بورصة الكويت: مجموعة إصلاحات رئيسية

الكويت – خالد الديب

تحسين السيولة وزيادة القيمة السوقية هي محور الإصلاحات الجارية في سوق الكويت للأوراق المالية، فيما تعمل السلطات على إعادة تنشيط نمو البورصة.
بدأت السلطات فعلياً العمل على مجموعة من الإصلاحات التقنية. في حين يشكّل كسب وضع سوق ناشئة على المؤشرات المتداولة دولياً جزءاً أساسياً في جدول الأعمال في المدى الطويل، فإن مقترحات أخرى، بما في ذلك بيع حصة أقلية من أسهم بورصة الكويت وإدراج شركات النفط المملوكة للدولة، يجري النظر فيها.
حتى أواخر أيلول (سبتمبر)، كانت هناك حوالي 24 شركة قد أعلنت عن خطط لشطب إسمها من التداول في بورصة الكويت منذ بداية العام 2014، وفقاً لتقارير وسائل الاعلام. وكان بينها بيت التمويل الخليجي في البحرين الذي إختار وقف التداول، بعدما وافق مجلس إدارته على الشطب الطوعي.
وشطبت سوق الأوراق المالية خمس شركات إضافية خلال الفترة نتيجة لتعليق حصة طويل الأمد أو بسبب الخسائر المتراكمة التي تجاوزت 75٪ من رأسمالها الكلي. شركتان جديدتان فقط – شركة الاتصالات “فيفا الكويت” و”ميزان القابضة” – أُدرِجتا في البورصة خلال هذا الوقت.
الشيخ طلال علي العبدالله الجابر الصباح، الرئيس التنفيذي لشركة النوادي القابضة – واحدة من الشركات التي أعلنت عن خطط لشطب إسمها من التداول هذا العام – صرح لوسائل الإعلام في أيلول (سبتمبر): “إن السبب الرئيسي للإنسحاب من التداول هو القيمة السوقية المنخفضة لأسهم الشركة”. كما ذكرت شركات أخرى أن إنخفاض معدل سرعة حركة الأسهم كان سبباً للشطب، مع وصول حجم التداول اليومي في بورصة الكويت في كثير من الأحيان إلى نصف المستويات التي تشهدها بورصات المملكة العربية السعودية ودبي.
وهذا يقف على النقيض من العديد من الأسواق الأخرى في المنطقة، حيث أن تسع شركات قد أُدرجت في البورصة السعودية خلال الفترة نفسها، في حين أن سوق دبي المالية وبورصة ناسداك دبي إستقبلتا معاً سبعة داخلين جدد.
وعرفت أحجام التداول في بورصة الكويت تراجعاً طوال العام 2014، إنخفاضاً بنسبة 58٪ على مدار السنة، في حين أن القيمة الإجمالية للأسهم المتداولة إنخفضت بنسبة 46٪ إلى 6.2 مليارات دينار كويتي (20.5 مليار دولار). في الوقت عينه إنخفضت القيمة السوقية للبورصة بنسبة 45.5٪ خلال الفترة إلى 30.2 مليار دينار (99.9 مليار دولار)، وفقاً لبيانات بورصة الكويت.
وإستمرت هذه الأرقام إلى حد كبير في إتجاهها النزولي في العام 2015. وعلى الرغم من أن عدد الأسهم المتداولة إرتفع بنسبة 3٪ خلال النصف الأول من العام، حسب الأرقام الرسمية، فقد إنخفض إجمالي قيمتها بنسبة 12٪ لتصل إلى 2.4 ملياري دينار (7.9 مليارات دولار). وإنخفضت قيمة الأسهم المتداولة مرة أخرى في الربع الثالث، هابطةً بنسبة 29٪ إلى 774.1 مليون دينار (2.6 ملياري دولار).
وأفادت الشركات بأنه إضافة إلى عدم وجود السيولة في بورصة الكويت، فغالباً ما كانت الأسهم تُقيَّم بأقل من قيمتها.
وتدعم هذه الشركات مخاوفها ببيانات منتصف العام الصادرة من بنك الكويت الوطني، والتي أظهرت إرتفاع الأرباح الإجمالية ل169 شركة مُدرجة في بورصة الكويت بنسبة 5.6٪ في العام على أساس سنوى لتصل الى 868 مليون دينار (2.9 ملياري دولار)، مدفوعةً بقطاعات العقارات والخدمات المالية. وفي الوقت عينه، خلال الفترة نفسها، إنخفض إجمالي القيمة السوقية لبورصة الكويت بنسبة 6.6٪ إلى 29.2 مليار دينار (96.6 مليار دولار).
ومع إعراب أصحاب المصلحة الإقليميين عن قلقهم إزاء تأثير شطب الشركات من التداول في بورصة الكويت على جاذبية الإكتتابات العامة الأولية في المستقبل، يتوقع الخبراء أن تُقدم السلطات الكويتية على إدخال سلسلة من الإصلاحات في الأشهر المقبلة بهدف تحقيق الإستقرار في البورصة، وفي نظرة أطول بعيدة المدى، تحقيق تصنيف سوق ناشئة في نهاية المطاف.
وفي حين أن الكويت حتى الآن لم تحصل على مكان في قائمة مورغان ستانلي كابيتال إنترناشيونال (MSCI) للأسواق قيد النظر لوضع سوق ناشئة، فهذا يعني أن ترقيتها من غير المرجح أن تحدث قبل 2017 على أقرب تقدير، وهيئة سوق المال تعمل على التحسينات التقنية التي تأمل أن تعزّز ترشيح السوق في المدى الطويل.
وتتضمّن إستراتيجية الهيئة جعل تسوية الصفقات أكثر إنسجاماً مع المعايير العالمية، والخصخصة المحتملة لبورصة الكويت نفسها، التي قالت الحكومة بأنها يمكن أن تنطوي على تقديم ما يصل إلى 44٪ من أسهم البورصة إلى شركة متخصصة في تشغيل التبادل.
في أيلول (سبتمبر) صرح نايف الحجرف، رئيس مجلس إدارة هيئة السوق المالية، لوسائل الإعلام ان الحكومة تدرس أيضاً إدراج الشركات النفطية المملوكة للدولة، والتي يمكن أن توفّر دفعة قوية للسوق من حيث السيولة والقيمة على حد سواء.
لقد شهدت بورصات أخرى في المنطقة، بما في ذلك بورصة قطر وسوق دبي المالية، زيادة كبيرة في نشاط التداول بعد إعادة تصنيف قطر والإمارات من قبل “مورغان ستانلي كابيتال إنترناشيونال” (MSCI) وغيره، على الرغم من أن التدفقات التي كان يتوقعها المستثمر المؤسسي من إعادة التصنيف لم تتحقق بالكامل.
في أيلول (سبتمبر) حسّنت سلسلة مؤشر فايننشال تايمز للأوراق المالية (FTSE) مرتبة بورصة قطر من وضع حدود إلى وضع سوق ناشئة ثانوية، بعد ترقيات مماثلة من “مورغان ستانلي كابيتال إنترناشيونال” و”ستاندرد أند بورز” في العام الماضي. وقد إرتفع متوسط حجم التداول اليومي في بورصة قطر 160% في العام على أساس سنوي في أعقاب ترقية “مورغان ستانلي”، وفقاً للمدير التنفيذي للبورصة، راشد بن علي المنصوري، مع إرتفاع إجمالي القيمة السوقية 21.8٪ في العام 2014 إلى 676.8 مليار ريال قطري (185.9 مليار دولار). وفي اليوم الأول من التداول بعد إدراج البلاد في مؤشر مورغان ستانلي للأسواق الناشئة، وصلت الأسهم المتداولة في بورصة قطر إلى رقم قياسي 4.6 مليارات ريال قطري (1.3مليار دولار) ، وفقاً للتقرير السنوي للبورصة، مقارنةً مع إرتفاع قياسي سابق في حزيران (يونيو) 2008 بلغ 2.4 ملياري ريال قطري (659.3 مليون دولار).
من جانبه، إرتفع مؤشر سوق دبي المالية 58٪ منذ بداية العام حتى أيار (مايو) 2014 متأثراً بأخبار إعادة تصنيف دولة الإمارات من قبل مورغان ستانلي، مع تزايد متوسط التداول اليومي بنسبة 136.7٪ على مدار السنة. وقد بلغت القيمة السوقية للبورصة بحلول نهاية العام الفائت 322.6 مليار دينار إماراتي (87.7 مليار دولار)، محققةً 24.3٪ من الأرباح.
ومع ذلك، فإن تدفقات المحافظ المتوقعة من المؤسسات الإستثمارية العالمية لم تتحقق إلى الدرجة التي أملت بها الأسواق، مع تباطؤ النمو العالمي وتوقع إرتفاع سعر الفائدة في الولايات المتحدة فقد فضل معظم اللمستثمرين الإبتعاد من الأسواق الناشئة.
والسؤال هنا: هل الإصلاحات المتوقعة في بورصة الكويت ستكون أنجح من أقرانها في الدول المجاورة؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى