لماذا تعتبر قطر عدد سكانها من الأسرار الوطنية؟

غالبية الدول لا تفشي بجميع المعلومات والأطر الديموغرافية عن سكانها. في بعض الأحيان، لا تتوافر هذه البيانات بسبب ضعف النظام كما هو الحال في العديد من البلدان الأفريقية جنوب الصحراء الكبرى، وفي الآونة الأخيرة، في اليمن وسوريا والعراق بسبب الحروب الأهلية الطويلة على أراضيها. في بلدان أخرى، مثل الولايات المتحدة وبلجيكا وفرنسا، هناك نقص في البيانات بالنسبة إلى التشكيل الديني للسكان بسبب الفصل الرسمي بين الكنيسة والدولة.
في حين أن دول مجلس التعاون الخليجي لم تقم أبداً بنشر التكوين الديني لسكانها الأصليين، فقد تخلّفت قطر عن الركب أكثر: فهي حتى لا تعلن عن الحجم الإجمالي لسكانها الأصليين، الذي يُعتبَر “سراً وطنياً”. كما قيل لمحرر في المطبوعة الإلكترونية (بي كيو) التي تصدر في الدوحة، يدعى “جور سنوج” عندما سأل جهاز الإحصاء القطري عن بيانات ديموغرافية في 18 كانون الأول (ديسمبر) 2013.: “يؤسفنا أن نبلغكم أن البيانات المطلوبة غير متوفرة”.
حتى أوائل ثمانينات القرن الفائت، لم يكن لدى السلطات القطرية في الواقع بيانات ديموغرافية كاملة عن سكانها الأصليين. ومنذ ذلك الحين، وبالتأكيد بعد تنفيذ تعداد العام 1986، كانت هذه البيانات شاملة ودقيقة ومخفية عمداً. لماذا لا تنشر السلطات القطرية البيانات الأساسية عن عدد مواطنيها كما تفعل جميع البلدان الأخرى؟ السبب في ذلك، على ما يبدو، هو بسيط جداً: إن عدد السكان الوطنيين الأصليين صغير جداً ولا يتناسب مع الإحتياجات والتطلعات السياسية للبلاد. ولأن قطر تفضل عدم تجنيس أعداد كبيرة من الأجانب، بمن فيهم العرب السنة، كان الخيار الوحيد هو في إخفاء الحجم الصغير للسكان الأصليين من خلال التظاهر والمراوغة والإدعاء بعدم وجود بيانات. والهدف الرئيسي من هذا التقرير هو إستكشاف هذا “السرّ”.

أمير قطر الشيخ تميم: كيف سيدير البلاد مع الإرتفاع في عدد السكان الأصليين
أمير قطر الشيخ تميم: كيف سيدير البلاد مع الإرتفاع في عدد السكان الأصليين

الدوحة – إبراهيم شعبان

أفاد أول تقدير عن عدد سكان قطر، الذي وضعه جون غوردون لوريمر من وزارة الخارجية البريطانية في العام 1904، بأن مجموع السكان في الإمارة الخليجية الصغيرة بلغ حوالي 27،000 نسمة. قبل إكتشاف النفط، كان صيد اللؤلؤ هو الدعامة الإقتصادية للإمارة؛ ومع ذلك، فقد أدّى تطوّر صناعة اللؤلؤ اليابانية المتحضّرة في بداية ثلاثينات القرن الفائت، جنباً إلى جنب مع الكساد العظيم، وبداية الحرب العالمية الثانية، إلى ركود إقتصادي حاد صاحَبَه إنخفاض حاد في عدد السكان في قطر إلى حوالي 16،000 نسمة بحلول منتصف أربعينات القرن الفائت. ومع بداية تصدير النفط في العام 1949 إنعكس هذا الإتجاه الإقتصادي. ونتيجة لذلك، دخل المزيد والمزيد من الناس إلى الإمارة، وبحلول العام 1950، قُدّر عدد سكان قطر بحوالي 25،000-30،000 نسمة.
جرى أول تعداد سكاني للقطريين في العام 1970حيث وضع عدد السكان الأصليين بحدود 45,039 نسمة. مع ذلك، بسبب عدم الأخذ بالإعتبار الإناث والأطفال في حينه من قبل منفّذي التعداد، والذين كانوا يشكلون 6 في المئة، يبدو أن عدد المواطنين القطريين في ذلك الوقت كان أقرب إلى 47،700.
وفقاً لتقديرات خبيري الديموغرافيا “جي سي بيركس” و”كلايف سنكلير”، بحلول العام 1975، بلغ عدد السكان الوطنيين لدولة قطر 60,300، إرتفاعاً بنسبة 34 في المئة عن نتيجة التعداد الرسمي للعام 1970. هذا النمو السكاني السريع لا يمكن أن يكون نتيجة زيادة طبيعية (أي الولادات ناقص الوفيات) وحدها لأنه سيتطلب متوسط معدل زيادة طبيعية سنوية قدره 4.8 في المئة وهو أمر غير مرجح. وبما أن معدل الوفيات الخام في قطر في أوائل سبعينات القرن الفائت كان حوالي 18-20 لكل 1،000 شخص، فهذا يعني أنه من أجل تحقيق معدل زيادة طبيعية من 4.8 في المئة، فإن معدل المواليد الخام يجب أن يكون أكثر من 65 لكل 1،000 نسمة، وهو أمر غير معقول. وهكذا، مع الأخذ بعين الإعتبار معدل الزيادة الطبيعية نحو 3.2 في المئة في المتوسط السنوي خلال النصف الأول من سبعينات القرن الفائت، فإن عدد سكان قطر الأصليين في العام 1975 كان ينبغي أن يبلغ حوالي 56،000 نسمة، أي نحو 4،300 شخص أقل من تقديرات بيركس وسنكلير.
بما أن سياسة التجنيس القطرية في ذلك الوقت كانت صارمة للغاية، فمن غير المعقول أن تكون السلطات قد جنَّست أكثر من 4،000 مهاجر، وبالتحديد 7-8 في المئة من إجمالي المواطنين القطريين، خلال فترة خمس سنوات فقط. البديل الوحيد من تقييم تقديرات بيركس وسنكلير للعام 1975 وتلك الصادرة عن لجنة الأمم المتحدة الإقتصادية لغربي آسيا في (الإكوا)، التي قدّرت عدد المواطنين في قطر ب65,357 في العام 1980، هو العثور على عدد المواطنين القطريين في تعداد آذار (مارس) 1986 وتنفيذ أسلوب “توقعات سابقة خلفية”.
في العام 1985، قدّرت “أتش آر بي ليمتد”، وهي شركة تابعة لبنك لويدز، عدد السكان الأصليين لدولة قطر ب84,240 نسمة، وهو رقم أعلى ب29 في المئة من تقدير “الإكوا” في 1980. والزيادة الطبيعية الإسمية، أي الفائض من ولادة حية على الوفيات خلال الفترة 1980-1985 كانت 15،689، وهو ما يمثل زيادة نسبة 24 في المئة على تقدير “الإكوا”. وهذا يعبّر عن فرق قدره 3،200 شخص بين تقدير “الإيكوا” للعام 1980 بالإضافة إلى الزيادة الطبيعية لفترة 1981-1985 وتقديرات “أتش آر بي ليمتد” في العام 1985. وهذه الفجوة يمكن تفسيرها بتجنيس النساء الأجنبيات المتزوجات من المواطنين القطريين — ظاهرة شائعة جداً شجّعت عليها الحكومة القطرية — كذلك من طريق إضافة بعض الولادات غير المسجَّلة، مما يعكس حقيقة أن نظام التسجيل المدني في قطر كان في حينه ما زال في مهده.
المشكلة، مع ذلك، هي مع نتائج تعداد آذار (مارس) 1986. وفقاً لبيانات قطرية رسمية، بلغ عدد المواطنين القطريين الذين تتراوح أعمارهم بين خمسة عشر عاماً وما فوق 54,502 نسمة (26,878 منهم من الذكور و27,624 من الإناث). ووفقاً للأرقام الصادرة عن لجنة الأمم المتحدة الإقتصادية والإجتماعية لغربي آسيا (الإسكوا، الإكوا سابقاً)، فإن عدد المواطنين القطريين في تعداد 1986 بلغ 101,859 نسمة. ويعني هذا الرقم أن القطريين الذين تقل أعمارهم عن خمسة عشر عاماً يشكّلون 46.5 في المئة من إجمالي المواطنين القطريين — وهو معدل معقول على أساس أن الهرم العمري للسكان الأصليين القطريين واسع جداً نظراً إلى إرتفاع معدلات الزيادة الطبيعية خلال السبعينات و النصف الأول من ثمانينات القرن الفائت.
ومع ذلك، فمن غير المرجح أنه في سنة واحدة — بين منتصف العام 1985 وآذار (مارس) 1986 – قد يكون زاد عدد المواطنين القطريين بنسبة 17,619 شخص. وعلاوة على ذلك، إذا كان هناك تجنيس أعداد كبيرة من النساء اللواتي تزوجن مواطنين قطريين بين تعدادي 1970 و1986، فإن عدد النساء القطريات اللواتي بلغن العشرين من العمر وأكبر في بيانات تعداد 1986 كان ينبغي أن يكون أعلى بكثير من عدد الذكور. هذا، مع ذلك، لم يكن الحال. فوفقاً لنتائج التعداد، كان عدد الإناث التي تتراوح أعمارهن بين العشرين وأكبر أقل من 1،000 فوق عدد الذكور (21,670 من الإناث و20,734 من الذكور). البيانات حسب الإحصاءات القطرية الرسمية عن المعدل والعدد الإسمي للزيادة الطبيعية تضع إجمالي عدد المواطنين القطريين عند 91,979 نسمة في العام 1984، مرتفعاً إلى 99,642 في العام 1986، أي 2،217 شخصاً أقل من تقديرات “الإسكوا”.
في ضوء عدد المواطنين القطريين حسب البيانات القطرية الرسمية عن نتائج الزيادة الطبيعية والفعلية لتعداد 1986، فإن الإستنتاج الوحيد المعقول هو أنه خلال الفترة ما بين تعدادي 1970 و1986، وبالتحديد خلال “عقد طفرة النفط” كان هناك تجنيس أعداد كبيرة من الذكور والإناث في قطر.
وهناك مؤشر واضح إلى هذا التجنيس الواسع النطاق للنساء في سن الإنجاب ويتمثّل بالزيادة الحادة في عدد المواليد، الذي نما من 2،853 في العام 1980 إلى 4034 في العام 1986. وهذا يعني أنه في ست سنوات فقط، زاد عدد المواليد الأحياء بنسبة 41.4 في المئة. مع الأخذ في الاعتبار أنه خلال تلك الفترة لم يزد معدل الخصوبة الإجمالي (متوسط عدد الأطفال الذين يولدون لإمرأة خلال حياتها) كما إنخفض بشكل كبير، والتفسير المنطقي الوحيد للنمو السريع في عدد المواليد الأحياء كان جرّاء الزيادة الكبيرة في عدد النساء في سن الإنجاب. ولكن نظراً إلى عدم وجود أي بيانات بشأن التجنيس في قطر، فمن المستحيل تقييم عدد المواطنين القطريين خلال فترة تعدادي 1970 و1986.
المضي قدماً يفيد بأنه، وفقاً لنتائج التعداد السكاني للعام 1997، بلغ عدد المواطنين القطريين الذين تتراوح أعمارهم بين 15 سنة وما فوق 84,902 نسمة، في حين أن أولئك الذين تتراوح أعمارهم بين عشرة وما فوق بلغ عددهم 103,273 شخصاً. كما أن عدد المواليد الأحياء ناقص الوفيات من الرضع (الأطفال دون عمر سنة) خلال العقد قبل تنفيذ التعداد بلغ 48,498. لو إفترضنا أن هناك صفر هجرة من الفئة العمرية 0-10 وصفر وفيات للأطفال من الفئة العمرية 1-10، فهذا يجعل مجموع المواطنين القطريين 151,771 شخصاً مع تمثيل الفئة العمرية تحت سن 10 نسبة 32 في المئة من مجموع السكان — نسبة مئوية معقولة نظراً إلى زيادة الأنماط الطبيعية لدولة قطر في ذلك الوقت.
وبمقارنة نتائج التعداد السكاني للعام 1986 إلى ذلك للعام 1997 يشير إلى زيادة إسمية قدرها 49,912. وهذه الفجوة الإسمية بين بيانات عامي 1986 و1997 هي متطابقة تقريباً مع الزيادة الطبيعية بين التعدادين، التي بلغت 48,266. والفجوة الصغيرة من 1،650 شخص بين الزيادة الطبيعية والنمو الفعلي هي على الارجح بسبب تجنيس النساء الأجنبيات، وهو ما يفسر أيضا الفائض الصغير للإناث على الذكور المحدّد في بيانات التعداد للعام 1997 فى الفئة العمرية من 15 عاماً وما فوق. وبسبب عدم وجود أيّ بيانات قطرية رسمية متاحة في أي حجم أو توقيت للتجنس، فمن المعقول أن يوزّع الفائض 1،650 على قدم المساواة في الفترة بين التعدادين. وبالتالي، إضافة 150 إلى الزيادة الطبيعية في كل عام خلال السنوات الإحدى عشرة بين التعدادين التي أنتجت الزيادة عينها طوال الفترة ما بين التعدادين.
وبحلول وقت التعداد السكاني في آذار (مارس) 2004، كانت السلطات القطرية تنشر بيانات متعلقة بالمواطنين من عمر 3 سنوات وما فوق (168,958). وبإضافة المواليد الأحياء ناقص الوفيات من الرضع خلال السنوات الثلاث السابقة لتنفيذ هذا التعداد (19,059)، يصل المرء إلى رقم إجمالي للسكان الأصليين القطريين 188,017 نسمة.
إن قياس الزيادة الطبيعية بين تعدادي عامي 1997 و2004 يشير إلى الرقم 36,748. ويالتالي، فإن نتائج تعداد 1997 بالإضافة إلى الزيادة الطبيعية بين التعدادين تشير إلى 188,519، أي أكثر من 500 من نتائج تعداد 2004 — رقم تافه ربما يرجع سببه إلى بعض الوفيات من المواطنين في الفئة العمرية 1-10- وبعض التقارير غير الصحيحة أو أخطاء في التعدادات. إن العدد المحسوب وفقاً لبيانات الزيادة الطبيعية القطرية يشير إلى الرقم 194,092 في منتصف العام 2004، وهو أعلى حوالي 3 في المئة من حساب كاتب نتائج التعداد. ويمكن أن يُعزى هذا النقص إلى حقيقة أن هناك ثلاثة أشهر ونصف بين تطبيقات التعداد، وهي الفترة بين منتصف آذار (مارس) ومنتصف العام (نهاية حزيران / يونيو). وهناك سبب آخر هو أن معدل الزيادة الطبيعية الذي يوفره جهاز الإحصاء ليس دقيقاً تماماً لأنه يتضمن واحداً فقط من الأرقام بعد الفاصلة العشرية.
تم تنفيذ آخر تعداد للسكان في قطر في نيسان (إبريل) 2010. وكما في تعداد العام 1997، نشرت السلطات فقط بيانات عن السكان الذين تتراوح أعمارهم من 10 سنين وما فوق. ووفقاً لهذا التعداد، فإن عدد المواطنين بأعمار تتراوح بين عشر سنين وأكبر بلغ 174,279. وإذا أضفنا 65,763 –الولادات ناقص الوفيات الرضع – خلال العقد السابق للتعداد – فإن النتيجة هي أن عدد السكان الأصليين القطريين بلغ 240,042 في أواخر نيسان (إبريل) 2010.
ومع ذلك، تظهر شذوذ غريبة ومهمة. وذلك لأن إضافة الزيادة الطبيعية بين التعدادين (38,641) إلى بيانات إحصاء العام 2004 ينتج 226,658 نسمة، أي أقل 13،384 من النتائج الفعلية لتعداد العام 2010. ولا يمكن تفسير هذه الفجوة الكبيرة بسبب التعداد غير الصحيح للمواليد. وهذا ليس فقط بسبب حقيقة أنه منذ العام 2000، قد تم “حوسبة” نظام التسجيل المدني القطري تماماً (أي وضعه على الكومبيوتر)، ولكن أيضاً لأن لدى الآباء القطريين كل الأسباب لتسجيل الولادات الجديدة بسبب الإفادة من مختلف الإعانات التي تقدمها الحكومة لكل وليد قطري. وعلاوة على ذلك، بسبب الوقت القصير بين التعدادين، فمن السهل جدا مقارنة الفئات العمرية في هذين التعدادين.
تحت شرط “عدم التجنيس وتوازن الهجرة”، أي الزيادة الطبيعية فقط، فإن عدد المواطنين القطريين في الفئة العمرية 4-58 في إحصاء العام 2004 كان ينبغي أن يكون على مقربة من مطابقة الفئة العمرية 10-64 في تعداد العام 2010. في الواقع، مع ذلك، في حين أن الفئة العمرية 4-58 في إحصاء العام 2004 بلغ عددها 155,024، فإن الفئة العمرية 10-64 في تعداد العام 2010 بلغ عددها 166,932، حوالي 12,000 شخص إضافي.
لا يمكن تبرير الفجوة غير المبررة بين التعدادين بمسألة قبيلة آل مرّة، عندما ألغت السلطات القطرية في آذار (مارس) 2005 جنسية حوالي 6،000 من أفراد القبيلة للإشتباه في عدم ولائهم للأمير. وذلك لأن جنسيتهم أُعيدت إليهم في شباط (فبراير) 2006. وبالتالي، فإن كلاً من إلغاء أو إعادة جنسيتهم تم خلال الفترة ما بين التعدادين.
وهكذا، في حين أن الفرق في عدد المواطنين القطريين بين تعدادي 1970 و1986 يمكن تفسيره جزئياً على الأقل بسبب إنخفاض تعداد المواليد في فترة عندما كان نظام التسجيل المدني القطري في بداياته، فإن القضية لم تكن كذلك في الفترة ما بين تعدادي 2004 و2010. الإستنتاج الوحيد المعقول هو أنه، خلال الفترة بين هذين التعدادين، كان هناك تجنيس أعداد كبيرة حوالي 13،400 نسمة، يمثلون حوالي 5.6 في المئة من مواطني البلد في تعداد العام 2010.
تشير بيانات زيادة القطريين طبيعياً أيضاً إلى التجنس الهائل خلال الفترة ما بين التعدادين، ولا سيما في عامي 2007 و2008. فيما، وفقاً لحسابات على أساس بيانات الزيادة الطبيعية القطرية، إرتفع عدد المواطنين القطريين من 215,199 في منتصف العام 2007 إلى 232,267 في منتصف العام 2008، كانت الزيادة الطبيعية الفعلية في تلك الأشهر الإثني عشر أقل من 7،000، أي حوالي 10،500 أقل من النمو الفعلي. ومع ذلك، لأنه ليس من الواضح متى جرى هذا التجنيس الواسع النطاق، فمن المعقول أن يتم تقسيم النمو “الإضافي” ما وراء الزيادة الطبيعية بشكل متساو عبر فترة 6 سنوات بين التعدادين.

سياسة التجنّس في قطر

مع بداية عصر النفط في دول الخليج العربي، ولكن خصوصاً بعد الطفرة النفطية في تشرين الأول (أكتوبر) 1973، واجهت هذه الدول خيارين لسد الفجوة بين إحتياجات العمل من العمال والعرض المُتاح: إعتماد سياسات هجرة العمالة من بلدان العالم المتقدم وتجنيس أعداد كبيرة من العمال الأجانب، أو إستيراد عمالة مؤقتة من المهاجرين من أجل ملء النقص في المدى القصير. تم تنفيذ هذا الخيار الثاني في نهاية المطاف في دول الخليج النفطية بما في ذلك قطر. وكان من المؤمل أنه في المستقبل غير البعيد، سوف يتم تزويد غالبية القوى العاملة المطلوبة من المواطنين من خلال إستثمارات كبيرة في مجال التعليم والتدريب المهني من جهة والتدابير السخية للمواطنين الأصليين التي من شأنها أن تشجع إرتفاع معدلات الخصوبة من جهة أخرى. وقد إعتمدت هذه السياسة رداً على الخوف من أن يؤدي تجنيس الأجانب على نطاق واسع، حتى من العرب السنّة، إلى الإخلال ب”الطبيعة الحميمة” لهذه المجتمعات. وكان هناك أيضاً الخوف من إدخال “الإيديولوجيات الثورية الجمهورية” من قبل المهاجرين المصريين والسوريين والفلسطينيين أو اللبنانيين، والتي من المحتمل أن تسقط عروش العائلات المالكة التي صارت شرعيتها ووضعها في السلطة غير واضحي المعالم على نحو متزايد في العالم الحديث.
وبالتالي، في كل دول الخليج النفطية، سنّت السلطات قوانين لمنع تجنيس العمال الأجانب، وحتى العرب السنة، حتى لو كانوا يعيشون في البلاد منذ عقود. كما أن الولادة في إحدى دول الخليج لا تخوّل الأطفال الحصول على الجنسية أو حتى الإقامة الدائمة. وقوانين التجنس في كل من هذه الدول صارمة بحيث حتى الزواج من رجل أجنبي إلى أنثى خليجية لا يمنح الجنسية للزوج . من ناحية أخرى، فإن المرأة الأجنبية التي تتزوج من الذكور الخليجيين لا تصبح مواطنة في البلد المضيف. هذا الإختلاف يرجع إلى حقيقة أنه وفقاً لأحكام الشريعة الإسلامية، يتبع الأطفال دين والدهم. ولذلك، فإن الغالبية العظمى من غير المواطنين الذين حصلوا على المواطنة في هذه البلدان هم من الإناث المتزوجات من الذكور من دول مجلس التعاون الخليجي. فقط في ظروف إستثنائية منحت السلطات المواطنة لأجنبي من الذكور؛ عددهم، في أي حال، كان ضئيلاً.
في حالة قطر، قبل قانون الجنسية رقم (38) لسنة 2005، تم منح الأجانب الجنسية فقط وفقاً لتقدير الأمير. وينص القانون الجديد لأول مرة على آلية قانونية حيث يمكن للأجنبي التقدم بطلب للحصول على الجنسية القطرية. وفقاً للقانون الجديد، يمكن الحصول على الجنسية القطرية لمن توافرت فيه الشروط التالية: (أ) الإقامة في قطر لمدة لا تقل عن خمسة وعشرين عاماً متتالياً. (ب) القدرة على التحدث باللغة العربية. (ج) سجل جنائي نظيف، و (د) وسيلة مشروعة للدخل. وبالإضافة إلى هذه الشروط، أولئك الذين ولدوا لأب قطري بالتجنس يعتبرون من الجنسية القطرية. القانون الجديد، مع ذلك، يحد من عدد أولئك الذين سيتم منحهم الجنسية القطرية إلى خمسين فقط سنوياً.
وتجدر الإشارة في هذا الصدد إلى أن السلطات القطرية أصرت بانتظام بأن عدد الذين حصلوا على الجنسية في هذا الشكل كان صغيراً جداً. وبالتالي، على سبيل المثال في مقابلة في العام 2010، ذكر أمير قطر يومها الشيخ حمد: “ليست لدينا سياسة لزيادة عدد السكان. ولكن نعطي [الجنسية] للناس الذين أولاً يطبقون ويستوفون الشروط ويحترمون النظم السارية في البلاد. حتى الآن ليس هناك الكثير من الذين يطلبون”.
في حين أن قطر تتبع رسمياً سياسة التجنيس المشتركة لدول مجلس التعاون الخليجي الأخرى مع الغالبية العظمى من أولئك الذين يتلقون المواطنة هم من النساء الأجنبيات المتزوجات من مواطنين قطريين، تشير الأدلة إلى أن عدداً كبيراً من الذكور الأجانب نجح أيضاً في الحصول على الجنسية القطرية.
أخيراً، بدأت قطر على ما يبدو عملية جديدة لتجنيس البحرينيين السنة. ومع ذلك، فقد بدأت هذا الأمر في أعقاب تنفيذ تعداد العام 2010، لذا فإن هذه العملية هي خارج نطاق هذا المقال. وعلاوة على ذلك، منذ نشر آخر إحصاءات حيوية للنشرات السنوية لمركز الإحصاء القطري إعتباراً من العام 2011، فإنه من المستحيل تقييم حجم السكان الوطنيين القطريين بعد تعداد العام 2010.
زيادة طبيعية مُهندَسة
ولكن مهما بلغ عدد المواطنين المجنّسين في قطر، فإن المساهم الرئيسي في النمو السريع للسكان الأصليين القطريين منذ سبعينات القرن الفائت كان الزيادة الطبيعية.
بسبب عدم وجود إحصاءات ديموغرافية حيوية رسمية قبل العام 1980، فإن الإمكانية الوحيدة لتقدير معدل الزيادة الطبيعية في قطر خلال سبعينات القرن الفائت هي من خلال المقارنة مع دول أخرى تتمتع بظروف إجتماعية وإقتصادية مماثلة. ووفقاً لتقديرات “الإكوا”، بلغ معدل المواليد الخام من السكان الأصليين القطريين في العام 1975 ما يقرب من 50 لكل 1،000 نسمة في حين بلغ معدل الوفيات الخام 20 لكل 1،000 شخص. وقدّر معدل الخصوبة الكلي في العام 1975 بنسبة 7.2. هذه النسب هي مماثلة تماماً لتلك التي سادت في دول الخليج الأخرى في ذلك الوقت. على سبيل المثال، بلغت نسبة الولادات في الكويت 51.1 في العام 1975 في حين تم قياس معدل الخصوبة الإجمالي بنسبة 7.2. وهكذا، فإن متوسط معدل زيادة طبيعية حول 3،1-3،3 في المئة (31-33 لكل 1،000) خلال النصف الأول من سبعينات القرن الفائت هو تقدير معقول لقطر أيضاً.
مثل دول نفطية خليجية أخرى، إرتفع معدل الزيادة الطبيعية في قطر بسرعة بعد بداية الطفرة النفطية، بسبب الإنخفاض الحاد في معدل الوفيات الخام فيما تترجم قدر أكبر من عائدات النفط، في جزء منها، إلى خدمات صحية أفضل وإرتفاع حاد في مستويات المعيشة. ووفقا لتقديرات “الإكوا”، في العام 1980، إرتفع معدل الزيادة الطبيعية في قطر إلى 4.1 في المئة (مع معدل ولادات 51 ومعدل وفيات 10)؛ بمتوسط زيادة سنوية 3.7 في المئة خلال النصف الثاني من سبعينات القرن الفائت يمكن، بالتالي، أن يكون إفتراضاً معقولاً.
من ناحية أخرى، جرّاء الإعتماد الحصري تقريباً على عائدات النفط والغاز، فإن قطر تتتميز بنموذج تقليدي للدولة الريعية، حيث تحصل على جزء كبير من إيراداتها الوطنية من بيع مواردها الطبيعية إلى عملاء خارجيين. الدوحة لا تفرض ضرائب على الدخل، ويستفيد مواطنوها من إعانات سخية وبرامج واسعة النطاق من الرعاية الإجتماعية. ونتيجة لذلك، تعتبر قطر بطبيعتها داعمة للمواطنة الأصلية، مثل الدول الريعية الأخرى.
وبالإضافة إلى التدابير غير المباشرة الداعمة لهذه المواطنة الأصلية، هناك أيضاً تدابير مختلفة مؤيدة لها مباشرة، وعلى رأسها التعويضات العائلية السخية لكل طفل من أرباب الأسر من الذكور الذين يعملون في القطاع الحكومي. ولما كان أكثر من 80 في المئة من الذكور القطريين يعملون في القطاع العام، فإن التعويضات العائلية ما زالت سارية المفعول وتُمنح لكل المواطنين تقريباً. وعلاوة على ذلك، إن عرض رواتب عالية وظروف عمل فاخرة (من دون أي علاقة سببية بين العمل والمكافأة) يمكن تفسيره بدعم سلوك المواطنة الأصلية إضافة إلى مختلف الدعم الكامل من الخدمات العامة، بما في ذلك الرعاية الصحية والتعليم، فضلاً عن الدعم العالي للسكن والمواد الغذائية ومنتجات الطاقة.
يمكن رؤية تأثير هذه التدابير في البيانات الديموغرافية. في تباين كامل مع ما يمكن توقعه بما يتماشى مع “نظرية التحوّل الديموغرافي” (أي بعد إنخفاض حاد في معدلات الوفيات، وإنخفاض معدلات الخصوبة بشكل كبير)، خلال ثمانينات القرن الفائت، وبخاصة في النصف الثاني من العقد، على الرغم من الإنخفاض الحاد في معدلات وفيات الرضع والأطفال والزيادة السريعة في متوسط العمر المتوقع، فإن معدل خصوبة المرأة القطرية الأصلية إنخفض قليلاً فقط. بحلول العام 1986، كان معدل الخصوبة الكلي للإناث القطريات الأصليات 5.8، وهو معدل أقل بكثير مما كان عليه قبل عقد من الزمان ولكن لا يزال مرتفعاً جداً بالمقارنة مع دول عربية أخرى.
وإستمر هذا النمط خلال تسعينات القرن العشرين عندما، على الرغم من التحسينات الكبيرة في كل من الرعاية الصحية والخدمات التعليمية (التي أدت، في الواقع، إلى مؤشرات رعاية صحية مشابهة لتلك التي في العالم المتقدم)، ظلت معدلات الخصوبة في قطر عالية جداً. وبحلول العام 1997، كان معدل الخصوبة الكلي 5.8، مماثل للعام 1986. وعلى الرغم من أن تحسناً كبيراً في هذه الخدمات قد أدّى إلى تأخير كبير في الولادات الأولى، فإن عددها التراكمي بقي نفسه.
هذا الاتجاه إنتهى، مع ذلك، بحلول أوائل العقد الفائت مع معدل خصوبة المرأة القطرية تراجع تدريجاً إلى 3.4 في العام 2012. ومن المحتمل أن هذا الانخفاض، المتميِّز خصوصاً بإنخفاض معدل الولادة لدى النساء اللواتي هنَّ تحت سن الأربعة وعشرين عاماً، كان سببه الزيادة الكبيرة في عدد الإناث الأصليات اللواتي تلقين التعليم ما بعد الثانوي وتأخّر زواجهن.
على الأقل بحلول العام 2004، إعترفت السلطات القطرية بالمشكلة وأنشأت اللجنة الدائمة للسكان لتعزيز خصوبة أعلى. وكان الهدف الرئيسي هو “رفع المعدل الحالي للزيادة السكانية الطبيعية للمواطنين، أو على الأقل الحفاظ عليها لتحقيق توازن مناسب بين إجمالي عدد السكان في قطر”. وفي تقريرها السنوي للعام 2011، أعلنت اللجنة تحديداً بأن الهدف الرئيسي للسياسة السكانية لدولة قطر هو “زيادة نسبة المواطنين بين مجموع السكان”. وهذا الهدف سوف يتحقق أساساً من خلال تشجيع وتسهيل الزواج بين المواطنين القطريين؛ وإعتماد سياسات من شأنها الحد من تأخير الزواج، وخصوصاً لدى الفتيات؛ وتسهيل الزواج من المطلقات والأرامل؛ وتوفير قروض للإسكان؛ وخفض تكلفة المهور؛ وإعطاء التعويضات العائلية التي من شأنها أن تزيد وفقاً لعدد الأطفال لكل زوجين. وبالإضافة إلى هذه الحوافز المالية، جندت السلطات القطرية الشخصيات الدينية البارزة التي تؤكد بإستمرار على الواجب الديني للزواج والإنجاب .

التوقعات المستقبلية

حتى الآن، ليس فقط أن كل التوقعات السكانية لدولة قطر قد فشلت تماماً، لكن لم يتحقق منها حتى لعشر سنين. على سبيل المثال، في منتصف تسعينات القرن الفائت، توقّع البنك الدولي أن إجمالي عدد سكان قطر، سواء المواطنين والأجانب، سيصل إلى 693،000 نسمة في العام 2010 وسيرتفع إلى 769،000 نسمة في العام 2020. وحتى أكثر التوقعات الأخيرة كانت غير دقيقة إلى حد كبير. في العام 2004، على سبيل المثال، توقعت شعبة السكان في الأمم المتحدة أن يبلغ عدد سكان قطر 874،000 نسمة في العام 2050. وفي العام 2009، نقل المحللون كلود بيرِّبي، وفرانسيسكو مارتوريل، وجيفري تانر توقعات عن مكتب الإحصاء الأميركي تفيد بأنه “في العام 2020 سوف يتجاوز عدد السكان [القطريين وغير القطريين] 1.1 مليون شخص”. وبحلول الوقت الذي نشر فيه المقال، كان عدد سكان قطر بالفعل أعلى من ذلك بكثير، والذي بلغ 1.64 مليون نسمة في منتصف العام 2009.
وكانت إخفاقات هذه التوقعات إلى حد كبير بسبب عاملين: الأول هو استحالة التنبؤ بمدى الطلب القطري المرتفع على العمالة الأجنبية، حتى في المدى القصير. كانت التنمية الاقتصادية في البلاد خلال العقد الماضي فريدة من نوعها — حتى بين بلدان مجلس التعاون الخليجي – من معدل نمو في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بلغ 17.7 في المئة في العام 2008، إنخفض إلى 12 في المئة في العام 2009، ومن ثم عاد فإرتفع إلى مستوى لا يصدق 16.6 في المئة في العام 2010. وفي العام 2012، كان الناتج المحلي الإجمالي للفرد في قطر الأعلى في جميع أنحاء العالم، حيث وصل إلى أكثر من 102،000 دولار (بالنسبة إلى تعادل القوة الشرائية). وقد أنجز هذا التوسع الإقتصادي السريع من خلال إستيراد أعداد كبيرة من العمال الأجانب الذين كانوا المساهمين الرئيسيين في الزيادة السكانية في دولة قطر خلال العقدين الماضيين. أما العامل الثاني لفشل التوقعات الديموغرافية هو عدم معرفة عدد المواطنين القطريين، الأمر الذي جعل من المستحيل التنبؤ بنموهم الإسمي حتى في المدى القصير.
وعموماً، فإن المكوِّنات الثلاثة التالية سوف تُملي وتفرض التطورات الديموغرافية المستقبلية للسكان الأصليين القطريين:
معدل الزيادة الطبيعية. على الرغم من التدابير الكبيرة المؤيدة للمواطنة الأصلية، فإن معدل خصوبة المرأة القطرية الأصلية إنخفض تدريجاً منذ أوائل العقد الفائت. في العام 2012، بلغ معدل الخصوبة الكلي للإناث القطريات الأصليات مماثلة تماماً لتلك التي لدى الأردنيات وأعلى قليلاً فقط من المصريات، وكلاهما قد نفّذ سياسات منفتحة، مكافحة للمواطنة الأصلية، على الأقل حتى بداية الإضطرابات العربية. ومع ذلك، بلغ معدل الخصوبة الإجمالي في مصر والأردن حوالي 3،1-3،3 بسبب وجود إختلاف كبير بين إنخفاض معدلات الخصوبة في المراكز الحضرية والطرفية ومعدلات خصوبة أعلى من ذلك بكثير في المناطق الريفية، مما أسفر عن متوسط معدل خصوبة إجمالي من 3،1-3،3. على النقيض من ذلك، فإن معدل الخصوبة الحالي في قطر يعود سببه إلى فوائد مالية كبيرة تُعطى لجميع المواطنين، والتي في الواقع تلقي بظلالها على مختلف الحوافز المحددة المؤيدة للمواطنة الأصلية. ماذا يمكن للحكومة القطرية أن تعطي مواطنيها من أجل زيادة معدل خصوبتهم؟ بعبارة أخرى، قطر، بإعتبارها الدولة الأكثر ريعية في جميع أنحاء العالم، لا يوجد لديها “جزرات” أكثر لتشجيع مواطنيها على زيادة مستوى الخصوبة. وبالتالي، إن معدل الخصوبة الإجمالي الحالي في قطر هو على الارجح أعلى مستوى ممكن في ظل النظام الريعي الحالي، بينما في مصر والأردن، على سبيل المثال، فإن مستوى الخصوبة هو أكثر مرونة ويمكن أن يصعد أو يهبط، وذلك تمشيا مع سياسة المواطنة الأصلية. ونتيجة لذلك، من المتوقع أن يستقر معدل الخصوبة في المستقبل المنظور في قطر عند 3.0 – 3.2.
هرم الأعمار. مع ذلك، حتى إذا ما إستمر معدل الخصوبة في الإنخفاض إلى أقل من ثلاثة أطفال بسبب قاعدة هرم الأعمار الواسعة الحالية، فإن السكان الأصليين لدولة قطر سوف يستمرون بتحقيق زيادة سريعة على الأقل في المستقبل المنظور– نتيجة لظاهرة “الزخم السكاني”، أي ميل السكان نحو الإستمرار في النمو لأن عدد النساء في سن الإنجاب سيستمر في الزيادة لعقود عدة قبل أن يستقر في نهاية المطاف. ولذلك، فمن المعقول التنبؤ بأن يكون متوسط معدل الزيادة الطبيعية من 2،6-2،7 في المئة في العقد المقبل، وحوالي 2،3-2،5 في المئة على مدى العقد التالي. ومن المتوقع أن يهبط معدل الزيادة الطبيعية للسكان الأصليين القطريين ليس فقط بسبب إنخفاض معدلات الخصوبة ولكن بسبب زيادة معدل الوفيات الخام كنسبة مئوية من السكان المسنين التي تزيد بشكل طبيعي بسبب الإنخفاض الحاد في معدلات الخصوبة منذ أوائل العقد الفائت.
نطاق وحجم التجنّس. من بين المكوّنات الثلاثة، هذا هو المكوّن الذي لا يمكن معرفته كسابقيه. هذا هو الحال ليس فقط بسبب عدم نشر السلطات القطرية أي بيانات عن التجنيس ولكن أيضاً لأنه، كما نوقش سابقاً، حدث التجنيس في قطر على دفعتين كبيرتين وغير متوقعتين اللتين لم يتم حتى ذلك الحين كشفهما. وهكذا، إذا كان هناك تجنيس مقبل على نطاق واسع، فإنه من المحتمل أن يكون أيضاً غير متوقع، وبالتالي لا يمكن التنبؤ به.
على الرغم من أن أحدث إصدار للنشرة السنوية للإحصاءات الحيوية لجهاز الإحصاء هو من العام 2011 وأن حجم التجنيس منذ تعداد العام 2010 غير معروف، فإنه سيكون من المعقول أن نفترض أن عدد المواطنين في قطر زاد بنحو 4 في المئة سنوياً منذ تنفيذ تعداد العام 2010. وهكذا، يمكن للمرء أن يستنتج في أوائل العام 2015، أن عدد المواطنين في قطر سيبلغ ما يقرب من 290،000 نسمة وسيرتفع إلى حوالي 440،000-470،000 في العام 2030.

ولكن ما هي الخلاصة؟

إن تحقيق إرتفاع في معدل النمو السكاني من خلال تشجيع إرتفاع معدل الزيادة الطبيعية كان ولا يزال السياسة السكانية الأساسية للسلطات القطرية. وفي هذا الصدد، فإن الإمارة لا تختلف عن دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى، مثل الإمارات العربية المتحدة والكويت. ومع ذلك، كل التعدادات السكانية وبيانات الزيادة الطبيعية الرسمية تشير إلى أن عدد السكان القطريين نما بشكل كبير أيضا نظراً إلى موجتين من التجنس.
من هم هؤلاء “القطريون الجدد”؟ هل كان هذا التجنيس الشامل نتيجة لنقص ضخم في العمالة؟ للأسف، إن السلطات القطرية بالكاد ذكرت وتذكر قضية التجنيس ولم تعترف أبداً بأي شكل من أشكال التجنيس الشامل.
قد تستمر قطر بالتصرف وفقاً لسياساتها الحالية الريعية الفائقة نظراً إلى دخلها الضخم بالنسبة إلى الفرد الواحد. وقد تمتعت أيضاً بنمو إقتصادي غير عادي بالنسبة إلى دول مجلس التعاون الخليجي نتيجة الزيادة السريعة في صادرات الغاز الطبيعي المسال والتطور الهائل في البنية التحتية. ويبقى أن نرى كيف سيعمل الامير الجديد، الشيخ تميم، على إدارة البلد مع سكان أصليين أكثر عدداً ومع قوى عاملة وطنية أكبر بكثير من أي وقت مضى والتي لا يمكن إستخدامها بشكل حصري تقريباً في القطاع العام، كما هو الحال الآن.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى