العنصرية والإستغلال في الخليج

بقلم مضاوي آل سعود*

ظهر نظام الكفالة (الضمانة) في الفترة ما بين خمسينات وستينات القرن الفائت بعد إلغاء الرِق والعبودية في المنطقة. وهو عبارة عن آلية مُستخدَمة في دول مجلس التعاون الخليجي، وبلدان مثل الأردن ولبنان، لتنظيم برنامج العاملين الأجانب حيث يكون بموجبه وضع العمال المهاجرين مُعلَّقاً ومتعلِّقاً بصاحب العمل أو “الكفيل” طوال مدة عقدهم.
وقد تم إستخدام هذا النظام وتوطيده في دول مجلس التعاون الخليجي على أثر تدفق العمال بعد إكتشاف النفط. وقد نوقشت الكفالة في سياق الرِق والإستغلال الحديثين، كما أتاحت إساءة إستخدامها تيسير وتسهيل الإتجار بالجنس.
مع ذلك، فإن الخلفية الإجتماعية والإقتصادية والسياسية الأوسع نطاقاً التي يعمل من خلالها نظام الرعاية والكفالة هذا لا تُولي إهتماماً كافياً للأدبيات. إن مسألة العِرق والعنصرية في منطقة الخليج لا بدّ من معالجتها من أجل المواجهة والتصدّي لمشكلة الرقّ المُعاصر.
في حين أن نوع الجنس يُشكّل بالتأكيد عاملاً مُساهِماً في الإساءة، فإن بعض الأدلة تشير إلى أن مشاكل مثل العنصرية يُمكن أن يكون لها القدر عينه من الأهمية، إن لم تكن أكثر أهمية، في المعاملة القاسية للمرأة، وتبديد الادعاء بأن المواقف المتعلقة بجنس الشخص تؤدي وحدها إلى التعسف وسوء المعاملة.
وتتجلّى كراهية الأجانب في الخليج في “موقف الإزدراء” من النساء اللواتي هنّ من خلفيات وأصول أخرى، لا سيما تجاه أولئك الوافدات من آسيا وإفريقيا. وقد إكتشفت وحدّدت الإمم المتحدة إتجاهاً عالمياً عاماً يربط بين وجود المهاجرين واللاجئين وغير المواطنين مع زيادة التمييز والمواقف العنصرية.
على الرغم من أن الإهتمام الأكاديمي يُركّز بشكل أساسي على إساءة معاملة الذكور للنساء، من المهم الإعتراف بالدور الذي تلعبه الأمومة والنساء بشكل عام في إساءة معاملة عاملات المنازل الوافدات. ويَنظر بعض أصحاب العمل إلى العاملات في المنازل، اللواتي يصادف أنهن من النساء العربيات، على أنهن أقل شأناً. ويُمكن النظر إلى العنف كوسيلة للمرأة العربية لكي تستعيد سيطرتها على وكالتها، وهو شيء فقدته من خلال المعايير المحافظة التقليدية للمجتمعات التي تعيش فيها.
على الرغم من أن دستور دول مثل قطر يُحظّر التمييز على أساس الجنس أو العرق أو الدين، وفقاً لهذا التقرير فإن “التمييز القانوني والثقافي والمؤسسي ما زال قائماً ضد النساء وغير المواطنين والعمال الأجانب”. على سبيل المثال، في قطر لا يعتبر الإغتصاب الزوجي غير قانوني ولا يوجد قانون محدد يتعلق بالعنف المنزلي.
هناك عوامل سياسية وإقتصادية وثقافية متداخلة أسهمت في التحامل على العمال المهاجرين الذين يحملون هوية أجنبية. ثقافياً، فيما تعمل عاملات المنازل بالقرب من الأسر والعائلات، فإن هناك تردداً عميقاً من جانب أصحاب العمل بالنسبة إلى تدخل الدولة، وبخاصة إذا كانوا يعتقدون أن مساعدتهن المنزلية قد سمحت لهم الوصول إلى معلومات حساسة عن الأسرة.
ويُعزى ذلك أيضاً جزئياً إلى هذه الشكوك التي تفيد بأن سوء المعاملة غير المبرر للعاملات الأجانب من جانب أرباب عملهن يحدث. فعلى سبيل المثال، يُمكِن لأرباب العمل أحياناً أن يخفوا إستياء من دوافع العاملات، ولا سيما اللواتي تبدو قريبات جداً من أفراد الأسرة الذكور.
ويُمكن إعتبار هذا “الصمت” من جانب الدولة إستمراراً لإستراتيجية سياسية أكبر لإبقاء أعداد كبيرة من المهاجرين العرب في الخليج بسبب التداعيات الإجتماعية والسياسية التي قد تترتب على ذلك.
في الواقع، يمكن القول بأن التردد قد ظهر اليوم مع تردد دول منطقة الخليج في إستقبال اللاجئين السوريين خوفاً من أن تُحرّض الأفكار المتطرفة والشعبية على عدم الإستقرار في المنطقة.
لا يُمكن فصل نظام الكفالة عن الساحة الأوسع التي تستضيفه. ولا يزال الخليج يفتقر إلى مجتمع مدني قوي ومستقل للضغط على الحكومة ومساءلتها عن إنتهاكات حقوقه المدنية.
والأمر الذي لم يُساعد ذلك هو أن معظم هذه البلدان تفتقر إلى قوانين صارمة لمكافحة التمييز التي يُمكن أن تُحدِث بعض التغيير في المواقف تجاه العمال المهاجرين في المنطقة. وعلى الرغم من ذلك فإن وجود عدد كبير من الأدلة الذي يوثّق فيها العاملون المعاملة غير الإنسانية التي يتلقونها من أصحاب العمل، فإن الحكومات فشلت في التحرك وفعل أي شيء.
وعادة ما تختار الحكومات إستهداف أولئك الأميين وغير المثقفين وغير المتعلمين، وفقاً للمنظمات غير الحكومية في البحرين. وتفضّل سوق العمل البحرينية العمال البنغاليين غير المهرة لأنهم قابلون للإستغلال – وبالتالي يرضون بأجور منخفضة ويمكنهم تحمل ظروف العمل القاسية، وبالإضافة إلى ذلك، فإن بعض هؤلاء العمال أُمّي.
لقد آن الأوان لأن تصبح مسألة عادات الرِق والعنصرية محوراً أساسياً في أي مناقشة بشأن إستمرار إستغلال العمال في أماكن مثل الخليج. وعندما يتعلق الأمر بمعالجة الرِق الحديث بجميع أشكاله، فإنه لا مجال للتصحيح السياسي.

• مضاوي آل سعود هي طالبة دكتوراه في السنة النهائية في جامعة برونيل وناشطة تعمل مع ضحايا الإتجار والإستغلال في الخليج.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى