إيران تتجاوز قطر في صادرات الغاز الطبيعي في 2024

منذ أن رُفِعت العقوبات الإقتصادية عن إيران بعد توقيعها على الإتفاق النووي مع الأعضاء الخمسة الدائمين في مجلس الأمن بالإضافة إلى ألمانيا، والعالم ينظر إلى ثروتها الهيدروكربونية ويتطلع إلى الإفادة من خطط تطوير هذه الصناعة التي بدت الحكومة الأميركية الجديدة خائفة من نتائجها التي قد تؤدي إلى تعزيز وضع إيران في المنطقة.

وزير النفط الايراني بيجان نامدار: إيران ستتجاوز قطر بصادرات الغاز بحلول 2024.

بقلم محمد سيرجي*

يبدو أن إيران في طريقها إلى زيادة إنتاجها وتجاوز قطر كأكبر مصدر للغاز الطبيعي المسال في العالم، في حقل الغاز الطبيعي الضخم الذي يشتركان فيه في الخليج العربي. من جهتهم، يريد المسؤولون في طهران كسب حصة في السوق وجذب رؤوس أموال أجنبية، رغم إرتفاع حدة المواجهة الكلامية التي أعلنها ويعلنها الرئيس الاميركي دونالد ترامب ضدهم. ولكن بقدر ما قد تكون طموحاتهم كبيرة، فإن الإيرانيين لا يملكون الكثير من الغاز للتصدير لأنه من االمرجح أنهم يستخدمون معظم الإنتاج الجديد محلياً.
1. ما هي الكمية التي تصدّرها إيران من الغاز الطبيعي؟
لا شيء تقريباً. لدى إيران 18.2 في المئة من إحتياطات الغاز المؤكّدة، أكثر من روسيا وقطر، وفقاً لمراجعة “بي بي” (BP) الإحصائية للطاقة العالمية. على عكس منافسيها، الذين أنشأوا وبنوا خطوط أنابيب طويلة نائية ومحطات للغاز الطبيعي المُسال ليصلوا إلى المشترين الأجانب، فإن إيران صدّرت 8.4 مليارات متر مكعب (300 مليار قدم مكعبة) في العام 2015 في حين إستوردت 7.5 مليارات متر مكعب في العام نفسه. حتى وقت قريب، كانت مستورداً صافياً، تشتري أو تُقايض الغاز من تركمانستان وأذربيجان لأن شبكة التوزيع المحلية لا تستطيع توفير الغاز للبلد بأكمله. وتصدّر إيران غازاً عبر خطوط الأنابيب أقل من ميانمار أو كازاخستان، اللتين تملكان معاً أقل من 1 في المئة من الإحتياطات العالمية.
2. إلى أين يذهب غاز إيران؟
نصفه يذهب إلى تدفئة المنازل، و21 في المئة الى توليد الطاقة، و18 في المئة إلى الإستخدام الصناعي، بما في ذلك إنتاج البتروكيماويات، وفقاً ل”سيدي غاز” (Cedigaz)، وهي مجموعة أبحاث صناعية. ومع ما يقرب من 80 مليون شخص، تُعتبر إيران رابع أكبر سوق للغاز الطبيعي، بعد الولايات المتحدة وروسيا والصين. وبالكاد يستطيع الإنتاج الجديد مواكبة الطلب. لقد تضاعف إستهلاك الغاز تقريباً إلى 191.2 مليار متر مكعب في العام 2015 من 102.7 مليار متر مكعب في العام 2005، وفقاً لإحصاءات شركة بريتيش بتروليوم، في حين إرتفع الإنتاج خلال الفترة نفسها إلى 192.5 مليار متر مكعب من 102.3 مليار متر مكعب.
3. هل ستصدّر أكثر في المستقبل؟
تُخطط ايران هذا العام لبدء إرسال الغاز عبر خط أنابيب إلى بغداد في العراق، وهي خطوة من شأنها أن تجعلها في المرتبة 15 على قائمة أكبر المصدرين في العالم ، بزيادة سبع نقاط على مرتبتها الحالية. لكن العراق الذي يخطط بدوره لبناء خط أنابيب خاص به لتصدير الغاز إلى الكويت، قد لا يُثبت أنه لن يكون من العملاء الدائمين في المدى الطويل. إن تطوير محطات الغاز الطبيعي المُسال في إيران كان متوقفاً منذ سنوات بسبب العقوبات الدولية، وهذه المرافق ليست أولوية نظراً إلى التخمة التي تعرفها الأسواق الغاز المُسال حالياً.
من ناحية أخرى تدرس البلاد مدّ خطوط أنابيب إلى سلطنة عُمَان وباكستان وبلدان أخرى، على الرغم من أن الوصلات الآمنة عبر الحدود هي نادرة في المنطقة المضطربة. كما أن محطات الغاز الطبيعي المسال العائمة، إعتماد مؤقت حتى يُمكن بناء مرافق دائمة لتسييل الغاز، هي أيضاً خيار. ويعترف علي أميراني، مدير التسويق في الشركة الوطنية الإيرانية لتصدير الغاز، بأن البلاد سوف تستهلك معظم حاجاتها من الغاز حتى 2024 على الأقل.
4. ماذا عن الكميات الجديدة من “القبة الشمالية” أو “بارس الجنوبي”؟
قال وزير النفط الايراني بيجان نامدار زنكنه في 7 آذار (مارس) الجاري، إن إنتاج ايران في حقل الغاز العملاق “بارس الجنوبي” في الخليج سوف يتجاوز إنتاج قطر في حقل الشمال المتصل بحلول آذار (مارس) 2018. إن مراحل تطوير إضافية في “بارس الجنوبي” سوف تمنح طهران مجالاً أكبر للصادرات فى المستقبل. في الوقت الراهن، إن الدافع إلى زيادة الإنتاج من الغاز الإيراني هو لإعادة حقنه تحت الأرض في خزانات النفط الخام، “وخصوصاً في بعض الحقول النفطية المشتركة مع العراق. والحافز الآخر هو لتزويد السوق المحلية”، قال ستيفن فولرتون، الباحث المشارك في الشركة الإستشارية “وود ماكينزي المحدودة”، في مقابلة في كانون الثاني (يناير) الفائت.
يمكن لإعادة حقن الغاز، الذي لا يُعتبر جزءاً من الإستهلاك المُسوَّق، أن تزيد الإنتاج والإحتياطات القابلة للإستخراج من النفط. وقال فولرتون أن الإستخراج الكامل في واحدة من المراحل من “بارس الجنوبي” ذهب إلى حقول النفط الإيرانية. “لدى الإيرانيين طلب كبير على ذلك، خصوصا مع البدء في تنفيذ المشاريع النفطية الجديدة”، مضيفاً.
5. لذا على إيران ان تختار بين صادرات النفط أو الغاز؟
بالضبط. إن ايران تسعى إلى جذب 100 مليار دولار من الإستثمارات الأجنبية في قطاع الطاقة. ولزيادة إنتاج النفط الخام، فإنها تحتاج إلى الغاز – غازٌ أكثر بكثير من الذي تضخه حالياً. كانت إيران بحاجة إلى 93 مليار متر مكعب من الغاز لإعادة الحقن في العام 2014 ولكنها لم تتمكن سوى تخصيص 32 مليار دولار، وفقاً ل”سيدي غاز” (Cedigaz). إن الغاز المُستخدَم لإنتاج النفط، جنباً إلى جنب مع الاستهلاك المحلي من الوقود، يُخفّضان ويُضعضعان الأحجام والكميات المُتاحة للتصدير.
6. هل أن قطر قلقة من إرتفاع الإنتاج من الحقل المشترك؟
أصدرت الدوحة قراراً بوقف أي حفر جديد في حقل الشمال منذ العام 2005، ويشير توسعها الدولي إلى خطةٍ للحفاظ على الإحتياطات المحلية لأطول فترة ممكنة. إن خزّان حقل القبة الشمالية /”بارس الجنوبي” لديه ما يكفي من الغاز للإستغلال من قبل كل من البلدين، وفقاً لفولرتون من “وود ماكينزي”. وعلى الرغم من أن العلم يُظهر مخاطر قليلة لخزان من إنتاج مشترك، فإن التصوّر بأن قطر قد إستخرجت بالفعل ما لا يقل عن ضعف الغاز الذي تستخرجه إيران قد سبّب توتراً، كتب جان فرانسوا سيزنيك، وهو باحث في معهد الشرق الأوسط في واشنطن، في دراسة في آب (أغسطس) 2016.
سعد شريدة الكعبي، الرئيس التنفيذي لشركة قطر للبترول، نفى أن تكون شركته أوقفت الحفر لتهدئة المخاوف الإيرانية. إن تطوير إيران ل”بارس الجنوبي” “لا علاقة له مع فترة التجميد والتوقف التي أعلناها”، قال للصحافيين في شباط (فيراير). “إنه لم يكن ولن يكون له علاقة أبداً”، على حد تعبيره.

• صحافي في وكالة “بلومبورغ”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى