طفرة النفط الصخري في أميركا تستريح

بعدما إنخفضت أسعار النفط في العام الفائت بشكل دراماتيكي لأسباب عدة بينها إغراق الأسواق بالعرض وإنخفاض الطلب العالمي على النفط، قررت منظمة الدول المصدّرة للنفط “أوبك” عدم خفض إنتاجها على الرغم من غرق الأسعار، الأمر الذي تطلب رداً وإستجابة من قطاع النفط الصخري في أميركا الشمالية، وخصوصاً في الولايات المتحدة.

shale-oil-field

واشنطن – محمد زين الدين

من المعروف أن ولاية تكساس كانت مُنتِجاً نفطياً مرجِّحاً وبديلاً في العالم. في النصف الأول من القرن العشرين، فرضت هيئة السكك الحديدية في الولاية الأميركية حصص إنتاج لتحقيق توازن في الأسواق والحفاظ على أسعار وأرباح مستقرّة. لقد خسرت تكساس هذا الدور لمصلحة منظمة “أوبك” في سبعينات القرن الفائت ولم تستطع إسترجاعه أبداً — حتى الآن.
برز تحوّلٌ مهم في الأسابيع التي تلت قرار “أوبك” في تشرين الثاني (نوفمبر) الفائت الذي أبقى على إنتاج النفط لدى أعضائها ثابتاً في مواجهة إنخفاض الأسعار. قال وزير النفط السعودي علي النعيمي أن الوقت قد حان لمنتج آخر لوقف مضخّاته. مع صمود المملكة العربية السعودية على موقفها غرقت الأسعار، وفقد النفط الخام نصف قيمته بين حزيران (يونيو) وكانون الأول (ديسمبر) 2014. في غضون أسابيع قليلة، صار من الواضح أن أحدهم سوف يُصغي إلى قيادة النعيمي، وأن إستراتيجية “أوبك” ب”ألّا تفعل شيئاً” ستنجح، على الأقل في المدى القصير.
إبتداءً من كانون الثاني (يناير) الفائت، بدأ العمال الكادحون المنتشرون على آلاف المنصّات التي تعلوها الغبار عبر وسط أميركا يفكّكونها ويضعونها في التخزين، مقلّصين بذلك عمليات حفر الآبار، وبالتالي دافعين بكميات أقل من النفط الجديد إلى السوق. وقد تسارع الإنخفاض خلال شهري شباط (فبراير) وآذار (مارس) الفائتين. وتشير التقديرات إلى أن الكميات الجديدة من النفط الأميركي الآتية من المنبع إستمرت في الهبوط، وإن كان بوتيرة أبطأ من الخفض الحاد في عمليات الحفر.
قبل بضع سنوات، كان إنخفاض الأسعار يتسبّب في إغلاق المملكة العربية السعودية لعدد من الصمامات في “بقيق” مركز “أرامكو”. اليوم، فإن المنتجين الأميركيين هم الذين يقلّصون إستثماراتهم. والأثر هو عينه. لقد إرتفعت أسعار خام وسيط غرب تكساس، معدل القياس الأميركي، 14 في المئة خلال شهر نيسان (إبريل). ما هو إستثنائي في هذه القصة هو أن منتجي الصخر الزيتي كانوا على إستعداد –وقادرين — للحدّ من نشاطهم بشكل سريع وجماعي، ومن دون تدخل من زعماء “كارتل” أو هيئة تنظيمية. هذه المرة، تشهد أسواق النفط، التي تعرف فائضاً في المعروض في العالم، راحة وإرتياحاً لأن آلاف الشركات المتنافسة، وكلها من اللاعبات الصغار بالمقارنة مع المؤسسات العملاقة النفطية الوطنية في “أوبك”، تتجاوب وتتفاعل مع مؤشرات السوق.
في جميع أنحاء الولايات المتحدة، أظهرت التقديرات إنخفاضاً في إنتاج النفط الجديد بنسبة 30 في المئة، من حوالي 570،000 برميل يومياً في تشرين الثاني (نوفمبر) 2014 إلى أقل من 400،000 برميل يومياً بعد خمسة أشهر، في آذار (مارس) 2015. وقد إنخفضت عمليات الحفر حتى أكثر من ذلك، بنسبة 45 في المئة، من 1750 بئراً التي تم حفرها في تشرين الثاني (نوفمبر) 2014 إلى 970 في آذار (مارس) الفائت. كما إنخفض الحفر بنسبة 23 في المئة في كانون الثاني (يناير) وحده، فيما عرفت أسعار النفط مستويات منخفضة جديدة.
إستجابة صناعة الصخر الزيتي في الوقت المناسب هي نتاج خصائصها الفريدة. من حيث التعقيد وطول العمر، فإن الصخر الزيتي هو مثل لعبة “البلاك جاك”. تراهن على أمل مردود سريع. إذا نجحت، يمكنك الرهان مرة أخرى. في المقابل، النفط التقليدي، بما لديه من مشاريع ضخمة كلّفت مليارات الدولارات والذي لعب بواسطتها على مدى عقود في جغرافية أوسع، هو أشبه بدورة “البيناكل”.

SPREADS

مع الصخر الزيتي، فإن أطر المشروع والوقت الإستثماري قصيرة. هناك إنخفاض في الحواجز أمام الدخول، وكما يشير التباطؤ، هناك أيضاً حواجز منخفضة للخروج. نحو 60 في المئة من منصّات الحفر الأميركية متوقفة منذ الصيف الماضي، معظمها في معاقل الصخر الزيتي. هذا النوع من رد الفعل والإستجابة هو مستحيل، مثلاً، من منصة بحرية في المياه العميقة التي ينبغي أن تحافظ على الإنتاج مهما كان الأمر لأن تكلفة إغلاقها هائلة.
وتتميَّز آبار الصخر الزيتي أيضاً بإنخفاضات حادة في حجم الإنتاج مع مرور الوقت. وهذا يعني أن الشركات تستثمر في الوقت الحقيقي، وتُقدِم على الحفر وإنتاج النفط عندما تكون الأسعار مرتفعة. وعندما تكون الأسعار منخفضة للغاية بالنسبة إلى دعم عمليات الحفر، فإن إنتاج النفط يختنق قريباً من الحدود الطبيعية لتدفقات السوائل داخل مسامية الصخور المنخفضة. من دون إستثمار مستمر، فإن عملية الصخر الزيتي تقفل من تلقاء نفسها.
الأهمية المتزايدة للصخر الزيتي في قطاع النفط، في حينه، يبشّر بديناميكية إقتصادية جديدة – واحدة حيث أن إستجابة التزويد الأميركي في المدى القصير بالنسبة إلى تقلبات الأسعار هي أكثر مرونة بكثير. كل شيء آخر ثابت، وهذا يعني أن أسواق النفط تستطيع إعادة التوازن بسرعة أكبر وتجنّب بعض التقلبات الأكثر دراماتيكية للأسعار جرّاء نقص وزيادة المعروض.

تباطؤ الصخر الزيتي

لرواية هذه القصة، جمعنا مصدرين من مصادر البيانات الأولية، وكلاهما يوفّر مؤشرات تعزيز متبادلة للإستثمار في المنبع.
البيانات من تحليلات شركة “دريلنغ إنفو” في اوستن تتتبّع آباراً برية جديدة تمّ حفرها في معظم أنحاء 48 ولاية أميركية منذ أيار (مايو) 2014. ويتوقع مؤشر “دريلنغ إنفو” ذروة الانتاج الشهري لكل بئر جديدة من طريق حساب متوسط النتائج الفعلية من الآبار المجاورة. وبالتالي فإن المؤشر يوفّر مؤشراً إلى المدى القصير لنشاط الحفر والانتاج المحتمل في مواقع محدّدة.
يجدر التأكيد على أن “دريلنغ إنفو” يقدّر الحد الأقصى الشهري من إنتاج النفط الجديد الذي من المحتمل أن يتدفّق من حفر بئر محدّد في شهر معين. هذا “الإنتاج الجديد” هو جزء بسيط من إنتاج النفط الأميركي بشكل عام. وبالتالي، حتى لو أظهر المؤشر صفراً من الإنتاج الجديد لشهر آذار (مارس)، فإن الإنتاج يمكنه أن يرتفع، لأن الآبار التي حفرت في وقت مبكر من السنة ستبدأ في إنتاجها. نظراً إلى أن الموجة الأخيرة من حفر الآبار لم تكتمل، فإن بيانات الأشهر الأخيرة قد تكون بالغت في الواقع بحجم الإنتاج.
مصدرنا الثاني، معيار “بيكر هيوز” لعدّ المنصات والمواقع، الذي يعطي تفاصيل عن عدد الحفارات العاملة في كل مقاطعة أميركية في أسبوع معين. وتُصنَف المنصات للتنقيب عن النفط أو الغاز لآبار أفقية أو عمودية. ويضم عدّ المنصات المؤشر الرئيسي للنشاط في هذه الصناعة، على الرغم من أنه لا يقدّم أي إشارة إلى عدد الآبار التي تم حفرها أو الإنتاج المتوقَّع.

SPREADS2

بين مطارح الصخر الزيتي الكبرى الغنية بالنفط، برزت ردود الفعل على قرار أوبك في أواخر تشرين الثاني (نوفمبر) لأول مرة في “حوض بيرميان” في غرب تكساس و”تشكيل باكن” في ولاية داكوتا الشمالية. كان الإنتاج الجديد في كانون الثاني (يناير) إنخفض ثمانية في المئة من كانون الأول (ديسمبر) في “حوض بيرميان” و11 في المئة في “تشكيل باكن”. (في محطة نيوبرارا الصغيرة في ولاية كولورادو، كان الإنتاج الجديد في كانون الثاني (يناير) 17 في المئة أقل من كانون الاول (ديسمبر)). على النقيض من ذلك، فإن إنخفاض سعر النفط لا يبدو أنه قد أثّر في الإنتاج في “تشكيل إيغيل فورد” في جنوب تكساس. هناك، إرتفعت توقعات الإنتاج الجديد بتسعة في المئة في كانون الثاني (يناير) عن الشهر السابق.
مع ذلك، بحلول آذار (مارس) 2015 قوّض هبوط أسعار النفط العالمية النشاط في كل من المواقع الكبرى الثلاثة للنفط الضيِّق — “حوض بيرميان”، و”تشكيل باكن”، و”إيغيل فورد” — بنسب متساوية تقريباً. كل موقع شهد إنخفاضاً في توقعات الإنتاج الجديد بنسبة 24 في المئة أقل من المستويات السابقة في أيار (مايو) 2014.
ويجدر التأكيد على أن الإنخفاض الشهري في إنتاج النفط الجديد، حيث ينطبق، يمثّل تباطؤاً في النمو، وليس إنخفاضاً في إنتاج النفط الأميركي بشكل عام. في الوقت الراهن، يحدث نمو الإنتاج بمعدّل متناقص. مع ذلك، فإن إدارة معلومات الطاقة الأميركية تتوقع أن يتحول إنتاج الولايات المتحدة إلى تراجع في وقت ما من الربع الحالي بسبب إنخفاض العائدات، وتضاؤل توافر الإئتمان، وهناك أمل قليل في إنتعاش أسعار النفط في وقت قريب.
هناك علامات تباطؤ أخرى واضحة على إنخفاض عدّ المنصات، فضلاً عن إرتفاع متوسط إنتاجية الآبار. وتظهر بيانات من “بيكر هيوز” بأن عدد منصات الحفر الأميركية للتنقيب عن النفط هبط من نحو 1600 في 26 تشرين الثاني (نوفمبر) 2014 قبل قرار “أوبك” إلى حوالي 650 في أيار (مايو) الفائت – وهو إنخفاض يمثل نحو 60 في المئة.
في الوقت عينه، إرتفعت الإنتاجية بنسبة 13 في المئة في آبار النفط الأفقية من النوع الذي يهيمن في الصخر الزيتي. في المتوسط، تشير توقعات “دريلنغ إنفو” إلى أن ذروة الإنتاج من آبار النفط الجديدة قد إرتفعت من حوالي 500 برميل يومياً لكل منها في أيار (مايو) 2014 إلى 560 برميلاً في اليوم في آذار (مارس) 2015. إن إرتفاع إنتاجية الآبار هو علامة أخرى على تغيير الشركات لنشاطها بسبب الضغوط السعرية، متحوِّلةً بعيداً من الآبار المنخفضة الإنتاج في مناطق غير أساسية والتركيز على أفضل ما لديها.

SPREADS3

SPREADS4

الأحواض المنخفضة

بين تشكيلات النفط الرئيسية في الولايات المتحدة، يبدو أن أول هبوط في عمليات الحفر وقع في “حوض بيرميان”. بعد إنتاج قوي في تشرين الأول (أكتوبر)، حدث إنخفاض حاد فيه بنسبة 65 في المئة في الحفر العمودي، من 364 بئراً نفطية تم حفرها في تشرين الأول (أكتوبر) 2014 إلى 129 في آذار (مارس) 2015. وكثير من هذه الآبار العمودية يقع في شرق “حوض بيرميان” في ميدلاند، حيث يرتبط الإنتاج ب”بداية أعمال الحفر” في الآبار العمودية في الحقول القديمة، التي كان بعضها جزءاً من تعزيز عمليات إستخراج النفط. إن بداية أعمال الحفر في الآبار العمودية هي بسيطة نسبياً وغير مكلفة للتنقيب، والتي تسمح للمنتجين بوقف الإنتاج عندما تنخفض الأسعار. وكان المنتجون يعملون على تخفيض الحفر العمودي قبل 27 تشرين الثاني (نوفمبر) 2014، ولكن إنخفاض عدّ المنصات تسارع بشكل ملحوظ مباشرة بعد قرار “أوبك”.
بقي الحفر الأفقي في “حوض بيرميان” سارياً على قدم وساق حتى كانون الثاني (يناير) الفائت، عندما بدأ بعد ذلك بالإنخفاض أيضاً. بحلول آذار (مارس) 2015، كان الحفر الأفقي قد إنخفض بنسبة 32 في المئة من ذروته في كانون الأول (ديسمبر) 2014.
كان الإنتاج في “حوض بيرميان” من أول ضحايا قرار “أوبك”، منخفضاً بنسبة 24 في المئة عموماً بين أيار (مايو) 2014 وآذار (مارس) الفائت. ومع ذلك، فقد إنخفضت تقديرات الإنتاج الجديد من الآبار العمودية اكبر بكثير بنسبة 57 في المئة، مع إنخفاض حفر الآبار الأفقية بنسبة 15 في المئة فقط خلال الفترة عينها.

SPREADS4 - Copy

كانت للصخر الزيتي في “إيغيل فورد” في جنوب تكساس مبدئياً ميزة نظراً إلى قرب الموقع من البنية التحتية للنقل والمصافي على ساحل الخليج. وتظهر بيانات “دريلنغ إنفو” أن توقعات إنتاج النفط الجديد زادت في الواقع في كانون الاول (ديسمبر) وكانون الثاني (يناير) عندما كانت مناطق أخرى تعرف توقعاتها إنخفاضاً. ومع ذلك، مع إستمرار إنخفاض الأسعار، تراجعت عمليات الحفر والإنتاج الجديد بشكل كبير. من شباط (فبراير) إلى آذار (مارس)، هبط معدل الحفر الموجه للنفط في “إيغيل فورد” ب33 في المئة، من 250 بئراً إلى 167 بئراً. وإنخفض إنتاج النفط الجديد بنسبة 28 في المئة.
القصة في “تشكيل باكن”، التي تتركز في ولاية داكوتا الشمالية، تكشف أيضاً عن إتجاه نزولي مطرد في الحفر والإنتاج الجديد. بين حزيران (يونيو) وآذار (مارس) الفائتين، هبطت نسبة حفر الأبار 45 في المئة، وإنخفض إنتاج النفط الجديد بنسبة نحو 40 في المئة. وكان إنخفاض الحفر بين كانون الثاني (يناير) وشباط (فبراير) من العام الجاري حاداً.
وقد وصف تقرير صادر عن وزارة الثروة المعدنية في ولاية داكوتا الشمالية في منتصف نيسان (إبريل) الفائت جواً من إستمرار الهبوط في عدد منصات التشغيل وإكمال العمل في الآبار. نظراً إلى إرتفاع تكلفة شحن النفط إلى السوق من ولاية داكوتا الشمالية، فإن أسعار النفط الخام عند رأس البئر حلقت أكثر من 30 دولاراً لكل برميل في وقت كان وسيط خام غرب تكساس يبيع البرميل بأكثر من 55 دولاراً في “كاشينغ” بولاية أوكلاهوما. “إن سعر النفط هو إلى حد بعيد المحرّك الأكبر للتباطؤ”، كما جاء في التقرير. متابعاً بأن: “المشغلينن قد أفادوا بأن تأجيل أعمال الإتمام والأشغال كان من أجل تفادي إنتاج عالٍ أولي من النفط بأسعار منخفضة للغاية”.

SPREADS5

إن إنخفاض معدلات إنتاج النفط والحفر هو أيضاً ملحوظ في بعض المواقع الصغيرة المنتجة للنفط الضيِّق، وكذلك في المناطق التي تقع خارج حدود تشكيلات الصخر الزيتي الرئيسية.
أربع مناطق خاصة عرفت إنخفاضات حادة في حفر الآبار وإنتاج النفط الجديد، كما تُظهر بيانات “دريلنغ إنفو”. وهي “تشكيل إيغلباين” في شرق ولاية تكساس، و”تشكيل ميسيسيبيان لايم” في كنساس وأوكلاهوما، و”غرانيت ووش” في أوكلاهوما وتكساس، ومناطق تشكل مواقع خارج تشكيلات محددة.

SPREADS5 - Copy

بئر النفط

الإحصاءات تحكي قصة إستجابة الصخر الزيتي السريعة لمؤشرات السوق، يقودها قرار “أوبك” المتمسكة بحصتها في السوق، بدلاً من دعم أسعار النفط نيابة عن المنتجين المنافسين. هناك أسباب إقتصادية وجيولوجية صلبة لماذا أن الصخر الزيتي في أميركا الشمالية مناسب تماماً لهذا الدور البديل، ولكن هذا الأمر يجب أن يخففه الحذر من أن الإنتاج قد لا ينخفض بالقدر الذي تأمل به “أوبك” والمنافسون الآخرون.
هناك عدد من العوامل سمحت لمنتجي الصخر الزيتي مواصلة عمليات الإنتاج بعناد في مواجهة إنخفاض الأسعار. لقد إنخفضت تكاليف خدمات حقول النفط والأراضي، الأمر الذي سمح لبعض المشغّلين متابعة عملية التكسير. بالإضافة إلى ذلك، فقد خزّن بعض الشركات الإنتاج أو باع كميات منه مسبقاً على أساس مستقبلي، وهذا عزله وحماه ضد الأسعار الحالية، ويتطلب منه الإستمرار في الحفر. وبالمثل، فإن بعض المنتجين ما زال يتابع العمل لأن لديه أطقماً من العاملين والمتعهّدين دفع لهم مسبقاً أو وجد أن عملية إلغاء العقود مُكلفة جداً.
أخيراً، إن الآبار التي تم حفرها في مناطق مختلفة من التشكيل تنتج كميات مختلفة من النفط. الآبار في “بقع الحلو” قد تبقى مربحة بأسعار تؤدي إلى تسريح العمال في منطقة مجاورة. من ناحية أخرى، يتم تحفيز الشركات على خفض مشاريعها الأكثر ربحية في الأخير. وتغيب هذه الظاهرة عن البيانات: إن الإنخفاض في الإنتاج الجديد هو أصغر وأقل من الإنخفاض في الحفر. وبعبارة أخرى، إن هبوط الأسعار ضاعف متوسط إنتاجية الآبار.
على أية حال، كان قطاع الصخر الزيتي أول المجيبين على أسعار الطاقة مدفوعاً إلى أسفل من جرّاء قرار “أوبك” في تشرين الثاني (نوفمبر). وقد أجاب عدد قليل من المنتجين الآخرين بالطريقة عينها. من بين الدول التي قلّصت إنتاجها كانت كندا التي حدث تباطؤ في أحواض الصخر الزيتي فيها الذي بدا أنه متعلّق بهبوط أسعار النفط.
إن دور منتج الأرجحية والبديل الذي تحتفظ بها المملكة العربية السعودية منذ منتصف سبعينات القرن الفائت يبدو أنه في تغيّر مستمر. في بعض الأحيان عندما يرفض السعوديون ضبط الانتاج تماشياً مع مؤشرات السوق، فقد يرجع هذا الموقف إلى إرتفاع كلفة الإنتاج في بعض المناطق، بما في ذلك الصخري في أميركا الشمالية.

SPREADS6

تغريدات ذات الصلة

على النقيض من حصص الإنتاج المدبَّرة من “أوبك” — وفي حقبة سابقة، من هيئة السكك الحديدية في تكساس – فإن الإستجابة المستمرة تدفعها الإجراءات المستقلة من قبل العديد من الشركات المستجيبة لإشارات الأسعار. ولكن الصخر الزيتي في الولايات المتحدة سيكون على الأرجح غير قادر، في حد ذاته، لتولي عباءة المورّد البديل العالمي. لشيء واحد، يميل الخام الأميركي إلى خدمة الأسواق المحلية؛ ويحظِّر القانون على المنتجين حالياً تصدير النفط الخام الأميركي. ومن ناحية أخرى، سمح إنخفاض تكاليف الشركات للوصول إلى الربحية بأسعار أقل. لقد أعلن الرئيس التنفيذي لإحدى الشركات المنتجة للصخر الزيتي في أيار (مايو) الفائت بأن أسعار نفط ثابتة عند 65 دولاراً للبرميل ستسمح لشركته بإستئناف الانتاج في ولاية تكساس وداكوتا الشمالية.
إن إستجابة الأسعار من إنتاج الصخر الزيتي يمكن أن تشمل فائدة أخرى لمنتجي النفط. قد يساعد على تقليص مدة الهبوط الحالي. وعلى النقيض من ذلك، لقد تمددت الأزمة النفطية السابقة على ما يقرب من عقدين من الزمن، بين منتصف ثمانينات القرن الفائت وأوائل القرن الحالي. إن الأمر قد تفاقم بسبب ظهور مشاريع ضخمة في ألاسكا، وبحر الشمال، وخليج المكسيك، التي لا يمكنها الإستجابة لإنخفاض أسعار النفط.
الحواجز المنخفضة لدخول الصخر الزيتي، التي تسمح للشركات الصغيرة والمستثمرين بالتحرك بسرعة في قطاع النفط، تكمّلها الحواجز المنخفضة للخروج، التي تسمح لهم التحرك بعيداً عندما تنعكس الأسعار. إذا إبتعدت “أوبك” و”المملكة العربية السعودية” من دور المنتج البديل، فإن الخصائص الذكية للمنتجين في الولايات المتحدة تظهر على أنها على إستعداد لمنح الأسواق العالمية مصدراً بديلاً ومفيداً لملء الفراغ في العرض. ونظراً إلى هذه الأنواع من الصفات، من هو الذي يحتاج إلى جسم ينسّق لتحديد حصص الإنتاج على أية حال؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى