درسٌ في الديموقراطية

الإنتخابات العامة التي جرت أخيراً (7 أيار (مايو) الجاري) في المملكة المتحدة – في وقتها وبشفافية – كانت عرضاً حقيقياً للديموقراطية في أفضل حالاتها، ونتاجاً للنظام الذي يحترم مواطنيه ويسمح لهم أن يقرّروا ويختاروا، بحرية ومن دون أيّ ضغوط، الذين سيمثّلون مصالحهم على مدى خمس سنوات مقبلة.
بعدما إفتخر وإدّعى لفترة طويلة بأنه البلد الديموقراطي الحقيقي الوحيد في الشرق الأوسط، فقد يفعل لبنان حسناً إذا أمعن التفكير جيداً في ما إذا كان حقاً يمكن تعريفه بأنه واحدٌ.
ولو وُضِعت الإختلافات الواضحة – التاريخ السياسي والمناخ الإقليمي – جانباً، فإن هناك خطوات “بسيطة” التي يحتاج لبنان إلى إتخاذها ليستحق لقب الديموقراطي. في الإنتخابات البريطانية، كان الفائزون والخاسرون، بشكل عام، كرام الأخلاق ولطفاء تجاه بعضهم البعض في النصر أو الهزيمة، ولم تكن هناك إتهامات بالفساد، ولا إشتباكات مسلّحة، أو حتى “ضربة كف” – سواء بين المرشّحين أو المؤيّدين.
لكن هنا، في لبنان، حيث مضى على الفراغ الرئاسي حوالي العام، فإن حتى الحديث عن تحديد موعد لإنتخابات عامة يثير جدلاً كبيراً، إضافة إلى أنها لا تُعتبر حقاً من حقوق الشعب، ولكن هدية تُسبَغ عليه. وبالمثل، في حين أن السياسيين يُدركون في أماكن أخرى من العالم الديموقراطي بأنهم خدّامٌ للشعب، فإنهم يتصرّفون هنا بشكل كبير كما لو أن اللبنانيين العاديين هم عملاؤهم، وهم (المواطنون) هنا لخدمة مصالحهم ومساعدتهم على الحفاظ على مراكزهم ومناصبهم في السلطة، لا أن يقوموا كما يجدر الواقع بتمثيل مصالح ناخبيهم في البرلمان أو أي شيء من هذا القبيل. كما أنه عندما تجري الإنتخابات، فإن الذي يترشّح لها أو يفوز بها يكون غالباً بالوراثة، كونه إبن أو إبنة أو زوجة أو أخ لأي شخص آخر كان أو هو في السلطة.
يجب على الطلاب والمعلمين والمتعلِّمين والمثقّفين والكتاب والممرضات ورجال الاطفاء وكل من يهتم بمستقبل هذا البلد أن يحاولوا التوصل إلى كلمة جديدة التي يمكن أن تصف نظام لبنان السياسي، غير كلمة أنه ديموقراطي. عندها يمكن أن تصبح الديموقراطية هدفاً للعمل من أجل تحقيقه، وبالتالي ليست كلمة تُطلق في الهواء للإدّعاء من دون معرفة ماذا تعني حقاً.

كابي طبراني

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى