أنه ينوي إستخدام كل خدعة في حوزته وتحت تصرفه لوضع “أميركا أولاً”. ولكن أي إشارة إصبع أو إتهام هما في غير محلهما. إن الإنخفاض العالمي في التجارة نتيجة للركود الكبير والرغبة في حماية الوظائف والإقتصادات كانا أمراً طبيعياً. لكن ينبغي ألا تضع البلدان جدراناً لحماية نفسها؛ بدلاً من ذلك يجب أن تنفتح على مزيد من التجارة والنمو. لقد قال صندوق النقد الدولي والبنك الدولي إن أفضل طريقة لتنمية الإقتصاد هي من خلال توسيع التجارة. والغرض من التعريفة هو حظر التجارة، لا من أجل توسيعها.
من جهتها حذرت كريستين لاغارد، المديرة العامة لصندوق النقد الدولي، مجموعة العشرين من أن القيود التجارية القائمة ستُخفِّض الناتج العالمي بنسبة 0.5 في المئة. ولو جلست الولايات المتحدة والصين والإتحاد الأوروبي لمناقشة تعزيز التجارة بدلاً من التهديد بالتعريفات، فإن التلاعب بالعملة لن يكون مشكلة.
لذا، إذا كان المجتمع الدولي يريد إستعادة النمو وجعل الحرب التجارية والتلاعب بالعملة شيء من الماضي، فإنه يحتاج إلى تشجيع العودة إلى منظمة التجارة العالمية وإيجاد طرق صحّية لحل شكاوى كل البلدان.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى