وسام فتوح: المصارف اللبنانية بألف خير ولا تداعيات مباشرة للأزمة السورية عليها

أكّد الأمين العام لإتحاد المصارف العربية وسام فتوح في حوار خاص مع “أسواق العرب” بأن لا خوف على المصارف اللبنانية رغم الأزمة السورية العاصفة وتداعياتها وأعاد سبب ذلك إلى السياسة الذكية التي ينتهجها مصرف لبنان. كما رأى بأن بنوك الإستثمار هي بنوك المستقبل لأهميتها في حقل النمو الإقتصادي، ولم يرَ أخطاراً كبيرة جراء شراء المصارف اللبنانية معظم السندات السيادية المحلية. وعلق أهمية خاصة على أهمية تنبه البنوك اللبنانية والعربية إلى مسألة تبييض الأموال، لأن معظمها قد يصل إلى أيدي الإرهابيين والعصابات ويؤدي بالبنك الفاعل إلى العقاب.
وفي ما يلي نص الحوار:

الزميل مازن مجوز يحاور وسام فتوح
الزميل مازن مجوز يحاور وسام فتوح

أجرى الحوار في بيروت مازن مجوّز

• الأزمة في سوريا المجاورة، وعدم اليقين السياسي الداخلي، والوضع المالي المتدهور، كلها رمت بثقلها على الإقتصاد اللبناني خلال العام الفائت. كان الصراع السوري في حد ذاته مدمّراً بالنسبة إلى لبنان، حيث قدّر البنك الدولي أن أثره المالي السلبي في بلد الأرز بين عامي 2012 و 2014 وصل إلى تراكمية بلغت 2.6 ملياري دولار، أي حوالي 6٪ من الناتج المحلي الإجمالي في 2013. كيف ترى تداعيات الأزمة السورية على الوضع المصرفي في لبنان؟
– لا توجد داعيات مباشرة على المصارف اللبنانية من الأزمة السورية، فالتداعيات كانت في المرحلة الاولى منها، أي في عامي 2011 و2012 ، حيث كان هناك بعض المصارف اللبنانية الذي إستثمر في الداخل السوري. وفي نهاية العام 2011 كانت هناك مخصصات بحوالي 480 مليون دولار على القروض العائدة لهذه البنوك في السوق، فنالتها وإنتهت الأزمة عند هذه الحدود. هذا المبلع ضئيل جداً بالنسبة إلى حجم القطاع الذي بلغت موجوداته 180 مليار دولار وودائعه حوالي 150 مليار دولار. وبعد تلك الفترة لم يعد للمصارف اللبنانية الاربعة في سوريا أي نشاط حيث أن نشاطها ضئيل جداً، وبات تأثيرها ضعيف في القطاع المصرفي لأنه لم تعد هناك حركة تجارية قوية.
وعلى الرغم من غياب الأرقام الدقيقة فإن الأزمات الحالية في المنطقة تؤثر في الإقتصاد اللبناني بسبب حركة التجارة، لأن التجارة عندنا وخصوصاً قطاع التصدير كان يمر عبر سوريا، واليوم بتنا أمام إحتمالين: التصدير عبر البحر أو الجو وطبعاً الإثنان ذات تكلفة عالية. وبالتالي ما يجري إنعكس سلباً على عملية تصدير المنتوجات الزراعية وأي تصدير آخر من لبنان وحتى المنتوجات الصناعية، في الوقت الذي كانت عملية التصدير سهلة جداً عبر البر، من خلال الشاحنات التي تمر نحو الاردن والعراق وحتى السعودية ودول الخليج عامة، وفي الخلاصة يمكن القول أنه كانت للأزمة السورية آثارها اللوجستية.
• لوحظ أن المصارف الكبرى اللبنانية حققت أرباحاً كبيرة في الأشهر الستة الأولى من هذا العام، كيف تفسر هذا مع كل المشاكل الإقتصادية والإجتماعية في البلاد؟
– طبعا هذا يعود بالدرجة الأولى إلى السياسة المالية والمصرفية لمصرف لبنان الذي يقوم بإستثمارات بسندات سيادية مربحة، لكن وللأسف معظم الإستثمارات في لبنان لا تتعلق بالتنمية الإقتصادية والإجتماعية. والملاحظ أن أكثر الإستثمارات لا تزال من خلال السندات التي يتم شراؤها من مصرف لبنان وهي تقريباً سندات آمنة وتحقق الأرباح. وأيضا كان هناك بعض الإستثمارات في قطاع البناء والعقارات. ومن المعروف تاريخياً أن هذا القطاع لا يتراجع أبداً بل يشهد حالات جمود ومن ثم حالات إرتفاع. وحالياً نشهد حالة جمود من ناحية العرض والطلب، ونشعر أن الأول أكثر من الثاني، لكن هناك بعض المصارف لا يزال يستثمر في هذا القطاع الذي أراه جيد جداً.
ومن أهم العوامل في التنمية الإقتصادية والإجتماعية هي تمويل المشروعات الصغرى والمتوسطة، التي تخلق فرص عمل أيضاً والإستثمار في قطاع الإعمار، وأكبر دليل هنا هو دبي حيث معظم المحفظة الإستثمارية للمصارف فيها يذهب إلى قطاع الإعمار وهذا يشمل أيضاً البنى التحتية بأكملها والطرقات وهذا يعد تنمية مهمة، وبرأيي يجب على المصارف عندنا أن تفعل ذلك.
ومن هنا أتمنى على القطاع المصرفي أن يولي إهتماماً أكبر للتنمية الإقتصادية والإجتماعية بغية خلق فرص عمل للشباب وحتى اليوم لا نرى فرصاً في مجالات صناعية أو مشاريع إستثمارية أو بنى تحتية، لا نلمس بأن أحدا قرر إقامة مصنع أو معمل أو شق طرقات وأوتوسترادات أو إفتتاح منتجع سياحي. والسبب بالتأكيد يعود إلى عدم الإستقرار الأمني والسياسي لأن المصرف في لبنان بطبيعته متحفظ.
وفي المقابل نجد أن المستثمر الأجنبي وفي حال لم يشعر بالإستقرار الأمني والسياسي لن يأتي لإقامة الإستثمارات وخصوصاً في غياب التشريعات والقوانين التي لا تحميه. وبعض المستثمرين يقول: ” أنا مستثمر، ليس هناك ما يحميني لا قوانين ولا تشريعات. فلماذا أستثمر هنا، سأقصد مصر أو دبي أو أي دولة آمنة”.
• لعبت المصارف اللبنانية دوراً مهماً في دعم السندات السيادية. وقد ساعدت كميات كبيرة من التحويلات المالية من المغتربين اللبنانيين القطاع المصرفي على تمويل الدين العام على مر السنين، الأمر الذي منح البنوك فرصة التعرض الكبير لسندات الدولة المنخفضة التصنيف. وتفيد تقديرات وكالة “فيتش” أن ما يقرب من 60٪ من مجموع الديون الحكومية هي من البنوك المحلية. وكانت هذه الدينامية في كثير من الأحيان مصدراً لإنتقادات القطاع المصرفي في البلاد، والذي تُوَجَّه له عادة الإنتقادات بسبب تعرضه لتلك السندات المالية التي تُعتبر ذات مخاطر عالية. مع ذلك، فإن هذا المنظور على أرض الواقع متنازع عليه ولا يحظى بإجماع الخبراء. فكيف ترى هذا الوضع وما هو مدى المخاطر التي تتعرض لها البلاد جراء السندات؟
– هذا الأمر صحيح وقائم لكن ليس بمخاطر عالية، فالمصارف اللبنانية تموِّل الدولة لكن مصرف لبنان يلعب دوراً كبيراً جداً في عملية التوازن، ونرى كيف أنه يحقق نجاحات وأرباحاً ويستثمر دوليا والحمد لله الأمور جيدة، ولا أرى مخاطر عالية. نرى تجارب مماثلة في بعض الدول العربية كيف أصبح القطاع الخاص يمول القطاع العام أي يلعب دوراً كبيراً في تمويل الإقتصاد وبنسبة تفوق 60 % في بعض البلدان، فيما لبنان يعد حالة خاصة في هذه القاعدة ، وبالتأكيد مصرف لبنان يدير اللعبة بطريقة جيدة .
• من المعروف أن لبنان ومنذ سنوات طويلة يعاني من أزمة كهرباء وماء، وحتى اليوم لا يبدو أن هناك ملامح حلول تلوح في الأفق، لا بل على العكس تذهب نحو الأسوأ . فما رأيكم ؟
– هنا أود أن أكشف وعبر مجلتكم عن سر لأول مرة وهو أنني علمت خلال أحد إجتماعاتي في واشنطن أن هناك منحة لقطاع الكهرباء في لبنان من البنك الدولي بقيمة 2 ملياري دولار وهي تنتظر التشريعات، فالأموال موجودة في درج البنك وتنتظر الإرادة السياسية كي يقبل لبنان هذه المنحة والجميع يعلم ذلك. وأيضاً هناك منحة مخصصة لقطاع المياه بقيمة 500 مليون دولار من البنك ذاته. وكما هو معلوم فإن هذه المنح وغيرها تخضع لقرار مجلس النواب ومجلس الوزارء لقبولها، وسبق أن أتتنا منح من بعض الدول لكننا رفضناها كالمنحة الإيرانية.
• كيف تصف تأثر المصارف المنضوية تحت لواء إتحاد المصارف العربية بالصراعات الحاصلة في البلدان التي تشهد معارك ومواجهات عنيفة وتهدد الأمن والإستقرار في هذه البلدان كسوريا والعراق واليمن وليبيا ؟ وما أبرز الإجراءات المتخذة في سبيل التخفيف من الخسائر لديها ؟
– ليس هناك من مشاكل بإستثناء سوريا التي تشكل حالة خاصة. فحتى لو كانت هناك فروع لمصارف عربية في أماكن تشهد نزاعات فليست هناك مخاطر على المصارف. فالمصرف بإمكانه أن ينقل عمله إلى فرع آمن في البلد ذاته. وهذه الخطوة من أسهل ما يمكن بخاصة في وجود التكنولوجيا والتقنيات العالية في القطاع والعمل يسير بشكل إعتيادي وبعدد قليل من الفروع ولا مخاطر عالية عليه. لكن السؤال مثلاً في العراق: كيف لي أن أمول منطقة تشهد مشاكل؟
ونتوقف هنا لنشير أن لدى المؤسسات الدولية قلقاً وحيداً في هذا الموضوع، وهو أن يحصل عملية تبييض أموال لدى الفروع المتواجدة في البلدان المتوترة أو تمويل الإرهاب من خلالها وخصوصاً في ظل سيطرة “داعش” على أجزاء شاسعة من سوريا والعراق، وتحديداً من إستغلالها عسكرياً بهدف تبييض الأموال وعلى إدخال أموال ضمن هذه الفروع. وفي هذه الحالة لا بد أن تكون هذه الفروع ملتزمة بالقوانين والتشريعات الدولية وأن تبلغ عن أي عملية قد تشك بها تحت راية ومبدأ “إعرف عميلك”.
وحتى اليوم نؤكد كإتحاد المصارف العربية، كما أعلنت في تصريح في واشنطن في هذا السياق، بأن المصارف العربية تلتزم أعلى درجات مبدأ “إعرف عميلك” وأعلى درجات تطبيق القوانين والتشريعات المرعية في هذا المجال.
لا توجد إحصاءات دقيقة في هذا الموضوع والثقل الأكبر في القطاع موجود في السعودية والإمارات وقطر. وهذه بلدان لديها إستثمارات خارجية لكن ليس لديها أبداً هروب أموال، فيما لبنان لا يزال يستقطب ودائع من المغتربين في البرازيل وأوستراليا وإفريقيا على الرغم من الأحداث الدامية في المنطقة.
وقبل أيام وتحديداً في 10 آب (أغسطس) الحالي، أطلقت السعودية ولأول مرة سندات سيادية بمليارات الريالات ، فيما المصارف الإماراتية بحالة ممتازة، حيث تبلغ نسبة موجودات المصارف في هذين البلدين 37% من إجمالي موجودات القطاع المصرفي العربي وبالتأكيد هناك إستثمارات خارجية لمصارفها .
• أعلنت الأمانة العامة لاتحاد المصارف العربية أن البيانات التي نشرتها مجلة “The Banker” الصادرة في شهر تموز الماضي والمتضمنة أكبر 1000 مصرف في العالم بحسب الشريحة الأولى لرأس المال (Tier1Capital)، دخول 83 مصرفاً عربياً ضمن اكبر ألف مصرف في العالم، منها 9 مصارف لبنانية، هي وبحسب الترتيب: “بنك عودة”، “لبنان والمهجر”، “بيبلوس”، “فرنسبنك”، “بنك بيروت”، “البحر المتوسط”، “سوسيتيه جنرال”، “اللبناني الفرنسي”، و”الاعتماد اللبناني”. وإحتلت دولة الامارات العربية المركز الاول بالنسبة لعدد المصارف المدرجة على اللائحة (19 مصرفاً)، تلتها السعودية (12 مصرفاً)، وثالثا لبنان وقطر والبحرين (9 مصارف). فما تفسير ذلك ؟
– تعتبر المراكز التي إحتلتها المصارف اللبنانية عالية، وهذا دليل على أن القطاع المصرفي اللبناني قوي، ولبنان حل في المرتبة الثالثة عربياً . فبنك عوده أتى من بين أول 500 بنك عربي. واليوم ثمة تقرير يشير إلى وجود زيادة بحدود ال6 % عن العام الماضي في الموجودات في نهاية حزيران (يونيو) وتحديداً 6,2 % ونأمل أن يصبح أكبر. كما وهناك إحصائيات البنك الدولي التي يتوقع فيها زيادة في النمو الإقتصادي اللبناني بنسبة 2% وهذا جيد في الأحوال العادية ويحسن الإقتصاد.
وقد تصدر البنك الاهلي التجاري السعودي المصارف العربية من حيث الشريحة الاولى لرأس المال وإحتل المرتبة 106 عالمياً ( متقدماً من المرتبة 115 في العام 2013 ) مع الإشارة إلى انه ليس المصرف العربي الأكبر من حيث الموجودات، وتلاه بنك قطر الوطني (وهو المصرف العربي الأكبر من حيث الموجودات) الذي إحتل المرتبة 107 عالمياً مقابل المرتبة 141 في العام 2013 ، محققاً بالتالي تقدماً كبيراً .
• إنتقالاً إلى المصارف الإستثمارية، كيف تجد مستقبلها في المنطقة ؟ وهل فعلاً تستفيد منها المنطقة وإلى أي مدى؟ وهنا تُظهر المقارنة بالاعتماد على بيانات العام 2014، أن الموازنة المجمعة للبنوك الاستثمارية في لبنان، والبالغة 4.1 مليارات دولار بالكاد تُعادل 2.5% من الأصول الإجمالية للمصارف التجارية. هل هذا المؤشر حاسم للمقارنة، في ظل الفوارق الهائلة القائمة بين هاتين المجموعتين، وكيف نستند إليه للولوج في أداء هذه المصارف ودورها في التركيبة اللبنانية؟
– برأيي هذه المصارف هي المستقبل، وأنه لا بد للمصارف العربية من الدخول في عمليات إستثمارية تنموية. على سبيل المثال في حال قام أحد البنوك بإعطاء قرض لأحدهم بقيمة 400 الف دولار لشراء سيارة فاخرة “لامبورغيني” وذلك بعد ضمان قدرته على تسديد السندات. والسؤال هنا : هل هذه السيارة تزيد من نمو الإقتصاد؟ هذا قرض إستهلاكي فالسيارة ماذا ستحسّن في الإقتصاد؟ علينا البدء بإعطاء القروض الإستثمارية والإنتاجية وليس فقط الإستهلاكية. فلو وظفنا مبلغ ال 400 ألف دولار في معمل صغير، وتم توظيف 20 موظفاً فيه، وبعدها أنجب البعض منهم أطفالاً. وهذه مسألة دقيقة إذ أن هذا سيسمح للآباء بإرسال أولادهم إلى المدرسة وبعدها إلى الجامعة لأن الآباء يعملون. وهكذا نكون ننمي المجتمع والبنك الدولي هكذا يفكر. هنا نحن نحسّن الوضع الاجتماعي للناس ووضعهم التعليمي، لنخلق لاحقاً مجتمعاً مثقفاً وهكذا تفكر المؤسسات. فيما السيارة بعد 3 سنوات إما أن يفكر صاحبها ببيعها ويخسر من سعرها الأساسي وإما أن يبقى محتفظاً بها وأيضاً ينخفض سعرها. فصلب عمل المصارف الإستثمارية هو أن نمول مواضيع وشاريع إستثمارية.
• سبق وأن أكدتم أن الاثار السلبية لغسل الاموال تشكل خطراً مباشراً على البنوك وعلى وجودها، وأن عدم وجود أساسيات مكافحة غسل الاموال وتمويل الارهاب يعرض البنوك لمخاطر كبيرة بخاصة على صعيد مخاطر السمعة والعمليات والإمتثال. وإعتبرتم أن الإعلام يلعب الدور الكبير في ما يتعلق بمخاطر السمعة المصرفية والتي لها الاثر الكبير على إستمرارية المصرف الذي يتكبد هذه المخاطر. فكيف يكون ذلك ؟
– سؤال جيد. ثمة ظاهرة اليوم في العالم إسمها عدم المخاطر، وبعض المصارف تعتمدها، وهذه من أخطر ما يمكن على العمليات المصرفية والتجارية، بمعنى أنا كمصرف يأتيني عميل جديد لدي معدل شك به 1% وبدل أن أدرسه جيداً وأفهم مخاطره وأحضّر له ملفاً أقول: “لا أريد القيام بهذا، فليذهب عني هو وأمواله”، وهذا الموضوع ليس فقط بين مصرف وعميله بل وبالدرجة الأولى بين المصارف المماثلة، بين مصارف أميركية وعربية، كما حصل بين بنك “ستاندرد تشارترد” وبنك الراجحي السعودي. وقبل مخاطر السمعة، أود أن أؤكد أن على البنك فعلاً أن يطبق القوانين لأنه لا يمكنه أن يقيم سمعة سيئة ومن ثم يود بعجها أن يعمل بسمعة جيدة. وعلى سبيل المثال، حصلت حادثة لأحد رجال الأعمال اللبنانيين الذين وُضعوا على اللائحة السوداء، وهو كان رئيس مصرف فكان أن حصلت مشكلة مع المصرف، فيما الحقيقة أن المشكلة هي مع الشخص فلحقت عندها الإساءة بالمصرف وبدأ العملاء يقطعون علاقتهم به. إن موضوع السمعة مهم جداً، وبالتأكيد على المصرف أن يعمل من الداخل على تحصينها بالقوانين والإجراءات والتشريعات المطلوبة. وثانياً عليه أن يعمل على سمعته لأن الناس وبمجرد أن تسمع أنها سيئة تقطع علاقتها به.
• تشهد الفترة الراهنة إهتماما واسعاً في تطوير سبل وأساليب مكافحة غسل الاموال وكيفية تجفيف منابع تمويل الارهاب من قبل القطاعين العام والخاص، ومن قبل المؤسسات الدولية العاملة في المجالات الرقابية والمالية حول العالم. إن هذه الاموال غير النظيفة التي يتم انتاجها من خلال انشطة غير مشروعة، يعاد استخدامها لتمويل الانشطة والتنظيمات الارهابية. ما هي أبرز الانماط والاتجاهات المعتمدة لتمويل التنظيمات ودرس الوسائل البديلة لغسل الاموال وخصوصاً من طريق التبادلات التجارية والنقدية ؟
– المشكلة أن المنظمات الإرهابية في المنطقة، وبخاصة “داعش” أصبح لديه تمويل ذاتي كبير جداً، ورغم أن الأرقام مختلفة لكن أستطيع أن أؤكد أن عائداته لا تقل عن مليون دولار في الأسبوع. وربما إعتمد هذا التنظيم في المرحلة الأولى على التحويلات من أشخاص أو جهات عينية أو جمعيات آمنوا به، لكن اليوم أصبح لديه تمويل ذاتي. فتمويل الإرهاب لا يأتي دائما من أموال غير نظيفة، هو عقيدة وليس شرط أن كل العمليات العسكرية الإرهابية يكون مصدرها من عمليات تبييض أموال. من المحتمل أن أحداً ما لديه أموال نظيفة ولديه عقيدة خاطئة. من هنا يجب علينا أن نراقب عمليات تمويل الإرهاب بشكل جيد في المصارف، فهي ربما تأتي من مصادر نظيفة ومن حسابات نظيفة. علينا أن نلتزم بمبدأ “أعرف عميلك وأعرف عمله”، فمثلاً إذا أتى عميل يعمل كبائع خضار وهو يحمل معه مبلغ 20 ألف دولار يريد أن يضعها في أحد البنوك على القيمين والمسؤولين فيه أن يتساءلوا ويتوقفوا عند سؤال كيف لمواطن لا يزيد دخله عن 200 دولار في اليوم أن يجمع هذا المبلغ في شهر واحد. ومن حقهم هنا أن يسألوه ويتأكدوا من كل التفاصيل المتعلقة بهذا الموضوع. فأخطر تنظيم إرهابي اليوم هو “داعش”، ولديه 5 مصادر تمويل أربعة منها عسكرية: أولها بيع البترول، وثانياً الخطف وقبض الفدية، وثالثاً دية، ورابعاً سبي النساء وبيعها. وهذه المصادر لو لم يكن “داعش” مسيطراً عسكرياً لما كان قادراً على القيام بها كما وأن هذه المصادر لا دخل للمصارف بها. وخامساً أن هناك بعض الأشخاص والجمعيات يؤمنون ب”داعش” ويحولون المال له وعلى المصرف هنا أن يراقب هذا التمويل. فأي عملية تحويل بالدولار قد تمر عبر مصارفنا لسبب أو لآخر لكنها لا تمر عبر المصارف الأميركية على الرغم من أن جميع الإجراءات التي يتبعها المصرف الأميركي نحن نتبعها إنما ربما لديه آليات ومعلومات أكثر، وهذا أمر واقع ومثال على ذلك ما شهدناه في قضية البنك اللبناني الكندي .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى