بعد 25 عاماً على غزو الكويت

الكويت – خالد الديب

ربع قرن مرّ منذ أمر صدام حسين القوات العراقية لإجتياح الكويت في 2 آب (أغسطس) 1990 الذي وضع الأرضية لسبعة أشهر من وحشية الإحتلال والتي إنتهت بتحرير الإمارة الخليجية بواسطة تحالف متعدد الأطراف من 34 دولة قادته الولايات المتحدة. لا يزال المئات، إن لم يكن الآلاف، من الأشخاص في عداد المفقودين، وحتى العام 2014، واصل العراق دفع تعويضات مرتبطة بالحرب على الكويت إلّا أنه أوقف المدفوعات مؤقتاً بعد الإنخفاض الحاد في أسعار النفط والإيرادات الحكومية في العراق.
لا شك أن مرور الوقت قد خفف من تأثير هذه الحرب في الكويت. جيل كامل حالياً ليست لديه ذاكرة مباشرة لأحداث العام 1990. وعلاوة على ذلك، فقد ملأت طفرة البناء الجارية في مدينة الكويت العديد من المناطق الأكثر تضرراً، في حين أن البيئة قد تعافت تدريجاً من حرائق النفط التي أضرمت نيرانها القوات العراقية المُنسحِبة. ومع ذلك، في بعض الأحيان، واصلت ذكرى الإحتلال في تشويش العلاقات بين الكويت والعراق حتى مع موت وإزالة صدام ووجود حكومة مختلفة جداً مكانه في بغداد. إن الإرتفاع الحاد في التوترات على الحدود في العام 2010 حول مشاريع ضخمة لميناءين متنافسين يوضّح ضعف العلاقات الكويتية العراقية أمام هجمات القوى السياسية الشعبوية.
بطرق أخرى أيضاً، كانت للغزو العراقي عواقب بالغة الأهمية سواء بالنسبة إلى العراق أم بالنسبة إلى سياسة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط التي لا نزال نشعر بها حتى اليوم. على مستوى واحد، كانت لتمركز أكثر من 700،000 جندي أميركي في شبه الجزيرة العربية في العام 1990، والإبقاء على 5000 منهم بعد ذلك، تداعيات نتج منها صعود الجماعات الجهادية المتطرفة مثل تنظيم “القاعدة”. وعلى الرغم من أن قيادة هذا التنظيم قد هُزّمت في أفغانستان بشكل مُنتظم بعد العام 2001، فإن أعضاء من بقاياه أعادوا في السنوات الأخيرة تأسيس قاعدة إقليمية في مناطق اليمن.
في الوقت عينه، برزت أميركا بعد حرب الخليج بإعتبارها القوة العسكرية العظمى في الشرق الأوسط، كما كانت في العالم الأوسع. خلال تسعينات القرن الفائت، عزّز كلٌّ من جورج بوش الأب وبيل كلينتون العلاقات مع دول مجلس التعاون الخليجي من خلال إتفاقات تعاون في مجال الدفاع والتخزين المُسبَق لمخزونات كبيرة من الدعم اللوجستي والعسكري في الخليج. كانت دول مجلس التعاون الخليجي أيضاً متكاملة تماماً تحت المظلة الأمنية الأميركية من خلال إستضافة محاور القيادة والمراقبة الرئيسية سواء بالنسبة إلى الأسطول الخامس الأميركي في البحرين والمقر المتقدّم للقيادة المركزية العسكرية الأميركية في قطر.
ولكن، ما زالت المنطقة الأوسع مصدراً للتقلب حتى في غياب الحرب بين الدول منذ العام 2003. إن سوء إدارة الغزو الذي قادته الولايات المتحدة والإحتلال الذي تبعه للعراق خلقا الظروف لإنهيار البلاد إلى حرب أهلية وبالتالي نمو جماعات متمردة أكثر عنفاً التي بلغت ذروتها في تشكيل تنظيم “داعش” وتوسّعه المذهل. علاوة على ذلك، لقد تسبب الخلاف العالق على قرار غزو العراق بالرأي السياسي والعام في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة إلى أن يكون حذراً جداً من أي تدخل عسكري آخر في الشرق الأوسط.
وقد أعاق هذا الأمر الردود على الوحشية الجارية في كل من العراق و، منذ العام 2011، في سوريا، وساهم في إنهيار السلطة الحاكمة في أجزاء كبيرة من كل دولة. على هذه الخلفية من عدم اليقين وجمود السياسة الجزئي، فقد وضعت دول الخليج العربية سياسات إقليمية أكثر حزماً من تلقاء نفسها لمعالجة ومواجهة تحديات الأمن الإقليمي بطريقة أفضل. على الصعيد الثنائي بين بلد وآخر أو جماعي من خلال مجلس التعاون الخليجي، شهد العامان الماضيان تعميق وتنويع الدفاع والأمن بالتعاون مع مجموعة واسعة من الشركاء الخارجيين.
مع شاغل جديد في البيت الأبيض اسيأتي في كانون الثاني (يناير) 2017، من المرجح أن يستمر قادة دول مجلس التعاون الخليجي في إتباع نهج أكثر إستباقية لإستقرار المنطقة فيما هم يقيِّمون الإحتمالات الرئاسية بعد أوباما. ومن الأمثلة على ذلك كان الإنتظار والترقب الحذر لرد فعل دول مجلس التعاون الخليجي على الإعلان عن الإتفاق النووي بين مجموعة الدول الخمس إلى ألمانيا مع إيران. في حين أن إدارة أوباما قد تحاول تحلية التقارب مع إيران بتعزيز مبيعات الأسلحة للشركاء الخليجيين، فمن المرجح أن دول الخليج سوف تتواصل فردياً بهدوء مع إيران وإعادة تأسيس علاقات تجارية. فيما تستعد أميركا للدخول في سنة الإنتخابات حيث من المرجح أن تزاحم القضايا المحلية السياسة الخارجية، فإن العضلات الأكبر لسياسات دول مجلس التعاون الخليجي أصبحت سمة منتظمة في المشهد الإقليمي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى