“دويتشه بنك” يهدّد الإقتصاد الإلماني ومعه العالم بكارثة

غذّى “دويتشه بنك” صعود إلمانيا لكي تصبح قوة إقتصادية عظمى، حيث موّل صناعتها في القرن ال19، وساعد إقتصاد البلاد على النهوض مرة أخرى من أنقاض الحرب العالمية الثانية. وواجه عمالقة شارع المال الأميركي، “وول ستريت”، في إقتصاد ما بعد الحرب المعولم، ونجا من أزمة العام 2008 المصرفية من دون خطة إنقاذ.
هذه المكانة المتميزة دفعت في العام 2008 أنغيلا ميركل إلى إقامة حفل عشاء على شرف رئيس البنك آنذاك جوزيف أكرمان في عيد ميلاده ال60، في دار المستشارية.
ولكن الآن فيما المؤسسة المالية تدخل عامها ال146، بدأت التساؤلات تُطرَح حول وضعها المالي السيىء الذي بات يهدد بكارثة وكيفية إعادة إختراع نفسها لكي تصمد في المشهد المصرفي الذي يمر في مرحلة تغيير زلزالي نتيجة للتغيير التنظيمي والمخاوف من التباطؤ الإقتصادي العالمي، خصوصاً أن “دويتشه بنك” لديه متوجبات دفع تبلغ 25 تريليون دولار من طريق المقايضة مع البنوك المركزية والبنوك الدولية الكبرى الأخرى والمنتجات المالية والتأمينية المعقدة التي كانت سبباً في آزمة 2008 المالية.

المقر العام لـ"دويتشه بنك" في فرنكفورت: فكر بعض رؤسائه نقله إلى نيويورك أو لندن
المقر العام لـ”دويتشه بنك” في فرنكفورت: فكر بعض رؤسائه نقله إلى نيويورك أو لندن

فرنكفورت – باسم رحّال

بُنيت إلمانيا الحديثة وتطوّرت حول شركات مشهورة، وخلال العام الفائت واجه بعضها مشاكل بارزة. شركة “سيمنز” بدأت لتوّها التعافي من فضيحة رشوة وفساد. وتضررت سمعة شركة “لوفتهانزا” بالنسبة إلى السلامة بعدما قاد مساعد طيار له تاريخ من الإضطرابات العقلية طائرة تابعة لها لتتحطم في الجبل. والأكثر خطورة كان إكتشاف التلاعب أخيراً في إنبعاثات الديزل في سيارات “فولكسفاغن” الذي هزّ صورة صناعة السيارات في ألمانيا، ناهيك عن الأضرار والتكاليف القانونية الناتجة من ذلك على شركة “فولكسفاغن” في نهاية المطاف.
ثم هناك المشاكل المستمرة في “دويتشه بنك” (Deutsche Bank). منذ أن أعلن المصرف عن خسائر ضخمة في العام 2015، وسعر سهمه يغرق بشكل دراماتيكي. إن التكاليف القانونية الإجمالية التي دفعها البنك فعلياً منذ العام 2012 بلغت 12.7 مليار يورو، (أو 14.2 مليار دولار)، وهذا كان أكثر من قدرته على جمع رأس مال جديد في ذلك الوقت. كما أن إستمرار تعرّضه لفضائح متعلّقة بالرهون العقارية العالية المخاطر في الولايات المتحدة، وتحديد سعر ال”ليبور” (الفائدة بين البنوك)، والتعاملات التجارية للبنك في روسيا، يعني أن هناك بالتأكيد المزيد من الغرامات الآتية. ونظراً إلى إستمرار إنخفاض أسعار الفائدة، وعودة البنك إلى الربحية تبدو غير مُحتَملة في المستقبل القريب، فإن خطر التخلّف عن دفع بعض مطلوباته يبدو مرتفعاً بشكل كبير.
بالنسبة إلى المُستهلكين في أي مكان آخر في العالم، فإن الوضع في “دويتشه” قد يبدو أكثر غموضاً مقارنةً بأوجه القصور في شركة “فولكسفاغن”. لكن بالنسبة إلى الإلمان فهو أكثر أهمية بكثير. ليس لأنه في سياق الإقتصاد الألماني هو بنك ضخم أكبر من أن يسقط ويفشل، فثقافياً، إن الضرر يذهب إلى أعمق من ذلك. إن الإضطرابات الحالية في البنك ليست مجرّد لائحة إتهام للشركة، أو لقطاع إقتصادي – إنها توريط أساسي للمفهوم الذاتي للإقتصاد الإلماني الحديث؛ وقد تجبر الإلمان على التفكير في العلاقة بين تلك الهوية الوطنية الموروثة والواقع الإقتصادي في إلمانيا في الوقت الحاضر.
بالنسبة إلى معظم تاريخه، كان “دويتشه” الأكثر نموذجية، والأكثر تمثيلاً، والبنك الإلماني الأكثر شهرة. فقد تأسس في العام 1870، حتى قبل ما يكون هناك دولة إلمانية، حيث أُختير إسمه للإشارة إلى برنامج طموح للغاية – على حد سواء سياسياً وإقتصادياً – للمستقبل. وكانت مهمته الأصلية إلى حد كبير تكمن في تمويل التجارة، والمساعدة على تعزيز جهاز الصادرات الإلمانية، الأمر الذي تطلب منه إفتتاح شبكة من الفروع الخارجية بسرعة.
ولكن تركيز البنك ما لبث أن تحوّل مباشرة تقريباً إلى التمويل الصناعي. طوّر “دويتشه بنك” نموذج عمل فريداً أصبح لاعباً أساسياً، ومركزاً للتخطيط، في تطوير الصناعة الألمانية. كانت إلمانيا فقيرة جداً في ذلك الوقت، ونتيجة لذلك، كانت تفتقر إلى أسواق رأسمال عاملة. بدلاً من محاولة تصحيح هذا العجز، فقد إستغلّ “دويتشه بنك” الوضع. قدم البنك قروضاً إلى العملاء الصناعيين، وفي لحظة مواتية قام بتحويل القروض قصيرة الأجل إلى أوراق مالية طويلة الأجل – سندات أو أسهم. في بعض الأحيان كان يبيع تلك الأوراق المالية إلى عملاء التجزئة. ولكن غالباً ما إستخدمها البنك للحصول على حقوق التصويت بالوكالة، لكي تتمكن إدارة البنك من أن تستمر في توجيه الشركات التي كانت تقرضها وتتعامل معها. وكان مصرفيو “دويتشه” بشكل روتيني يُعيّنون في مجالس إدارة الشركات التي كانوا يتعاملون معها. وفي كثير من الأحيان كانوا يُعيدون هيكلة هذه الشركات، وترتيب عمليات الدمج والإستحواذ.
إن الهيكلية الحديثة لصناعة السيارات الإلمانية هي، على سبيل المثال، في جزء كبير منها جاءت نتيجة لجهود “دويتشه بنك”، الذي دفع بشركة “دايملر و بنز” إلى الإندماج في عشرينات القرن الفائت، وفي خمسينات القرن الماضي حاول ممارسة ضغط مماثل مع شركتي “دايملر بنز” و “بي أم دبليو” (ولكن جهوده فشلت). في ستينات القرن العشرين، أدار “دويتشه” خصخصة شركة “فولكسفاغن”، في صفقة مُعقّدة حيث لا تزال الدولة تحافظ على حصة كبيرة فيها (من خلال ولاية ساكسونيا السفلى). لفترات طويلة من تاريخ ما بعد الحرب، إمتلك “دويتشه بنك” حصة كبيرة في شركة “ديملر”.
إن الترتيبات التي تربط الشركات الكبرى والبنوك والسياسيين معاً في علاقات طويلة الأمد كانت في كثير من الأحيان على غرار “دويتشلاند إي جي” (أو دويتشلاند آكتينجيسشافت، ألمانيا، كشركة مساهمة). لقد تملّكت البنوك أسهماً في الشركات، وجنباً إلى جنب مع السياسيين، جلس ممثلوها في مجالس إداراتها.
ولكن هذا الترتيب المُريح واجه تحدياً في تسعينات القرن الفائت، من خلال التكامل الأوروبي، وإنشاء سوق رأسمال أوروبية واحدة وثم عملة واحدة، والعولمة. بدأت الإلتزامات الطويلة الأجل والعلاقات الشخصية تبدو أقل جاذبية من وجهة نظر المعاملات القصيرة الأجل للرأسمالية، التي تملك الفرصة لزيادة الأرباح بشكل كبير.
في تلك المرحلة، إتخذ “دويتشه بنك” خياراً إستراتيجياً للتحوّل بعيداً من العلاقات المصرفية التقليدية في ألمانيا القديمة، والأرباح المنخفضة نسبياً الذي يستتبع هذا المنظور الطويل الأجل. بدلاً من ذلك، حاول أن يصبح بنكاً إستثمارياً عالمياً.
المعالم الرئيسية لهذا التحوّل تمثّلت في الإستحواذ على بنك إستثماري في لندن، “مورغان غرينفيل”، ومن ثم “بنكرز تراست” في نيويورك. كما أن حصص البنك في شركات كبرى ألمانية أخرى مثل “أليانز” أو “ديملر بنز”، التي كانت في صلب مفهوم “داتشلاند إي جي” (Deutschland AG) تم بيعها. للمرة الأولى، صار مواطنون غير ألمان – السويسري جوزيف أكرمان ثم الهندي الأصل أنشو جاين وأخيراً البريطاني جون كرايان- رؤساء تنفيذيين للبنك. وقد جرت حتى مناقشات دورية بين المديرين في “دويتشه بنك” حول ما إذا كان يجب أن يُنقل مقر البنك الرئيسي من فرانكفورت إلى نيويورك أو لندن، لأن جميع الإجراءات المالية كانت تجري في تلك المدينتين.
ولكن مثل العديد من المتحوّلين إلى قضية جديدة، بدأ “دويتشه بنك” متابعة العولمة المالية أكثر حماساً من نظرائه. بدلاً من تمويل نفسه من خلال ودائع التجزئة، فإنه إستخدم الإقتراض القصير الأجل من المؤسسات الأخرى (غالباً من صناديق أسواق المال الأميركية) لشراء الأوراق المالية ذات العائد المرتفع، والتي تؤدي إلى تحقيق مكاسب قصيرة الأجل ومن دون مراقبة النتائج الطويلة الأجل التي ميّزت النظام السابق. بعض تلك الأوراق المالية تم تجميعها من الرهون العقارية الأميركية، الأمر الذي جعل البنك الإلماني لاعباً رئيسياً في مأساة قطاع الرهن العقاري في الولايات المتحدة. ومن جانبه، قدّم أكرمان وعداً سيئاً إلى المستثمرين يتضمن معدل عائد يبلغ 25%، قبل دفع الضرائب، على حقوق المساهمين، وهو معدل لا يمكن تحقيقه إلّا فقط من خلال الحفاظ على نحافة أو رقاقة نسب رأس المال الرقيقة، مما يعني ان البنك إلى حد كبير أهمل وعرّض نفسه إلى مخاطر. وبحلول نهاية العام 2007، كان العازل الذي يوفره رأس المال فئة 1 فقط 1.47 في المئة من أصول “دويتشه بنك”، وقد إنخفضت هذه النسبة أقل من ذلك في العام 2008.
وفيما بزغت ملامح الأزمة المالية العالمية في العام 2008، وصار من المستحيل تسعير الأوراق المالية المُعقّدة التي إستثمر فيها “دويتشه بنك”، بدأت نقاط الضعف في البنك تظهر وتتوضّح (رغم أنه وسط حالة عدم اليقين، خبّأ “دويتشه” خسائره في منتجات تأمين معقّدة، على أمل أن يتصحّح وضع الأسواق قبل أن يتم إكتشافها). من جانبه وعد أنشو جاين، الذي تمّت ترقيته لإدارة البنك في العام 2012، بعدما كان أحد مصرفييه الذي يقبض أعلى راتب في المؤسسة، ب”تغيير الثقافة”، ولكنه كان دائماً غير واضح بالنسبة إلى كيفية تخطيطه لتحقيق هذا التحوّل. لذا بقي الشك في تحقيق وعود جاين ل”رحلة سنوات عدة” لتغيير الثقافة وإعتبرت مجرد تمرين في لغة الإدارة. في حزيران (يونيو) 2015، إستقال جاين وخلفه البريطاني جون كرايان، الذي كان بنى سمعة جيدة، ولكنه لم يكن غريباً جداً عن البنك.
جعلت الأزمة المالية وتداعياتها بشكل واضح – أولاً للمراقبين الماليين، وتدريجاً للجمهور الألماني – بأن “دويتشه بنك” قد شرع في نموذج أعمال عالمي جديد، من دون التخلي تماماً عن النموذج المُريح المحلي القديم “داتشلاند إي جي” (Deutschland AG). وهذا الأمر جعل الوضع حرجاً بالنسبة إليه في كلا العالمين، حيث لم يستطع أن يصبح عضواً كاملاً في أيّ منهما. النظر إلى رعاية وإقتناء “دويتشه بنك” لمجموعة لوحات فنية مشهورة، التي كان يحتفل بها في ثمانينات القرن التاسع عشر حتى القرن العشرين، صارت في الآونة الأخيرة تبدو غريبة. حتى العام 2011، كان البنك يصدر مواداً ترويجية مدّعياً أن “الفن هو في صلب الحمض النووي ل”دويتشه بنك”. ويتجلّى ذلك من خلال الطريقة التي يُعتبَر فيها الفن والثقافة أمرين أساسيين لمسؤولية الشركة الإجتماعية، والعلاقة مع العملاء، والعلامة التجارية، وبرامج التسويق وإستحقاقات الموظفين في البنك”.
ولكن فيما أصبح البنك متورّطاً أكثر في العولمة المالية، فإنه تعامل مع الفن كشيء للرعاية و كسوق للإستغلال. وبهذا المعنى، فقد توازت علاقة البنك مع الفن الطليعي مع معاملته للمنتجات المالية الجديدة، مثل المشتقات المالية المُعقدة (complex derivatives). في كلتا الحالتين كان يجري تسويق منتوج غير مفهوم بشكل أساسي إلى جمهور واسع من دون تمييز – وفي كلتا الحالتين، تم عدم تشجيع وتثبيط العملاء من محاولة فهم القيمة الكامنة وراء ما كانوا يستثمرون فيه. من وجهة نظر الجمهور الألماني، هذه التعاملات الباطنية في الفن بدت وكأنها خيانة للمسؤوليات الإجتماعية التقليدية للبنك. ومن وجهة نظر أقران المصرف الإلماني العالميين، فقد بدت كأنها لا داعي لها، ومحفوفة بالمخاطر، وعملية إلهاء.
في المسار نفسه، فيما أصبح واضحاً أنه قد صار بنكاً عالمياً وخرج عن النموذج الوطني لأعماله، فإن العلاقة الوثيقة بين البنك والسياسة الإلمانية، التي كانت لفترة طويلة السمة الأساسية للعلامة التجارية ل”دويتشه بنك”، أصبح عبئاً متفجّراً. تاريخياً، لم يكن بين المستشار (أو المستشارة) الألماني ورئيس “دويتشه بنك” بالضرورة علاقات إجتماعية، لكنهما كانا يعترفان بأن الحفاظ على علاقة وثيقة كان في مصلحتهما المتبادلة. قبل إندلاع الحرب العالمية الأولى، بعد تمويل “دويتشه” لواحد من المشاريع الكبرى المتعلق بالسياسة الخارجية للإمبراطورية الإلمانية، المتمثل في بناء خط سكة حديد الذي من شأنه أن يربط الإمبراطورية العثمانية إلى ألمانيا، بدأ القيصر فيلهلم الثاني بناء علاقات مع رؤساء “دويتشه بنك”، حيث منحهم ألقاباً كبرى، وكان يدعوهم إلى المناسبات الإحتفالية الإمبراطورية. وقد جادل سياسيون وديبلوماسيون في برلين بأن على الحكومة أن توجّه بحذر الشركات الخاصة بالطريقة التي تخدم المصلحة الوطنية. وقد إنغمس “دويتشه بنك” في مثل هذه النداءات من أجل إنتزاع ضمانات عمل من الحكومة.
توترت العلاقات السياسية حتماً بسبب الأزمات المالية. في فترة الكساد الكبير في 1929، حيث كانت التجربة الإلمانية كارثية جداً بسبب إنهيار البنوك الإلمانية الكبرى في تموز (يوليو) 1931، وقد وضع المستشار في ذلك الوقت، هاينريش برونينغ، اللوم على “دويتشه بنك” للإنهيار. أراد برونينغ من البنوك إعطاء ضمانة مشتركة لديون البنوك، ورفض “دويتشه” الطلب. إن الأزمة المالية التي تلت ذلك وإستيلاء النازيين على السلطة في العام 1933 أنتجا تورطاً جديداً في السياسة ل”دويتشه بنك”، وذنباً جديداً وعميقاً في الجرائم السياسية. بعد العام 1945، أُقفل “دويتشه”، مثل البنوك الألمانية الأخرى، بأمر من سلطات الحلفاء العسكرية؛ وبقي كذلك حتى أواخر خمسينات القرن الفائت حيث تمكن من إعادة بناء نفسه.
حملت أزمة أيلول (سبتمبر) 2008 أوجه شبه مع دراما تموز (يوليو) 1931، وفي أعقاب ذلك ما زال “دويتشه بنك” يكافح لإستعادة سمعته السابقة. بعد أسبوعين على إنهيار مصرف “ليمان برزرز” في نيويورك، طلبت الحكومة الإلمانية مرة أخرى من جميع البنوك إعطاء المال من أجل إنقاذ الحلقة الأضعف في السلسلة المالية الألمانية، “هايبو ريال إستايت” (Hypo Real Estate). وبعد مكالمة هاتفية عند الساعة 12:45 من صباح 29 أيلول (سبتمبر) 2008، من المستشارة الإلمانية أنغيلا ميركل، وافق رئيس “دويتسه بنك” جوزيف أكرمان على وضع 8.5 مليارات يورو، أي 1.5 مليار يورو أكثر مما قال في الأصل أنه مستعد للدفع. ولكن الإنقاذ الناجح في العام 2008، مثل الإنقاذ الفاشل في العام 1931، كان له إرث مسموم. فقد بدا سريعاً جداً للجمهور بأن البنوك قد إستغلت علاقتها مع الحكومة، وأنه ينبغي عليها أن تدفع أكثر.
الواقع أن ما تسبب في إثارة غضب كبير لدى الإلمان كان عندما تسرب فحوى المحادثة التي رفض فيها أكرمان فكرة إعادة رسملة جميع البنوك الألمانية على غرار المصارف في الولايات المتحدة: وقال بأنه سيشعر “بالخجل” من أخذ أموال حكومية. (وإدّعى في وقت لاحق انه قال أنه سيكون من “العار”). وفي أواخر العام 2010، مع الإنقسامات العميقة حول كيفية التعامل مع الديون السيادية اليونانية وغيرها في منطقة اليورو، كانت العلاقة بين المستشارة ميركل وأكرمان أصبحت متوترة جداً، حتى لو منعتهما التقاليد الإلمانية من إنهائها تماماً. ولكن في غياب الإلتزامات التقليدية المتبادلة بين الحكومة والبنك، فإن التقارب الرمزي بين الإثنين بدا على نحو متزايد يمثّل إحراجاً لجميع المعنيين.
راهن “دويتشه بنك” على التخلي عن النموذج الإلماني وأصبح ملتصقاً بالعولمة. للأسف، كان النوع الخطأ من العولمة: العولمة المالية من طريق النفوذ الشديد التي قادته إلى متوجبات للدفع بلغت حسب بعض المصادر المالية 25 تريليون دولار. لكن البنك كان بالإضافة إلى ذلك معرَّضاً بسبب تقاليده الإلمانية الخاصة، بما في ذلك ليس فقط مقره العام في فرانكفورت، ولكن قبل كل شيء تاريخه الطويل من التعاون مع الحكومة. كان الرؤساء السابقون ل”دويتشه بنك”، أنشو، وجاين وشريكه في الرئاسة يورغن فتشن، أوضحوا بأنهم “سيفعلون كل ما في وسعهم لتنظيف الماضي”. ولكن في إلمانيا، إن التخلص من الماضي لم يكن ولن يكون مهمة سهلة أبداً.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى