الرئيس ميشال عون والمهمة الصعبة

بقلم كابي طبراني

لا شك أن إنتخاب رئيسٍ جديد للجمهورية بعد أكثر من عامين ونصف من الفراغ هو يوم عظيم للبنان حيث تجلّت الديموقراطية اللبنانية “الخاصة جداً” بأفضل حالاتها التي إحتوت على جميع مكوّنات الجدية، والتشويق، والتآمر والكوميديا.
ومن المفهوم أن يكون بلد الأرز في مزاج إحتفالي على مدى الأيام القليلة المقبلة جراء إنتخاب الرئيس ميشال عون، ولكن الآن ينبغي أن يبدأ العمل الحقيقي.
هناك أولويات، والتي تطرق إليها عون في كلمته أمام البرلمان بعدما أدّى القسم في 31 تشرين الأول (أكتوبر) الجاري، وتتمثّل في أن لبنان يحتاج إلى التركيز على إعادة النظام الذي أصابه الشلل لفترة طويلة. أولاً، هناك تشكيل الحكومة، التي من المتوقّع أن تكون بقيادة رئيس الوزراء السابق سعد الحريري.
ولأن الوضع اللبناني بات على جميع الصعد على حافة الهاوية فإن أعضاء الحكومة الجديدة ينبغي أن يكونوا من التكنوقراط المستقلين الذين لا تربطهم أية علاقة بالأطراف السياسية التي أوصلت البلاد إلى ما هي عليه اليوم وهمّهم الوحيد إنقاذ البلاد، وبذلك يكون الرئيس عون (ومعه الرئيس الحريري) قد حرر نفسه من عقبات الشروط السياسية التي تؤخر عادة تشكيل الحكومات في لبنان. ويجب إختيار هؤلاء الأعضاء بعناية وعلى أساس الكفاءة – وليس على أساس المحسوبية العرفية والحسابات الطائفية. ويجب أن تكون محاربة الفساد، كما وعد عون، على رأس جدول أعمال هذه الحكومة.
ثم هناك الإقتصاد الراكد. إن إرتفاع البطالة والتضخم الهائل والعدد المتزايد للاجئين السوريين كلها أمور أثّرت بشكل مدمّر في الإقتصاد. وبدورها كان للسياسة أثرها السلبي في الإقتصاد أيضاً حيث إختار الآلاف من السياح الخليجيين في السنوات الثلاث الماضية عدم المجيء إلى لبنان بسبب تورّط “حزب الله” في الحرب السورية. وقد أدى ذلك إلى تدهور العلاقات مع العديد من الدول العربية، خصوصاً مع دول مجلس التعاون الخليجي التي كانت دائماً المصدر الرئيسي للسياح.
ولكن الكثيرين يعتقدون أن التحدّي الرئيسي أمام الرئيس الجديد، الذي هو حليف “حزب الله” المدعوم من إيران، هو إعادة لبنان إلى الحضن العربي. لقد تحوّل هذا البلد لفترة طويلة إلى ملعب مفضّل للسياسات التوسّعية الإيرانية.
الواقع أن هيمنة “حزب الله”، المُشارك في الأعمال الحربية إلى جانب النظام في سوريا منذ سنواتٍ خمس، قد أدّت إلى إستعداء الدول العربية وجعلت إيران لاعباً رئيسياً في السياسة اللبنانية. وكما تعهّد عون في قسمه الرئاسي، لا بدّ له من أن يعمل بجد لإستعادة إستقلال البلاد، وإنهاء الهيمنة السياسية الإيرانية.
يمكنه أن يبدأ من خلال إنهاء تورط “حزب الله” في الصراع السوري، ومن ثم معالجة مسألة سلاح ميليشياته، التي تهدّد الوحدة والأمن والتوازن الطائفي في لبنان.
إن التحديات التي تواجه الرئيس عون هائلة، ولكنه سيكون مدعوماً من جميع الدول العربية، إضافة إلى الغربية، التي ساهمت في إخراجه من قصر بعبدا في العام 1990وإعادته إليه في 2016، إذا إختار القتال من أجل لبنانٍ مستقل.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى