توقعات مختلطة لصناعة النفط العُمانية في ظل الإتفاق النووي مع إيران

في حين قد يؤدي إنخفاض أسعار النفط إلى الحد من الإستثمارات الجديدة في قطاع الطاقة في عُمان، فإن عودة إيران إلى الأسواق الدولية من المرجح أن يكون له تأثير مختلط في إقتصاد السلطنة. ويتوقع الخبراء نمو العلاقات السياسية والإقتصادية، وزيادة الصادرات والواردات، خصوصاً مع الإعلان عن تدشين خط ملاحي بين ميناءي بندر عباس الإيراني وصحار العُماني تديره الشركات الخاصة في البلدين في أيار (مايو) الفائت

رئيس مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة عُمان سعيد بن صالح الكيومي: المستقبل واعد مع إيران
رئيس مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة عُمان سعيد بن صالح الكيومي: المستقبل واعد مع إيران

مسقط – سمير الحسيني

على الرغم من الضغط الهبوطي الكبير على أسعار النفط المتوقَّع في المدى المتوسط بسبب إرتفاع العرض، فإن الإقتصاد غير النفطي في سلطنة عُمان والعلاقات التجارية الثنائية مع إيران يمكنهما أن يعرفان دفعة جرّاء رفع العقوبات الدولية عن الجمهورية الإسلامية.
وقد توقع إقتصاديون عُمانيون، بينهم رئيس مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة عُمان سعيد بن صالح الكيومي، أن تشهد الفترة المُقبلة إزدهاراً أكبر في العلاقات الإقتصادية بين مسقط وطهران، في ظل الحراك الديبلوماسي والسياسي الناشط بين البلدين. وأعربوا عن أملهم في أن يحظى التبادل التجاري بين الجارتين بزيادة مطردة تتوافق وإنسيابية العلاقات السياسية.
وبينما يقدر مسؤول تجاري عُماني قيمة التبادل التجاري بين البلدين بنحو مليار دولار سنوياً، تشير أرقام الكتاب الإحصائي العُماني لعام 2014 إلى أن أنشطة إعادة التصدير والصادرات غير النفطية العُمانية لإيران بلغت حتى نهاية العام 2013 نحو 124 ألف ريال عُماني (نحو 322.5 ألف دولار) بزيادة 5.1% عن العام 2012.
ووصلت الواردات السلعية لعُمان من إيران في الفترة عينها إلى قرابة 216 ألف ريال عُماني (نحو 562 ألف دولار) بزيادة 4.9% عن العام الذي سبقه، وذلك وفقاً للكتاب الإحصائي.

ديناميات السوق

من المتوقع أن يسجّل الإقتصاد العُماني نمواً قوياً هذا العام، حسبما ذكر صندوق النقد الدولي في أيار (مايو) الفائت، على الرغم من أن إنخفاض عائدات الطاقة يمكنها أن تخفف من التوسع المخطط له. “من المتوقع أن يؤدي الإنخفاض في أسعار النفط إلى دفع الميزان الجاري للحسابات المالية والخارجية في سلطنة عمان إلى العجز في السنة المالية 2014 – 2015 وستبقى في خانة العشرات كنسبة مئوية من الناتج المحلي الإجمالي في المدى المتوسط”، حسبما ذكر التقرير.
وفيما زاد إنتاج النفط في الأشهر الأخيرة، مع إنتاج وصل إلى 992,724 برميلاً يومياً في حزيران (يونيو) بزيادة 1.8٪ على أساس شهري، وإرتفاع الصادرات النفطية بنسبة 11.3٪ إلى 27.36 مليون برميل، وفقاً لوزارة النفط والغاز، فلم يكن هذا كافياً لمواجهة الإنكماش في الأسعار العالمية.
وفقاً لتقرير صادر عن البنك المركزي العُماني في نهاية حزيران (يونيو)، لقد إنخفضت مساهمة قطاع النفط والغاز في الإقتصاد من 52.3٪ من الناتج المحلي الإجمالي الإسمي في العام 2012 إلى 50.6٪ في 2013 وإلى 47،2٪ في العام الفائت.

تقييم الوضع

على الرغم من أن إرتفاع التكاليف والعوائد المتواضعة من حقول نفطية معيّنة قد دفعا ببعض الشركات الدولية إلى تجميد عملياته، فإن اللاعب المحلي شركة النفط العُمانية للإستكشاف والإنتاج مضت قدماً وتتابع جهودها في التنقيب.
في حزيران (يونيو)، أعلنت شركة التنقيب عن النفط والغاز الإيرلندية “سيركِل أويل” (Circle Oil) أنها ستنسحب من عُمان والتخلّي عن عقدي الإيجار اللذين في حوزتها وشطب إستثماراتها في محاولة لترشيد التكاليف في مواجهة تراجع أسعار النفط. وكان لدى “سيركِل أويل” حقوق الإستكشاف في “بلوك 49″ البري، و”بلوك 52” البحري في جنوب البلاد.
وفي الوقت عينه، في منتصف تموز (يوليو)، أعلنت شركة النفط العٌمانية الشروع في التنقيب والبحث في “بلوك 60” الذي يقع في وسط السلطنة. وعلى الرغم من أن مساحة “البلوك” نسبياً صغيرة، حيث تبلغ 1580 كيلومتراً مربعاً، فإن الشركة قد أفادت بأن الإختبارات الأولية أظهرت نتائج واعدة كبيرة. علماً بأن لدى الشركة العُمانية حقلاً رئيسياً يعمل في “بلوك 60″، وهو مشروع الغاز الضيِّق المدعو “أبو بوتابول”، والذي جاء على خط الإنتاج في كانون الاول (ديسمبر) بعدما كلف الإستثمار فيه 1.2 مليار دولار.

عودة جارة كبرى إلى السوق

من المرجح أن تتأثر صناعة النفط العُمانية بأي عودة لإيران إلى أسواق النفط العالمية. في منتصف تموز (يوليو) الفائت، أعلن وزير الطاقة الإيراني بيجان نامدار زنكنه عن خطط الجمهورية الإسلامية لتوسيع نطاق إنتاج ما يصل إلى 4 ملايين برميل يومياً في غضون سبعة أشهر و4.7 ملايين برميل يومياً بعد ذلك في محاولة لإستعادة حصتها في السوق التي فقدتها في ظل نظام العقوبات. في العام 2014 إنخفضت الصادرات الإيرانية إلى متوسط 1.4 مليون برميل يومياً، وفقاً لبيانات إدارة معلومات الطاقة الأميركية، وهذا يشكل أكثر بقليل من نصف المبيعات اليومية قبل تشديد القيود التجارية في العام 2011.
نظراً إلى الإرتفاع النسبي في سعر التعادل في سلطنة عُمان، الذي بلغ 108 دولارات للبرميل في العام الماضي، فإن زيادة المعروض يمكنها أن تخلق المزيد من الضغط النزولي على الأسعار الأمر الذي سيكون مثبطاً للاستثمارات في ممارسات صناعة تتطلب حجماً كبيراً من رأس المال مثل الإستخراج المعزز للنفط.

نقطة مضيئة

مع ذلك، من حيث الظروف غير النفطية، فإن عودة إيران إلى الساحة الدولية تقدم مجموعة متنوعة من الفرص لعُمان، وذلك تمشياً مع جهود التنويع الأوسع الجارية في السلطنة. ووفقاً لأرقام صندوق النقد الدولي فإن نمو الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي في عُمان قد فاق الإقتصاد الأوسع بنقطتين في العام 2014، بزيادة 6.5٪ على أساس سنوي.
وقال ستيفن دايك، أحد كبار المحللين في وكالة موديز، للصحافة المحلية: “النمو في التجارة الثنائية بين عُمان وإيران ربما سيزيد بسرعة نسبياً حالما يتم رفع العقوبات، نظراً إلى القرب الجغرافي والروابط التاريخية”، مسلّطاً الضوء على صادرات الخدمات، مثل السفر، والخدمات اللوجستية، والمالية والإتصالات، كسبل رئيسية للنمو.
من جهته، أكد السفير الإيراني علي أكبر سيبويه المعتمد لدى السلطنة في حديث سابق لوكالة أنباء الطلبة الإيرانية (إيسنا)، بأن مستوى العلاقات السياسية التي تجمع بين البلدين ممتاز جداً، مشيراً إلى أن قيمة التبادلات التجارية بين إيران والسلطنة إرتفعت من 200 مليون دولار إلى أكثر من مليار دولار. مضيفاً بأن التبادلات الإقتصادية بين طهران ومسقط شهدت نمواً ملحوظاً، ورأى سيبويه بأنه يجب أن يرتقي مستوى العلاقات الاقتصادية مثل العلاقات السياسية إلى أعلى المستويات. وأشار إلى إمكانية رفع مستوى الزيارات المتقابلة في المجالات السياسية والاقتصادية والعلمية إلى جانب تنظيم معارض تجارية وثقافية مشتركة في البلدين والاستثمار في البنى الأساسية لديهما. علماً أن الإستثمارات الإيرانية في المناطق الصناعية في صحار والدقم بلغت 4 مليارات دولار.
ويسلّط المحللون الضوء في وجه خاص على فرص الموانئ العُمانية كمراكز لإعادة تصدير البضائع الإيرانية في المنطقة وخارجها، مع توقيع إتفاق ممر ملاحي مباشر بين البلدين في نيسان (إبريل) ووصول أول سفينة إيرانية الى ميناء صحار في أواخر أيار (مايو) الفائت.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى