التمهيد لنزاع أوسع؟

كابي طبراني

أسفر إسقاط طائرة من دون طيار إيرانية دخلت المجال الجوي الإسرائيلي وإسقاط الدفاعات الجوية السورية طائرة حربية إسرائيلية (أف 16) يوم السبت الفائت (10/02/2018) الذي تلته غارات إسرائيلية جوية على أهداف عسكرية سورية وإيرانية في سوريا، إلى تصعيد التوترات في بلاد الشام. وفي حين أن الظروف تبدو مهيأة لنزاع مفتوح بين إسرائيل وإيران وحلفائها، فإن الخبراء إنقسموا حيال وقوعه إلى فريقين. الأول يعتقد أن الحقيقة هي أن لا شهية لأحد من الأفرقاء – حتى الآن، على الأقل – وقوع نزاع كبير، فيما يرى الثاني أن الذي جرى هو تمهيد لحرب أوسع.
يقول الفريق الأول أن لا أحد من اللاعبين الرئيسيين يبحث عن حرب إقليمية. فروسيا ليست لديها رغبة في تقويض ثلاث سنوات من الإستثمار في عملية إنقاذ نظام الأسد، ولا أن ترى إسرائيل تتورط عسكرياً في سوريا، مما قد يضعف النظام السوري ويُعزّز بالتالي يد الولايات المتحدة ضد إيران. ومن جهتها لا تبحث طهران عن حرب مع تل أبيب لكي لا تُعرّض مكاسبها في سوريا للخطر. أما الدولة العبرية فليست لديها أي مصلحة في الغرق في المستنقع السوري أو إثارة صراعٍ مع “حزب الله” الحليف الموالي للجمهورية الإسلامية. فحربٌ مع الحزب الشيعي اللبناني قد تُمطر آلاف القذائف والصواريخ على المدن الإسرائيلية، وتُصيب عدداً كبيراً من الضحايا المدنيين، وبالتالي تُجبر إسرائيل على شنّ حرب مُكلفة ضد لبنان.
ويرى هذا الفريق أنه من الأرجح ان تُجنّب هذه المُصادَفة في المصالح المشتركة المنطقة من الحرب، وتنجح في تأجيل التصعيد الكبير الى تاريخ لاحق.
أما الفريق الثاني فيرى أن توترات الأسبوع الفائت قد مهّدت المسرح لمرحلةٍ من تصعيد التوترات بين إسرائيل وسوريا التي يُمكنها أن تمتد إلى الوجود العسكري الإيراني في بلاد الشام وفي الوقت المناسب ل”حزب الله” في لبنان. إن لهجة الحرب بين تل أبيب من جهة ودمشق وطهران و”حزب الله” من جهة أخرى أصبحت أكثر عدوانية من أي وقت مضى في الأيام الأخيرة، حيث بدأ النقاد والاستراتيجيون العسكريون على الجانبين يتوقعون الآن حصول نزاع مسلحً واسع النطاق، وفي العملية يُمهّد الطريق لحريق أوسع في المنطقة.
ويضيف هذا الفريق أنه إذا أُخِذ في الإعتبار التصعيد السريع من كلا الجانبين، فإن مثل هذا السيناريو لم يعد بعيد الإحتمال لأن التطورات الأخيرة التي تُشبه الحرب أصبحت بسرعة تبدو كمقدّمة لشيء أوسع وأكثر إزعاجاً.
وقال السفير الأميركي السابق لدى اسرائيل، دانيال شابيرو، تعليقاً على التصعيد الذي حصل في الأيام القليلة الماضية على طول الحدود الاسرائيلية – اللبنانية – السورية: “نأمل أن لا تقع [الحرب مع “حزب الله”]، ولكن أعتقد ان الجميع يعتبر أن هذا اليوم آتٍ لا محالة وقد لا يكون بعيداً”.
وإستطرد السفير السابق قائلاً إن مثل هذه الحرب “لن تكون رحلة في متنزه، وستكون هناك إصابات إسرائيلية أكثر مما كانت عليه في العام 2006 لأن “حزب الله” زاد ترسانته وقدرته على الوصول إلى جزء أوسع بكثير من الأراضي الإسرائيلية ومع مزيد من الدقة”.
وإذا حدث مثل هذا السيناريو، ومن نظرةٍ إلى الأمور التي يُمكن أن تحدث، فإن المنطقة يُمكنها أن تتوقّع إضطرابات إضافية لم تشهدها في الماضي القريب. وهذا يعني ليس وضع الصراع السوري وحده في تجميد عميق فحسب، بل أيضاً القضية الفلسطينية.
وهنا تستطيع القوى الكبرى أن تضع رؤوسها معاً وتَخرج بمبادرة كبرى للمنطقة بأسرها بغية تسوية قضاياها جماعياً.
في كل الأحوال ينبغي على القوى الكبرى أن توحّد جهودها وتقوم بأفعالها معاً وبالتالي أن تأتي بمبادرة من شأنها إنقاذ المنطقة من حروب إضافية. وإن عقد قمة بين قادة العالم لهذا الغرض بات أمراً ضرورياً.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى