أبو ظبي تتحوَّل إلى مركز عالمي لصناعة الطيران!

نجحت وحدة شركة “مبادلة” لصناعة الطيران في جهودها ومساعيها في تعزيز مكانة أبوظبي لتتحول إلى محور ومركز عالمي لهذه الصناعة، وأن تكون حجر الأساس في إستراتيجية تنويع الاقتصاد الإماراتي من خلال استثمارات ذات رأسمال كبير على المدى البعيد .وينطلق نهج “مبادلة” المتكامل في قطاع الطيران من عمليات التصنيع الشاملة وحتى خدمات الصيانة والإصلاح والتجديد .

شركة "مبادلة للتنمية": المحرك المالي لصناعة الطيران في أبو ظبي
شركة “مبادلة للتنمية”: المحرك المالي لصناعة الطيران في أبو ظبي

أبو ظبي – عمار الحلاق

في محاولة لتنويع إقتصادها وزيادة فرص العمل لسكانها المُتنامين، تعمل أبو ظبي على تشجيع التنمية في قطاعاتها الصناعية التحويلية، مع التركيز على صناعة الطيران.
فجنباً إلى جنب مع توقيعها على سلسلة من أحدث العقود والإتفاقات، فإن الإمارة تتطلع بشكل متزايد إلى تسويق نفسها بإعتبارها مركز عالمي صناعي وتجميع للطيران.
ومع ذلك، لا تزال هناك تحديات في تطوير قاعدة هذه الصناعة، وخصوصاً تأمين وضمان وجود قوة عاملة كبيرة قادرة على تلبية مطالب مُصنِّعي المعدّات الأصلية، ولا سيما من حيث الأجزاء الحاسمة ومتطلبات الصيانة.

تصويت ثقة

وتشير سلسلة من إلتزامات رفيعة المستوى هذا العام إلى تصويت ثقة من قبل بعض أكبر اللاعبين في الطيران العالمي، مع تنامي التحوّل إلى أكثر وأبعد من أنشطة الصيانة والإصلاح إلى مزيد من التجميع والعرض.
في تموز (يوليو) الفائت وقّعت شركة “ستراتا للتصنيع” التابعة للمؤسسة الإستثمارية المملوكة للدولة “مبادلة للتنمية”، عقوداً بقيمة مليار دولار مع شركة إيرباص الفرنسية لتوريد قطع غيار مركبة لطائرات الشركة الصغيرة والمتوسطة الحجم، فضلاً عن توفير سطح الذيل الأفقي لطائرات “A320” ولوحات داخلية لطائرات “A350-900″، حسب تقارير صحافية.
وتأتي الصفقة عقب إتفاق بقيمة 250 مليون دولار كانت وقّعته “ستراتا” في شهر أيار (مايو) من العام الماضي الذي جعلها المورّد الوحيد لبرنامج تجميع موازنة أجنحة “إيرباص A330”.
وفي الشهر عينه، وقّعت “ستراتا” عقداً لسنوات عدة لتصنيع الزعانف العمودية لطائرة بوينغ “787 دريملاينر” الأميركية، وهو جزء من إتفاق 2013 الذي كانت وقعته شركة “مبادلة للتنمية” مع “بوينغ” لتوفير ما يصل إلى 2.5 ملياري دولار من مكوّنات المواد المركبة المتطورة وهياكل الطيران لبرامج بوينغ التجارية. ويُذكر أن “ستراتا” هي أول مورّد أساسي لهياكل الطائرات المُصنّعة من المواد المركبة تحصل على إعتماد شركة “بوينغ” في العالم العربي، حيث تقوم حالياً بتزويد “بوينغ” نفسها بأضلاع الذيل العمودي والأفقي لطائرات “بوينغ 777 و787 دريملاينر”.
كما تهدف صفقات إضافية تقودها شركة “مبادلة للتنمية” إلى مواصلة توسيع نطاق وتعقيد الصناعات في الإمارة. في منتصف العام 2016، على سبيل المثال، أعلنت مجموعة “سيتاك سولفاي”، وهي شركة مقرها في بلجيكا ومورّدة لمواد مُركَّبة مُتقدِّمة ولاصقة لصناعة الطيران، عن شراكة (50:50) في مشروع مشترك مع شركة “مبادلة” لتزويد مواد مركبة من ألياف الكربون قبل تخصيبها، لدعم طائرات “بوينغ 777”. ومن المتوقع أن يكون جاهزاً للعمل بحلول العام 2021.
وقد شهدنا منذ بداية العام أيضاً إستمرار اللاعبين المحليين، بما في ذلك “سند لحلول الطيران”، “أس آر تكنيكس”، وشركة “الخدمات والحلول التوربينية”، في توسيع أعمالهم في جميع أنحاء الصيانة والإصلاح والتجميع والتجديد وتمويل الأصول.

نبراس العين

من ناحية أخرى تتركز معظم الاستثمارات الجوية في أبو ظبي في “مجمع نبراس العين للطيران” الذي يقوم على قطعة أرض مساحتها 25 كيلومتراً مربعاً والتي جرى تطويرها بشكل مشترك من قبل شركة “مبادلة للتنمية” وشركة أبوظبي للمطارات.
يتكوَّن المجمع الذي يقع في مدينة العين من مشاريع صناعية وشركات ومجمّعات مكاتب ومناطق سكنية متعددة الإستخدامات، مع تخصيص مساحة 5 كيلومترات مربعة محفوظة لصناعة الطيران، والتي تستهدف على حد سواء الشبكة القائمة لأصول “مبادلة للتنمية” في صناعة الطيران، فضلاً عن المستثمرين الدوليين.
“إن البنية التحتية المتوفّرة وكذلك نموذج التكتل حول المستأجرين الأساسيين، مثل المركز العسكري المتقدم للصيانة والإصلاح والعَمرة و”ستراتا”، في نبراس سيكون لهما تأثير إيجابي من حيث جذب المستثمرين لدعم إنشاء مركز للطيران مستدام”، قال فهد غريب الشامسي، المدير التنفيذي للمركز العسكري المتقدم للصيانة والإصلاح والعمرة (أمرُك).
وفي الوقت الذي تواصل “ستراتا” في توسيع منشآتها في العين، فإن لاعبين إستراتيجيين آخرين يعبّرون عن إهتمامهم أيضاً في الوجهة.
في وقت سابق من هذا العام أعلنت شركة “مبادلة للتنمية” و”رولز رويس” عن تفاصيل مركز معتمد للصيانة، حيث أكدت الشركتان في الوقت عينه على خططٍ لتصنيع مكوّنات محرك طائرة في منشأة جديدة.
ومن المتوقع أن يكون لدى مركز الصيانة المعتمد في العين القدرة على خدمة 150 محركاً في السنة، وسوف يكون جاهزاً للعمل بحلول العام 2021، في حين من المتوقع أن تبدأ المنشأة الصناعية الجديدة صناعة أجزاء من محركات “ترنت” بحلول العام 2018، وفقاً لبيان من شركة مبادلة للتنمية في تموز (يوليو) الفائت.
ينبغي على المركز أن يساعد على دعم التوسع نحو سوق الشرق الأوسط، وهي تمثل 25٪ من إجمالي الطلبات على محركات “ترنت إكس دبليو بي”. وهذه المحركات هي التي تستخدمها “إيرباص A350″، التي تستعملها أساطيل الطائرات المتنامية في المنطقة.

القوى العاملة

الواقع أن تطوير صناعة الطيران هو جزء من رؤية أبوظبي الطويلة المدى لكي تصبح إقتصاداً قائماً على المعرفة، وكذلك المحرّك الرئيسي لفرص العمل في المستقبل، مع إستهداف “مبادلة” ضمان 10,000 وظيفة جديدة في قطاع صناعة الطيران بحلول العام 2030.
“تماماً مثل أي عمل في الصناعات التحويلية الأخرى، يبقى التحدّي في جذب ما يكفي من الكفاءات والمواهب الهندسية والتقنية لدعم إستدامة طموحاتنا للنمو”، قال بدر سليم سلطان العلماء، الرئيس التنفيذي لشركة “ستراتا”. مضيفاً بأن “تصنيع أجزاء ليس أمراً صعباً كما هو تطوير وتحضير قوى عاملة شابة لتصميم أجزاء أو صناعة عملية تصنيع جديدة”.
لمعالجة هذه الأهداف، فإن مؤسسات التعليم العالي برزت الى الواجهة من خلال عدد من الشراكات مع القطاع الخاص وتخصصات دكتوراه في هندسة الطيران والروبوتات.
وقد تأسست في العام 2007 جامعة خليفة المملوكة لحكومة أبو ظبي والتي لعبت دوراً رئيسياً في شملها السكان المحليين في القوى العاملة في قطاع الطيران. وتحتفظ الجامعة بشراكات مع أكثر من 20 شركة وهيئة خاصة، التي كانت حاسمة في تطوير توسعها في مجال مرافق البحوث.
منذ العام 2012 قامت الجامعة بضم مركز الطيران للأبحاث والإبتكار، الذي يدرب الطلاب بالتعاون مع “بوينغ” و”إيرباص” و”جنرال إلكتريك”. وتركز مرافقها على المختبرات، والتي تهدف إلى تعزيز القدرات البحثية في الجامعة، مع إستمرار قطاع الطيران بأن يكون من المجالات الرئيسية التي تهمّ المؤسسة.
يبقى أن نعلم، وبحسب وحدة مبادلة لصناعة الطيران، التابعة لشركة مبادلة للتنمية، بأن قيمة قطع غيار الطائرات على مستوى العالم تقدر بنحو 45 مليار دولار، كما يتجاوز حجم إنفاق شركات الطيران على أعمال الصيانة 40 مليار دولار سنوياً. ويتوقّع أن يرتفع عدد الطائرات التجارية العاملة إلى أكثر من 27,000 طائرة بحلول العام 2020، بزيادة قدرها أكثر من 5000 طائرة، مما سيرفع من تكاليف الصيانة السنوية إلى أكثر من 60 مليار دولار.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى