أزمة المهاجرين تختبر قِيَم أوروبا

كابي طبراني

أزمة المهاجرين في أوروبا تختبر تضامنها. آلافٌ من البشر اليائسين الهائمين على وجوههم يبحثون عن أماكن توفّر لهم الأمن والأمان من الحرب والعنف والحرمان والأنظمة المستبدّة، ويبذلون كل ما في وسعهم للوصول إلى أوروبا بإستخدامهم شتى الطرق المتاحة بما فيها القيام برحلات محفوفة بالمخاطر في البر والبحر، ودفع كل ما لديهم، بما في ذلك حياتهم.
ووفقاً لمفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، فقد وصل حوالي 224،000 مهاجر ولاجئ إلى القارة العجوز منذ بداية هذا العام وقُتل اكثر من 2000 شخص حتى الآن.
في حين أن هذه القضية تؤكّد المحنة السياسية التي تعيشها دولٌ مثل سوريا وليبيا وأريتريا وغيرها في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى من حيث يأتي الجزء الأكبر من المهاجرين، فإنها تُظهِر أيضاً عدم قدرة الإتحاد الأوروبي على فصل شؤونه السياسية عن السياسات العامة.
إن القرار الذي إتّخذه القادة الأوروبيون في نيسان (إبريل) الفائت لزيادة تمويل العمليات البحرية ثلاثة أضعاف في البحر المتوسط لوقف حوادث غرق المهاجرين في البحر يشكّل جانباً واحداً من هذه المسألة؛ هناك ضرورات أخرى يتعيَّن على أوروبا أن تعالجها على وجه السرعة.
أولاً، إنها تحتاج إلى إعادة تقييم قرارها بإغلاق بعض حدودها. إن هذا الأمر قد أدّى الى تفاقم محنة المهاجرين الذين يُجبَرون على سلوك طرق أكثر خطورة لدخول أوروبا مما يعزّز إيرادات عصابات تهريب البشر. وفي هذا المجال ينبغي العمل على حرمان هذه العصابات من قوّتها ومصادرها وتفكيكها وليس زيادة جرأتها.
ثانياً، يتعيَّن على الإتحاد الأوروبي ضمان التنفيذ الفعّال والموحَّد لآلياته بالنسبة إلى المهاجرين. على سبيل المثال، نظام اللجوء الأوروبي المشترك الذي يضع معياراً لمعالجة وتقييم طلبات اللجوء، ويمنح صفة لاجئ في جميع أنحاء الاتحاد الأوروبي، يتناول بشكل غير مستقر الإختلافات في أنظمة الرعاية الإجتماعية داخل الدول الأعضاء في الإتحاد الأوروبي، فضلاً عن التعب أو الكسل السياسي في بعض الحالات. ونتيجة لذلك، فإن العديد من المهاجرين في نهاية الأمر يصبحون أسوأ حالاً من ذي قبل.
ثالثاً، العمل مع المجتمع الدولي على إيجاد حل للأزمات التي أدّت وتؤدي إلى هذه الهجرة في سوريا وليبيا وغيرهما.
الواقع أنه إذا أرادت أوروبا أن تكرّر قِيَمَها الأساسية – إحترام الكرامة الإنسانية، والحرية، وإحترام حقوق الإنسان – فإنها تحتاج حالياً إلى العمل بجدّ لإقامة مساواة في المسؤولية بين الدول الأعضاء فيها لطالبي اللجوء واللاجئين الإقتصاديين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى