لماذا السعودية معرّضة لـ”الدولة الإسلامية”

الرياض – راغب الشيباني

بعد هجمات تنظيم “الدولة الإسلامية” الأخيرة على المساجد الشيعية في المملكة العربية السعودية، تكشّفت نقاط الضعف الطائفية في المملكة.
يستهدف “الدولة الإسلامية” الإنقسام الطائفي بين السنة والشيعة في السعودية لخلق الفتنة وتقويض حكم العائلة المالكة. الواقع أن المملكة معرَّضة للفتنة الطائفية نظراً إلى صلات العائلة الحميمة مع المؤسسة الدينية السنية الوهابية، وبسبب سنوات من قمع السعوديين الشيعة والحرب في اليمن.
وقع هجوم “داعش” الإرهابي الأول على الشيعة السعوديين في تشرين الثاني (نوفمبر). في الشهر الفائت كان هناك هجومان إنتحاريان على المساجد الشيعية في يومي جمعة متعاقبين. قتل الأول 21 من المصلين داخل مسجد، وأوقف الإنتحاري الثاني خارج المسجد قبل أن يفجّر نفسه مما أسفر عن مقتل أربعة.
الخليفة إبراهيم، أو أبو بكر البغدادي، دعا علناً إلى سقوط آل سعود. ويدّعي التنظيم التكفيري يأنه أنشأ بالفعل بنية تحتية سرية في المملكة تحت إسم “ولاية نجد”. وقد إعتقلت السلطات السعودية العشرات من السعوديين المتهمين بالإنتماء إلى خلايا “داعش”.
من خلال مهاجمة المساجد الشيعية والأهداف السهلة الأخرى، يأمل “داعش” في تأجيج التوترات الطائفية وإستغلال كراهية السنة للشيعة لبناء وتشكيل مجموعة تابعة له داخل المملكة. وقد أدانت العائلة السعودية المالكة الهجمات ووعدت بتدمير خلايا تنظيم “الدولة الإسلامية” داخل البلاد. ووعد الملك سلمان بن عبد العزيز بعقوبة سريعة.
وقد ذهب مئات من السعوديين إلى العراق وسوريا للإنضمام إلى “داعش” رغم الحظر الحكومي على دعم الجماعة الإرهابية. هذا المجتمع المنفي يوفّر مع مجموعة من الإنتحاريين المحتملين صلات مع أفراد العائلة والمقربين الآخرين في داخل البلاد.
يشكّل الشيعة بين 10 إلى 15% من السكان السعوديين، أو ما يقرب من 3 ملايين شخص. يقيمون في منطقتين رئيسيتين هما: المنطقة الشرقية على طول الخليج العربي (موطن الثروة النفطية للمملكة) ومنطقة الجنوب الغربي على طول الحدود اليمنية. وهم لا يؤلّفون جماعة متجانسة؛ هناك مسارات مختلفة من المعتقدات الشيعية موجودة. حتى الآن، كانت كل العمليات في المنطقة الشرقية.
شهدت المنطقة الشرقية إضطرابات عنيفة على مدى عقود، منذ قيام الثورة الإيرانية في العام 1979. وأدى “الربيع العربي” إلى تصاعد الإحتجاجات والمظاهرات التي دعت إلى وضع حد للتمييز ضد الشيعة في المملكة. حاكم المنطقة، الأمير سعود بن نايف، هو الأخ الأكبر لولي العهد الأمير محمد بن نايف. ويتمتع الإثنان على حد سواء بسمعة راسخة بردودهما القاسية ضد الإحتجاجات والإرهاب.
عقود من التمييز والقمع قوّضت محاولات الحكومة لإظهار الدعم والتعاطف مع المجتمع الشيعي الآن الذي يتعرض لهجوم من متعصبي “داعش”. في كثير من الأحيان، وصفت الرياض الإحتجاجات الشيعية المشروعة بالتخريب الإيراني في الماضي. من جهتها تعاطفت إيران علناً مع الشيعة في المملكة ودعمت العنف المناهض للنظام. لقد شاركت إيران و”حزب الله” في هجوم 1996 على ثكنة أميركية في الخبر الذي أودى بحياة 19 عسكرياً أميركياً في المنطقة الشرقية وجرح المئات من السعوديين.
تعتقد العقيدة الوهابية أن التشيّع هو إنحراف عن الإسلام وعاملت الشيعة ككفار على مدى قرنين ونصف. وقد حاول الملك الراحل عبد الله التخفيف من حدة التوتر بين السنة والشيعة في عهده، وعمل على تشجيع المزيد من التسامح ولكن مع نجاح محدود فقط. الأمير سعود بن نايف عمل بشكل وثيق مع الملك عبد الله على هذا الجهد. علماً أن الدعاية السنية المتشددة ضد إيران والشيعة على نطاق واسع في المملكة العربية السعودية، في كثير من الأحيان يباركها كبار رجال الدين.
الحرب في اليمن تضيف إلى مزيج قابل للإشتعال. الحملة السعودية لطرد المتمردين الشيعة الزيديين الحوثيين من صنعاء والمدن اليمنية الأخرى لها طابع طائفي متأصّل. بإتهام الزيديين بأنهم بيادق فارسية، فإن السعوديين وحلفاءهم يلعبون على المشاعر الطائفية الكامنة. باكستان، التي لديها مشكلة طائفية عميقة خاصة بها، حذرت السعوديين بأن الحرب في اليمن من شأنها إذكاء التوترات الطائفية في جميع أنحاء العالم الإسلامي.
إن لدى السعوديين مجتمع أمن داخلي كبير لمكافحة الإرهاب بقيادة ولي العهد الأمير نايف مع سجل حافل في الحصول على نتائج. لدى وزارة الداخلية والحرس الوطني السعودي حضور واسع في المنطقة الشرقية والجنوب الغربي. ولكن قمع العنف المعادي للشيعة في حين يجري كبح الإحتجاجات الشيعية في خضم حرب خارجية ضد عدو شيعي مدعوم من إيران، مهمة حساسة ومعقّدة التي ستختبر ولي العهد وقائد الحرس الوطني الأمير متعب بن عبد الله.
من جانبه، على الأرجح سيحاول تنظيم “الدولة الإسلامية” توسيع الحرب الطائفية إلى حلفاء المملكة العربية السعودية البحرين والكويت. وإذا كان يمكن ل”الخلافة” مهاجمة أهداف شيعية في البحرين والكويت، فإن موجة من العنف ستنتشر إلى أبعد من ذلك إلى المملكة. إن “الخلافة” طموحة جداً وهي تبحث عن المزيد من الضحايا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى