عندما تلعب السياسة مع جثث الموتى

بقلم كابي طبراني

مدّدت إسرائيل الآن قمعها ضد الفلسطينيين ووسّعته إلى موتاهم، عندما صادق الكنيست الإسرائيلي في القراءة الأولى على مشروع قانون يسمح لقائد شرطة الإحتلال بحجز جثث الشهداء الفلسطينيين وفرض شروط مُعيَّنة على ذويهم، في الوقت الذي تواصل السلطات الإسرائيلية إحتجاز 17 جثة منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2015. وقد تبنّى الكنيست هذا التشريع الصارم ب57 صوتاً مقابل 11 إقترعوا ضده.
ويمكّن مشروع القانون السلطات الإسرائيلية رفض الإفراج عن جثث المُقاتلين الفلسطينيين الذين قُتلوا في المعركة، إلّا في ظلّ ظروف تعسّفية مُعيَّنة تُحددها القوات الإسرائيلية بمفردها حسب الإقتضاء ولن تهدّد أمن إسرائيل.
ووفق هذا القانون يحق لقائد الشرطة في اللواء المعني، إصدار أمرٍ يُحدّد شروط جنازة مُنفّذي العمليات، فضلاً عن الحق في تأخير تسليم الجثة وإقامة الجنازة، إذا ساد لديه تخوّفٌ حقيقي من أن الجنازة قد تؤدي إلى إلحاق ضرر جسيم بالأمن الوطني أو إرتكاب عمل “تخريبي”.
في واقع الأمر، إن هذا الإجراء الإسرائيلي اللاإنساني الذي تلعب فيه السياسة مع جثث الفلسطينيين الذين ماتوا في أثناء قتال القوات الإسرائيلية يعود إلى عقود عدة مضت، ولكنه إكتسب إطاراً رسمياً أكثر الآن بعد موافقة الكنيست على مشروع القانون، مما سمح للشرطة الإسرائيلية إحتجاز جثث المقاتلين الفلسطينيين.
لقد وضع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو هذه الإستراتيجية في العام 2017 عندما رفض الإفراج عن جثث خمسة فلسطينيين حتى يتم إعادة وترحيل رفات جنديين إسرائيليين قُتلا خلال حرب غزة في العام 2014.
وقضت محكمة العدل العليا الإسرائيلية آنذاك بأن هذه الممارسة غير قانونية، إلا إذا تبنّى المجلس التشريعي الإسرائيلي “الكنيست” تشريعاً يُنظّم ذلك، ويضع الشروط التي يُمكن أن يتم بموجبها إطلاق سراح جثث الفلسطينيين القتلى.
ويُؤكّد مشروع القانون المُصادَق عليه على “حجز” الجثث الفلسطينية إلى أن تضمن السلطات الإسرائيلية من أن أمن إسرائيل لن يتضرّر من إطلاق سراح هذه الجثث، في حين أن تحديد الآثار الأمنية لإطلاق سراح جثث الفلسطينيين الذين قُتلوا تُرك لأهواء الشرطة الإسرائيلية.
إن هذه السياسة هي عقبة أخرى في وجه عملية السلام بين إسرائيل وفلسطين، ومن المؤكد أنها ستُثير مشاعر الغضب بين الفلسطينيين وبالتالي جعل عملية صنع السلام مع الدولة العبرية أكثر صعوبة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى