لماذا أصبحت جراحات التجميل أكثر شعبية في الخليج؟

بقلم الدكتور جاستن توماس*

تجميل الأنف، وظيفة الأنف، شد البطن، زراعة الثدي، البوتوكس: من حيث عدد المرات التي جرى فيها البحث عن هذه الكلمات والعبارات على “غوغل” و”بينغ”، فإن دولة الإمارات العربية المتحدة أتت في المرتبة 20 الأعلى عالمياً في كلٍّ منها. للتوضيح الأعم، تحتل الإمارات في مجال جراحة التجميل المرتبة الثالثة وراء بريطانيا وأوستراليا. ولا شك بأن تعزيز المظهر وتجميله يتمتع بشعبية (خليجياً وعربياً وعالمياً)، ولكن ما الذي يكمن وراء هذه الطفرة؟
قبل بضعة عقود، صاغ علماء النفس مصطلح “السخط المعياري”. وتعكس هذه العبارة الملاحظة بأنه، في دراسات الرضا عن المظهر، بدت غالبية النساء غير راضيات عن مظهرهن. وتوصلت البحوث التي أجريت في دولة الإمارات بدورها إلى هذه الفكرة، وبدا أن إحساس المرأة بعدم الرضا عن مظهرها بات القاعدة أيضاً. وقد ذكرت إحدى الدراسات التي نُشرت في مجلة “الشهية” (Appetite)، بأن من بين 228 إمرأة إماراتية جامعية، كانت هناك نسبة 75 في المئة غير راضيات عن مظهرهن.
ربما كان هناك عامل آخر وراء إزدهار جراحات التجميل وهو يكمن في إنتشار القيم الإستهلاكية والمادية – فإذا كنت تستطيع الحصول على أنف أفضل أو بطن مشدود، فلماذا لا تشتريهما؟
إن الطفرة في الجراحة التجميلية يمكن أيضاً أن تُناقَش مع الإشارة إلى الأفكار ذات الصلة بالإنتقام والإصلاح والتجديد. قبل بضع سنوات لاحظ كثيرون من الجرّاحين – وبدأوا يشيرون – إلى أن نسبة كبيرة على نحو متزايد من عملائهم هي من النساء المطلقات حديثاً. وهذا ما أدى إلى مفهوم “جراحة التجميل الإنتقامية”.
وتشمل الرواية الأكثر دراماتيكية لهذه الأسطورة الحضرية زوجةً مطلقة التي إستطاعت، بمساعدة جراحات التجميل، من تجميل نفسها والتحوّل إلى نقطة لم تعد معروفة تقريباً. وعندما رأى الزوج السابق عقيلته السابقة في “حلَّتها” الجميلة الجديدة كلياً، بدت على وجهه علامات الأسى واليأس وشعر بالأسف والندم والرغبة.
في العقود الأخيرة، شهدت دولة الإمارات ودول الخليج المجاورة زيادة في الطلاق، خصوصاً بين المواطنين الأصغر سناً.
وثّق تقرير صادر عن الأمم المتحدة، يبحث في معدلات الطلاق في جميع دول الخليج بين عامي 1995 و2007، بشكل واضح تحوّل مؤشر الطلاق صعوداً. هل أن المعدل المرتفع نسبياً للطلاق هو الذي يُغذّي الطفرة في جراحة التجميل الإنتقامية؟
بين النساء المطلقات حديثاً اللواتي خضعن لجراحات التجميل، هناك بعضهن يجادل بأن الأمر ليس حول جعل الشريك السابق يشعر بالسوء والخطأ، بل لجعل أنفسهن يشعرن بأنهن في حالة جيدة.
وهذا ما يسميه علماء النفس فرضية إصلاح المزاج. وتقوم هذه هي الفكرة على أساس أن الملابس الجديدة، والأحذية الجديدة، والشعر الجديد، والوجه الجديد يمكنها أن تجعلنا نشعر بمزيد من الثقة وتحسين قيمة ذواتنا؛ الشعور بقيمة الذات الذي قد يكون تضرر بفعل علاقة سامة. ولكن هل يمكن لحذاء جديد أو أنف جديد حقاً إصلاح “قلب مجروح”؟
بالإضافة إلى كون معدلات الطلاق أعلى مما كانت عليه سابقاً، فإننا أيضاً نقرأ تقارير حول إرتفاع معدلات العنوسة في دولة الإمارات ومنطقة الخليج بشكل عام.
بينما تم تعريف العانس بشكل سيىء، فإن معظم المصادر تشير إلى أن أعداداً كبيرة من النساء الخليجيات يجدن صعوبة في الزواج. وغالباً ما يُلقى اللوم بالنسبة إلى هذا الوضع على الرجال الخليجيين الذين يفضلون الآن الزواج من نساء أجنبيات (أباعدية).
ولا جدال في أن أباعدية الذكور (الزواج بأجنبيات) في جميع أنحاء دول الخليج هي أعلى بكثير من معدل زواج الإناث من رجال أجانب. في حالة عدم وجود معدلات عالية جداً من تعدد الزوجات أو إرتفاع معدلات مسلسل الطلاق، فإن هذه الأنماط الزوجية تعادل منطقياً مستويات مرتفعة من العنوسة.
ولعل إلتحام هذه التغيّرات الإجتماعية، مع معدلات مرتفعة نسبياً للطلاق، وأباعدية الذكور، وشبح العنوسة كلها تتجمع لوضع ضغط متزايد على النساء للسعي إلى مُثُل الجمال غير الواقعية وغير القابلة للإستدامة. ومن الممكن أيضاً التصور بأن أفراد الأسرة، الحريصين على تحسين فرص الزواج لإناث العائلة، قد يشجعون هذه السلوكيات التي تهدف إلى تحقيق هذه المُثُل عينها للظهور. إن جراحة التجميل هي الوسيلة الوحيدة لتحقيق هذه الغاية.

• الدكتور جوستين توماس هو أستاذ مشارك في جامعة زايد في الإمارات العربية المتحدة.
• كُتب هذا المقال بالإنكليزية وعرّبه فسم الدراسات والأبحاث في “أسواق العرب”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى