المغرب يستعد لربط الأحزمة في موازنة 2016

على الرغم من الإنتعاش الذي عرفه الإقتصاد المغربي في بعض جوانبه أخيراً، فإن الإشارات الحديثة لرئيس الحكومة عبد الإله بنكيران تدل على أن المملكة المغربية ستشد أحزمتها المالية في العام المقبل لتستعيد عافيتها الإقتصادية.
لقد خيَّمت لغة التقشّف على مضامين الرسالة التأطيرية التي أعلن عنها بنكيران أخيراً، والتي ستتحكم في إعداد مشروع قانون الموازنة في العام 2016، حيث شدّد على ضرورة التقليص ما أمكن من نفقات التسيير وضبط كتلة الأجور وإتخاذ ما يلزم من تدابير، بالتعاون مع مصالح وزارة المالية، لضبط توقعات نفقات الموظفين التي تهيمن على نصف الموازنة.
وأكد رئيس الحكومة على أهمية حصر مقترحات الوزارات بشأن المناصب المالية في الحد الأدنى الضروري لتحسين جودة الخدمات المقدَّمة للمواطنين، وحثّ كل القطاعات الوزارية على العمل لتفعيل إعادة الإنتشار ضمن مواردها البشرية لتعبئة الفرص المتاحة بهدف تغطية العجز الفعلي على المستوى المجالي أو القطاعي.
وأوصى رئيس الحكومة المغربية بـ”ضرورة مواصلة التحكّم في نمط عيش الإدارة، وخصوصا إستهلاك الماء والكهرباء والإتصالات، وكراء (إيجار) وتهيئة المقرات الإدارية وتأثيثها”، وإشترطت رسالة بنكيران ضرورة الحصول على ترخيص مسبق من رئيس الحكومة لإقتناء وكراء المسؤولين الحكوميين للسيارات، بناء على رأي لجنة مكوّنة من ممثلين عن رئاسة الحكومة ووزارتي الإقتصاد والمالية والقطاع الوزاري المعني أو المؤسسة المعنية.
ووضع بنكيران أربع أولويات لموازنة السنة المقبلة، أولها توطيد أسس نمو إقتصادي متوازن، يواصل دعم الطلب ويشجّع العرض عبر تحفيز التصنيع وإنعاش الاستثمار ودعم المقاولة. ثانياً توطيد أسس نمو اقتصادي مدمج يقلص الفوارق الإجتماعية والمجالية ويوفّر فرص الشغل الكريم. أما الأولوية الثالثة فتتعلق بتفعيل الجهوية وتسريع وتيرة الإصلاحات الهيكلية الكبرى. ورابعاً تفعيل إصلاح القانون التنظيمي للمالية ومواصلة مجهود الإستعادة التدريجية للتوازنات الماكرو – إقتصادية.
وطالبت توجيهات رئيس الحكومة بضرورة إصلاح النظام الجبائي، وخصوصاً توسيع الوعاء الضريبي وإصلاح منظومة الضريبة على القيمة المضافة، مطالباً بمواصلة إرجاع دين هذه الضريبة لفائدة المقاولات المستحقة موازاة مع دمج القطاع غير المهيكل والتقليص من الإعفاءات الضريبية غير المجدية إقتصادياً وإجتماعياً ومحاربة الغش والتملص الضريبيين.
ودعا بنكيران إلى جعل أحد أهداف موازنة السنة الأخيرة من ولايته تقليص نسبة العجز إلى 3.5 في المئة، وذلك من خلال تحسين تحصيل الموارد الجبائية، مبرزاً أهمية تعبئة الموارد المتأتية من المؤسسات العمومية بالموازاة مع مواصلة ضبط نفقات السير العادي للإدارة، والمضي قدماً في إصلاح صندوق المقاصة (صندوق دعم المواد الأساسية) بما يمكن من توفير الهوامش الضرورية لدعم الإستثمار وإستهداف الفئات المعوزة والهشّة.
من ناحية أخرى، نوّهت رسالة بنكيران بالانتعاشة التي يعيشها الاقتصاد المغربي جراء الإصلاحات التي قامت بها حكومته، وأعلن أن نسبة النمو ستصل مع نهاية الموازنة الحالية إلى 5 في المئة بدل التوقعات الحكومية بـ4.4 في المئة. وكشفت الرسالة أن عجز الميزان التجاري واصل تحسنه حيث تقلص بما يفوق أربعة مليارات دولار نتيجة تقلص فاتورة الطاقة، وإرتفاع الصادرات وخصوصاً الفوسفات ومشتقاته بـ23 في المئة وقطاع السيارات بـ13.6 في المئة، بالإضافة إلى زيادة تحويلات المغاربة المقيمين في الخارج بـ5 في المئة، ناهيك عن إرتفاع الإستثمارات الأجنبية المباشرة بنسبة 19.9 في المئة لتصل إلى ما يفوق ملياري دولار.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى